وفاة الشيخ عبد الله الأحمر تفتح ملفات الوراثة والتوريث في اليمن * شاكر الجوهري

 

صحيفة دنيا الوطن 30/12/2007م

 

رحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر يوم أمس، ليس كرحيل أي رئيس مجلس نيابي في أي دولة عربية، وهذا عائد لسببين رئيسين، المكانة التاريخية والنضالية للراحل الكبير، وطبيعة نظام الحكم في اليمن، الذي يقر بأدوار الآخرين من رجالات البلاد، وهذا ما تبين في بيان النعي الذي صدر عن رئاسة الجمهورية اليمنية، معبرا عن حزن كبير، وتبجيل أكبر منه لمكانة الفارس الذي ترجل.

ففيما اقتصر بيان النعي الذي أصدره الشيخ صادق النجل الأكبر للفقيد، واخوانه على نعي الفقيد "إلى الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية"، أفاض بيان نعي رئاسة الجمهورية في استعراص التاريخ النضالي للرجل، ومكانته كرجل دولة من طراز رفيع، وتعداد انجازاته لوطنه اليمن، والمواقع العامة التي شغلها على مدى حياته الحافلة التي تجاوزت الرابعة والسبعين عاما، مسبغا عليه صفة "المناضل الوطني الجسور والمجاهد الكبير"، مما تعودت الشعوب العربية قصر اطلاقه من صفات على رأس الدولة دون غيره من رجالات البلاد. وأشار بيان النعي الرئاسي إلى أن الفقيد رحل "بعد رحلة نضال وعطاء وجهاد طويلة قضاها في سبيل خدمة الوطن الثورة والنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية والتنمية وخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية". وقال إن الفقيد رحمه الله كان "رمزا من الرموز الوطنية العملاقة ودعامة قوية وكبيرة للثورة والجمهورية وشخصية وطنية قومية وإسلامية بارزة كرس كل جهوده لخدمة وطنه وأمته العربية والإسلامية".

كما أشار البيان الرئاسي إلى الدور "المشهود" للفقيد" في قيام الثورة اليمنية ومسيرة الدفاع عنها في مختلف المراحل الصعبة والتأريخية". وقال إنه "أنخرط في معترك النضال الوطني منذ بواكير شبابه الأولى وعند قيام الثورة المباركة في الـ26 من سبتمبر عام 1962 كان من أوائل الذين قادوا العديد من معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية ومبادئها وأهدافها, حيث قاد عدة حملات عسكرية لمواجهة ومطاردة فلول النظام الإمامي الكهنوتي البائد في كل من قفلة عذر والأهنوم وسنحان وبلاد الروس والحيمة وبني مطر وثلا وكحلان عفار وفي مختلف مناطق محافظات حجة وصعدة وصنعاء وكان مثالا للمقاتل الشجاع والمناضل والوطني الجسور صاحب المبادئ الذي لم تلن له قناة في الدفاع عن الأهداف والمبادئ العظيمة للثورة والوقوف في وجه التحديات والصعاب التي واجهها الوطن خلال مسيرته".

وأشار البيان أيضا إلى دور الفقيد "البارز في الدفاع عن الوحدة المباركة والانتصار لها وتثبيت دعائمها سواء بالمواقف العملية الشجاعة أو الكلمة الرصينة المسؤولة أو من خلال وجوده في رئاسة مجلس النواب ومكانته الاجتماعية والسياسية ودوره الوطني الذي لاينكر، والذي استطاع من خلاله تقديم دروسا بليغة في معاني الوطنية والاداء السياسي المسؤول والعقلاني وعدم التفريط بالثوابت الوطنية والمصالح العليا للوطن وكل المكاسب والمنجزات التي حققها شعبنا على درب الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية".

بل ذهب البيان إلى اعتبار الشيخ الأحمر "واحداً من أولئك الرجال الأفذاذ الذين تركوا بصماتهم الواضحة في تاريخ ومسيرة الوطن". وختم البيان بإعلان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام.

هذا النعي غير المسبوق لأحد رجالات الوطن في البلدان العربية، يدلل مؤكدا على أن لوفاة الشيخ الأحمر ما بعدها، وعلى أكثر من صعيد وطني محلي داخل اليمن الرسمي والشعبي.

لعل السؤال التقليدي الأول في هذه الحالة، وإن لم يكن الأكثر أهمية في حالة غياب الشيخ الأحمر هو: من هو رئيس مجلس النواب المقبل..؟

هذا السؤال كنت قد طرحته على الرئيس علي عبد الله صالح بعيد الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدتها اليمن، وذلك في ضوء عدم فوز مرشحي التجمع اليمني للإصلاح (تحالف الإخوان المسلمين مع شيوخ قبليين برئاسة الشيخ الأحمر) على ما يكفي من مقاعد نيابية تؤهله للبقاء رئيسا لمجلس النواب، وهو الموقع الذي شغله باستمرار منذ انتخابات 1993 وحتى وفاته..وكذلك في ضوء قرار حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس صالح الإنفراد بالحكم، وعدم اشراك أحزاب أخرى معه في الحكم، ما دام يحظى بأغلبية ساحقة تؤهله لذلك.

يومها لم يرد الرئيس أن يعطي اجابة محددة، أو مطمئنة، فاكتفى باعتبار اختيار شخص رئيس مجلس النواب من اختصاص الأغلبية البرلمانية، دون أن يفاجئ اعادة انتخاب الشيخ الأحمر من قبل هذه الأغلبية..طالما أن الرئيس وحزب الرئيس يقدران الدور التوفيقي الجامع الذي يمكن أن يلعبه الشيخ عبد الله، على نحو يقي اليمن من أخطار احتمالات تصعيد الخلافات والتنافسات الحزبية داخل البلاد، نظرا لحكمته ومرونته في التعامل مع الحكم، وقيادته لأكبر أحزاب المعارضة، كونه رئيس التجمع اليمني للإصلاح.

لئن كان بإمكان الرئيس صالح وحزبه أن ينفردا بالحكم استنادا إلى الأغلبية البرلمانية، فإن حنكة وحكمة الشيخ عبد الله مثلت عاملا مساعدا على ذلك، يحول دون حدوث مضاعفات غير مطلوبة.

أما بعد وفاته، فإنه يمكن للمراقب المحلل أن ينظر للأمر من أكثر من زاوية أخرى، خاصة في ضوء حقيقة أن عددا من أنجال الراحل عملوا على تصعيد التنافس مع الرئيس وحزبه في الإنتخابات الأخيرة بشقيها الرئاسي والبرلماني.

وعودة إلى السؤال عمن سيخلف الشيخ عبد الله في رئاسة مجلس النواب، فإن العوامل التي جعلت الرئيس صالح يعمل على ابقاء الشيخ عبد الله رئيسا للمجلس، ربما تعمل الآن، إلى جانب عامل خفي آخر، يتعلق بضرورة وضع حد لاندفاع طموح الشيخ صادق، الذي يرجح أن يخلف والده في زعامة قبائل حاشد، أقوى القبائل اليمنية، كونها الأكثر تماسكا من بين القبائل الأخرى الكبيرة مثل بكيل أو غيرها، على انتخاب نجله صادق رئيسا للمجلس..!

هذا الإنتخاب في حال حدوثه قد يفتح الطريق أمام فكرة الوراثة، والتوريث، وهو أمر ليس بالضرورة أن يكون مرفوضا من قبل الجميع في اليمن..!

أما رئاسة التجمع اليمني للإصلاح، فقد يكون الأمر مختلفا بالنسبة لها..بل إن مستقبل التجمع ربما يكون عرضة الآن لعلامات استفهام، ابرزها هل يظل يشكل هذا التجمع اطارا جامعا لقوى قبلية إلى جانب الإخوان المسلمين..؟!

تصعب الإجابة المبكرة على السؤال، وإن كان مهما الإشارة إلى حاجة التنظيم الإسلامي إلى استمرار الدعم القبلي، وهو ما دأبت الجماعات الإسلامية في عدد من الدول العربية والإسلامية على الإعتناء بأمر وجوده وديمومته لأسباب انتخابية وغيرها. وربما ما يجعل الإجابة على السؤال صعبة هو أن الشيخ صادق، عمل خلال السنوات الماضية على تأكيد مكانته داخل التجمع على أسس تنظيمية وقبلية في ذات الوقت، دون أن يتبين أي العاملين هو الأكثر تأثيرا لصالح هذه المكانة.

هكذا يتبين أن غياب الشيخ عبد الله الأحمر يفتح الأبواب على احتمالات كثيرة هامة، إن على صعيد رئاسة مجلس النواب اليمني، أو على أصعدة رئاسة التجمع اليمني للإصلاح، وزعامة قبائل حاشد، وصيغة اللقاء المشترك لعدد من أحزاب المعارضة اليمينة.

كل هذا ظل محكوما لوقت طويل بالمكانة التاريخية للفقيد، التي لا يمتلكها أي من انجاله، وكيفية تعامل المجتمع اليمني مع رجالات الرعيل الأول، وما يخصها به من احترام وتقدير عاليين.

ولد الشيخ عبد الله بن حسين بن ناصر بن مبخوت الأحمر في شعبان 1351هـ الموافق 1933م في (حصن حبور) بمنطقة ظليمة حاشد في أسرة ذات تاريخ عريق برزت فيه أسماء آبائه من مشائخ حاشد بما لهم من أدوار مهمة في التاريخ اليمني المعاصر.

وكان والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر منشغلاً دائماً مع الإمامين السابقين يحيى حميد الدين وابنه أحمد يحيى حميد الدين، فيما كان شقيقه الأكبر حميد بن حسين الأحمر رهينة لدى الإمام عن أسرة آل الأحمر.. ولذلك آلت مسئولية الإشراف على شؤون العائلة إلى الشيخ الشاب عبد الله الذي تولى الإشراف على الأمور الخاصة في منزل الأسرة والممتلكات الزراعية الخاصة بها مثل متابعة العمال والرعاة والعناية بالمواشي، واستقبال الضيوف ... واقتضت هذه المسؤوليات أن يتنقل في مناطق أخرى في بلاد العصيمات وغيرها في لواء حجة للإشراف على ممتلكاتهم وأراضيهم فيها.

تعرض والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر إلى التضييق والحبس من قبل الإمام أحمد بسبب شكوك في أن الشيخ حسين الأحمر كان له موقف مؤيد للأحرار الذين ثاروا ضد الإمام يحيى حميد الدين في ثورة الدستور 1948م.. فيما كان شقيقه محبوساً في حجة في الفترة نفسها..وقد قضى الشيخ عبد الله ثلاث سنوات وهو يبذل جهوده لدى الإمام في تعز لإطلاق سراح والده وشقيقه. فظل سنة كاملة يبذل الجهود لإطلاق سراح والده والسماح له بزيارة أسرته وقريته، ثم قضى سنة ثانية سجيناً لدى الإمام بدلاً عن والده حتى يعود، ثم قضى سنة ثالثة بذل ما في وسعه لإطلاق سراح شقيقه الأكبر حتى نجح في إقناع الإمام بالسماح له ببضعة أشهر فقط يعود فيها الشيخ حميد بن حسين الأحمر إلى مسقط رأسه للزواج ثم العودة إلى سجن الإمام وسافر الإمام أحمد إلى روما للعلاج.

في نهاية الخمسينيات وبعد سفر الإمام إلى روما تصاعد الرفض الشعبي ضد الإمام أحمد حميد الدين، وقاد الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه الشيخ حميد تحركات وطنية للقبائل المتحمسة للتخلص من الإمام..لكن الإمام أحمد وبعد عودته من رحلته العلاجية ألقى خطاباً تهديدياً في الحديدة، وأقسم أنه لن يدع أحمر ولا أخضر إلا وأحرقه. وقد نجح باستخدام اساليب ملتوية في إلقاء القبض على الشيخ حسين الأحمر بعد أن أعطاه الأمان، ثم ألقى القبض على الشيخ حميد في الجوف بعد أن سلم نفسه في وجه بيت الضمين، وقد تم ارساله إلى الحديدة على طائرة خاصة ليعدم بعد ذلك في حجة. وبعد اسبوعين تم إعدام والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر كذلك في حجة. وكان الإمام قد أرسل قبل اعتقال الشيخين حملة عسكرية على قبيلة حاشد ومنازل آل الأحمر وممتلكاتهم عاثت فيها خراباً ودماراً واعتقلت بعض مشائخ القبيلة.

وفي أثناء تلك الحوادث المأساوية المتتابعة كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر موجوداً في الحديدة بعد أن أرسله والده لتهنئة الإمام أحمد بعودته من رحلة العلاج من إيطاليا. ومكث في مقام الإمام في (السخنة) يحضر المقابلات والاحتفالات الرسمية. وعندما غدر الإمام بالشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه الشيخ حميد واعتقلهما وتم ترحيلهما إلى حجة حيث أعدما الواحد بعد الآخر، حينذاك كان الشيخ عبدالله قد تم اعتقاله أيضاً في الحديدة بعد أن تم احضاره من السخنة بحجة الإلتقاء بوالده. وبعد أحد عشر يوماً من الاعتقال في سجن الحديدة تم ترحيله إلى سجن المحابشة والذي مكث فيه ثلاث سنوات حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.

كانت فترة البقاء في السخنة في مقام الإمام أحمد فرصة مناسبة للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر للتعرف على رموز كثيرة من رجالات اليمن من المشائخ والعلماء والسياسيين والمثقفين وكان ذلك بداية تدشين انخراطه في معترك القضية الوطنية والعمل السياسي.

وعند سماعه خبر قيام ثورة سبتمر وهو لا يزال في السجن، قامت ثورة سبتمبر 1962 بدأ تحركاته لكسب ولاء المواطنين والجنود للثورة. وفي عصر اليوم نفسه أرسل قائد ثورة سبتمبر المشير عبد الله السلال برقية إلى عامل المحابشة آنذاك وجه فيها بإطلاق سراح الشيخ عبدالله والسماح له بالتوجه إلى صنعاء في أسرع وقت ممكن.

في اليوم الثاني لقيام الثورة توجه الشيخ عبد الله بصحبة عدد من الجنود والشخصيات الذين كسب تأييدهم للثورة إلى منطقة عبس حيث قضوا ساعات في ضيافة القبائل ثم اتجهوا إلى الحديدة ووصلوها يوم السبت. وفي يوم الأحد- الرابع من عمر الثورة- وصل الشيخ إلى صنعاء واستقبله قادة الثورة في مقر مجلس قيادة الثورة وتم تكليفه بسرعة التوجه إلى المناطق الشمالية الغربية لمطاردة الإمام المخلوع محمد البدر وإلقاء القبض عليه. ومنذ ذلك اليوم قاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر قبائل حاشد في معركة الدفاع عن الثورة والجمهورية حتى انتهت المعارك في يناير 1970م.

وقد أسهم الشيخ عبد الله بين حسين الأحمر اسهاماً كبيراً في الإعداد والتنفيذ لحركة 5 نوفمبر التصحيحية 1967م التي أنقذت ثورة سبتمبر من الانهيار وفتحت الطريق أمام الانتصار والسلام، كما كان له دور بارز في مواجهة الأخطار الخارجية والداخلية التي تعرضت لها البلاد، ولا سيما في مواجهة حصار السبعين يوماً الذي تعرضت له صنعاء، وبذل جهودأً كبيرة في التواصل مع القبائل المغرر بها بالدعايات الملكية وإقناعها بالثورة والجمهورية، وكسب ولائها لهما. وقد لعب الشيخ عبد الله دورا بارزا في اختيار القاضي عبد الرحمن الإيراني رئيسا للدولة في مؤتمر خمر، حيث تنازل للقاضي الإرياني عن رئاسة المؤتمر ابتداءا، وكان من أبرز داعميه في تولي رئاسة الدولة..

وكـانت أهم إنجازات عهـد القاضي الإرياني دحر القوات الملكية نهائياً، وانتصار الجمهورية والتفاهم مع السعودية ، وتحقيق السلام والمصالحة الوطنية، وإعداد الدستور الدائم وقيام مجلس الشورى والبدء بالمشاريع التنموية. لكن علاقته بالقاضي تراجعت وأصابها الفتور على خلفية تزايد نشاط الجماعات اليسارية بدعم من نظام الحكم في عدن. غير أن القضية التي أدت إلى التباعد التام بين الشيخ عبد الله والقاضي الإيرياني تمثلت في موافقة القاضي الإرياني على اتفاقية القاهرة حول الوحدة بين الجنوب والشمال دون الرجوع للمجلس الجمهوري ومجلس الشورى، وكانت الاتفاقية قد تم التوقيع عليها في القاهرة بين رئيسي الوزراء في شطري اليمن الدكتور محسن العيني وعلي ناصر محمد، وذلك بعد انفجار الحرب الحدودية عام 1972م، وقد عارض الشيخ عبد الله الاتفاقية بسبب ما اعتبره ثغرات ونقاط ضعف، كما كان من المعارضين لها أيضاً الشيخ محمد علي عثمان والمقدم إبراهيم الحمدي نائب القائد العام للقوات المسلحة، ولكن القاضي الإرياني أصر على موقفه ووافق علي الاتفاقية بدون الرجوع إلى مجلس الشورى.

لذا، وافق الشيخ الأحمر على حركة الحمدي الإنقلابية في 13 يونيو 1974م بعد استفحال الأزمة السياسية في البلاد. ودعم العهد الجديد باعتباره فترة انتقالية يتم فيها إنقاذ البلاد من السلبيات التي كانت تعاني منها ولا سيما في المجالين الأمني والاقتصادي. لكنه سرعان ما اختلف مع الحمدي على خلفية التوجهات الإجتماعية للرئيس الحمدي الذي أراد أن يحد من دور القبيلة في الحياة السياسية اليمنية. واستمر الخلاف مع خليفته المقدم أحمد الغشمي، حيث لم يدخل الشيخ الأحمر، ومجموعة من المشايخ، الذين لازموه في بلدته خمر، صنعاء إلا بعد اغتياله بأيام في 24 يونيو 1978. ويقول الشيخ عبد الله أنه قرر ورفاقه من المشايخ دخول صنعاء يوم دفن الغشمي بعد أن قرروا الدخول وعدم الانتظار إلى أن يأتي رئيس جديد قد يمنعهم من الدخول كما حدث في عهد الغشمي، وكان دخولهم برؤية موحدة وهي تدارك الخطأ الذي حدث في عام 1974 وأنهى الحكم المدني، ولذلك ركز المشائخ على إقناع أعضاء مجلس الشعب التأسيسي ورئيسه القاضي عبدالكريم العرشي برؤيتهم وقد وجه الشيخ عبد الله رسالة إلى القاضي العرشي حول الموضوع، لكن مسعاه لم ينجح. وآلت الأمور إلى اختيار المقدم علي عبد الله صالح - قائد لواء تعز ـ رئيساً للجمهورية.

واتسمت علاقة الشيخ عبد الله مع الرئيس صالح بالتأرجح بين حالات مد وجزر، ولكن مع الإحتفاظ دائما بهامش واسع من الإحترام المتبادل.

وخلال الأزمة السياسية التي عصفت باليمن بين أغسطس 1993 ويوليو 1994م، وصولا إلى نشوب حرب الإنفصال نجح الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في الحفاظ على سلامة السلطة التشريعية ووحدتها. وأسهم في الجهود السياسية لتطويق أزمة الانفصال والدفاع عن الوحدة اليمنية في الداخل والخارج حتى تحقق النصر في يوليو 1994، بمشاركة قوات شعبية مسلحة تابعة لقبيلته وحزبه التجمع اليمني للإصلاح.

وقد لعب الشيخ الأحمر دورا سياسيا بارزا خلال حرب الإنفصال تمثل بالإتصال مع السعودية ودول خليجية أخرى عمل خلالها على شرح وجهة نظره المؤيدة لاستمرار الوحدة اليمنية. وفي12 يناير 1995 رأس وفداً يمنياً رفيع المستوى إلى المملكة العربية السعودية لمواجهه التداعيات الخطيرة حول أزمة الحدود اليمنية السعودية، وظل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في الرياض قرابة 40 يوماً حتى نجح في التوصل إلى توقيع مذكرة التفاهم في 27 رمضان 1415هـ التي فتحت الطريق أمام عودة العلاقات الطبيعية بين اليمن والسعودية، وصولاً إلى توقيع اتفاقية الحدود بين البلدين في 12 يونيو 2000م.

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp