الإصلاح : صمام أمان الوطن و الوحدة و الهوية الإسلامية

 

تأسيس التجمع اليمني للإصلاح

صمام أمان الوطن و الوحدة و الهوية الإسلامية

 

قامت دولة الوحدة اليمنية علي أسس عديدة من أهمها : النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية الحزبية، ولذلك توجه الجميع في اليمن لتنظيم أنفسهم في أحزاب وتنظيمات سياسية شرعية ، و خرجت الأحزاب السرية إلى العلن،  و كان من المعروف أن المؤتمر الشعبي العام يضم تشكلية متنوعة من الحزبيين و المستقلين من جميع الاتجاهات،  و كان اليساريون الموالون للحزب الاشتراكي و أمثالهم قد قرروا الخروج من المؤتمر وتشكيل أحزاب رديفة للاشتراكي.

اقتضت ترتيبات إقامة (الوحدة) وجود اتفاقات علنية و سرية ثنائية وتحالف سياسي بين الحزب الاشتراكي اليمني كممثل للدولة في (الجنوب) و بين المؤتمر الشعبي العام كممـثل للدولة في ( الشمال)،

وفي هذا الإطار بدأت الـترتيبات لـتأسيس تنظيم سياسي جديد ذو توجه إسلامي يضم حــركة (الإخوان المسلمين ) القديمة كنواة له، بالإضافة إلى العلماء والمشايخ  ورجال الأعمال والمثقفين و الشباب و المواطنين والنساء من مختلف المناطق والفـئات والأعمار ، وكان للنساء وجود كبير و مهم ضمن الإصلاح منذ اليوم الأول لتـأسيسه وقد بدأت اللقاءات و المشاورات برعاية (الشيخ) لجمع كلمة كل المقتنعين بالنهج الإسلامي، وتبلورت تلك الجهود في تأسيس (التجمع اليمني للإصلاح) ، الـذي أعلـن عنـــه في 13 سبتمبر 1990م في صحيفة (الصحوة) التي نشرت قائمه بأسماء المؤسسين ، وكان هؤلاء قد انتخبوا ( الهيئة العليا المؤقتة ) برئاسة الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر لتسيير الأمور الضرورية و بدء تأسيس الفروع و فتح المقرات في المحافظات .

 ظهر التجمع اليمني للإصلاح كأبرز قوه سياسية في المعارضة في الفترة الانتقالية(90-1993)، وقاد المعارضة الشعبية ضد الأوضاع المعيشية المتدهورة التي نتجت عن تقاسم السلطة بين المؤتمر و الاشتراكي، و سوء الإدارات الحكومية و الانشغال بالمطامع الشخصية ، كما قاد الإصلاح معارضة شعبية قوية ضد بعض مواد مشروع الدستور و لا سيما فيما يختص بضرورة جعل الشريعة الإسلامية مصدراً لجميع التشريعات و القوانين . والتف حول الإصلاح عدد من الأحزاب و التنظيمات و العلماء    ومئات الآلاف من أبناء الشعب الـذين شــاركــوا فـي نشاطات عديدة أبرزها المسيرة الجماهيرية الضخمة بتاريخ: 12 /5 /1991م والتي لم يسبق لها مثيل، لمحاولة إقناع مجلس الرئاسة بتعديل الدستور قبل الاستفتاء الشعبي عليه ،وبعد أن فشلت كل المحاولات والمساعي الشعبية قرر (الإصلاح) دعوة الشعب للتصويت ب(لا) للدستور لكن الائتلاف الحاكم عندما رأى أن هناك دعماً شعبياً حقيقياً للإصلاح أعلن أن الاستفتاء على الدستور مجرد استئناس فقط و أن النتيجة لن تؤثر علي مشروعيته سواء كانت ب(لا) أو (نعم)، وقد أدى هذا الموقف الرسمي إلى إعلان الإصلاح مقاطعة الاستفتاء على الدستور طالما أن النتيجة مجرد استئناس .

واجه (الإصلاح) منذ بداية عهد الوحدة حملات سياسية و إعلامية تحاول وصمه ب(التطرف) و (الظلامية ) و (الإرهاب) و (الرجعية ) و(الخيانة) و( معاداة الوحدة)، وتولى قيادة هذه الحملات الحزب الاشتراكي اليمني من خلال خطابه السياسي والإعلامي و بالتعاون مع عدد من حلفائه في المعارضة ، و في أحد اللقاءات الخاصة في بداية الوحدة تصدى (الشيخ عبد الله) في موقف نادر غير معروف شعبياً لنائب رئيس مجلس الرئاسة و أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني السابق (علي سالم البيض ) الـذي جاهر بعدائه للإخـوان المسلمـين و ذوي الاتجاه الإسلامي و رفض التعاون معهم       والتحاور و الانفتاح عليهم.

كما جاهر (البيض) في ذلك اللقاء بضرورة أن تكون هوية الدولة الجديدة (علمانية)، لكن (الشيخ) تصدى له و فند كلامه مؤكداً أن العلمانية غريبة عن اليمن والشعب اليمني وهي إنتاج أوروبي لا ديني بسب اضطهاد الكنيسة للناس و نشر الخرافات و الشعوذة و معاداة العلم و العلماء بينما العالم الإسلامي لم يعرف مثل تلك الحالة كما أن الشعب اليمني شعب مسلم 100 % و لا يمكن فرض العلمانية عليه.

 ومن القضايا التي تصدى لها التجمع اليمني للإصلاح قانون التعليم الذي أراد الحزب الاشتراكي فرضه، و كان هدفه الحقيقي إلغاء (المعاهد العلمية) التي كانت تمثل نهجاً تعليمياً متميزاً ينبغي تطويره لا هدمه و التخلص منه .

 ظل (الإصلاح) طوال الفترة الانتقالية يشدد على أهمية الالتزام بالنهج الديمقراطي وإجراء الانتخابات في موعدها ، والمحافظة علي الوحدة الوطنية و عدم الإضرار بها جراء التقاسم الثنائي للسلطة و البلاد و مقدراتها بين الحزبين الحاكمين.

وكان (الإصلاح) حينها يمثل أمل الشعب في الخروج من النفق المظلم نتيجة الفترة الانتقالية و ما حدث فيها، و في الانتخابات النيابية الأولى 1993م حصل (الإصلاح ) على المركز الثاني وكان يمكن له أن يظل في المعارضة و تزداد شعبيته لكنه فضل مصلحة الوطن و الشعب و قبل بالمشاركة في الائتلاف الحكومي الثلاثي لمحاولة كسر الحلقة المفرغة و الخروج من نفق الفترة الانتقالية المظلم . و تحمل (الإصلاح) كثيراً من التضحيات و تنازل عن حقوق له لكيلا تزداد المشاكل ، فقد قبل بنصيب أقل من الحزب الاشتراكي في الهيئات القيادية للدولة رغم أن الإصلاح حصل علي مقاعد في مجلس النواب أكثر من (الاشتراكي) ، لم يقبل أن تكون لقياداته وأنصاره الامتيازات التي حصلت عليها قيادات المؤتمر والاشتراكي أثناء الفترة الانتقالية ورفضه ما نتج عنها من أعباء وسلبيات مالية وإدارية.

وعندما كانت الأزمة السياسية تطحن البلاد،و معظم الوزراء و المسؤولين لا يكادون يعملون ظل وزراء الإصلاح يؤدون واجبهم بعزيمة وصدق، و قدموا أمثلة طيبة   علي صدق تعاملهم مع الآخرين، و في أثناء إعداد مشروع التعديلات الدستورية التي اتفقت عليها الأحزاب الثلاثة الكبيرة ركز (الإصلاح) على ما هو مفيد لصيانة الهوية الإسلامية للوطن و الشعب ، وتعزيز الحريات السياسية و التعددية الحزبية و التداول السلمي للسلطة، ولم يكن له هدف شخصي أو مصالح خاصة.

 وعندما اندلعت الحرب في 5 مايو 1994م  هب الإصلاح للدفاع عن الوحدة بقوه و حزم ، و تطوع مئات من أعضاء الإصلاح للقتال إلى جانب القوات المسلحة، وكان منهم شهداء كثيرون اختارهم الله إلى جواره و بصفة عامة قدم الإصلاحيون نماذج مشرفة و كانت لهم مواقف عظيمة لا يستطيع أحد إنكارها، وشكل تحالف الإصلاح       والمؤتمر حينها القاعدة الأساسية التي قام عليها التلاحم و الصمود الشعبي في كل مكان بصورة لم يحدث لها نظير.

 و بعد انتهاء الحرب رأى الإصلاح أن الانسحاب من الحكومة و الائتلاف في الظروف الحرجة التي أعقبت الحرب غير جائز، و يعد هروبا من المسؤولية الوطنية لإعادة بناء ما دمرته الأزمة السياسية و الحرب ، و رغم هذه التضحية فقد تحمل الإصلاح كثيراً من مكايدات شريكه في السلطة وصلت إلى درجة سحب صلاحيات وزراء الإصلاح و محاربتهم إعلاميا، ووضع العراقيل في طريقهم .

عقد التجمع اليمني للإصلاح مؤتمره الأول بعد نهاية الحرب  في سبتمبر1994م وكان ذلك الانعقاد إعلاناً سياسياً و إعلاميا لتأكيد واستمرار التوجه الديمقراطي والتعددية السياسية بعد أن كانت هناك مخاوف و شائعات عن حدوث تراجع عن الديمقراطية بعد الحرب، فجاء مؤتمر الإصلاح كنوع من الرد العملي على ذلك ، كما أن الإصلاح قدم نموذجاً للانتظام في العمل الحزبي من خلال عقد مؤتمراته العامة و الفرعية في مواعيدها، ومن خلال انتظام دورات انعقاد مجلس الشورى العام للإصلاح.

وبصفة عامة صار (الإصلاح ) أحد الدعامات الأساسية للديمقراطية والحياة السياسية في البلاد، وهو أهم مؤسسة أهلية سياسية تمتد فروعها و نشاطاتها إلى كل جزء من البلاد ، و يحظى بمكانة شعبية كبيرة و باحترام واضح في الحياة السياسية اليمنية بسبب مواقفه الوطنية المعتدلة البعيدة عن الطيش و الجمود معاً،وحتى عندما خرج الإصلاح إلى المعارضة فقد ظل حريصاً على ألا تكون معارضته نوعاً من الفوضى      وإثارة القلاقل والولوغ في المكايدات الحزبية و السياسة، وظل دائماً يجعل مصلحة الوطن ومستقبل الشعب و الحفاظ على التوجه الديمقراطي فوق أي مصلحة حزبية .

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp