الشيخ عبد الله في برنامج زيارة خاصة مع قناة الجزيرة - الجزء الأول 10/12/2005م : القبيلة والسلطة

عبد الله الأحمر.. القبلية والسلطة ج1

 

مقدم الحلقة: سامي كليب

ضيف الحلقة: - عبد الله الأحمر/ زعيم قبائل حاشد ورئيس مجلس النواب اليمني

تاريخ الحلقة: 10/12/2005

 

- دور القبلية وأزمة السلاح

- التدخل المصري وأثره على استقرار اليمن

- الانقلاب على السلال ومقاومة الشيوعية

- العلاقة بالرئيس الحالي وممارسة الحياة البرلمانية

 

 سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة، ضيفنا كان في السادسة عشرة من عمره حين تولى قيادة قبائل حاشد الشهيرة في اليمن وحين بلغ الثلاثين ساهم مساهمة فعالة في الثورة التي أطاحت بالملكية وأقامت الجمهورية في اليمن واليوم نيَّف عمره على السبعين عاما ولا يزال في قلب السياسة اليمنية يروي لنا أسرارها من الحروب إلى السلام، إنه زعيم قبائل حاشد ورئيس مجلس النواب اليمني الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر. هذه هي صورة الشيخ عبد الله الأحمر حين كان لا يزال في مقتبل العمر ولكن الفتى عبد الله لم ينعم بطفولة هانئة ولا بمراهقة مرحة، فعبدالله بن حسين بن ناصر بن مبخوت الأحمر المولود عام 1933 ميلادية في حصن حبور بمنطقة ظليمة حاشد سرعان ما فتح عينيه على محنة عائلته مع إمام اليمن، هذه مثلا صورة شقيقه حميد الذي أعدمه الإمام أحمد وهذه صورة والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر الذي أعدمه الإمام نفسه بعد أيام، الأب والشقيق أُعدما بعد أن كانا رهينتين عند الإمام لمدة طويلة حيث كانت العادة تقضي بأن يأخذ الإمام من زعماء القبائل رهائن لضمان ولاء هذه القبائل، أُعدما لأن الإمام الذي كان يحكم اليمن تارة باسم الدين وتارة أخرى بالقوة والجور اتهمهما بالمساهمة في محاولة انقلابية للإطاحة به وتنصيب أبنه الإمام البدر مكانه واضطر الفتى عبد الله لتولي شؤون الأسرة وهو في ربيع العمر، أُعدم الوالد والشقيق ولم تتحرك قبيلة حاشد لنصرتهما ولكن ذلك كان شرارة أخرى تضاف إلى الشرارات التي أشعلت اليمن فيما بعد ضد الإمام وساهمت في قيام الثورة التي أطاحت بعهد الإمامة، لكن الشيخ عبد الله لا يزال على ما يبدو حتى اليوم يحمل مرارة ذاك التقاعس القبلي.

 

دور القبلية وأزمة السلاح

عبد الله الأحمر- زعيم قبائل حاشد ورئيس مجلس النواب اليمني: كان  عبد الله الأحمر- زعيم قبائل حاشد ورئيس مجلس النواب اليمني: كان موقف القبائل ضعيف فعلا نتيجة خوف وتقاعس وتهديدات الإمام وبطشه.

سامي كليب: كنت تتوقع أن تتحرك القبائل لنصرتكم؟

عبد الله الأحمر: بعد الإعدام لم أكن أتوقع.

سامي كليب: هل خاب ظنك.. أو هل خاب ظنك بالقبائل بسبب تقاعسها وعدم التحرك آنذاك؟

عبد الله الأحمر: نعم.

سامي كليب: لأنه فيما بعد وفق ما قرأت لك تقول أنها عادت وصفحت عن هذا الماضي إذا صح التعبير في خلال مشاركتها الكبيرة بالثورة..

عبد الله الأحمر [مقاطعاً]: عوَّضت..

سامي كليب [متابعاً]: وعوَّضت بالأحرى.

عبد الله الأحمر: قبيلة حاشد عوَّضت تعويض كبير وجبار، عندما قامت الثورة التفوا حولي التفاف ودافعوا على الثورة التي هي هدفنا ومصيرنا وضحوا في سبيلها تضحية كبيرة.

سامي كليب: طيب لفت نظري شيخ عبد الله قولك في تصريح صحافي أنه لولا إعدام والدي وشقيقي ربما لم تكن القبائل لتتحرك لنصرة الجمهوريين ضد الملكيين ولكانت مع الملكية، بتصورك أنه سبب الإعدام هو الذي أدى بالقبائل إلى نصرة الجمهوريين؟

عبد الله الأحمر: يعني بالأخص قبيلة حاشد.. كان يعني ردة الفعل بالنسبة لقتل والدي كبير جدا وكان يتمثل في دفاعهم عن الثورة واستبسالهم في سبيلها والتضحيات الكبيرة اللي ضحوا دمائهم في سبيل الثورة.

سامي كليب: طيب شيخ عبد الله كان صعبا عليك أن تُقنع القبائل بالوقوف إلى جانب الجمهورية ضد الملكية خصوصا أن القبائل كما أشرت لي في السابق كانوا يؤمنون بالولاء الديني أيضا للإمام هل كان من الصعب إقناع كل هؤلاء مثلا بالمشاركة في الثورة؟

عبد الله الأحمر: في تلك المرحلة قلت كان الفهم عند الناس تغيَّر كثير لم يعد الولاء والقداسة للأئمة كما كان.

سامي كليب: ولكن كان سهل المسألة ولا أخذت ربما جهدا إضافيا منك؟

عبد الله الأحمر: لو أن القائمين بالثورة تجنبوا بعض الممارسات لما حصل الذي حصل إضافة إلى أن بقاء البدر على قيد الحياة وخروجه إلى بين القبائل كان من العوامل الكبيرة..

سامي كليب [مقاطعاً]: ممارسات يعني مثلا بعض الإعدامات التي حصلت وتهديم البيوت؟

عبد الله الأحمر: والاستعداء بالنسبة للإذاعة واستعداء المملكة العربية السعودية التي دفعت بقوة لنصرة المعارضين للثورة تحت قيادة أو شعار أن هناك إمام شرعي يحكم البلد.. الحكومة الشرعية.

سامي كليب: الثوار الذين انقلبوا آنذاك على عهد الإمامة كانوا حديثي العهد بالثورة وآلياتها وكان معظمهم قد تأثر بإذاعة صوت العرب من القاهرة أو بأفكار وحركة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ونظرا لقلة الخبرة فإن الثورة عرفت في بداياتها الكثير من الانحرافات والإعدامات والتصفيات وذلك فيما كانت السعودية ومعها بعض الناقمين على سياسة عبد الناصر يحاولون الضغط عسكريا وماليا وسياسيا بغية إعادة الإمام إلى منصبه والقضاء على الثورة وعلى فكرة الجمهورية المتأثرة بالقاهرة، كان اليمن آنذاك مقطوع تماما عن أنباء العالم الخارجي ومَن يزور أسواق اليمن حتى اليوم في القرن الحادي والعشرين سيجد أن هذه الأسواق لا تزال على قدمها وتاريخها وتراثها وكأن هذه الأسواق اليمنية خارجة لتوها من التاريخ تبعث محطاته وتنبعث منها روائح البهارات والعطور والبن والتمور وحين اندلعت الثورة عام 1962 كان الشيخ عبد الله الأحمر في سجن الإمام فغادره واتجه إلى صنعاء حيث استقبلته القبائل بالأناشيد والزغاريد وإطلاق الرصاص بالهواء فهل شارك بالقتال؟ وهل استخدم البندقية للمساهمة في الثورة؟

عبد الله الأحمر: استخدمت البندقية هناك لكن القيادة أكثر.

سامي كليب: من أين كان السلاح آنذاك؟

عبد الله الأحمر: بداية البداية إحنا استعملنا السلاح الموجود مع القبائل.

سامي كليب: شو كان عبارة عن بنادق قديمة؟

عبد الله الأحمر: كان بنادق قديمة ومتوسطة مثل الجرمل وما يشبه ذلك لكن بعد أيام قليلة جاء السلاح من الحكومة.

سامي كليب: شاهدت عندك هنا في البيت قطع سلاح يعني كلاشينكوف مذَّهب وبندقية مهداه من شركة أجنبية، هل تحب حتى اليوم السلاح هل تحب أن تقتني السلاح؟

عبد الله الأحمر: نعم السلاح رفيق وألفناه ولا زال محبوب عندنا ما هو من أجل الحرب ولا من أجل.. إلا لأنه مصدر اعتزاز.

سامي كليب: كما يقال السلاح زينة الرجال؟

عبد الله الأحمر: نعم زينة الرجال.

سامي كليب: طيب شيخ عبد الله يعني حضرتك رئيس مجلس نواب اليوم والمسألة مطروح في اليمن إنه هل يبقى السلاح بين أيدي الناس أم يجب أن يُجمع لصالح الدولة وما إلى ذلك، تعتبر إنه السلاح في أيدي الناس في أيدي القبائل مسألة طبيعية أم مسألة خطيرة ربما يوما ما قد تنقلب ضد استقرار الدولة وأمنها؟

عبد الله الأحمر: التصور هذا اللي يصورون وجود السلاح في أيدي القبائل خطير أو ضد النظام، هذا تصور غير حقيقي فالسلاح في يد اليمنيين والقبائل اليمنية وهو يعتبر قوة للدولة وقوة للشعب ومصدر اعتزاز لكل قبيلة.

سامي كليب: يعني تعرف هو مفهوم الدول بشكل عام إن كان دول عربية أو دول غربية يعني دائما تحرص على أن يكون الأمن بأيدي رجال الدولة، الجيش، قوات الدرك، الأمن الداخلي وما إلى ذلك. في الوقع إن اليمن يشكّل حالة تقريبا استثنائية في العالم إنه الناس تملك السلاح بشكل عام، طيب يعني من ناحية منطق الدولة وحضرتك من موقعك كرئيس مجلس نواب وليس فقط كأحد أبرز زعماء القبائل في اليمن يعني هل تعتبر إن هذا أمر طبيعي أن يبقى السلاح في أيدي الناس؟

عبد الله الأحمر: شيء طبيعي، أنا أعتبره أمر طبيعي هو السلاح موجود في البلدان الأخرى إلا أنهم ما يخرجوه ولا يظهر وفي أميركا.. ملايين عشرات الملايين من السلاح في أيدي الشعب.

سامي كليب: ولكن لديهم ترخيص يعني حين يشترى قطعة سلاح لديه رخصة لشراء السلاح.

عبد الله الأحمر: هذا وصلوا إليه الآن بعد قرون.

سامي كليب: هل فكرت يوما ما مثلا باستصدار تشريع في مجلس النواب من أجل الحصول على رخصة قبل اقتناء السلاح؟

عبد الله الأحمر: موجود.

سامي كليب: موجود؟

عبد الله الأحمر: موجود القانون.

سامي كليب: وهل يُطبّق؟

عبد الله الأحمر: التقصير من السلطة من الأمن من وزارة الداخلية وهناك قانون ساري المفعول أُقر في مجلس النواب سنة 1992 من قِبل مجلس النواب المشترك بعد الوحدة.

سامي كليب: طيب عال، لنفترض أسمح لي بالسؤال أنه جاءت قوى الأمن لأحد أبنائك طبعا غير النواب وقالت له يجب أن تُظهر لنا أو تطلعنا على الترخيص يعني من أجل السلاح الذي تحمله حضرتك توافق على الأمر؟

عبد الله الأحمر: القانون ساري المفعول يُحتم على اللي يحمل السلاح أن يكون معه الترخيص ويُلزم وزارة الداخلية أن تمنح التراخيص.

سامي كليب: طب هل توافق على الأمر يعني غدا لو جاء رجل أمن وطلب من أبنك رخصة السلاح هل حضرتك توافق؟

عبد الله الأحمر: أوافق نعم وهذا ساري المفعول وهذا يمارس الأمن يعترضوا حامل السلاح ويطلبوا من الذي يحمل السلاح الترخيص والأكثر معهم تراخيص.

سامي كليب: قرأت خبر مؤخرا أنه حصلت مشكلة معك شخصيا في قطر على ما يبدو بسبب أنك كنت تحمل الجنبية مع رجالك وقائد الطائرة رفض أن تصعدوا إلى الطائرة وأنتم تحملون الجنبية ، صحيح هذا الكلام؟

عبد الله الأحمر: صحيح حصل وحصل في فنلندا.

سامي كليب: في لندن؟

عبد الله الأحمر: في فنلندا.

سامي كليب: فنلندا إيه.

عبد الله الأحمر: في أوروبا.

سامي كليب: كيف حُل الأمر؟

عبد الله الأحمر: أصررت، بالنسبة لفنلندا خرجت من الطائرة وانتظرت خطوط أخرى في اليوم الثاني وسافرت على خطوط أخرى.

سامي كليب: بالجنبية؟

عبد الله الأحمر: بالجنبية وفي قطر مسؤولين الدولة سحبوا قائد الطائرة وأبدلوه بقائد آخر بعد جدال كبير معه استمر حوالي ساعتين.

سامي كليب: طب لماذا أصررت على الإبقاء على الجنبية؟

عبد الله الأحمر: لأني أعتبرها إهانة..

سامي كليب: إهانة لنزع الجنبية؟

عبد الله الأحمر: لأنها رمز، رمز اعتزاز وهي عبارة عن جزء من الملابس جزء من الزي.

سامي كليب: الجنبية اليمنية أو الخنجر المائل قليلا هو زينة رجال أهل اليمن ولكن قلما يستخدمه اليمني بفضل نظام قبلي وأخلاقي دقيق وبسبب الفدية العالية التي ينبغي دفعها لأهل القتيل ولاستمرار عادة الأخذ بالثأر والسلاح في اليمن كثير بين أيدي الشعب وبات جزء من عادات أهله وربما لذلك بالضبط فإن أي رئيس يمني لا يمكنه أن يحكم بدون الاعتماد على القبائل ولا يمكنه أن يحسم كل المشاكل بدون الاستنجاد بها بين وقت وآخر وهذا جزء أساسي من التحالف الهام القائم بين الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والرئيس علي عبد الله صالح المرتبطين أصلا بصلة قبلية لأنهما ينتميان إلى قبيلة حاشد، الخنجر اليمني والسلاح والقات تلك العشيقة النباتية التي يمضغها أو يخزنها اليمنيون طيلة بعد الظهر باتت جزء أساسيا من المظاهر التقليدية للبلد الذي لا يزال فيه الشعراء يمجدون قادتهم ويمتدحون فضائلهم، فهنا حتى الفتية والأطفال يتزينون بالجنبية ويتقنون فنون الشعر التي يمتدحون بها زعيمهم.

طفل يمني: سلام لكل الرجال من يظهر

يا رب يحفظ بلدنا بحرها وبرها

الله أكبر كبيرا وحدتي

بالخير والخيرات والبركات

فاليوم حققنا المنى بثبات

من بعد ما كنا في الظلمات

فجر من أشرق بكل صفاء

وأعلامنا تشمخ في العلياء

والمجد والأمجاد والفردوس للشهداء

مناضل في السهل والوديان والصحراء

يا أرض بلقيس المجيدة تهنئي بدمائنا وحياتنا نفديك

والأرواح والنار للأشرار والشيطان

شعب اليمن جندي فدائي

كلنا له بالوفاء في المآسي والبلاء

نحن رجالك يا بلادي يا منبع الأحرار يا أم الرجال

يا شامخة فوق الرواسي والمعالي

يا وحدة جيلك ينادي إلى التوحد والتحدي للجزيرة والعرب  


التدخل المصري وأثره على استقرار اليمن

سامي كليب: حين وصلت إلى منزل الشيخ عبد الله الأحمر في قلب صنعاء لفتني أن حجارته متعددة الألوان وحين سألته عن سر ذلك قيل لي أن شيخ مشايخ قبائل حاشد أراد أن يبني منزلا تكون حجارة من كل مناطق اليمن بغية تأكيد تعلقه بالوحدة والواقع أن عائلة الأحمر الشهيرة في اليمن كانت ولا تزال تقاتل إلى جانب الشرعية مهما اختلفت أنواع هذه الشرعية فهي كانت مع الإمام لأنه شرعي وكانت مع الثورة لشرعية شعبيتها ووقفت مع كل رؤساء اليمن ثم ابتعدت عنهم وكلما كان الشيخ عبد الله الأحمر يبتعد عن رئيس فقد الرئيس شرعيته، هذا ما حصل مثلا مع الرجل الأول للثورة في اليمن المشير عبد الله السلال.

عبد الله الأحمر: دعمناه في البداية وألتفينا حوله وكنا تحت قيادته وهو قام بواجبه وكان أشجع واحد أيام الثورة فهو الذي تحمَّل المسؤولية.

سامي كليب: طيب دعمت السلال ثم أصبحت ضده في مرحلة معينة وعبت عليه أنه أصبح خاضعا أكثر من اللزوم لمصر للرئيس جمال عبد الناصر هل هذا هو كان سبب الخلاف الوحيد بينك وبينه؟

عبد الله الأحمر: أنا وغيري من زعماء الثورة كلهم أنكروا عليه استسلامه للقيادة المصرية ومن أجل هذا اختلفوا معه وأنا واحد منهم وكان زعيمنا الشهيد الزبيري والقاضي عبد الرحمن والأستاذ نعمان، آباء الثورة.

سامي كليب: شفت رسالة من الزبيري عندك هنا في المنزل بخطه مكتوبة لك شو فيها الرسالة؟

عبد الله الأحمر: آخر رسالة كتبها من جبال برط قبل ما يستشهد بأيام.

سامي كليب: القاضي محمد محمود الزبيري كان أحد أبرز قادة الثورة ومن ألمع الشعراء والكتّاب وهو القائل كنت أحس إحساسا أسطوريا بأني قادر بالأدب وحده على أن أقوظ ألف عام من الفساد والظلم والطغيان وقد أختار لنا الشيخ عبد الله الأحمر بعضا من شعره.

عبد الله الأحمر: هذا هو السيف والميدان والفرس واليوم من أمسه الرجعي ينبجس# والبدر في الجرف (الإمام البدر) تحميه حماقتكم (يعني السلال ومَن معه) وأنتموا مثل ما كنتم له حرس# (كان قائد الحرس ساعتها) يطبقون قوانين العبيد لنا ونحن شعب أبي مارد شرس# والموت من مدفع حرٍ نقول له موت وإن أوهمونا أنه عرس# لولاكموا لم يقم بدر ولا حسن ولا يعيش لهما نبض ولا نفس،# هم الأولى غرسوكم محنة وأذاء ياليتهم أخذوا للجرف ما غرسوا،#

 هذا بعض أبيات من الذي في ذاكرتي بيت من فوق وبيت من تحت وبيت من الوسط.

سامي كليب: شكرا جزيلا لك يبدوا لي أنه حين تتحدث عن الزبيري له ذكرى خاصة لديك أكثر من غيره يعني.

عبد الله الأحمر: في قلبي وفي قلوب اليمنيين كلهم، يسمى أبو الأحرار وهو الرجل النزيه والزاهد والعالم والشاعر والثائر، عالِم روحي وعالِم ملائكي مات ولم يمتلك سرير يرقد فيه، يرقد على الأرض طيلة حياته.

سامي كليب: الشاعر والثائر اليمني القاضي الزبيري كان قد انضم إلى حركة الإخوان المسلمين في مصر وكان أول ظهور شعريا عربيا له عندما ذهب إلى الحج عام 1938 ووقف أمام الملك عبد العزيز أل سعود وألقى قصيدة قال في مطلعها:

قلب الجزيرة في يمينك يخفق وسنا العروبة من جبينك يشرق

ولكن السعودية صارت فيما بعد على طرفي نقيض مع اليمن إبان قيام الثورة، فحين قامت الثورة في اليمن عام 1962 كان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أبرز مناصريها والكثير من اليمنيين يعترفون بأنه لولا زعامة عبد الناصر لما قامت الثورة ولما نجحت خصوصا أن دول الجوار وبينها السعودية كانت ضد قلب نظام الإمامة في اليمن وقلقة من قيام جمهورية الضباط الأحرار على حدودها ولكن الكثير من اليمنيين أيضا وبينهم ضيفنا الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر زعيم قبائل الحاشد ورئيس البرلمان اليمني يعيبون على الجيش المصري أخطاءه الكثيرة في اليمن وتدخلاته في كل شؤون البلاد الداخلية.

[عبد الله الأحمر: مصر دعمت الثورة وحمتها، في بداية الثورة لولا وجود القوات المصرية لسقطت الثورة في مهدها هذا نعترف به ومجيئها في البداية.. مجيء القوات المصرية كانت لحماية الثورة وكانت للدفاع عنها ميدانيا لكن فيما بعد أصبحت هي الحاكمة وأصبح القائد المصري يتدخل في كل شيء.

سامي كليب: مثلا هل لديك مثال شيخ عبد الله يعني فقط لنشرح للتاريخ؟

عبد الله الأحمر: كل شيء في اليمن كانت القيادة المصرية هي التي تصدره وكان السلال يخضع لها.

سامي كليب: مثلا هم كانوا يعينوا الوزراء هم الذين كانوا يسمون مثلا المراكز الحساسة المسؤولين عليها؟

عبد الله الأحمر: وتحت أسم الرئيس السلال وهم.. وكل شيء منهم، تدخلوا في شؤون اليمن الداخلية ومارسوا وتدخلوا تدخلا مباشر وهو الذي أوجد الخلاف بينهم وبين اليمنيين.. بين الجمهوريين وقادة الجمهورية الذين بقى معهم الرئيس السلال.

سامي كليب: يعني طبعا هو الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك كان يعرف أنه في تدخل سعودي مباشر أيضا في اليمن وكان يخشى أن السعودية تعيد الملكيين إلى السلطة، هذا الجانب طبعا السياسي ولكن الجانب الداخلي يعني أنا حسب ما عرفت من بعض الأشخاص الذين التقيناهم قبلك أنهم كانوا ينقلون إليه هذه المشاكل وكان هو نفسه يعني حتى يغضب مما يحصل من تصرفات بعض الضباط المصريين هنا ونقل بعض الضباط إلى مصر وما إلى ذلك، يعني سؤالي هل هو كان يعرف برأيك بهذه الممارسات وكان يتغاضى عنها أم لم يكن على علم بأي شيء مما يحصل؟

عبد الله الأحمر: غالبا أنه لم يكن يعلم بهذا لأنه كانت شؤون اليمن مرتبطة بالرئيس أنور السادات وعبد الحكيم عامر.


الانقلاب على السلال ومقاومة الشيوعية

سامي كليب: ذهب طبعا عبد الله السلال إلى العراق وحصل الانقلاب عليه وحصل في منزلك، ما الذي جرى؟

عبد الله الأحمر: اللي جرى تنصيب القاضي العالم الكبير عبد الرحمن الأرياني رئيسا لمجلس جمهوري يتكون من عدة عناصر من زعماء اليمن.

سامي كليب: يقال أنه عبد الله السلال كان مدركا أنه سيحصل انقلاب عليه صحيح هذا الكلام؟

عبد الله الأحمر: هو يمكن كان قرفان من قيادة اليمن ومتوقع أنه بعد خروج المصريين.

سامي كليب: سينتهي دوره..

عبد الله الأحمر: سينتهي دوره.

سامي كليب: وحين ذهب إلى العراق يبدو أن ثمة من أبلغه بأن انقلابا سيحصل وكان قابلا بالموضوع.

عبد الله الأحمر: عندما سافر إلى العراق كنا معه في الحديدة والزعماء الذين كانوا في سجن القاهرة كانوا قد وصلوا إلى الحديدة، القاضي عبد الرحمن الإرياني وودعناه وهو وشبه مقتنع أنه هو وداع نهائي حتى أنه دعاني في الطيارة ومسكني في عنقي وقال لي الثورة في عنقك.

سامي كليب: ماذا قلت له؟

عبد الله الأحمر: قلت له أبشر.

سامي كليب: أرحل وسنتولى الأمر.

عبد الله الأحمر: لم يكن بهذه العبارة، طبعا قلنا له نحن سندافع عن الثورة ونحميها.

سامي كليب: وتم اختيار القاضي الأرياني طبعا رئيسا لمجلس الرئاسة كما كان يسمى؟

عبد الله الأحمر: مجلس جمهوري.

سامي كليب:  أيضا مع القاضي الأرياني كانت لك علاقة جيدة وممتازة ثم عدت وانقلبت عليه.

عبد الله الأحمر: علاقة روحية لأنه كان أكبر علماء اليمن وكان أستاذ وكان مهندس الثورة والجمهورية وحكيمها.

سامي كليب: حضرتك كنت راضي على عهده على حكمه؟

عبد الله الأحمر: راضي عنها.

سامي كليب: فيما بعد اختلفتما شو السبب؟

عبد الله الأحمر: الخلاف وقع بيننا وبينه بسبب المد الشيوعي الذي..

سامي كليب [مقاطعاً]: بدأ يتغلغل في جنوب اليمن باتجاه الشمال أيضا.

عبد الله الأحمر [متابعاً]: أنه كان النظام الشيوعي في عدن متبني تصدير الثورة الشيوعية إلى شمال اليمن وإلى المملكة وإلى الخليج.

سامي كليب: طيب الغريب شيخ عبد الله أنا قرأت لك كل انتقاداتك للقاضي الأرياني آنذاك حول هذه المسألة وأنه كان سبب تمدد هذه الأحزاب الشيوعية واليسارية والاشتراكية حينها ، طيب هل كان السبب هو كان راغبا بذلك فعلا؟

عبد الله الأحمر: كان إهماله وتسامحه عن العناصر المتبنية لهذا الفكر.

سامي كليب: طيب حين كنت تحدثه عن الموضوع وتنصحه يعني بوضع حد لهذا التمدد الشيوعي إذا صح التعبير كان يسمع منك؟

عبد الله الأحمر: كان يرد علينا أنه هذه قدرتي وإذا كان هناك مَن هو طامح بتولي قيادة اليمن فأنا أفتح له المجال لا أحتاج إلى ثورة ولا أريد إنقلاب .. ولا أرضى أن يسفك من أجل بقائي على الكرسي دم طائر دجاج.

سامي كليب: موقف شريف مخلص.

عبد الله الأحمر: دم طائر دجاج من أجل بقائي على الكرسي لا أرضى به.

سامي كليب: سبحان الله مثل كل المسؤولين العرب يعني.

عبد الله الأحمر: (يضحك) يختلف عن الكل.

سامي كليب: طيب شيخ عبد الله لماذا كنت ضد الشيوعية؟

عبد الله الأحمر: والله قناعة، قناعة دينية الأول مما كان نسمع من الممارسات.

سامي كليب: ولكن لم تكن تعرف عنها شيء، هل مثلا قرأت كتابا لماركس ولا لينين ولا لأي شخص؟

عبد الله الأحمر: لا لكنهم ملحدين، والإلحاد كفر.

سامي كليب: الاعتقاد بإلحاد الشيوعيون دفع الشيخ عبد الله الأحمر زعيم قبائل حاشد ورئيس البرلمان اليمني للوقوف ضد القاضي الأرياني رئيس مجلس الجمهورية بعد الانقلاب على المشير عبد الله السلال متهما إياه بتعزيز سلطة الشيوعيين والاشتراكيين وغيرهم ولكن في خلال بحثي عن صور وأرشيف الماضي للشيخ عبد الله وجدت له صورا كثيرة مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو وعلمت من خلال بعض الأرشيف أن فيدل كاسترو سأل الشيخ عبد الله عن القات وقال له لماذا فضلتموه على زارعة البن ووجدت للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أيضا صورا مع زعماء الصين والاتحاد السوفيتي سابقا وخطر لي أن أسأله عن هذا التناقض بين إعجابه بزعماء الشيوعية في الخارج وبين قتاله للشيوعيين عنده في الداخل اليمني.

عبد الله الأحمر: التعاون مع الدول في الخارج وفي الجانب السياسي في العالم هذا ما كنّاش نرفضه لكن التدخل في شؤوننا الداخلية وتغيير منهجنا الإسلامي نرفضه.

سامي كليب: في الصورة لك مع كاسترو أشاهدك تضحك وهو كان يتحدث، تذكر ماذا دار بينكما من حديث مثلا هل سألك عن مفهوم القبائل في اليمن عن نظرتك إلى الشيوعية وما إلى ذلك؟ هل سألته عن هذا الجانب مثلا؟

عبد الله الأحمر: الزعيم كاسترو هو وبقية الزعماء الشيوعيين في العالم وهو أسطورة لم يسقط رغم سقوط الاتحاد السوفيتي الإمبراطورية الثانية وأكبر ثاني قوة في العالم وبقي هذا الشخص رافع العلم يستحق التقدير والاعتزاز.

سامي كليب: إن شاء الله ما يسمعك الشيخ عبد المجيد الزنداني.

عبد الله الأحمر: يسمعني ويسمعني غيره هذا رأيي إن كاسترو هذا علم وقمة من القمم واجه أميركا وواجه كل أقوياء العالم وهو في البلعمة بالنسبة لأميركا.

سامي كليب: هل ناقشته بموضوع الشيوعية؟

عبد الله الأحمر: لا.

سامي كليب: بموضوع الدين؟

عبد الله الأحمر: لا.

سامي كليب: عمّا تحدثتما؟

عبد الله الأحمر: عن العلاقة بين اليمن وبين كوبا والتعاون بين اليمن وبين كوبا ونسمع منه أكثر مما يسمع منّا كما هي عادته يخطب ساعات.

سامي كليب: الحديث عن الشيوعية والشيوعيين صعب مع الشيخ عبد الله الأحمر فهو ليس بوارد القبول بأي شخص أو زعيم في اليمن يوحي للشيوعية بشيء اعتقادا منه بأن الشيوعية والإلحاد متلاحمان والشيخ عبد الله مؤمنا كمعظم أهل اليمن ويواظب على الصلاة والصوم والفرائض الخمس والإيمان هو أصلا جزء أساسي من أخلاق القبائل تماما كما أن الإسلام بات جزء أساسي من دستور الدولة اليمنية بعد الوحدة وفي العودة إلى التاريخ سنجد أن الشيخ عبد الله الأحمر قد انقلب على كل من حاول التغاضي عن الشيوعية تماما كما انقلب على كل من سعى للتقليل من حجمه أو حجم القبائل، اختلف الشيخ عبد الله مع السلال فسقط السلال واختلف مع الأرياني فطار الأرياني واختلف مع الحمدي والغشمي ولكن اليمن آنذاك كان قد دخل في طريق القتل والاقتتال وقد لفتني في منزل الشيخ عبد الله الأحمر صورة للرئيسين الراحلين الحمدي والغشمي يتعانقان، رحل الرجلان بالاغتيال وحين سألت الشيخ عبد الله الأحمر عن سبب هذه الصورة وهما يتعانقان قال لي لأنها تعبر عن النفاق.

عبد الله الأحمر: الصورة حق المعانقة هي نفاق صورة نفاق.

سامي كليب: نفاق بينهما؟

عبد الله الأحمر: بينهما.

سامي كليب: شو السبب؟

عبد الله الأحمر: كل ينوي للثاني شر ويتعانقا والشر بعد المعانقة هذه بعد أشهر والغشمي قتل الحمدي.

سامي كليب: ومَن قتل الغشمي؟

عبد الله الأحمر: قتل الغشمي النظام الذي كان يحكم عدن عبد الفتاح إسماعيل.


العلاقة بالرئيس الحالي وممارسة الحياة البرلمانية

سامي كليب: المقدم أحمد حسين الغشمي حكم اليمن لأشهر قليلة من عام 1977 حتى عام 1978 والمقدم إبراهيم الحمدي حكم قبله من 1974 حتى 1977، الغشمي والحمدي وعبد الفتاح إسماعيل وغيرهم من الشخصيات اليمنية قُتلوا جراء اقتتال أهل البيت اليمني الواحد وليس مهما اليوم معرفة كيف ولماذا اغتيلوا أو قُتلوا فهذه أسباب باتت معروفة تقريبا لدى كل اليمنيين وهي تتعلق بالصراع الدائم على السلطة لكن اللافت في تجربة الشيخ عبد الله الأحمر مع كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم اليمن منذ الاستقلال هو أنه كان يتفق معهم في البداية ثم يتخاصم معهم باستثناء الرئيس الحالي علي عبد الله صالح فالشيخ عبد الله الأحمر لم يكن متحمسا لوصوله إلى الرئاسة رغم أنه ينتمي إلى قبيلته ثم صار أبرز داعميه، هل صحيح أنه وقف ضده لأنه لم يكن راغبا بعسكري لرئاسة السلطة؟

عبد الله الأحمر: نعم أنا شعرت بأني أخطأت عندما تعاونت على إخراج الحكم من المدنيين إلى العسكريين عندما زحزحنا القاضي عبد الرحمن الأرياني وأردت أن أكفر عن خطيئتي وذلك بإعادة الحكم للمدنيين.

سامي كليب: مَن كان مرشحك آن ذاك؟

عبد الله الأحمر: مَن كان. القاضي العرشي كان سيتولى الموقف في ذاك الوقت رئيس مجلس الشعب ثم يُنتخب شخص يتفق على مَن يكون أو مجلس عسكري أو مجلس جمهوري هذا كان..

سامي كليب: وكان آن ذاك العقيد على عبد الله صالح مدركا لموقفك كان يعرف موقفك؟

عبد الله الأحمر: نعم وصارحته.

سامي كليب: حصل حوار بينك وبينه؟

عبد الله الأحمر: حوار أخوي.

سامي كليب: وقلت له لماذا تعترض عليه؟

عبد الله الأحمر: نعم.

سامي كليب: شو كان رأيه كان مستاء؟

عبد الله الأحمر: قال أنا واثق من نفسي أحكم ولو أسبوع أنتقم للغشمي.

سامي كليب: كان يريد الرئاسة لأسبوع للانتقام للغشمي؟

عبد الله الأحمر: يعني من العبارات أو من الكلمات اللي يقولها الإنسان السياسي.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp