الشيخ صادق يدعو إلى إصلاح النفوس من أجل إصلاح فساد القضاء اليمني

دعا الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر رئيس منتدى الأحمر إلى إصلاح النفوس من أجل إصلاح القضاء في بلادنا.

وأكد - خلال منتدى اليوم الإثنين - أن خلل القضاء اليمني يكمن "في أنفسنا وفي أخلاقنا، عندما نرى أناس يعرفون أنهم ليسوا أصحاب الحق يترافعون لدى القضاء، ويقومون بدفع الرشاوى بهدف حرف مسار الحكم لصالحهم".

وتحدث الشيخ صادق عن "وجود تسييس للقضايا من قبل الدولة، حيث تقوم الدولة بالدفاع عن شخصيات لها علاقة بها حتى لاتهتز سمعته وموقعه، وخوفا من الفضائح أحيانا".

وأكد: أن "الفساد موجود في كل مكان وليس في القضاء فحسب لكن إذا لم يوجد أمن وقضاء عادل واحترام للقانون فعلى الدنيا السلام".

ودعا الشيخ صادق إلى تأهيل الجنود تأهيلا صحيحا "لأنهم يمثلون همزة الوصل بين المواطن الدولة، كما أنهم يمثلون وجه الدولة أمام الأجانب".

وقال: الطقم العسكري عندما يخرج لتنفيذ مهمة ما مع أي مواطن لن يخرج إلا "بفلوس"، وإذا رأى أن "الفلوس" مع خصمه أكثر انقلب مع الخصم.

وأكد أن "الفساد مستشري من القمة إلى القاعدة، لذا لا بد من أن نصلح أنفسنا ونعود إلى الله وإلى أخلاقنا وقيمنا".

قصص

وفي حلقة المنتدى اليوم تحت عنوان قصص من القضاء اليمني سرد القانوني والناشط الحقوقي خالد الآنسي قصصا من القضاء تناولت بعض من إخفاقاته.

وقال: إن القضاء اليمني أصدر حكما بإعدام شخص دون علمه بالمحاكمة، مشيرا إلى أن هذه القضية حدثت في محافظة أبين بحق المواطن محمد سعيد المقدشي الذي اتهم بالقتل، من قبل خصمه النافذ، حيث قام الخصم بإجراءات التقاضي لدى أحد القضاة هناك دون إبلاغ المتهم أو استدعائه حيث تفاجأ المتهم بأنه يواجه عقوبة الإعدام في قضية لم يبلغ عنها أصلا.

وأضاف: بعد التحقيق ثبت أن القاضي أصدر حكم الإعدام وتم إحالته للتحقيق وعزله لكن الحكم ظل قائما، وعندما طلبنا من الجهات القضائية العليا إسقاط الحكم كونه مزورا رفضوا ذلك.

وفي قضية أخرى قطبيها اثنين من رجال الأعمال الأول يمني والثاني أردني قال الآنسي: إن الأول ذهب إلى محكمة بحافظة صنعاء واستصدر حكما قضى بفصل الأردني، حيث تعامل معه الحكم وكأنه عامل لدى رجل الأعمال اليمني وليس شريكا، وبالفعل لم يتم تسجيل القضية في السجلات التسلسلية، وإنما في سجل منفرد.

وأشار إلى قضية أخرى في محافظة الحديدة كشفت مدى تدخل الدولة في القضاء، حيث جاء في ديباجة أحد الأحكام القضائية في قضية قتل ما نصه، "أنه وبناء على توجيهات محافظ المحافظة ورئيس الجمهورية فقد حكمنا".

وقال: المدير التنفيذي بمنظمة "هود": من النوادر العجيبة أنه في إحدى القضايا كان رئيس النيابة في المحكمة الجزائية يقول إن للمتهمين حق الدفاع عن أنفسهم أو تكليف محامي وأنه تم عرض هذا عليهم، وعندما جئنا لمحاضر التحقيقات اتضح أنه عرض تكليف محامين عنهم بعد التحقيق معهم.

وأشار إلى قضية الخيواني: وقال: تم اعتقال الخيواني وكنا نتوقع أن يكون هناك شيء من الحصافة والحكمة في التعامل القانوني معه لأن القضية تحت المجهر، لكننا تفاجئنا أنه تم حبسه وتمديد الحبس بطرق مخالفة للقانون، وتم تزوير محاضر قالوا فيها إن قرار التمديد كان بحضور الخيواني ومحاميه وهو مالم يتم.

وتطرق إلى ما يجري في محاكم الهجرة والجوازات، وقال: إنه تم محاكمة أثيوبيين، وكان التخاطب معهم بلغة الإشارة نظرا لعدم وجود مترجم.

وفي قضية قتل قام القاضي في هذه القضية - بحسب الآنسي - بتخيير أولياء الدم بين القبول بـ 11 دية أو الحكم ببراءة المتهم، وعندما رأوا أنه ليس هناك من حل سوى القبول بالدية، حكم القاضي بعد ذلك على المتهم بدفع الدية أربع مرات وليس 11 مرة بحسب ما تم الاتفاق عليه.

وأشار إلى قضية امرأة متهمة بقتل زوجها والسبب بحسب الزوجة أن المجني عليه كان يعتدي على إبنته، وقال: عندما تولينا القضية بناء على تكليف المحكمة وطالبنا بفحص تلك الفتاة انقلبت المحكمة إلى خصم.

وتطرق المحامي خالد الآنسي إلى قضية المتهمين في تفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول، وقال: عندما بدأت المحكمة إجراءات التقاضي طلبت محامين ووجهت استدعاء لنا للترافع عن المتهمين في القضية وكان أول طلب بالنسبة لنا هو الحصول على صورة من ملف القضية لكنهم رفضوا رفضا قاطعا، وعند إصرارنا قالوا إن بإمكاننا قراءة ملف القضية في المحكمة فقط، وعندما تمسكنا بحقنا في الحصول على صورة من الملف تم طردنا من المحكمة لنكتشف بعد ذلك أن القاضي ليس لديه ملف القضية أصلا، وكانوا يقومون بإعطائه الملف قبل الجلسة ويأخذوه بعدها.

واستطرد: في إحدى محاكم الضالع وجدت القاضي عند الساعة العاشرة صباحا في قاعة المحكمة يمضغ القات وأمامه علبة شارك، حتى لقبوه في الضالع بالقاضي شارك.

وقال: تخيلوا أن المتهم يأتي إلى قاعة المحكمة الجزائية المتخصصة ويقوم بعرض آثار التعذيب عليه من قبل الأجهزة الأمنية إلا أن القاضي بعد ذلك يطلب من السجين شهود على صحة تعرضه للتعذيب.

وتحدث الآنسي عن قضية قتل حدثت بين عسكريين، ورغم أن القضية كانت مسألة دفاع عن النفس عندما تم ارتكاب عملية القتل إلا أن القاضي الابتدائي حكم بالسجن عشر سنوات، وعندما حركنا الاستئناف كان القاضي الذي أحالونا إليه غير مختص ورفضنا الترافع أمامه، لكننا فوجئنا بإصداره حكم براءة للمتهم وبدون عريضة استئناف.

وأضاف: صحيح أننا كنا نطالب ببراءة المتهم وهو الأصل في القضية إلا أن الإجراءات كانت غير صحيحة.

وأكد أن "القضاء ليس على رأسه عصام السماوي أو رئيس الجمهورية إنما وزير العدل الذي لا يمكن أن ينعقد اجتماع للمجلس إلا بحضوره، كما أن مرتبات القضاة هو الذي يتحكم فيها".

ودعا إلى تحصين القضاء من داخله وأن تكون الخمسة المناصب في مجلس القضاء الأعلى منتخبة وليست معينة.


سلوك القاضي


وفي المنتدى عرض محمد صالح الصهباني قضية زوجته إيمان أحمد غانم المتمثلة في عدم تطبيق أحكام قضائية منذ أكثر من 20 عاما حول منزل لها رغم توجيهات الرئاسة بتنفيذ الحكم.

من جهته قال محمد عبدالله الكبسي وكيل محافظة شبوة إن "مشكلة القضاء في اليمن هي في سلوك القاضي التي هي أيضا في سلوك الحاكم الذي لا يحاسب أحدا على تقصيره".

وأكد: أنه "عندما يغيب العدل توجد الأزمات والمشاكل، داعيا إلى دراسة الخلل القضائي أين يكمن، هل هي في القاضي نفسه أو في التشريع أو في السلوك أو في الفصل بين السلطات أو مراحل التقاضي أو التدخلات أو استقلالية القضاء".

من جهته دعا المؤرخ علي الذيب إلى الإقتداء بالنموذج التركي أثناء حكمهم لليمن حيث خصصت تركيا في ذلك الحين محاكم سيارة متنقلة لحل قضايا الناس بدلا من الذهاب إلى المدن.

من جهته اعتبر عبدالرحمن الشريف أن تسليط الضوء على الجانب القضائي مهم باعتباره من أهم القضايا في المجتمع.

وأشار الشاعر مقبل نصر غالب إلى قيام محكمة بالحديدة بإصدار حكم بإعدام متهم بالقتل بعد خمس سنوات من وفاة المتهم.

واعتبر أن وظيفة القضاء في اليمن وظيفة انتحارية نظرا لكم التدخلات والتهديدات التي تعترض القاضي أثناء عمله.

وأضاف: في حال افترضنا أنه تم إصدار حكم عادل من أحد القضاة لكن السؤال من سينفذ هذا الحكم.

وأكد أن الدولة لا تحترم القضاء وتسيء له من خلال تصرفاتها، معبرا عن أسفه أن الدولة تحاكم من يكتب عن فساد القضاء، ولا تحاكم من يمارس الإبتزاز على القضاة من قبل النافذين في هذا البلد.

إلى ذلك اعتبر أحمد طلان الحارثي أن القضاء من أهم القضايا التي تلامس حياة الناس، وقال: إن النظر إلى الواقع يؤكد كثير من السلبيات لدى القضاء اليمني.

وأكد أن مكمن الخلل في القضاء اليمني هو في عدم الانسجام بين الهيئات القضائية والتسيب الإداري المتمثل في غياب الرقابة على أداء القضاء فهناك محاكم لا يداوم القاضي فيها سوى يوم واحد في الأسبوع.

وأشار إلى أن الجهات المعنية لا تتفاعل مع الفرد في حال تقدم بشكوى لها عن أداء القاضي.

المجتمع الرقيب

وأكد القاضي منصور العرجلي أن القضاة هم خلاصة المجتمع، والمجتمع هو الرقيب لكل مؤسسات الدولة، فإذا كانت هناك رقابة مجتمعية فإن القاضي سيحسب ألف حساب لتصرفاته.

وقال: الأخطاء التي ترتكب هنا وهناك هي أخطاء شخصية وهي تحصل في أي مكان وأي زمان ولا أظن أنها تمثل توجها لجهة بعينها.

واتهم القاضي العرجلي المجتمع بالتقصير في الرقابة على أداء القضاة والمؤسسات بشكل عام، مؤكدا أن القضاة ليسوا معصومين من الأخطاء والفساد لكن إذا كانت هناك رقابة مجتمعية فستقل الأخطاء إلى حد كبير.

من جهته أشار عبدالخالق عزيز إلى وجود أغلاط في القوانين، وتناقضات مثلما هو حاصل في قانون الآثار الذي يحرم بيع الآثار على من قاموا بتسجيل ممتلكاتهم لدى الهيئة العامة للآثار، وهو مخالف لحق التملك الذي يتيح للفرد بيع ما يملك متى ما شاء ولمن يشاء، وإذا حاول بيعه على الهيئة فبثمن بخس.

ودعا عزيز في مداخلته إلى استقلالية السلطة القضائية وأن تكون منفردة، معتبرا أن المشكلة في أن القضاة يتلقون اتصالات هاتفية من نافذين بتغيير الحكم ، وفي حال عدم التنفيذ فإن قرار عزله أو نقله وارد في أي لحظة.

تعدت جغرافية الدولة

وأكد يحيى الشامي عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني أن مشكلة القضاء في اليمن لم تعد مشكلة محلية فحسب وإنما أصبحت حديث التقارير الغربية والتي كان آخرها تقرير الخارجية الأمريكية أمس الأحد.

وقال في مداخلته: يحضرني بهذه المناسبة أحد أسباب الثورة اليمنية والتي منها فساد القضاء، وإذا قسنا فساد القضاء اليوم بفساد القضاء قبل الثورة فإنه لا مجال للمقارنة، حيث سنجد أن الوضع اليوم أسوأ.

وأضاف: عندما أرى سيارة فارهة أتجنبها كثيرا لأنه في حال حصل شيء لا سمح الله فإن ذلك الشخص سيكون أقدر على الإفلات من العدالة.

وقال: "أشعر بمدى المرارة لدى المحامين الشرفاء عندما يجدون أن الدستور مرمي عرض الحائط وأن المتنفذين هم من فوق الدستور والقانون، وأنا أعرف كثير من مسئولي النيابات تركوا أعمالهم عندما رأوا أنهم لم يعد بإمكانهم أن يعبروا عن المجتمع".

وأكد أن "القضاء العادل والنزيه والمستقل هو أساس الدولة، وأن عدم استقلالية القضاء في اليمن مرتبط بأزمة النظام الحالية".

إلى ذلك قال عثمان العبسي إن "الفساد والإفساد في القضاء وفي البلاد أصبح نظاما قائما بذاته في كل مؤسسات الدولة والقضاء هو أحد مؤسساتها".

وأكد أنه "إذا فسد القضاء غابت العدالة وضاعت حقوق الناس في أموالهم وأعراضهم ودمائهم"، مشيرا إلى أن "القضاء يشكل أهمية كبيرة لدى الأديان السماوية بشكل عام حيث يعتبر القضاء فوق الحاكم، والقاضي في الديانات السماوية مستقل ولا يخاف إلا الله، والضمير هو الرقيب عليه".

واعتبر أن "إصلاح القضاء يكمن في إزالة السلطة الفاسدة وإقامة نظام رشيد يقوم على أساس الشراكة الوطنية والعدالة والمساواة وإصلاح النظام السياسي كاملا".

العدالة الدستورية

المحامي عبدالله الملحاني من جهته قال: إن مشكلة القضاء اليمني تتمثل أولا في النصوص الدستورية والقانونية، مشيرا إلى أن هناك غياب للعدالة الدستورية، حيث تحظى السلطة التنفيذية بـ 111 مادة، والسلطة التشريعية بمثل ذلك في حين لا تحظى السلطة القضائية إلا بـ 4 مواد دستورية فقط.

وأكد أن قانون السلطة القضائية أصبح باطلا لأنه جاء في فترة مؤقتة كما أن في 125 مادة تخص وزير العدل،، مشيرا إلى العيوب في الجوانب الإجرائية وقانون المرافعات، حيث لا توجد قوانين محددة لمدة التقاضي كما أنه لا توجد إدارة قضائية فاعلة.

وأشار الملحاني إلى أن أحد القضاة وهو موجود حاليا في السلطة القضائية العليا دخل المعهد العالي للقضاء وهو في السنة الثانية في كلية الشريعة والقانون.

وقال: إن الإدارة القضائية أصبحت لا تتمتع بالكياسة والفهم، كما أنها لا تتقن اختيار طلاب القضاء، وتعمل على وضع قضاة غير أكفاء في أماكن هامة.

وتساءل خالد الهندوان عن أسباب عدم قدرة المواطنين على مقاضاة القضاة الفاسدين.

فيما تساءل عبدالسلام الخديري عن أسباب ابتهاج الأقوياء والفاسدين باللجوء إلى القضاء.

ودعا على الوافي الباحث الإقتصادي إلى تشكيل هيئة رقابة شعبية للقضاء من أجل مناصرة المظلومين من القضاة والمواطنين.