الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر لـ (الصحوة) 23/نوفمبر /1995م : مصلحة الوطن فوق كل المصالح

 

صحيفة الصحوة - 23/نوفمبر /1995م

 

-       مصلحة الوطن فوق كل المصالح

 

في الجزء الثاني يواصل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح حديثه مع الصحوة مؤكداً بأن العلاقة بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام علاقة استراتيجية وتاريخية ليست وليدة الائتلاف الحالي، ولا مجال لمقارنتها بالعلاقة التي كانت بين المؤتمر والاشتراكي والتي انتهت بتلك النهاية التي أضرت بالوطن.

كما يتحدث الشيخ عبدالله عن علاقة بلادنا بالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت.. وقضية التطبيع مع اليهود ومواضيع أخرى… وفيما يلي نص الحوار:

 

·      كيف تقيمون مشاركة (الإصلاح) في الحكومة الائتلافية وعلاقته بالمؤتمر الشعبي العام خلال العامين الماضيين؟

§      مشاركة (الإصلاح) في الحكومة هي أداء لمسئولية وطنية، واستجابة لواجب شرعي اقتضته المرحلة، وتعبير عملي عن حرصنا على إنجاح التجربة الديمقراطية في البلاد، ومساعدة لإخواننا في (المؤتمر) على النهوض بمهمة وأمانة المسئولية، ومحاولة منا للإسهام في تقديم ما يخدم الوطن والمواطن.

وفي هذا الإطار يمكن أن نقيم مشاركتنا خلال الفترة الماضية ونستطيع أن نقول: إن مشاركتنا- رغم الظروف الصعبة، والتركة الثقيلة، والإمكانيات الشحيحة، ومحاولات عرقلة جهود وزرائنا- فإن مشاركتنا كانت إيجابية إلى حد كبير- رغم إننا لسنا راضين عما قدمناه- لأنه أقل مما نريد ولا يلبي طموحات الشعب وآماله التي يعلقها على (الإصلاح).

§      أما علاقتنا بـ(المؤتمر) فهي علاقة طيبة ومتينة رغم حصول بعض التجاوزات والمماحكات التي قد تعكر من صفو العلاقة والتي قد تفتح ثغرات ينفذ من خلالها المتآمرون والمتربصون والذين لا يريحهم وجود علاقات قوية وحسنة بين (الإصلاح) و(المؤتمر) لأن هذه العلاقة المتينة والقوية هي الصخرة التي تحول دون نجاح المتآمرين في تحقيق مخططاتهم التي لا تستهدف (الإصلاح والمؤتمر) فقط، ولكنها تستهدف آمن واستقرار اليمن وتطوره وازدهاره..

·      أصدر (الإصلاح) بياناً يرفض فيه مشاركة بلادنا في قمة عمان الاقتصادية، وهو الأمر الذي أعتبره (المؤتمر) خروجاً على وثيقة الائتلاف.. فهل ستؤثر هذه المسألة على مستقبل الائتلاف باعتبار أنها قد تفرز تفاعلات مستمرة؟

§      لا أعتقد أن ذلك سيؤثر على علاقة الائتلاف، وليس من المصلحة أن يعطى الأمر أكثر مما يجب.

·      لا تزال بعض الأوساط داخل المؤتمر الشعبي تردد وبإلحاح من خلال (صحيفة الميثاق) المطالبة باعتذار قيادة الإصلاح عن مقالة نشرها الأخ: نصر طه مصطفى في صحيفة (المستقلة).. فكيف تنظرون إلى هذه المسألة؟

§      الأخ نصر طه-كاتب معروف- ويعبر عن وجهة نظره في مختلف القضايا باستمرار، وكتاباته ليست بالضرورة معبرة عن وجهة نظر الإصلاح دائماً.

·      تحدث –بين آونة وأخرى- مشكلات اعتيادية (إدارية واجتماعية أو جنائية) بين أعضاء المؤتمر والإصلاح الذي ينتشرون في طول البلاد وعرضها.. فهل تم التوصل إلى آلية تضع هذه المشكلات في إطارها الصحيح؟

§      نعم، هناك آلية متفق عليها لحل الإشكالات التي تحدث هنا وهناك، ونحن متفقون على أن نحتكم جميعاً إلى الدستور والقوانين النافذة، ووثيقة الائتلاف.

والمشكلة –في نظري- ناتجة عن الخلط بين العمل المؤسسي والنشاط الحزبي، وعدم
الفصل بينهما، ورغبة البعض في تسخير السلطة العامة للأغراض الحزبية، وهذا ما نرفضه.


·      لوحظ أن هناك محاولات محمومة لتشويه العلاقة بين المؤتمر والإصلاح.. وتبرز هذه المحاولات من خلال بعض الوسائل الإعلامية الخارجية والداخلية.. فكيف تنظرون إلى تلك المحاولات من حيث أهدافها ودوافعها؟ وهل ترون السكوت عليها والسماح باستمرارها؟

§      القوى المتآمرة على اليمن ووحدته وأمنه واستقراره بعد أن فشلت في مؤامرة الانفصال تراهن اليوم على تحقيق أهدافها وتنفيذ مخططاتها من خلال تخريب العلاقة بين (الإصلاح والمؤتمر)، ومثلما فشلوا في مؤامرتهم السابقة سيفشلون –بإذن الله- في مخططهم الجديد، فقيادة الإصلاح والمؤتمر تعرف هذا المخطط وتدرك أبعاده، وبالتالي فإنها لن تسمح بتحقيق ما تريده تلك القوى المتآمرة.

·      هناك من يطرح أن العلاقة بين المؤتمر والإصلاح ستصل إلى ما وصلت إليه العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي.. فما رأيكم؟

§      هذه أحلام وتخرصات أعداء اليمن ووحدته، وهذا ما يسعون إليه خدمة لأغراضهم ومخططاتهم المشبوهة.

وإلا فالعلاقة بين الإصلاح والمؤتمر علاقة استراتيجية وتاريخية، وليست وليدة الائتلاف الحالي، وبالتالي فلا يجوز أن نقارن علاقة الإصلاح والمؤتمر بالعلاقة التي كانت بين (المؤتمر والاشتراكي) والتي انتهت تلك النهاية التي أضرت بالوطن.

وعلاقة المؤتمر بالاشتراكي ما وصلت إلى ما وصلت إليه إلا عندما وصل الأمر بالاشتراكي إلى التفريط والمساس بالثوابت التي لا يجوز المساس بها، لأنها مرتبطة بمشاعر وأحاسيس كل يمني ولن يتسامح مع من يسعى للإضرار بها أو يتآمر عليها. ما بالك وقد وصل الغرور بالحزب الاشتراكي إلى التآمر على وحدة الوطن وسيادته واستقلاله وفجر الحرب وصولاً إلى الانفصال في حين أن (الإصلاح) لم يبخل بغال ولا نفيس من أجل الحفاظ على منجز الوحدة وقدم التضحيات الجسام من أجل استقرار الوطن وسلامته.

وإذا كان الإصلاح قد قبل المشاركة في الائتلاف فإن ذلك نتيجة حرصه على المصلحة الوطنية العليا لليمن، ورغبه منه في الإسهام في عملية بناء الدولة وإخراج الوطن من الحال التي وصل إليها في الفترة الانتقالية ومواجهة الحرب التي فجرها (الاشتراكي) وبالتالي فإن مصلحة الوطن عندنا قبل وفوق كل المصالح.

·      هناك من يرى أن مشاركة الإصلاح في الحكم أساءت إلى علاقته بالأحزاب الأخرى.. فهل هذا صحيح؟!.. وما هي الأسباب الحقيقية لفتور العلاقات مع الأحزاب الأخرى؟

§      نحن حريصون على أن تكون علاقتنا طيبة ومتينة مع كل الأحزاب الموجودة في الساحة في إطار الثوابت الوطنية وبما يخدم المصلحة العليا لليمن ويعزز النهج الديمقراطي في البلاد سواء كنا في السلطة أو خارجها، ويدنا ممدودة للجميع لنتعاون في كل ما من شأنه خير وتقدم وأمن واستقرار بلادنا وعلى أساس الثوابت المجمع عليها.

·      هناك مخاوف من اتفاق (المؤتمر والإصلاح) بشأن الانتخابات القادمة من خلال الالتفاف على الديمقراطية.. فهل يمكن القول أن هناك أساساً لتلك المخاوف؟!

§      نحن اخترنا النهج الديمقراطي وارتضيناه طريقاً لمستقبل بلادنا، ونحن أحرص على تجذير وترسيخ هذا النهج أكثر من تلك القوى التي تتشدق بالديمقراطية إعلامياً وتغتالها في الممارسة، وبالتالي فإن الخوف على الديمقراطية يأتي من ممارسات تلك القوى التي لا تؤمن بالديمقراطية إلا إذا كانت لصالحها.

·      لوحظ أن هناك اتجاهاً لتضخيم قضية التطرف في بلادنا ومحاولات لإلصاقها بالإصلاح، وفي الوقت نفسه ليست هناك رؤية واضحة لمعالجة القضية إعلامياً وأمنياً مما يؤدي إلى تشويه صورة بلادنا.. فما تعليقكم؟

§      هذا هو السائد في البلاد العربية كلها إرضاءً للقوى العالمية التي تريد تشويه الإسلام وأن ينسب إليه كل ما ينفر عنه الناس، في حين إن الإسلام يرفض التطرف كما يرفض الإرهاب والاستبداد، وما محاولتهم إلصاق مثل ذلك بالإصلاح إلا جزء من المهمة التي يعملون لإنجاحها، ولكن سيفشلون في تحقيق أغراضهم بإذن الله.

·      ذكرت إحدى الصحف أنكم تسعون لإنشاء مجلس أعلى للقبائل اليمنية وانتقدت ذلك المسعى قائلة إنه لا يتماشى مع العصر ومقتضيات الدولة.. فما حقيقة الأمر؟ وما تعليقكم على هذه الانتقادات؟

§      الأنظمة الديمقراطية تقوم على مؤسسات المجتمع المدني وصولاً إلى الدولة الحديثة، وفكرة إنشاء مجلس أعلى للقبائل يأتي في هذا الإطار، وبالتالي فإن الذين ينتقدون قيام مثل هذا المجلس يتناقضون مع أنفسهم فهم يدعون إلى مجتمع مدني – أي كيانات مؤسسية ونقابية وفئوية- ثم يستنكرون قيام مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تضم أكبر شريحة في المجتمع المدني من حقها أن تعبر عن طموحاتها لأنها هي التي تحملت –ولا تزال- وستظل تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية الوطنية في البناء والنهوض، ومع ذلك فإني أعذر أولئك المنتقدين لأنهم متأثرون بالنظرة الغربية الخاطئة للقبائل ولأنهم لم يعايشوا مجتمعهم ولم يفهموا دور القبائل حتى الآن.

·      تنشب –من حين لآخر- معارك مؤسفة بين القبائل اليمنية تزهق فيها النفوس وتسيل الدماء ويحدث الإخلال بالأمن والاستقرار.. ألا يمكن وضع حد لهذه المآسي؟! وإلى أين وصلت فكرة الصلح العام الذي تلتزم به القبائل؟

§      ما يحدث بين بعض القبائل شيء مؤسف، وله أسباب كثيرة تحتاج إلى معالجة، وهذه مسئولية الدولة (في المقام الأول)، ومسئولية مؤسسات المجتمع الغائبة، ثم هي مسئولية وجهاء القبائل ومشائخها (على وجه الخصوص)، ونحن ماضون في هذا الطريق ومطلوب من الجميع الإسهام في هذا الأمر ويتحمل المثقفون القسط الأكبر من ذلك.

·      منذ سنوات برزت قضية (عقلان الراشدي) وحاولت بعض الأطراف –وما زالت- استغلالها سياسياً وقبلياً.. فكيف تنظرون إلى هذه القضية؟ وكيف يمكن حلها؟

§      قضية (عقلان الراشدي) أعطيت أكثر من حجمها وضخمت لأغراض سياسية –كما أشرت- ونحن من جانبنا أدناها ونددنا بها وتعاونا مع أجهزة الدولة لضبط (الراشدي وشركائه) والقضية الآن في يد الأجهزة المختصة ويجب أن تحل وفقاً للقانون وأن ينال كل واحد الجزاء الذي يستحقه.

·      كيف تقيمون مسيرة استعادة العلاقات اليمنية – السعودية لعافيتها خلال عام مضى؟ وهل هناك تباطؤ في أعمال اللجان المشتركة؟

§      العلاقات اليمنية –السعودية  تسير سيراً طبيعياً وفي طريقها إلى النمو والعودة إلى الوضع الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين البلدين الشقيقين والجارين لأن في ذلك مصلحتهما معاً وهذا ما نعمل له جميعاً.

أما اللجان المشتركة فهي ماضية في إنجاز المهام الموكلة إليها، وإن وجد تباطؤ فإنما هو نابع من الحرص المشترك على إنجاز المهام بصورة أفضل وإيجاد أسس تضمن علاقات مستقبلية راسخة وواضحة ومتينة بين البلدين.

·      ترددت أحاديث –وما زالت- عن زيارة متوقعة تقومون بها لدولة الكويت الشقيقة فما حقيقة ذلك؟ ومتى تتوقعون عودة العلاقات اليمنية- الكويتية إلى طبيعتها؟

§      لا تزال الرغبة عندي قائمة لزيارة الكويت الشقيق لأن علاقتنا بالكويت علاقات أساسية وهامة ومن واجبنا أن نسعى للحفاظ عليها والدفع بها إلى آفاق جديدة من التطور والنمو خدمة لمصالح البلدين الشقيقين.

وأعتقد أن الكثير من الغيوم التي خيمت على سماء تلك العلاقات قد زالت والبقية في طريقها إلى الزوال إن شاء الله.

·      قلتم (سابقاً) أن مكان اليمن الطبيعي سياسياً واقتصادياً هو مع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي فهل تتقدم بلادنا بطلب انضمام لهذا المجلس.. أم تكتفي بالتنسيق والتعاون؟

§      نحن في اليمن جزء من الجزيرة العربية وما يربطنا بإخواننا وأشقائنا في دول الجزيرة والخليج أكبر من أي روابط أخرى، لذلك فإن مكاننا الطبيعي هو في أي تجمع إقليمي يضم دول هذه المنطقة، لتعميق الأواصر بين أبنائها والحفاظ على مصالحها والدفاع عن حقوقها، خاصة ونحن نرى العالم يتجه اليوم نحو التكتل بين الدول والشعوب التي تجمعها روابط ومبادئ ومصالح مشتركة لتعزز من خلال هذا التكتل مكانتها وقدرتها على حماية وجودها ومصالحها والحفاظ على هويتها ومبادئها وقيمها وهذا هو ما يجمعنا بإخواننا في الجزيرة والخليج.

·      رغم الإحساس بأهمية المصالحة العربية والنداءات المتكررة بضرورة تحقيقها إلا أنه يبدو أنه لا يراد لها أن تتم إلا في إطار الشرق أوسطية والسلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني.. فما رأيكم في كل ذلك؟

§      عملية السلام والتطبيع مع (الكيان الصهيوني) هي التي كانت السبب في تمزيق الصف العربي، وهذا ما أدى إلى إضعاف الموقف العربي عموماً أمام الهجمة (الصهيونية) التي اتخذت أشكالاً متعددة –اقتصادية وثقافية وسياسية- وهذا الحال الذي وصلت إليه الأمة العربية هو الذي ولد الإحساس عند العقلاء والمخلصين بأهمية العمل من أجل تنقية الأجواء وحل الخلافات العربية والقضاء على بؤر التوتر واستعادة وحدة الصف لمواجهة الأخطار المحيطة بالأمة والمؤامرات التي تستهدفها كلها –وجوداً وقيماً وأرضاً وهوية- ناهيك عن ثروتها ومصالحها المهددة والتي هي كل أطماع الأعداء جميعاً، ونأمل أن يتمكن المخلصون في كل الأقطار العربية قادة وحكاماً ومفكرين من إخراج الأمة العربية من حال التمزق والشتات إلى الحال الذي يحقق لها عزتها وكرامتها ويحفظ لها وجودها ويحمي مصالحها حتى تتمكن من مواجهة ما يحيط بها من أخطار.


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp