الشيخ صادق يؤكد أن الفساد هو السبب الرئيسي وراء تراجع سعر صرف الريال

أكد الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر رئيس منتدى الأحمر أن انهيار العملة الوطنية أمام الدولار سببها الوحيد هو الفساد.

ودعا - خلال منتدى اليوم - إلى عدم تحميل أي جهة أخرى المسئولية، مؤكدا أن الفساد الذي أصبح مستشر في كل مفاصل الدولة هو السبب الرئيسي والوحيد، داعيا إلى مواجهة الفساد أولا من أجل إعادة قيمة العملة الوطنية.

وفي المنتدى الذي خصص لمناقشة تدهور الريال أمام الدولار، قدم الدكتور عبدالغني الإرياني الخبير في التنمية والمشارك في التقارير الدولية ورقة حول أسباب ومعالجات انهيار العملية الوطنية، أكد فيها أن الوضع الاقتصادي في البلاد معتمد بشكل شبه كلي على النفط والغاز، فيما القوى العاملة غير المستغلة، ونسبة البطالة تصل إلى ثلث القوة العاملة.

وقال الارياني في ورقته تحت عنوان "أزمة سعر الصرف": إن عدم وجود رؤية اقتصادية سليمة لدى أصحاب القرار زاد من الصعوبات التي الاقتصاد اليمني".

وأكد أن "النظام اتخذ من النموذج الاقتصادي في دبي قدوة لليمن دون إدراك الفوارق الهائلة بين ظروف البلدين".

وأشار إلى أن نموذج دبي "قام على أربع قوائم هي رأسمال داخلي هائل، وقوة جذب هائلة للرأسمال الخارجي، وعمالة عالية التأهيل من جميع أنحاء العالم، ودولة عالية الكفاءة والاستقرار والأمن والمصداقية.

وأكد أن تلك المقومات غير موجودة في اليمن بل الموجود هو العكس تماماً.

وحذر الإرياني من أن "الوضع الاقتصادي لا يشير إلى احتمالات نمو تتناسب مع النمو السكاني وبالتالي فإن مؤشرات الفقر والجوع تتزايد".

 

وضع نقدي خطير

 

ووصف الإرياني الوضع النقدي في البلاد بأنه خطير جداً، وما "يزيد تعقيد الوضع وجود قنبلتين موقتتين في جسد المنظومة النقدية اليمنية الأولى هي اضطرار الحكومة لتثبيت سعر الصرف بأي ثمن، والثانية أذون الخزانة".

وأشار الإرياني إلى "أن استمرار أذون الخزانة حتى الآن كونت تشوهاً في النظام البنكي التجاري نتيجة لارتفاع فوائد أذون الخزانة، حيث لجأت البنوك إلى استثمار ودائعها فيها بدلاً من إقراضها للجمهور وخلق حركة اقتصادية، كما أن حوالي 60% من ودائع البنوك التجارية وحوالي 80% من أرباحها تعتمد على أذون الخزانة، وهذا كلف الخزينة العامة حوالي 400 مليون دولار في 2008م" .

وأكد أن "أذون الخزانة أعاقت الحركة الاقتصادية، وتحولت إلى أداة دعم غير مباشر لعدد من البنوك الضعيفة فإذا توقفت أذون الخزانة تتعرض تلك البنوك للانهيار".

ووصف الإرياني دعم سعر الصرف بأنه تشوه ضار بالاقتصاد، وقال إنه يؤدي إلى استهلاك قدر أكبر من الواردات ويستفيد منه الأغنياء أكثر بكثير مما يستفيد منه الفقراء.

وأضاف: أن "هذه الإجراءات التي يقصد منها الحد من تدهور سعر العملة المحلية قد يكون أثرها الجانبي هو ازدياد هشاشة الوضع النقدي والاقتصادي بشكل عام".

وأكد الإرياني أن اليمن أصبح مصدراً صافياً لرأس المال الأجنبي، معتبرا أن ذلك مؤشر على ميل السوق نحو الدولره.

وقال: إن ذلك يسبب ضغطاً إضافياً على سعر الصرف وقد يؤدي في وقت من الأوقات إلى الهلع واتجاه الجمهور إلى سحب ودائعهم من البنوك وتحويلها إلى عملة صعبة، محذرا من أن هذا "سيكون شرارة اندلاع (التضخم الجامح) الذي عواقبه الاقتصادية والسياسية مرعبة".

 

حلقة خبيثة

 

وقال الإرياني: إن البنك المركزي اليمني يعاني من (حلقة خبيثة) يصعب الخروج منها، داعيا إلى إيقاف دعم المشتقات النفطية للخروج من هذه الحلقة، مؤكدا أن إيقاف دعم المشتقات سيوفر ما بين 2-3 مليار دولار هذا العام.

كما دعا - للخروج من الحلقة الخبيثة - إلى إيقاف الإنفاق العبثي، مشيرا إلى أن الحكومة "أنفقت خلال الربع الأول من هذا العام أكثر من ثلث الميزانية وهذا يزيد من أثر العجز الكبير في الميزانية العامة الذي يصل إلى 7.7% من الناتج المحلي".

وشدد الإرياني على ضرورة تحسين التحصيل الضريبي، وإصلاح الخدمة المدنية بحيث تنخفض فاتورة الرواتب إلى مستوى معقول.

 

إصلاحات سياسية

 

وأشار الخبير في التنمية الاقتصادية إلى أن الإصلاحات الاقتصادية "تتطلب إصلاحات سياسية توفر لصاحب القرار قاعدة سياسية واسعة وتحرره من ضغوط أصحاب المصالح".

واعتبر أن المسئولية اليوم "صارت مشتركة بين الحزب الحاكم والمعارضة للوصول إلى اتفاق سياسي يحمي البلد من مخاطر الانهيار الاقتصادي والفوضى".

وأكد أن توفر الإرادة السياسية لدى الحزب الحاكم والتزام المعارضة بدعم أي معالجات اقتصادية ضرورية لحماية الصالح العام، وكفيلة بإخراجنا من هذه الأزمة.

وفي تعقيبه على المداخلات دعا الإرياني إلى طمأنة الناس، مشيرا إلى أن حديثه الذي وصف بالناري في السعيدة، كان مجرد دق ناقوس الخطر بسبب أنه لم يجد أذنا صاغية من قبل الحكومة.

ودعا إلى "إيجاد حلول مجتمعة قبل إيقاف أذون الخزانة، من خلال زيادة موارد الدولة، الذي لن يأتي إلا من خلال إصلاح إقتصادي يأتي بعد إجراء إصلاح سياسي".

وأكد الإرياني أنه بدون التزام كل الأطراف في المنظومة السياسية بالإصلاح السياسي لايمكن معالجة مشاكلنا الإقتصادية.

  

إجماع على الحل السياسي

 

وقد أجمع المشاركون في المنتدى أن المشكلة الإقتصادية في اليمن في الأساس مشكلة سياسية وبحاجة إلى حلول سياسية في المقام الأول.

وقال الدكتور ناصر العولقي وزير الزراعة الأسبق إن الحل السياسي هو المدخل للحل الاقتصادي.

ودعا رئيس الجمهورية إلى أن يوجه الدعوة لأبناء اليمن للجلوس على طاولة الحوار "حوار وطني شامل يضع كل الأمور بشفافية على الطاولة والابتعاد عن المكايدات السياسية".

وشدد على ضرورة أن تكون هناك خطوات جادة في اتجاه الحوار من الجميع، "لأن الترقيعات لم تعد تجدي، والفساد أصبح في منظومة الدولة".

وأكد أن "قضية انهيار الريال اليمني هي قضية كل مواطن يمني"، لكنه عبر عن أسفه أن "الأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة لا تولي الجانب الاقتصادي الاهتمام الكافي في برامجها السياسية، وإن تناولتها فهي لا تناقشها في الحملات الانتخابية".

وقال: "منذ عشرين سنة ونحن نعقد الأمور حتى وصلنا إلى الوضع الاقتصادي المأساوي الحالي، فبعد الوحدة اليمنية كان هناك جمع بين نظامين لم يتم مراعاة الفروق بينهما ولم ينظر للأمور بشكل جيد، وكان الأمر هو دمج فقط، وجاءت بعدها حرب 94 ووصل الاحتياطي النقدي حينها إلى 290 مليون دولار، والآن حتى وإن تراجع الاحتياطي إلى مليار فإنها ستكون كارثة كبرى".

ودعا العولقي إلى التفاؤل وعدم اليأس، مشيرا إلى أن هناك جملة قرارات اتخذتها الحكومة يمكن أن توقف التدهور الحاصل، لكنه انتقد في ذات الوقت رفع التعرفة الجمركية، وقال: إنها ستفاقم من مشكلة التهريب، مشيرا إلى أنه مع "هذه القرارات السيئة لأن الحكومة هي من أوصلت نفسها إلى هذه القرارات".

وأكد أن "أبو بكر العطاس كان قد حاول تقديم إصلاحات اقتصادية لكنها تعرقلت بسبب الفساد الذي عرقل محاولات عبدالعزيز عبدالغني في تنفيذ الإصلاحات التي كان يقترحها بعد حرب 94".

واعتبر أن اعتماد الاقتصاد اليمني على النفط والغاز مأساة، مشيرا إلى أن "اليمن قفزت في قطاع الخدمات، ولكنها تراجعت في الإنتاج الذي يعد الاقتصاد الحقيقي لأي دولة".

ودعا العولقي إلى "التأمل لواقع الدولة الجارة عمان التي كانت قبل سنين معدودة أسوأ من اليمن، لكن تضاعف دخل الفرد فيها إلى أن أصبح اليوم يفوق دخل الفرد اليمني بـ 20 مرة".

وقال: "الحكومة في اعتقادي تسعى إلى أن يكون سعر الدولار 250 ريال من أجل حل العجز الذي تعانيه ميزانيتها حيث رأت أنه لامجال للحد من العجز إلا برفع سعر صرف الدولار".

 

الاقتصاد سياسة مكثفة

 

إلى ذلك اعتبر الدكتور محمد صالح قرعة عضو مجلس الشورى أن المشكلة الاقتصادية هي مشكلة سياسية بالدرجة الأولى.

وقال: الاقتصاد في بعض تعريفاته هو سياسة مكثفة، داعيا إلى تكاتف الجهود بين قوى المجتمع المدني في السلطة والمعارضة.

واعتبر أن الفساد هو العامل الرئيسي في تدهور سعر الصرف، مشيرا إلى "أن الدولة - التي فرضت رفع سعر التعرفة الجمركية - لايصلها سوى 30% من هذه الجمارك بسبب الفساد، وغياب سياسة وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب".

وأكد الحاجة إلى "أن يوجد في أجهزة السلطة الإنسان المناسب في المكان المناسب، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب".

وقال: إن فاتورة دعم المشتقات النفطية تفوق فاتورة الأجور لجميع موظفي الدولة، ومسألة أذون الخزانة أصبحت تشكل عبئ على الاقتصاد".

وأكد أن معالجة تراجع الريال أمام الدولار بحاجة إلى مكافحة الفساد أولا، داعيا جميع الأحزاب إلى عدم تسجيل مواقف فقط، مؤكدا "أننا أمام وضع اقتصادي يستدعي من الأحزاب وضع برامج اقتصادية قابلة للتنفيذ".

إلى ذلك اعتبر الدكتور حسن ثابت أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء أن المشكلة الاقتصادية هي في الواقع مشكلة سياسية.

وأكد أن اليمن لا تعاني من فقر في الموارد وإنما تعاني من فقر في الإدارة.

 وأشار إلى مجموعة من الأسباب قال إنها وراء تراجع سعر الريال أمام الدولار وتتمثل في "انخفاض الدخل من العملة الأجنبية، وتقليص المنح والمساعدات بسبب عدم الثقة في الحكومة، وتقلص الإستثمارات نظرا لغياب الأمن، بالإضافة إلى أن رفع سعر الصرف كان يعد له منذ فترة".

ودعا الدكتور ثابت إلى ترشيد الإنفاق إلى 50%، وتنمية الموارد الإنتاجية والحد من الفساد، والبحث عن معادن أخرى غير الغاز والنفط، وتنمية مهارة اليد العاملة اليمنية.

وأشار إلى أن من ضمن أسباب تراجع الريال هو تراجع السياحة، واستنزاف الموارد في الحروب والقلاقل، وفشل الدولة وعدم الاعتراف بالأخطاء.

واعتبر أن المعالجات الخاطئة للأزمات تخلق مزيد من الأزمات، مؤكدا أنه "ليست هناك معالجات صحيحة وأغلب المعالجات هي علاج مصلحية".

 

استغراب

 

وعبر المهندس عبدالله محسن الاكوع وزير الكهرباء الأسبق عن استغرابه لتأخر قرار الحكومة توزيع الدولار مباشرة من شبابيك البنوك.

وقال: لا أدري لماذا تأخرت الحكومة لمدة شهرين حتى قررت هذا القرار وكان كل ما عمله هو تحذير البنوك من تحويل الودائع".

واتهم الأكوع "البنك المركزي بالتقاعس عن القيام بدوره، ما تسبب في إيجاد هلع لدى المواطنين نحو الدولار".

وعبر الاكوع عن خشيته "أننا ما زلنا نعيش تبعات مؤتمر لندن" الذي فرض ما قال إنها إصلاحات اقتصادية، معتبرا أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة حاليا لمواجهة تراجع الريال أمام الدولار ليست إلا محاولة لامتصاص غضب.

ودعا الأكوع مجلس النواب إلى القيام بدورة إزاء قرار الحكومة برفع التعرفة الجمركية لـ 71 سلعة ، مؤكدا أن ذلك ليس هو الحل.

 

الهجرة الثالثة لليمنيين

 

إلى ذلك أكد يحيى الشامي عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني أنه إذا لم يتم البحث عن حلول فإن الهجرة الثالثة لليمنيين قادمة، مشيرا إلى أن اليمنيين سبق وأن هاجروا مرتين وكانت الهجرة الأولى بعد انهيار سد مأرب، والهجرة الثانية أثناء الفتوحات الإسلامية.

وقال: "رغم أننا الآن على حافة الانهيار لكن لايبدو أن هناك شعورا لدى السلطة بالقلق، وهذا ناتج عن التخلف في عقليتها لأنهم لايتصرفون بعقليات رجال دولة".

وأكد أن اليمن "تملك من الإمكانات ما يساعدها على تجاوز هذه المشكلة"، داعيا إلى العمل على تخصيص نسبة مئوية تكون للانتاج المحلي، مشيرا إلى أن اليمن لديها ميادين واسعة للانتاج الزراعي والصناعي والسمكي لكنها لاتستغلها.

ودعا الشامي رئيس الجمهورية ومسئولي الحكومة إلى اتخاذ "قرارات شجاعة" لدعم الإنتاج المحلي، وقال: "إن بإمكان رئيس الجمهورية ومسئولي الحكومة أن يعلنوا عن خلعهم للملابس المستوردة وأنهم لن يلبسوا إلا صناعة محلية بغرض دعم وتشجيع الإنتاج المحلي".

وأكد انه وقبل أي إصلاح اقتصادي "لا بد أن يكون هناك إصلاح سياسي"، مشيرا إلى "أن المعارضة التي هي أحزاب عريقة منذ ما قبل الثورة اليمنية وليست متطفلة تطرح جملة من المقترحات لكنها تواجه بالاستهتار ويرمى بها عرض الحائط من قبل المتطفلين في الحكومة".

ودعا الشامي إلى "وضع استراتيجية يكون عنوانها الرئيسي الحرية والديمقراطية والقضاء المستقل والسلطة التشريعية المستقلة والإيمان الحقيقي بالتداول السلمي للسلطة، وان تتوقف أجهزة الأمن عن القمع".

وأكد أن "الوضع في منتهى الخطورة ومخيف"، داعيا "قيادات البنك المركزي والحكومة إلى الرحيل"، كما دعا المنتدى إلى دفع القوى السياسية للقاء من أجل إصلاح الأوضاع.

من جهته اعتبر شهاب الدين المحمدي مدير عام الإعلام بوزارة الأوقاف والإرشاد أن الحل هو بمحاربة الفساد والمفسدين، مؤكدا أن البلاد على شفى جرفهار وأنها مقبلة على النفق المظلم كما قال الشيخ عبدالله - رحمه الله.

الدكتور عبدالقوي الشميري أمين عام نقابة الأطباء اليمنيين من جهته أكد أنه "لايمكن لأي نظام أن يصلح أوضاعه ولديه مصالح غير مشروعة".

واعتبر الشميري أن من العيب أن نحمل المعارضة جزء من المسئولية وهي مقصية من الحكم منذ 15 سنة، مضيفا: إذا كانت المعارضة "ماسكة" للأمور ولم تقدم لنا حل فعلينا أن نثور عليها وإذا كانت السلطة هي المسئولة فعلينا كذلك أن نثور عليها.

وقال: إن ما يجري للعملة الوطنية هو نهب لموارد الناس بهدف الانتخابات القادمة، حيث تنوي الحكومة جمع الترليونات بهدف توزيعا لشراء الأصوات.

إلى ذلك دعا عثمان العبسي الحكومة إلى الرحيل، متهما إياها بالوقوف وراء ما نعانيه في هذه البلاد.

وقال عبدالرحمن الشريف إن "لدينا في اليمن سلطة وليس لدينا دولة، حيث أن السلطة ليست بحاجة إلا إلى جهاز واحد هو الجهاز الأمني، فيما الدولة تتكون من مؤسسات تتنوع بين التعليمية والصحية والإجتماعية.

وقال: أذكر مرة أن محافظ الضالع الأسبق رحمه الله قال لي ذات مرة أن هناك 35 نظام اقتصادي في العالم بتم العمل بها، في اليمن لا يوجد واحدة على الإطلاق".

 

لقراءة نص ورقة الإستاذ عبدالغني الإرياني المقدمة إلى المنتدى على الرابط التالي:

 

http://www.alahmar.net/news_details.php?sid=1106