الشيخ صادق يدعو إلى تأجيل الإنتخابات والعودة للإتفاقات الموقعة بين الأحزاب

دعا الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر إلى تأجيل الإنتخابات البرلمانية القادمة والعودة للاتفاقات التي كانت قد وقعت بين الأحزاب السياسية.

وأكد - خلال ندوة منتدى الأحمر الاثنين 24/1/2011م - أن إقامة الانتخابات بالوضع الراهن سيؤدي إلى وضع خطير، وسيزيد من حالة الاحتقان الموجودة في البلاد.

وطالب الشيخ صادق بالعودة إلى اتفاق فبراير 2009 الموقع بين المشترك والمؤتمر، مؤكدا أن هذا الاتفاق مدد لمجلس النواب على أساس أن يسير باتجاه مراجعة السجل الانتخابي وتعديله، وكذا النظام الانتخابي واللجنة العليا للإنتخابات. كاشفا عن معلومات لديه بأن هناك 500 ألف بطاقة انتخابية صرفت مؤخرا للصوماليين الموجودين في اليمن.

وعبر الشيخ صادق خلال المنتدى عن أسفه في أن اللقاء المشترك تشعب بعد توقيع الاتفاق وكان الأصل أن لا يناقش أي قانون تحت قبة البرلمان لأن التمديد تم من أجل الانتخابات وإصلاح الأوضاع.

وأشار الشيخ صادق إلى الوضع الاقتصادي المزري في اليمن، معبرا عن أسفه أن أبناءنا في دول الجوار هم الذين يمارسون التسول، مؤكدا أن الجريمة لم تنتشر في اليمن إلا نتيجة الفقر والبطالة.

وقال: هناك بيوت في اليمن لا تأكل في وجباتها الثلاث إلا الخبز والزبادي، ونحن نشاهد هذا ونعرفه، ولا تظنوا أننا بعيدين عن معايشة الوضع ونحن نتألم كثيرا.

وجدد الشيخ صادق في ختام مداختله تأكيده على ضرورة تأجيل الانتخابات، مشيرا إلى أن ورقة التعديلات الدستورية لن تخرج من مجلس النواب إلا في 24 فبراير وبالتالي فإن الفترة الدستورية غير كافية لإجراء الإنتخابات لأن الدعوة لها يجب أن يكون قبل 60 يوما.
وفي محاضرة له خلال المنتدى أكد الدكتور سيف العسلي وزير المالية السابق أنه لايريد أن يقول إن اليمن دولة فاشلة حتى لايوفر الذريعة للخارج من أجل التدخل في شئون اليمن.

وبرر العسلي تحاشيه القول بأن اليمن دولة فاشلة - خلال محاضرة له بمنتدى الأحمر -"من أجل الحفاظ على سيادة اليمن، "لأنه إذا اعترفنا بأن اليمن دولة فاشلة فإننا بهذا سنعطي فرصة للآخرين للتدخل في شئوننا".

العسلي ورغم إيراده معايير للدولة الفاشلة انطبقت جميعها على اليمن - بتأكيد المشاركين - إلا أنه قال في ختام محاضرته إن اليمن ليست دولة فاشلة وإنما آيلة للفشل، وهو ما قوبل بانتقادات من قبل المشاركين في المنتدى الذين أكدوا أن النتيجة التي توصل إليها العسلي تتناقض مع معايير الدولة الفاشلة التي ذكرها في مقدمة محاضرته المكتوبة إلى المنتدى.

وبحسب ورقة العسلي فإن الدولة الفاشلة هي الدولة التي تعاني من تسعة أعراض أو معايير، تتمثل "في فقدان السيطرة على بعض أراضيها، وعدم احتكارها لاستخدام القوة المسلحة، وتناقص شرعية النظام لعدم قدرته على اتخاذ قرارات مهمة باسم الشعب، وضعف الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين، وعدم القدرة على تمثيل البلاد مع العالم الخارجي كممثل للشعب، والانتشار الواسع للفساد، وتحول بعض مواطنيها كلاجئين في الدول الأخرى، وانتشار الإختلالات الأمنية و الممارسات الإجرامية، والانخفاض الحاد في الدخل".

وأضاف: "الدولة الفاشلة هي الدولة التي لا تستطيع أن تصلح نفسها بنفسها حتى مع مساعدة الآخرين لها، و في هذه الحالة فإما أن يعيش المجتمع بدون دولة كما يحدث في الصومال أو أنه يجب أن يتدخل المجتمع الدولي في إصلاحها كما يحدث في أفغانستان.

وأكد أن التقارير الدولية التي تصدرها مراكز الابحاث و الدراسات تضع اليمن بين أسوء عشرين دولة من بين 177 دولة في العالم يتم تقييمها سنويا، و قد تراوح ترتيب اليمن بين هذه العشرين الدول ما بين 6 الى 15 ما بين عام 2008 و 2010. و قد كانت الصومال هي الدولة رقم واحد في كل هذه التقييمات.

وبعكس ما ذكره في ختام محاضرته بأن اليمن ليست فاشلة إلا أنه أكد في سياق المحاضرة أن الكتابات والتقارير الصحفية تكاد تجمع على أن اليمن دولة فاشلة انطلاقا من هذه المعاير والتقييمات.

أما معايير الدولة الآيلة للفشل والتي قال العسلي إن اليمن تعيش حاليا هذه المرحلة فتتمثل في ضعف الخدمات العامة، وتنازع الشرعية مع مؤسسات أخرى مثل القبيلة ومراكز القوى، وعدم سيادة القانون، وعدم قدرتها على إدارة الاختلافات فيها، وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات الحاسمة فيما يخص عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ووجود انشقاقات اجتماعية.

ويؤكد أن الدولة الآيلة للفشل هي الدولة التي تسير في طريق الفشل و لكنها لم تفشل بعد. و بالتالي فانه اذا ما عملت هذه الدولة على إصلاح أوضاعها و ساعدها الآخرون فإنها على الأقل تستطيع أن تحافظ على نفسها.

العسلي قبل تراجعه عن التصنيف المكتوب في محاضرته، قال إنه: يمكن القول بان اليمن ليس في الوقت الحاضر دولة فاشلة و لا دولة آيلة للفشل ولكنها دولة متعثرة، باعتبار أن الدولة المتعثرة هي الدولة التي تعاني من اختلالات عميقة في أوضاعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكن لاتواجه تحديات لوجودها كدولة.

وانتقد العسلي - خلال محاضرته بعنوان اليمن في التقارير الدولية و حقيقة ما يجري فيه - النظام السياسي في اليمن، وقال: إنه يعاني من اختلال العلاقة بين المؤسسات السياسية و بعضها البعض وبينها و بين المؤسسات التنفيذية أي الادارية، فبعض المؤسسات السياسية قد سيطرت على كل من الوظائف السياسية والإدارية مما تسبب في تعطيل عملية المحاسبة والشفافية و بالتالي الكفاءة.

 وعبر عن أسفه أن هذه الاختلالات ليست على طاولة الحوار ولا النقاشات الدائرة بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك وأنها ليست حاضرة حتى بين النخب السياسية والفكرية.

وحذر العسلي من تأجيل الانتخابات، وقال: إن ذلك إن ذلك سيؤدي إلى إيصال اليمن إلى الدولة الفاشلة، لكنه في الوقت ذاته دعا إلى تاجيل التعديلات الدستورية إلى ما بعد الإنتخابات.

 العسلي تحدث عن ثلاثة خيارات أمام اليمن أولاها الاستمرار في الوضع الراهن، مؤكدا أن هذا الخيار سيكون الأفضل لو كانت اليمن دولة صحيحة ومعافاة.

أما الخيار الثاني بحسب العسلي فإنه سيكون أفضل في حال كون الدولة في اليمن فاشلة أو آيلة للفشل، "وفي هذه الحالة فان التغيير أمر لا بد منه قرب الأمر أو بعد و من الأفضل أن يكون قريبا جدا لان ذلك سيوفر جهودا وتكاليفا مهمة والتي تتمثل في تكاليف الحفاظ على مؤسسات الدولة الفاشلة و تكاليف تغيرها و التي قد لا تكون سلمية.

ويرى العسلي أن الخيار الثالث المتاح أمام اليمن هو خيار الإصلاح التدريجي، وسينجح في حال كون اليمن متعثرة.

ودعا العسلي في محاضرته إلى الحفاظ على مشروعية الدولة وعدم الانتقاص منها لأي سبب من الأسباب لان ذلك سيهدد وحدة اليمن واستقراه لفترات طويلة.

وشدد على ضرورة إطلاق عملية إصلاح مؤسسات الدولة المتعثرة من المشروعية الحالية وليس من خلال البحث عن مشروعية جديدة، أي انه لا بد من الحفاظ على المشروعية الحالية حتى يتم الانتقال إلى أي مشروعية جديدة.

وقال: لا بد من قيام الانتخابات البرلمانية في موعدها لان عدم تحقق ذلك سيعني القضاء على المشروعية الحالية.

وأضاف: لا بد وأن تكون هذه الانتخابات حرة و نزيهة، ومن الممكن ضمان تحقق ذلك في ظل الدستور والقانون الانتخابي الحالين ومع توفر رقابة دولية أوسع.

ودعا إلى تأجيل التعديلات الدستورية إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، "ذلك أنه من غير المحتمل أن يتم التوصل إلى الاتفاق على أي تعديلات دستورية أو قانونية توافقية في هذا الوقت القصير".

وأكد أن الانتخابات الحرة و النزيهة ستعمل على تغيير المناخات السياسية بما يوفر المناخ المناسب للتقدم برؤى ومقترحات تحسن من أداء مؤسسات الدولة الحالية وفقا للشرعية الحالية.

وشهدت الندوة ملاحظات على الورقة المقدمة من قبل الدكتور سيف العسلي وأكد الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن جميع المعايير التي أوردها العسلي في ورقته تؤكد أن اليمن دولة فاشلة إلا أن العسلي "سعى للتوفيق بين مختلف الإتجاهات وإن غلبت عليها الصبغة الرئاسية".

وقال: "جميع المعايير الآنفة الذكر منطبقة على اليمن، ونظامنا لم يعد له شرعية والذي يريد أن يعرف ذلك فعليه أن يقرأ وثائق ويكلكس".

وحذر الفقيه من أن المجتمع الدولي يحضر لغزو اليمن، مؤكدا أنه مسئول عن كلامه هذا وأن الأيام ستثبت صحة حديثه.

وأضاف: إذا كانت الانتخابات هي الحل لأوضاعنا فعلينا أن نلغي عقدين من الزمن شهدنا خلالها انتخابات لم تسفر عن شيء، مستطردا: عن أي انتخابات نتكلم في حين أن السلطة صادرت حق 2 مليون يمني في هذه الإنتخابات رغم أن الدستور أكد أن الإنتخابات حق لكل يمني ولايجوز انتزاع هذا الحق منه.

وقال: يجب أن نبحث عن حلول، ومشكلة اليمن هي في يحيى حميد الدين الذي مايزال يحكم اليمن بعقليته إلى اليوم، ورغم هذا لم نقتنع بالتغيير ونقول لآل حميد الدين يكفي فالبلاد ستهلك.

وأضاف: لدينا نافذة للتغيير، ويجب أن يتم التغيير، وإذا لم نغير فسيأتي من يغيرنا بطريقته.

من جهته قال يحيى عبدالرقيب الجبيحي أمين عام مجلس الوزراء الأسبق أن التقارير التي تصنف اليمن على أنها دولة فاشلة، لا علاقة لها بإعلام السلطة أو المعارضة، وأن المعلومات الواردة فيها مستقاة من الواقع المعاش في اليمن من خلال سفارات تلك الدولة والمنظمات التي تعرف واقع اليمن أكثر من اليمنيين أنفسهم.

وأكد أن ضعف النشاط الدبلوماسي في اليمن له دور في تعميق النظرة السلبية على اليمن، مشيرا إلى أن أعراض الدولة الفاشلة موجودة على الواقع المعاش في اليمن، مضيفا: لا أعتقد أن هناك من لايجزم على أن اليمن دولة عير آيلة للفشل.

من جهته قال أحمد البرق - مسئول حكومي سابق - إن المطلوب من الدول التي تصدر التقارير عن اليمن أن تساعد اليمن في كيفية التخفيف من الفقر، وأن تساعدها إداريا لأنه إذا لم نقضي على الفقر فلن نقض على الارهاب.

وأضاف: القضية الاقتصادية لن يحلها المشترك أو المؤتمر ويجب أن تطرح على الشعب، مؤكدا أن النظام يمر بأزمة حادة وإذا لم يتكاتف الجميع فسينهار.

إلى ذلك قال يحيى الشامي - عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني - إن المهمة الرئيسية للدولة غائبة، باعتبار أن مهمة الدولة هي توفير الأمن.

مضيفا: يبدو لي أن عودة الناس للأعراف هو لأن الدولة لا تؤدي وظيفتها وبالتالي يذهب المواطن للبحث عن تجمعات أخرى أكثر قربا من القبيلة.

وقال: من مظاهر الدولة هو أن توجد قيادة للدولة ملموسة ومحددة، لكن ذلك أمر غير متوفر في بلادنا لذا فإن أصحاب الحاجات لايذهبون إلى الدولة وإنما إلى شيخ القبيلة.

أما الدكتور عبدالله محسن الاكوع فتحدى أن يكون هناك معيار واحد من المعايير التي أوردها العسلي غير منطبقة على الوضع في اليمن.

وقال: هناك تسعة معايير طرحها الدكتور سيف العسلي عن الدولة الفاشلة، وكل هذه النقاط منطبقة على اليمن.

وأضاف: نحن في مرحلة بالغة الخطورة وهي أخطر مرحلة مرت بها اليمن، ومن يطرح أن اليمن دولة فيها نظام وقانون أخطر ممن يطرح عكس ذلك لأنه بهذا يقول لصاحب البيت استمر فأنت في مأمن حتى يسقط به البيت كما حدث في تونس.

وأكد أن الدولة في اليمن لم تفشل وإنما المؤتمر الشعبي العام هو الذي فشل لأن المؤتمر مسيطر على كل مفاصل الدولة.

أما عثمان العبسي رئيس المؤتمر الشعبي العام السابق بالمحويت فقال: إن الذي يحكم اليمن ليست دولة وإنما سلطة الفرد التي تشن الحروب وتصنع الأزمات وتحولها إلى فيد وغنيمة وتسخرها لحماية رأس السلطة.

إلى ذلك أكد الدكتور أحمد عبدالواحد الزنداني أن أي انتخابات حرة في العالم العربي ستسقط السلطات القائمة.

لكنه أكد في سياق تعليقه على المحاضرة أن التقارير الدولية هي أداة استخدمتها الدول الكبرى على أيدي المنظمات، وهي تستخدم تجاه الدول التي تستهدفها، مؤكدا أنه لايمكن الاعتماد على هذه المنظمات لأن اليمن يعيش نظام دولي هو الفاعل في الدول الصغرى.

وقال: إشكاليتنا كشعب أننا لاندري ماذا نريد فانقسمنا على عدة مفاهيم تيار يريد الغرب وتيار ضد التغريب تماما، داعيا إلى أن نتفق فيما بيننا على مشاكلنا.

من جهته قال الدكتور عبدالوهاب الروحاني إن الورقة لم تتقمص رأي السلطة بدليل أن المحاضر أشار إلى ضرورة إجراء انتخابات في موعدها، لكنه أشار أيضا إلى ضرورة تأجيل التعديلات الدستورية، فقد حاول المحاضر أن يكون موضوعيا.

الروحاني أكد أن المشكلة تكمن في غياب النخبة عن صناعة القرار السياسي، وأن الموجودين حاليا هم مجموعة من الموظفين رأوا أن دورهم هو أن يكونوا موظفين.

وشدد - خلال مداخلته - على ضرورة الحفاظ على مشروعية الدولة، باعتبار أن ذلك هو حفاظ على استقرار البلد، مضيفا: البلد بلد مسلح ويكفي لدينا مشاكل كثيرة ونحن متعبون، والجميع معني بمعالجتها سلطة ومعارضة، والسلطة لاتتحمل وحدها وزر مايجري فكلاهما من أوصلانا إلى هذا الحال والكل يتشدق بالشعب.

وأيد الروحاني ماذهب إليه العسلي من دعوته لإجراء الانتخابات في موعدها، وقال: إن إجراء الانتخابات في موعدها سيهدئ الوضع لكن بشرط أن تجرى انتخابات نزيهة يشارك فيها الجميع.

وعاد الروحاني لحديثه عن المؤتمر، مؤكدا أن المؤتمر كان يحوي بداخله نخبة تساهم بآرائها، ما أسهم في إحداث توازن إيجابي داخل البلد وأفضى إلى استقرار نسبي لفترة من الفترات.

وواصل: لكن المؤتمر أداة انتخابية ونريد من الأحزاب أن تنافس من أجل مصلحة الوطن وبناء دولة المؤسسات.