هذا الرجل - بقلم /عبدالصمد القليسي

أعني عبد الله بن حسين الأحمر -شفاه الله وعافاه وشرح صدره- كتب وقيل الكثير عنه. فهو الرجل الذي اتفق الناس معه في مراحل من تاريخ اليمن الحديث؛ واختلفوا معه في تاريخ آخر. واختلف مع المتفقين معه حينا؛ واتفق مع المختلفين معه حينا آخر. ما يعني أنه كان حاضراً في كل المراحل. ومع أنه شيخ قبيلة؛

 فقد اتسعت قبيلته لمؤتمرات وطنية عديدة. ومع أنه رجل ينسب إلى الاتجاهات المحافظة؛ فإنه رجل مبدئي، لا يسمح لأحد أن يلعب بالسياسة أو الدين على حساب الأوطان. أذكر أنه وقبيلته كانا ملاذاً للبعثيين اليمنيين عندما كانوا يتعرضون للاضطهاد في مرحلة من تاريخ اليمن. وللشيوعيين  أيضا  حين كانت الحرب عليهم حامية الوطيس على المستويات المحلية والقومية والدولية. فالرجل بهذا المعنى كان ديمقراطياً وسباقاً في الاعتراف بالآخر!ويجب علينا أن نعترف أنه جنَّب البلاد مشكلات بل كوارث كان محتوماً أن تقع تحت عنوان محاربة الإرهاب ( بالمفهوم الأمريكي! ) ولو أنه كان حاضراً في البلاد وبكامل صحته عندما بدأت مشكلة صعدة لأمكن له أن يساهم مساهمة فعالة في إطفاء الحريق الذي شب في بعض أجزائها والذي يبذل رئيس الجمهورية جهده لإطفائه، مثلما أن زعماء التمرد  فيما نسمع منهم وعنهم في وسائل الإعلام  يريدون بدورهم إطفاءه، لكن طرفاً خفياً يلعب بين الطرفين ليحول دون التوقف عن الصراع الدموي العقيم. وأعني بذلك طرفاً واحداً هو: " استراتيجية الفوضى الخلاقة " والذين يعملون تحت رايتها من كلا الطرفين، ولم يستطع أحد  حتى الآن  أو لا يريد أن يكشفهم!؟أردت بما تقدم أن أحيي شخصية وطنية كبيرة تعلمت التوجس من دورها في النظريات، ولما نضجت تجربتي وزالت الغشاوات الأيديولجية عن عيني؛ اكتشفت الحقائق كما جرت على الأرض. فالنظريات وسيلة ومنهج لفهم أعمق للواقع والتعامل معه؛ وليست بديلاً له. فالمجتمعات لا تصنع  وفقا ل " كاتلوج " كالآلات.أعلم سلفا أن البعض سيؤول كلامي هذا على أنه ترسيخ لفكرة القبيلة، لكن  كلامي وكلام غيري  في هذا الموضوع  لا يرسخ حقيقة قائمة، كما أن أي كلام مغاير لا يلغي تلك الحقيقة. فالقبلية والقروية والمناطقية ستبقى قائمة ما بقيت البنية الاقتصادية والثقافية في بلادنا على حالها. وكما أن أسوأ تهمة توجه للقبيلة هو تعارض وجودها مع وجود الدولة المركزية؛ فإن هذا الخلل الطبيعي الناشئ عن مستوى تطور المجتمع اليمني ككل؛ قد ألبسوه اليوم ثوباً جديداً ليصبح مطلباً تقدمياً ليبرالياً ما يعني أننا لا نزال نحرث في حقل القبيلة.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp