الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ (حاشد) زعيم (الإصلاح) يقيم للوطن العربي اللبنانية 14 مايو 1993م ما بعد الانتخابات اليمنية
الوطن العربي اللبنانية - 14/ مايو /1993م
- شيخ مشائخ حاشد يقيم للوطن العربي ما بعد الانتخابات اليمنية
- نشارك في الحكومة ونعارض في البرلمان
أكثر المفاجآت إثارة للجدل في الانتخابات اليمنية التي جرت مؤخراً ، هي تقدم التجمع اليمني للإصلاح على الحزب الاشتراكي ، رغم أن الأخير هو أحد حزبين تملكا السلطة منذ إعلان الوحدة في 22 آيار (مايو) 1990م ، وفي واقع الحال ، فإن التجمع اليمني للإصلاح وهو حزب أصولي ، يعتبر الرقم الصعب في المعادلة السياسية اليمنية ، فهو يستند إلى أسس اجتماعية ضاربة الجذور في المجتمع اليمني (قبيلة حاشد) ، كما يضم نخبة من علماء الدين ، وأساتذة القانون والتجار ، وتتسم طروحاته السياسية بالصدام مع الآراء والأفكار العلمانية ، ومن هنا وجد أنصار عديدين ، منحوه (62) مقعداً في البرلمان ، ليحتل المرتبة الثانية بعد المؤتمر الشعبي العام .
كيف يرى التجمع اليمني للإصلاح تجربة الانتخابات في إطار مسيرة التطور في اليمن ؟ وما هي خفايا الصفقات السرية التي سبقت عملية الاقتراع أو أعقبتها ؟ وما هو رد الإصلاح على ما يردده خصومه من أنه –أي الإصلاح- يمثل بؤرة العنف في المجتمع اليمني ؟ أسئلة طرحتها "الوطن العربي" في الحوار الذي أجرته مع الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ قبيلة حاشد وزعيم التجمع اليمني للإصلاح في صنعاء ، وهذا نصه :
· التقيتم بعد الانتخابات بالرئيس علي عبدالله صالح ، فهل طرح عليكم المشاركة في حكومة ائتلافية ؟
§ موضوع الحكومة الائتلافية مطروح بالفعل على العقل السياسي اليمني ، لأن المرحلة تحتاج إلى وفاق وطني ، وليس هناك حزب في اليمن يستطيع أن يقود بمفرده عملية الانتقال من التشطير إلى الوحدة ، وتحقيق التنمية والتقدم ، ومن هنا فالقضية مطروحة ، والحوار مع الرئيس ما زال مستمراً .
· لكم تحفظات عديدة ، ومعروفة على الحزب الاشتراكي إن لجهة أفكاره أو ممارساته ، كيف يمكن أن يضمكم تحالف أو ائتلاف واحد ؟
§ نحن بالفعل لنا خلافات عديدة مع "الاشتراكي اليمني" ومع ذلك هناك ثوابت في سياستنا إذا تم الاتفاق عليها ، سندخل في ائتلاف حاكم ، وإذا لم يتفق معنا لن نشترك معه في عمل جماعي .
· تتحاورون الآن مع المؤتمر الشعبي العام ، فهل سيتم حوار مستقبلي مع الشريك الثالث "الاشتراكي" ؟
§ التجمع اليمني للإصلاح لم يغلق باب الحوار في وجه أحد وخلافاتنا مع الاشتراكي لا تمنع الحوار معه ، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار حزبي .
· حدث صدام مسلح بين أنصاركم ، وأنصار "الاشتراكي" مؤخراً أسفر عن تدمير مقر الاشتراكي في إحدى الدوائر الانتخابية ؟
§ هذا ما أوردته الصحف ، وهو غير حقيقي ، نحن لم نستخدم الصواريخ ولا المدافع للهجوم على أحد ، لقد حدث خلاف بين أنصار المرشحين من هذا الطرف أو ذاك ، وسقط قتيل واحد ، وبعض الجرحى ، وهذا أمر يحدث في أي بلد تشهد تنافساً على البرلمان .
· هل تنظرون إلى الممارسات الخاطئة التي شابت بعض الدوائر الانتخابية على أنها أمر عادي ؟
§ نحن نفرق بين الطعون والمخالفات ، لقد تقدمنا إلى القضاء بمجموعة من الطعون سوف ينظر فيها ، كما سوف تعرض على البرلمان الجديد ، أما المخالفات والتجاوزات فقد رصدناها أولاً بأول ، ووصل عدد البيانات الصادرة عن التجمع حوالي (15) بياناً في ثلاثة أيام أعقبت الانتخابات ، رصدنا فيها أخطاء عديدة ، والهدف من عملية الرصد هو التصحيح ، وليس التشكيك .
· أنتم راضون إذاً عن ما أسفرت عنه الانتخابات ؟
§ لا ، نحن راضون فقط لأن الانتخابات تمت ، وهذا شيء إيجابي ، أما كيف تمت فهذا السؤال تفاوتت عليه الإجابات ، وليس هناك حزب –بما في ذلك الحزبان الحاكمان- إلا وقدم شكاوى وطعوناً ورصد أخطاء .
· هل الانتخابات البرلمانية خطوة منطقية في إطار عملية التطوير ؟
§ هي كذلك بالفعل ومن هنا تفهمنا وقوع بعض الأخطاء والممارسات غير الصحيحة.
· كانت هناك تخوفات من أعمال عنف قبلية ، ووجهت اتهامات لحزبكم بالتحديد بأنه سيعصف بالتجربة الديمقراطية في أية لحظة ؟
§ هذا كلام الحزب الاشتراكي الذي يناصبنا العداء ، ويروج حولنا الشائعات ، لقد مرت الانتخابات في هدوء ، وكنتم في "الوطن العربي" أحد الشهود ، وقد التزمت القبائل بكل ما ورد في قانون الانتخابات ، بينما وقعت الأخطاء ، وكذلك العنف في المحافظات الجنوبية التي ما زال الحزب الاشتراكي يحكمها .
· ما هو ردكم على ما يتردد بأن نتيجة الانتخابات كانت معروفة سلفاً وأن (صفقات سرية) تمت قبل يوم الاقتراع ؟
§ لا أساس لهذا الكلام من الصحة ، لقد خاضت الأحزاب الجولة الانتخابية بتحرر كامل ، وأكاد أقول إنه لم يكن هناك أي تنسيق بين الأحزاب ، وبالنسبة لنا لم نعقد أي اتفاق سري مع أحد .
· قيل أنكم نسقتم مع المؤتمر الشعبي العام لتفريغ بعض الدوائر لصالح مرشحيكم ؟
§ غير صحيح ، لقد نافسنا بشرف وحصلنا على مقاعد في البرلمان ، وكذلك فعلت الأحزاب الأخرى .
· معنى ذلك أن نتائج الانتخابات هي انعكاس صادق للوجود الحزبي في اليمن ؟
§ الانتخابات أظهرت قوة كل حزب في الواقع وهي اختبار حقيقي لجماهيرية كل حزب .
· هل وجودكم في المجتمع اليمني يساوي (خمس) الفعالية السياسية ؟
§ لم يكن هدفنا الأساسي هو الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد أو الحصول على الأغلبية ، وإنما هدفنا هو دفع العملية الديمقراطية ، وبالتالي لم نقدم مرشحين إلا في (220) دائرة ، مع أنه كان في مقدورنا تغطية كل الدوائر بمرشحين ، لقد آثرنا إعطاء الفرصة للأحزاب الأخرى لكي تشارك معنا في التجربة الانتخابية ، وفي البرلمان ، وربما الحكومة أيضاً .
· اقترحت بعض أحزاب المعارضة تشكيل جبهة للمعارضة في البرلمان وخارجه بزعامتكم ، ما هو ردكم ؟
§ الباب مفتوح لاقتراحات عديدة ، ونحن نلتقي مع كل الأطراف ، ولم نقر بعد ما إذا كنا سنشترك في الحكومة أم نكتفي بالمعارضة ، علماً بأن كفة المشاركة في ائتلاف حاكم هي الأرجح حتى الآن .
· لماذا ؟
§ لأن مهمة الأحزاب في هذه المرحلة هي إنهاء كل الإجراءات والقوانين التشطيرية ، وتحقيق الاندماج الكامل ، والبدء في عملية النهوض ، وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية .
· كيف يمكن الجمع بين حزب إسلامي له منهج محدد ، والحزب الاشتراكي وهو الآخر له منهج محدد في حكومة واحدة ؟
§ هذا يعتمد على برنامج النهوض الذي ينبغي أن يحظى باتفاق عام ، وعلى سبيل المثال فهناك إجماع على ضرورة حل المشكلة الاقتصادية ، وإنقاذ الريال اليمني من الانهيار ، وإنهاء مشكلة البطالة .
· على سبيل المثال تؤيدون وجود مصارف إسلامية ، فيما يرى الحزب الاشتراكي تطوير عمل البنوك القائمة التي توصف من قبلكم بأنها ربوية ، كيف يمكن الالتقاء؟
§ ليس هناك أي مانع في هذه المرحلة من الجمع بين الأسلوبين ، وهذا موجود في مصر والجزائر ، وأكثر من بلد إسلامي ، هناك بنوك تتعامل بالأسلوب الربوي ، وأخرى بالأسلوب الإسلامي ، بل إن بعض البنوك جمعت الأسلوبين في توقيت واحد ، عندما خصصت فرعاً للمعاملات الإسلامية .
· وأنتم تطالبون بالإبقاء على المعاهد العلمية ، بينما رأي الحزبان الحاكمان توحيد النظم التعليمية ؟
§ بالفعل نحن سنطالب في البرلمان بإعادة المعاهد العلمية ، لأنها تساهم في توعية الطلاب بشؤون دينهم ، علماً أن مناهج هذه المعاهد مقررة من وزارة التعليم ، أي أنها ليست خارج سياق العملية التربوية والتعليمية السائدة في اليمن ، ومن جهتنا سوف نصر على إعادتها والقرار يرجع للبرلمان إذا أقنعناه أو أقنعنا .
· أقترحتم في برنامجكم الانتخابي "الزكاة" كأسلوب لتحقيق التكافل الاجتماعي ، والسؤال هو : لمن يدفع المواطنون الزكاة .. للفقراء أو للدولة ؟
§ اقتراحنا هو تنظيم عملية دفع الزكاة بحيث تجمع في "بيت المال" أو الدولة بالمفهوم العصري ، لكن ذلك يحتاج إلى مراقبة أوجه صرف هذه الأموال في المنافع العامة حتى لا يحدث تسريب للمال العام ، وأعتقد أن أحد أهم القضايا المطروحة على البرلمان الجديد هي ترشيد الإنفاق الحكومي ، بهدف خفض العجز في ميزان المدفوعات ، وتحديد قيمة حقيقية للريال اليمني ، بحيث تنتهي عملية تعدد سعر صرفه.
· هناك حوالي مليون عامل يمني عادوا من الخارج بعد أزمة الخليج ، ما هي تصوراتكم لحل مشكلاتهم ؟
§ هذه مشكلة صعبة ، فالرقم يزيد عن ذلك ليصبح (1.1) مليون شخص كانوا يحصلون على أرزاقهم من دول الخليج ، ويحولون لليمن سنوياً حوالي مليار دولار ، وعندما عادوا خلقوا مشكلات عديدة سواء بالنسبة لإقامتهم أو توظيفهم ، وحتى الآن ما زالت الحلول عشوائية ، وفردية ، وتعتمد في أغلب الأحيان على المساهمات المالية الخارجية ، أما تصوراتنا لحل المشكلة فتبدأ من توظيفهم في مشروعات حقيقية داخل المجتمع ، واستثمار قدراتهم وخبراتهم في العملية الإنتاجية.
· من الملاحظ أن أغلب أحزاب المعارضة لن تمثل في البرلمان فكيف تشارك في الحوار الوطني لتحقيق التنمية والاستقرار ؟
§ أولاً هذه الأحزاب لم تحصل على مقاعد لأنها تفتقد إلى الجماهيرية ورغم ذلك فصوتها سيكون مسموعاً من خلال صحفها وندواتها ، ولست أعتقد أن أعضاء البرلمان سيعيشون في أبراج عاجية فهم سيتابعون آراء كل الأحزاب ، وسوف يتبنون أي فكرة تحقق المصلحة العامة .
· لكن أحزاب المعارضة شككت في سلامة العملية الانتخابية ، وأصدرت بيانات ساخنة ضدها ؟
§ نحن أيضاً أصدرنا بيانات وقلنا كلمتنا ، وأوضحنا سلسلة من المخالفات الإجرائية ، ومع ذلك نحن مع استمرار التجربة ودفعها إلى الأمام ، لأن البديل مخيف ، أو بمعنى أدق ليس هناك بديل أمام اليمن سوى الدخول في محرقة عنف تأكل الأخضر واليابس ، لذلك نحن مع الديمقراطية حتى آخر مدى ، ومهما كانت الأخطاء .
· تحتاج اليمن إلى انفتاح على العرب ، خصوصاً دول الخليج لإزالة ما ترسب ، أو ما ترتب على أزمة الخليج ما هو تقييمكم للجهود المبذولة في هذا الصدد ؟
§ أتفق معكم في أن الوقت صار مواتياً لتجاوز آثار هذه الأزمة التي خلقت آلاماً مادية ونفسية لا حدود لها ، ونعتقد أن علاقات اليمن والمملكة العربية السعودية هي نموذج للعلاقات العربية على الصعيدين الشعبي والرسمي ، فالقبائل واحدة ، والدم واحد ، والمصالح مشتركة ، والمسئولون في البلدين يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق النهضة ، وأعتقد أننا نسير حالياً في الطريق إلى إزالة جميع الرواسب ، وإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه ، الأمر نفسه ينطبق على باقي الدول العربية ، من خلال الدبلوماسية الرسمية والشعبية .