الشيخ عبدالله في مقابلة مع صحيفة القبس الكويتية بتاريخ 19/9/1986م

- هذا الحوار جاء تعليقاً على بعض فصول كتاب الوحدة اليمنية - حاضراً ومستقبلاً للدكتور/ خالد بن محمد القاسمي - وقد شارك في الحوار الدكتور/ خالد القاسمي بنفسه - الوحدة اليمنية من المنظور القبلي • طلبت من الشيخ أن يتحدث عن الكتاب في باب معوقات الوحدة اليمنية أو بالأصح المعوقات الداخلية للوحدة اليمنية تحت عنوان (الظاهرة القبلية وأبعادها على الوحدة اليمنية)  فقال الشيخ عبدالله : القبائل في اليمن هي قبائل حضارية لديها حس حضاري ولا تقارن بالعشائرية في بقية البلدان الأخرى ، فالقبائل تواقة للحضارة ومرتبطة بالعرب ارتباطا قوياً جداً ، ومنفتحة حضارياً مع كل جديد وتتطلع إلى العلم والتعمير والتطوير، وليست متحجرة أبداً ولا تقاس بالعشائر التي توجد في البلدان الأخرى أبداً . فالقبائل عندنا في اليمن من سلالة واحدة وهي السلالة القحطانية وتنقسم القبائل في اليمن إلى ثلاثة أقسام هي القبائل الحميرية وهي أكبر القبائل اليمنية ، وقبائل مذحج وقبائل همدان بن زيد وتضم حاشد وبكيل ، وكل القبائل اليمنية تنتمي إلى الأقسام الثلاثة السابقة ما عدا قلة قليلة وهم الهاشميون المنتمون إلى علي بن أبي طالب وهم موزعون في اليمن ولهم مكانتهم ، فالقبائل في اليمن تطلب التغيير في كل اليمن للوصول إلى الأفضل وكل اليمن قبائل حتى الذين هم في المدن لا تجد أسرة في المدينة ولا عائلة إلا وتنتمي إلى قبيلة وتعتز بانتمائها ولا يوجد وزير أو ضابط أو جندي إلا ويعرف بانتماءه ويعتز به لأنه من بني فلان وليس هناك فوارق بين من هو ساكن في المدينة أو القرية . • وهنا قاطعت الشيخ عبدالله قائلاً وكذلك بالنسبة لجنوب اليمن ؟  فقال : في الشمال أكثر والانضباط أكبر ، والقبائل واحدة سواء كانت في الشمال أو في الجنوب وتنحدر من أصول واحدة ، وفي عهد الحكم التركي في اليمن قاومته القبائل بزعامة الأمام وكان لابد لهم من حاكم محلي يدعوهم باسم الإسلام وهو أيضاً من سلالة معروفة السلالة (الهاشمية) وكانوا يلتفون حوله لمحاربة الدخيل الأجنبي فحاربوا الأتراك بدافع العقيدة من ناحية وبدافع الغيرة الوطنية من ناحية أخرى ، وبعض الكتاب يصنف هؤلاء كوطنيين وهذا خطأ ، نحن كلنا وطنيين ، الوطنية ليست مقتصرة على أحد ولا هي حكر لأحد. وقد تمكن الإمام يحيى بن حميد الدين بعد خروج الأتراك في عصره من السيطرة على معظم اليمن وترك الجنوب ، وبعد خروج الأتراك من اليمن تنكر الإمام وتغير بخلاف أيام الجهاد ضد الأتراك فقامت الانتفاضات والثورات المحلية ضد الإمام وذلك للإساءة التي أرتكبها بحق القبائل وبحق اليمن ككل وجاءت ثورة 1948م وهي ثورة الدستور ، وكان الواعون من مشائخ القبائل ومن ضباط الجيش ومن علماء الدين والمثقفون مشتركين جنباً إلى جنب ولم تكن الثورة ثورة عسكرية ولا ثورة مثقفين وإنما هي ثورة لكل المفكرين في حين كان الوعي قليلاً وكان مشائخ القبائل مساهمين في هذه الثورة ومشاركين فيها بفاعليه وكلهم مع علماء الدين من الهاشميين والقضاة وضباط الجيش والمثقفين شاركوا معاً في قيادة الثورة المبكرة العظيمة ثورة الإيمان والعلم والنور والدستور والشورى ، أول ثورة من نوعها في العالم العربي وأفضل ثورة قامت والتي كانت بداية لدستور الدولة ومن بعده الميثاق المقتبس من كتاب الله وسنة رسوله ، ورغم ذلك انتكست الثورة وسقطت وفشل القائمون بها من كل الفئات سابقة الذكر ، وكلنا في اليمن بوتقة واحدة ومكملين لبعضنا البعض المثقف مكمل لعلماء الدين والعلماء مكملون للشيخ والمشائخ مكملون للضباط ، وهكذا كلنا أسرة واحدة ، وكانت خسارة الثورة فادحة للجميع ولا يتحمل مسؤولية فشلها شخص ما وإنما الجميع خسر تلك الثورة التي ضحى من أجلها شهداء اليمن الأبرار الذين ستظل ذكراهم خالدة . وبعد سقوط ثورة 1948م جاءت ثورة 1955م أو انقلاب 1955م وكان التشابه كبيراً بين ثورة 1948م وانقلاب 1955م وكان الانقلاب دون تخطيط وغير مدروس ، وإنما انتفاضة من الانتفاضات التي حضرت للثورة الأم ثورة 1962م وكان مصير من اشترك في ذلك الانقلاب الإعدام والسجن وامتلأت الساحات بالشهداء وقدمت اليمن خلالها فلذات أكبادها من مخططي الانقلاب ، وجاء بعد ثورة 1955م انتفاضات ومحاولات في 1957م و 1959م قادها المشائخ والضباط ومختلف العناصر ووقع فيها المشائخ أكثر من غيرهم وفشلت وكانت هذه الثورات أو الانتفاضات هي تحضير للجمهورية ولم تعد كبقية الثورات للتغيير إلى الأفضل وذلك لأنها أول خطوة وأول بادرة تنادي لقيام جمهورية بينما كانت ثورة 1948م تدعو للتغير إلى الأفضل وقد أنزعج الإمام أحمد بن حميد الدين من انتفاضة 1959م لأنها أول ثورة تدعو إلى قيام جمهورية وقد أصيب الإمام خلال هذه الانتفاضة وغضب على ابنه الذي استخلفه بسبب اشتراكه مع الثوريين ضده ، كما وقف موقفاً معادياً مع المشائخ والعلماء والمفكرين وأحس بعد ذلك بالخطر من حوله فرحل من روما على باخرة إلى الحديدة لأنه كان خائفاً من جمال عبد الناصر حتى لا يختطفه من الجو ووصل الإمام ميناء الحديدة حيث أعلن صرخته المدوية والتي قال فيها: ماذا يريدونها لأدر درهم * إن الخلافة لا يطوى لها علم هذا البيت كان أخر صرخات الإمام لأن هناك من يدعو إلى الجمهورية وإلى إنهاء الخلافة وفعلاً كان لتلك الصرخة أثر بالغ وذلك لما عرف به الإمام في ذلك الوقت من الهيبة والبطش وسفك الدماء وكانت هذه الصفات كفيلة بإعطاء الإمام رعباً وخوفاً لدى الشعب ، فقام بحملات على القبائل شملت اعتقالات وقتل وخراب ودمار وكانت هذه الأحقاد التي حملها الإمام نتيجة ما سمعه حول المناداة بقيام جمهورية حيث لم يتصور أن هناك من يدعو إلى تغيير النظام من أساسه من نظام ملكي فردي إلى نظام جمهوري ، وفشلت الانتفاضة في عام 1959م بسبب عدم الإعداد لها مسبقاً وجاءت بعدها محاولة اغتيال الإمام في منتصف عام 1961م في الحديدة وكانت نتيجتها استشهاد بعض أبناء القبائل من سنحان ومن بلاد الروس ومنهم الشهيد (اللقية) والملازم محمد العلفي والملازم محسن الهنداونة وبعدها أصبح الناس من المفكرين والواعين يعملون ويحضرون للثورة برغم ما حدث كله ، وكان الجميع مشتركين في التحضير من العسكريين والمثقفين والمشائخ من داخل السجون ومن خارجها وكان في السجون عدد كبير من المفكرين والمتطلعين والمثقفين ذوي الطموحات واستمر ذلك حتى قامت الثورة في 1962م وحضرت لها جميع الفئات التي ذكرناها حتى التجار حيث كانوا مساهمين وممولين لهذه الثورة وما قبلها من ثورات وانقلابات وكانوا داخل وخارج اليمن . وقامت الثورة ونزل ضباط الجيش ومشائخ القبائل بالدبابات جنباً إلى جنب يدكون قصور الإمام ووصلوا للإذاعة وقصر البشائر وغيرها من الأماكن التي يقيم فيها الإمام وآل الإمام . وكانت كل دبابة تحمل عدداً من الضباط والمشائخ كل يؤدي دوره في مجاله المرسوم له ، وخرج من في السجون ليحملوا بنادقهم وأقلامهم للمساهمة في الدفاع عن الثورة وأنا شخصياً خرجت في اليوم الثاني للثورة من السجن وغيري ممن كانوا مسجونين حيث أقمت في سجن الإمام ثلاث سنوات ، كما قتل والدي وأخي من قبل في انقلاب 1959م وسجنت أنا مع من سجن من أبناء وشيوخ القبائل هذا إلى جانب الكثير ممن قتل في تلك الأحداث . كما شارك الجميع في الدفاع عن الثورة بعد أن شاركوا في تفجيرها كل بقدر استطاعته سواء بالبندقية أو بالقلم أو باللسان ، والدفاع عن الثورة طويل وهو أصعب من تفجيرها حيث مرت الثورة بعد أن تألفت قوى ضد الثورة نتيجة أخطار وعوامل داخلية وخارجية حيث واجهنا تلك العوامل التي كانت ضد الثورة وحاربنا للدفاع عنها من أواخر عام 1962م إلى نهاية 1969م وواصلنا بعد خروج المصريين سنتين ، وأكثر الأزمات وأعظم الحروب جاءت بعد خروج المصريين حيث حوصرنا في صنعاء وقطعت الطرق وبقينا داخل صنعاء محاصرين حصار السبعين يوماً واستمرينا مدافعين عن العاصمة بعد انسحاب المصريين والروس الذين سحبوا سفارتهم ، وأصبحنا معتمدين على الله وعلى أنفسنا . • من دافع عن الثورة في هذا الحصار ؟  إنهم المشائخ والقبائل والنواة الموجودة من الوحدات العسكرية في المدرعات والمدفعية والوحدات الخاصة التي هي عبارة عن نواه الوحدة الواحدة لا يتجاوز عددها (300) جندي وضابط وحتى طلاب الكلية تركوها وخرجوا للمواقع والعلماء والمثقفون والطلاب كل أدى دوره في ذلك . أما اليساريون ومن كان معنا فغايتهم أخرى ، كانت غايتهم أن يستولوا على الحكم في صنعاء لأن الاستعمار البريطاني كان قد خرج من عدن وسلم الحكم إلى الجبهة القومية اليسارية حيث لم تكن بعد قد أصبحت شيوعية بقيادة قحطان الشعبي وسالم ربيع علي وعلي عنتر وغيرهم ، وكان اتجاههم الإشتراكي واضحاً وأيديولوجيتهم واضحة كذلك حتى وأن لم يعلنوا عنها وكان يربطهم بالعناصر اليسارية في صنعاء رباط حزبي فمن كان موجوداً عندنا من اليساريين في صنعاء لم تكن لديه سلطة مطلقاً وحينما وجدوا الفرصة مواتية قاموا بعمليتهم الانقلابية للاستيلاء على مقاليد الحكم وتصفية العناصر الجمهورية الوطنية وهم على اتفاق مع عدن ومثقفو النهج الإشتراكي اليساري في شمال اليمن وجنوبه وبعدها تعلن الوحدة تحت مظلة الاشتراكية ، فقاموا بالحركة و الانقلاب وحاولوا احتلال الإذاعة وقصر السلاح والمرافق المهمة ، فواجهناهم نحن شيوخ القبائل وضباط القوات المسلحة ووحدات المدرعات ومن معنا من أفراد عناصر الجمهورية وأحبطنا حركتهم وعندما أحسوا بالفشل قاموا بضرب صنعاء ضرباً عشوائياً ، البيوت ، المساجد ، والأسواق ، والإذاعة ، وارتكبوا أبشع الجرائم في ذلك المخطط الفاشل ، ولم يفرقوا بين الطفل والمرأة حتى المصلين في المساجد ، وحدث أن كان المصلون يؤدون صلاة الظهر جماعة فقاموا بقتل أعداد كبيرة منهم ، وكان من قتل في تلك الأيام ثلاثة أو أربعة أضعاف من قتل في حصار صنعاء ، ورغم ذلك فشلوا ولم نقم بتصفيتهم أو حتى إبعادهم عن مراكزهم ، وإنما اعتقلنا بعضاً منهم ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا بعد أيام ممارسين أعمالهم ولم نحاكم أو نعدم أحداً منهم وكان العفو عن الجميع . وليس صحيحاً ما يقال بأننا صفينا عناصر الثورة أو وحدات الجيش النظامي وأن القبائل استغلت الفرص وحلت محلهم هذا غير صحيح ، وإنما الجيش الشعبي غير النظامي والذي هو من القبائل كان يؤدي دوره في المواقع المحددة له وكذا الوحدات النظامية تؤدي دورها في مواقعها ، أما انقلاب 5/نوفمبر/1967م بعد النكسة العربية في مصر وسوريا والأردن وفلسطين وسيناء فقد كان حتمياً ، وكان علينا أن نقوم بدورنا لأن الصف الجمهوري كان قد انبعث وكان أكثر عناصر الجمهورية الوطنية القوية المخلصة من العلماء والمشائخ والضباط والمثقفين مناوئين للسلال رئيس الجمهورية في ذلك الحين وقد استطاع هؤلاء أن يحموا صنعاء ويحموا الثورة ويدافعوا عنها وبوجودهم كتب لها السلامة والنصر . • كان على المصريين أن ينسحبوا بعد هزيمتهم لأن مصر قررت الانسحاب النهائي وفعلاً تم ذلك وبعد انسحاب المصريين أنقسم الجمهوريون على أنفسهم والقوى الجمهورية معظمها غير راضية عن السلال فكيف سيكون مصير الثورة ؟  ويجيب الشيخ: مصيرها سيكون الفشل وتسقط صنعاء ، فكان لابد من القيام بتلك الحركة الثورية وليست رجعية كما يسميها بعض الكتاب أمثال الدكتور محمد علي الشهاري وغيره إنما هي حركة وطنية ثورية شوروية ضمدت الجراح بين الجمهوريين في صف واحد للدفاع عن الجمهورية والثورة والعاصمة صنعاء ، والتي لولا هذه الحركة لما أستطاع صف الجمهوريين مواجهة الهجمة ، ولطالما كتب اليساريون حول هذه الخطوة التصحيحية ويطلقون عليها كل التسميات السلبية وأستطيع أن أقول لولا حركة (5) نوفمبر لما كتب للجمهورية والثورة البقاء وأنا أتحدى أي كاتب أو شخص من المتشدقين أن يكذبني . بعد قيام الثورة كل أدى دوره ، الجيش النظامي الإمامي تحرك ، منهم من ذهب عن قناعه ولأنه غير مقتنع بالجمهورية والقائمين عليها ، ومنهم من سرح وعومل معاملة غير لائقة من الضباط لسوء ظنه من جانب ولسوء فهمه من جانب آخر ولأخطائه وتصرفاته من جانب آخر وهكذا فإن القوة الأمامية أصبحت لا تصلح حيث كانت النظرة إليهم غير طيبة وكان المتحمسون من الشباب وطلائع الثورة يريدون أن يحلوا محلهم ، وبعد خروجهم اضطررنا للاستعانة بالمصريين والجيش الشعبي من القبائل وأدوا أدوارهم في الدفاع عن صنعاء وصعدة وحجة ومأرب والطرقات والمناطق واستولينا بالجيش الشعبي على حوالي 95% من المناطق اليمنية وأكثر ، حتى وصلنا جبل رازح على الحدود الشمالية . أما القبائل التي هي جمهورية فلم يتغير ولاؤها ولم تحتاج إلى جيوش من صنعاء مثل (برط وحاشد والحدا) أما من ذمار جنوباً فهم لم يتغيروا وكذلك المناطق المهمة التي لم تحتاج إلى جيش ، وأريد أن أؤكد بأن حركة الخامس من نوفمبر هي التي حمت الثورة وحافظت عليها ولولا هذه الحركة لانتهت الثورة اليمنية ، وأصبح رواد الحركة ورجالها يمثلون اليمن في المحافل والمؤتمرات داخل وخارج الجمهورية ووقفوا المواقف الوطنية القوية الثابتة ولنضرب مثلاً على ذلك مؤتمر (خمر) الذي عقد بين الجمهوريين والملكيين في مايو 1965م تحت إشراف ورعاية المملكة العربية السعودية ومصر بتوجيهات الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بعد اجتماعها في جدة ، كان الجانب الجمهوري يفتقد وجود المشائخ والعلماء والمثقفين والضباط من الفئات الجمهورية اليمنية فكان الوفد الجمهوري يتلقى توجيهاته من لجنة السلام المشتركة (المصرية السعودية) والملكيون كذلك يتلقوا توجيهاتهم من أعضاء لجنة السلام وفوجئنا في يوم من الأيام بتبليغ من الرئيس عبد الناصر لرئيس الجانب المصري الفريق أول محمد فوزي نقله إلينا بأنه يتوجب علينا قبول الحل الوسط وهو قيام دولة إسلامية في اليمن بدلاً من الجمهورية وأن هذا هو ما أتفق عليه عبد الناصر مع الملك فيصل في جدة . بهذا المعنى جاءت توجيهات عبد الناصر على لسان الفريق أول محمد فوزي وزير الحرب آنذاك ، وكان رئيس الجانب الجمهوري في المؤتمر هو القاضي عبد الرحمن الإرياني . وكان هو الرئيس الثاني في الجمهورية ودار حديث بينه وبين محمد فوزي وكنا مجتمعين في الخيمة ونمثل الجانب الجمهوري وجاء محمد فوزي قائلاً لنا بالحرف الواحد (إن هذه التعليمات جاءت من الرئيس عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة وإذا لم تقبلوا هذا الحل وتلتزموا به فإن الجمهورية العربية المتحدة ستسحب جيشها وقادتها من اليمن إلى أخر جندي ولن يبقى لها أي تعاون مع الجمهورية العربية اليمنية وستتركها فريسة للقبائل الملكية لتدخل صنعاء وتفعل ما تشاء .. إلى أخر الرسالة) وقد رد على ذلك القاضي عبد الرحمن فقال (بأن الأمر خطير ولا نستطيع أن نرد عليكم واتركوا لنا الفرصة حتى نتشاور فيما بيننا ونتشاور مع من في صنعاء ) وكان القائم برئاسة الجمهورية نائب رئيس الجمهورية في صنعاء هو الفريق حسن العمري أما السلال فكان مبعداً ، حيث تم الاتفاق على إبعاد بيت حميد الدين والسلال ، وقد اجتمعنا واتصلنا بالفريق العمري والأخوة في صنعاء وأثناء النقاش كان الوفد الجمهوري في المؤتمر من فئة اليساريين المزايدين ، في التقدمية والثورية والذين كانوا في ذلك الوقت أصدقاء مصر يرون أنه (لا مجال لنا من التسليم بما جاء من الرئيس عبد الناصر ولا نستطيع أن نرفض الحل الذي جاءوا به وهذا مستحيل ولا نستطيع مواجهته) فرد عليهم الوطنيون المخلصون غير المزايدين بالقول أننا ( لن نقبل بتغيير حرف واحد من اسم الجمهورية العربية اليمنية إطلاقاً ولينسحب المصريون وسنقاتل) ولو وصل القتال إلى شوارع صنعاء ولم تبق لدينا سوى (الجنابي) وقلت لهم أنا بالحرف الواحد والقاضي عبد الرحمن الإرياني وكذلك الفريق العمري (قررنا عدم قبول هذا الرأي وليكن ما يكون) . وجاءنا بعدها جواب تهديد .. فقلنا ليكن ما يكون ونحن على يقين بأن مصر لن تترك ضحاياها بهذا الشكل وهذا رأينا وغير قابلين بالحل ، ولم يمر أسبوع إلا وعبد الناصر قد غير رأيه في الحل الذي اقترحه وأعلن على لسان عبد الحكيم عامر (أنهم سيبقون في اليمن عشرين عاماً) وهكذا فشل المؤتمر. ويضيف الشيخ لقد جاء في الكتاب أنه من كان بجانب الثورة من المشائخ لم يقف بجانبها إلا لمصلحة أو خوف ، واعتقد أن ما شرحته في البداية هو رد كاف على هذا الإتهام والقضية قضية مبدأ وقناعة وليس هناك مصالح أكثر من المصالح التي كانت تأتي من الجانب الأخر ، والمسألة هنا مسألة من ناضل وضحى في سبيل التغيير ، وفي سبيل إزالة الظلم والاستبداد والتعسف والجهل والمرض والعزلة وكل أنواع الذل والإهانة التي كان يقاسيها الشعب اليمني قبل الثورة ، حيث كان اليمن في عزلة رهيبة وفي تخلف وظلام وبؤس ويعيش تحت الذل والقهر ولا يوجد تعليم ولا مدارس ولا جيش وكانت الثورة في اليمن هي انجح ثورة في العالم العربي بأجمعه ، حيث لم تكن انقلاباً عسكرياً طمعاً في سلطة كما يحدث في البلاد العربية ، وإنما كانت ثورة من أجل إزالة الظلم من أجل الخروج من الظلمات إلى النور ، ومن هنا نستنتج أن من وقف بجانب الثورة من القبائل ومشائخ القبائل وقف عن قناعة وإخلاص وإيمان وتصميم وتضحية ، وكان مبدأنا وشعارنا النصر أو الموت ولم يكن موقفنا بجانبها عن مصلحة أو خوف من المصريين أو من قواتهم ولو كان هذا هو العامل لكانت القبائل التي وقفت بجانب الثورة من (سنحان) و(أرحب) هي من يجب أن تخاف من قوات المصريين لأنها على بعد (10) كم من صنعاء ، أما قبائل حاشد فقد كانت أبعد من القبائل التي كانت بجانب صنعاء فقد كانت حاشد على بعد (100) كم وأكثر أماناً ورغم ذلك وقفنا مع الجمهورية رغم أن القبائل المحيطة بصنعاء ظلت تحول بيننا وبين صنعاء والقبائل القريبة من صنعاء كانت كلها ملكية وقطعت الطريق ولو كان الأمر عن خوف وطمع لما شاركت بعض هذه القبائل في الثورة ولهربوا من هناك دون انتظار مدد منا ولو كان الأمر من أجل (ذهب) فقد جاءنا الذهب عندما اختلفنا مع المصريين سنة1966م بعد مؤتمر(خمر) جاءنا الذهب إلى خمر وإلى (العشة) ودخل من (نجران) مع الملكيين إلى وسط خمر ونحن معتصمون في خمر وعلى خلاف مع المصريين عندما سجن أعضاء الدولة بكاملهم في القاهرة سنة 1966م ولم يبق إلا نحن وعدد من الجمهوريين ، وجاءنا الذهب ورفضناه – وكان عندي من ضباط الثورة المقدم عبد الكريم السكري والمقدم حسين السكري والمقدم علي النعامي والمقدم علي جاسم الجائفي والمقدم صالح العريف والمقدم عبدالله الرفاعي والمقدم عتيق الحداه والمقدم محمد المطري والأستاذ عبد الملك الطيب من مثقفي الجمهورية والأستاذ عبدالله الصيقل والأستاذ علي الضبة والأستاذ اليازلي وعدد كبير من المثقفين وكبار الضباط هاربين من صنعاء سنة كاملة ونحن في صعدة نمثل جيشاً كاملاً من حاشد وحجة وكنا نبعث بالمؤن والطعام من داخل خمر إلى حجة وصعدة وهكذا استمر الحال عاماً كاملاً . ويضيف الشيخ عبدالله : لقد جاء في الكتاب (أن الجيش الشعبي ضد الجيش النظامي وأن الجيش الشعبي تكون بعد اعتراف المملكة العربية السعودية وفي نظري أن هذا غير صحيح فالجيش الشعبي رديف للجيش النظامي ، حيث كان يقف مع الجيش النظامي في خندق واحد سواء في حربنا مع الملكية أو مع الشيوعية في المناطق الجنوبية والجيش الشعبي لم يتكون بعد اعتراف المملكة العربية السعودية باليمن . فالجيش الشعبي كان موجوداً منذ بداية الثورة وهو الذي كان يقاتل الملكيين والجيش الشعبي لم يكن من حاشد فقط بل كان من مختلف القبائل من (خولان) و (سنحان) وبلاد الروس وغيرها ، وكانت هناك أعداد كبيرة من الجيش الشعبي تقاتل مع الجمهورية ضد الملكية ومناطقهم لم تكن جمهورية وإنما تغلب عليها الأكثرية الجمهورية من القبيلة ، وهناك مجاميع جمهورية دخلت صنعاء تقاتل مع الثورة فالجيش الشعبي لم يتكون بعد اعتراف المملكة فهو من بداية الثورة وهو ليس بالصورة التي تتصورونها بأنه جيش دائم له ثكناته ووحداته ومعسكراته ونظامه الخاص إنما هو شبيه بالجيش الاحتياطي في بعض الدول يأتي عند الحاجة وعندما تدعوه الدولة ، فالجيش الشعبي على غرار الاحتياطي في بعض البلدان لا يدعى إلا عند الحاجة يأتي مسلحاً ليقاتل ويرابط في المواقع ، ومن ناحية الهجوم هو أقوى من الجيش النظامي أما من ناحية المرابطة والدفاع أضعف من الجيش النظامي ، لأنه غير مدرب على الأسلحة الثقيلة وغير منظم وليس لديه أي التزام ، ولم يكن على راتب دائم وميزانية مستمرة مطلقاً ، فهو يستدعى عند الحاجة من عدة قبائل من هذه القبيلة مثلاً عشرة آلاف ومن تلك النسبة نفسها وهكذا ، وتصرف لهم الدولة مرتبات شهرية ضعف ما يصرف للجندي من الجيش النظامي لأنه مؤقت حيث يستمر مدة معينة حتى يستغنى عنه ويسرح ، وهذا هو الجيش الشعبي عندنا وكما شرحت لك فهو غير مضاد للقوات المسلحة أبداً . كما جاء في الكتاب (والكلام للشيخ عبدالله) حول ما تمتلكه القبائل من السلاح و أنهم محتاطون له ضد الدولة أكثر ، وأرد على هذا بالقول أن أي سلاح مع الشيخ أو مع القبيلة هو للدولة وهو من الدولة أصلاً ولصالح الدولة ، فعندما تحتاج الدولة إلى الجيش القبلي (الشعبي) يهبون بسلاحهم ويقاتلون مع الدولة مدافعين عنها وعن الجمهورية ولم يكن السلاح بالضخامة التي تصورها الكاتب ، والقبيلي حينما يمتلك السلاح ليدافع عن نفسه ليس خوفاً من الدولة والشعب اليمني مسلح باستمرار ولم ينزع عنه السلاح حتى في عصر الإمام حيث كان الفقر موجوداً والسلاح معدوماً وممنوع دخول الأسلحة فكان القبيلي يشتري البندقية من الدولة فكان الأمير حسن بن يحيى حميد الدين يبيع السلاح بنفسه يأتي به من الخارج وكذلك الأمير علي بن يحيى حميد الدين كان يأتي بسلاح (جرمن) من ألمانيا وكانوا يبيعون البندقية بألف ريال فرنسي في ذلك الوقت فاشترت منه القبائل . فالبندقية لليمني هي شيء عادي ومعتاد ، والدولة لا تمنعه ولا يشكل خطراً عليها والقبائل هي عسكر الدولة إذا دعتهم بالإضافة إلى أن القبيلي يعتبر السلاح جزء منه وإلى جانب ذلك فهو زينة ويحتاجون إليه أيضاً حينما تحصل خلافات واشتباكات بينهم . وبالنسبة لما جاء بالكتاب من أن مجلس الشورى هو أحد أهداف الثورة ومبادئها التي نادت بضرورة قيام حكم شورى ، بالفعل فإن مجلس الشورى والدستور هما أحد هذه المبادئ وقد تم التأكيد على ذلك في قرارات مؤتمر (خمر) عام 1965 والذي دعا إليه وحضر له الأستاذ محمد محمود الزبيري أبو الأحرار المعروف لدى اليمنيين بإخلاصه وإيمانه وهذا المؤتمر لم يعقد إلا بعد استشهاد الزبيري بشهر فكان لي الشرف في تبني المؤتمر بنفسي وواصلت الدعوة إليه بإسم الزبيري بعد استشهاده واستضفته في مدينة (خمر) وحضره ممثلون من كل القوى الجمهورية من علماء ومشائخ وتجار وضباط وعسكريين وذوي الاتجاهات المختلفة وكان المؤتمر مجمعاً علية من قبل الشعب اليمني بكامله ومجمعاً على قراراته وخرجنا بقرارات دوت في جميع أنحاء العالم العربي وعلقت عليها جميع الصحف ووكالات الأنباء وكانت قراراته تدعو إلى قيام مجلس شورى وفعلاً وضع المجلس أول دستور في مؤتمر خمر عام 1965 بعد استشهاد الزبيري بشهر فمجلس الشورى مبدأ وهدف من أهداف الثورة ، فالثورة قامت لتحقيق حكم الشورى (وأمرهم شورى بينهم) كما جاء في القرآن الكريم والآية الكريمة نزلت في اليمنيين منذ زمن الملكة بلقيس وكانت اليمن معروفة بالشورى ، فهي في دساتيرنا وفي مواثيقنا قبل عام 1948 . كما جاء في الكتاب أيضاً أن (الثورة أو الجمهورية كان من أهدافها التغيير الجذري للمجتمع وأنه ببقاء النظام القبلي على الوجه الحالي أصبحت الجمهورية أسماً بلا مضمون) ، وهذه وجهة نظر من ذكرناهم من اليساريين حيث لم يرد في مبادئ وأهداف وقوانين الثورة بأنها ستقوم بتغيير المجتمع جذرياً ، المجتمع القبلي مجتمع نموذجي ، والمجتمع اليمني كله مجتمع حضاري وليس هناك فوارق بين القبيلي أو العسكري أو المدني أو المثقف أو العالم على الإطلاق فالجميع متساوون كما ذكرنا وفي خدمة الجمهورية . أما بالنسبة للتوظيف فلا يوجد فيه أية فروق فالتوظيف في اليمن تكون الأولوية فيه للكفاءة وعندنا مبدأ (الرجل المناسب في المكان المناسب) وليس هناك محسوبية أو مراعاة أو غيرها إطلاقاً . كما جاء في الكتاب أن هناك ميزانيات ومصالح مع مشائخ القبائل من هنا أو هناك وهذا غير صحيح ، فالمشائخ ليس لديهم ميزانيات وإذا كانت هناك بعض المرتبات تجري للمشائخ أو لبعضهم فهي مرتبات شخصية مثله مثل غيرهم من موظفي الدولة ، العاملون منهم أو الذين يقومون بأدوار لخدمة الدولة كالمصالحة يبن القبائل وحل المشاكل وهذه تكلفهم تبعات مالية ، فالدولة طبعاً تعتمد مرتبات تساعدهم على قيامهم بهذه الخدمات ، وهناك مرتبات لمن هو موظف منهم أو لم يكن موظفاً وعجز بعد ذلك أو تقاعد أو استشهد وله أيتام ، وهكذا تعطى رواتب للقبائل وفقاً للمواصفات السابقة أما القول أن هناك ميزانيات بدون مقابل فلا يوجد شيء من هذا على الإطلاق. وجاء في كتابكم الوحدة اليمنية حاضراً ومستقبلاً ما يلي: (يعارض الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الوحدة بين شطري اليمن ويرفض كذلك الحوار بين الشطرين ، وتصحيحاً لما جاء في الكتاب فإن الوحدة بالنسبة لي وللقبائل ولجموع اليمنيين هي مطلب أساسي وجماعي ونعتبر الجزء الجنوبي من اليمن هو جزء من الوطن الأم (اليمن) لا يمكن تجزئته ونعتبر نحن الكل وهم الجزء المكمل له ونحن الأم وهم الجزء المنفصل وهذا معروف منذ القدم أن اليمن واحد ، وأن الجزء الجنوبي والذي هو الآن عدن وما يتبعه هو جزء من اليمن وقد فصل عن اليمن عند خروج الأتراك من اليمن وسيطرة الاستعمار البريطاني على الشطر الجنوبي وحالت المخلفات الاستعمارية بيننا وبين تحقيق الوحدة أو بالأصح عودة هذا الشطر المنفصل إلينا ، وكانت المطالبة قبل الثورة ومنذ وجود الإمام بعودة الشطر الجنوبي لليمن الأم ، وبعد الثورة تبنينا المناضلين والمقاومين من الجنوب حتى خروج الاستعمار وتحرير الشطر الجنوبي وكنا نتوقع بعد خروج البريطانيين من الشطر الجنوبي أن تعود عدن تلقائياً إلى اليمن الأم وعاصمتها (صنعاء) . أما نحن في اليمن فنحن مؤمنون بالوحدة وهي هدفنا الأساسي والأول والأخير وهي قدر كل واحد منا سواء الشيخ أو العالم أو المثقف أو الجندي أما علماء الدين فهم يعتبرون التوحيد والوحدة (فرض واجب) وهو مفروض دينياً ، أما بالنسبة للوحدة الوطنية وكما جاء في الكتاب (بأنني أعارض الوحدة الوطنية) فهذا لا صحة له وغير منطقي وغير واقعي وغير حقيقي وشيء مضحك فنحن الذين نتبنى الوحدة الوطنية ونؤمن بها ونكرس جهودنا ونضحي في سبيلها قبل الثورة وبعدها وحتى الآن أما الميثاق الوطني فإنني أحد الذين ساهموا في صياغته وفي الدعوة إليه وفي تبنيه وإخراجه إلى حيز الوجود لأنه مستنبط من روح الشريعة الإسلامية التي هي عقيدتنا ونهجنا ودستورنا ، كما أنه يدعو للوحدة الوطنية وهو الذي جمعنا وحدد فكرنا وهو الفكر الإسلامي الذي نستطيع أن نواجه به أي فكر مستورد ويتعارض مع عقيدتنا وديننا ، والميثاق الوطني عندنا دستور مقدس ونشكر الأخ رئيس الجمهورية على تبني وإصدار هذا الميثاق وإخراجه إلى حيز الوجود وممارسة الشعب اليمني لهذا الميثاق في ظل حياته اليومية واضح أمامك ، فكل شيء في الجمهورية يدل دلالة تامة على مدى تطبيق هذا الميثاق ، كما أن هناك مدارس يدرس فيها هذا الميثاق ، ونعتبر الميثاق إنجازاً من أهم الإنجازات التي حققها الأخ رئيس الجمهورية العقيد علي عبدالله صالح . وعلى كل نحن في الشطر الشمالي من اليمن مثلنا شبيه بالمثل الذي يقول (أمن جارك بالسلام) ومثل يمني آخر (إذا تقاتلت البطاح ضميت جلدتك) نحن يهمنا أمرهم وحقن دمائهم ومعالجة مشاكلهم وخلافاتهم بالتي هي أحسن ويهمنا أكثر الاستقرار في مناطقنا وبلادنا ا لتي هي ملتحمة ومتداخلة مع مناطقهم ، ويهمنا هذا الأمر كثيراً وهو ما يهمنا في الشطر الشمالي من اليمن وما نخشاه أن تزداد الأوضاع سوءً ويزداد الصراع في دخولهم إلى مناطقنا في الشطر الشمالي وهذا ما لا نرضاه ولا نسمح به . هذا ما كنت أود أوضحه لك من خلال قراءتي لكتابكم (الوحدة اليمنية حاضراً ومستقبلاً) وهذا تعليقي حول جزء من كتابكم وهو الجزء الخاص بالقبائل والذي تحدث عنا كثيراً وعن القبائل .

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp