كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ: 6/12/1999م في جامعة صنعاء في المهرجان الذي أقامه الاتحاد العام لطلاب اليمن ومنظمة الدعوة الإسلامية من أجل نصرة الشعب الشيشاني

 

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل

(أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)

والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ".

الحاضرون جميعاً :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

يسعدني أن نجتمع اليوم في هذه القلعة الأكاديمية من أجل نصرة إخواننا المشردين والمبعدين من ديارهم في الشيشان وفي البداية أود أن أشكر الاخوة في منظمة الدعوة الإسلامية والإتحاد العام لطلاب اليمن فروع جامعة صنعاء اللذين نظموا لهذا المهرجان المبارك شعوراً منهم بالمسئولية وبحق الأخوة الإسلامية فلهم جزيل الشكر على مبادرتهم الطيبة .

وأنه لشرف عظيم لي أن أرعى هذا المهرجان وهو أقل واجب يمكن أن يقدمه المرء في سبيل هذه القضية الإنسانية والتي يواجه فيها إخواننا في الشيشان هجوماً شرساً وشاملاً على أراضيهم من القوات الروسية التي تأكل قرى ومدن الشيشان قطعة قطعة مخلفة ورائها الخراب والدمار والدماء والأرامل واليتامى في ظل الصمت المخزي للدول العربية والإسلامية التي تملك الكثير من الأوراق ووسائل الضغط ضد روسيا ولكنها مع الأسف الشديد لم تستخدمها متناسية أن المستهدف من هذا هو الإسلام وسوف يظل الإسلام مستهدفاً أينما وجد مصداقاً لقوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ولو طاف الفرد منا بناظره في العالم الإسلامي لوجد أن المؤامرة شاملة لا تستثني أحد.. فهناك  شعب يحاصر ويموت جوعاً وشعب تمارس ضده التصفية العرقية بأبشع صورها وشعب يقصف وتدمر أرضه وشعب يّخرب إقتصاده وهكذا يتآمرون على المسلمين وصدق الشاعر حيث قال :

أن اتجهت إلى الإسلام في بلد      *      وجدته كالطير مقصوصاً جناحاه

ورغم الدروس المريرة والضربات المتكررة نجد المسلمين في سبات عميق أضف إلى ذلك أنهم تفرقوا فذهبت ريحهم والله قد نهانا عن التفرق لخطورته ،أما الحكام فهم مكبلون بالديون والقروض والمساعدات مأسورين للشرق والغرب لا يقدرون على شيء يبتغون العزة بغير الإسلام فأذلهم الله .

الحاضرون جميعاً :

إن إستمرار هذه الحرب الظالمة ضد الشعب الشيشاني المسلم وتشريد الآلاف من أبنائه وتقتيل البعض منهم لا يوجد لها ما يبررها وإننا لنستغرب صمت المجتمع الدولي تجاه ما يجري في الشيشان ولا نجد لذلك تفسيراً مقبولاً إلا أن الحقيقة المؤلمة هي أن هؤلاء يواجهون الإبادة لأنهم مسلمون وما أحداث البوسنة والهرسك وكسوفا والبانيا ببعيدة عنا ..

إن التنديدات الدولية التي تصدر على إستحياء بين حين وآخر تعكس لنا حجم التواطؤ الكبير الذي تقوده قوى الإستكبار في العالم ضد قضايا المسلمين بصورة عامة .

وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تدّعي أنها مع حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها فإنها مطالبة  بترجمة تلك الشعارات من خلال دعم حق الشعب الشيشاني في تقرير مصيره وممارسة نفس الضغوط التي مارستها في سياسة الكيل بمكيالين تجاه قضايا الشعوب في العالم حتى تستعدي الأمم ضدها فالحكام يتغيرون ويتبدلون وتبقى الشعوب ذاكرة حيّة لا تنسى الإساءات ..

الحاضرون جميعاً :

إن معاناة الشعب الشيشاني اليوم ليست الأولى في تاريخ هذا الشعب الأبي فلقد تعرض مسلمو هذا البلد لحروب عديدة من قبل قياصرة روسيا منذ بداية القرن الثامن عشر ثم تلت ذلك حملات عديدة استهدفت إبادتهم لأنهم أمة حية شديدة التمسك بالإسلام وبعد إنتهاء دولة القياصرة عانى الشيشان الويلات على يد الشوعيين فلقد عمد لينين إلى تجويعهم وتشريدهم من أراضيهم ثم جاء من بعده ستالين الذي شرد شعب الشيشان بأكمله سنة 1944م إلى سيبيريا القارسة ورغم الظروف الصعبة التي عاشها هؤلاء خلال فترة النفي الجماعي إلا أنهم استطاعوا المحافظة على هويتهم وعادوا من جديد إلى وطنهم ولم تفلح فيهم تلك المحاولات واليوم تتجدد المؤامرة لتصفيتهم وتشريدهم من ديارهم ويبدوا هذه المرة أن القوات الروسية الغازية قد عقدت العزم على طرد السكان جميعاً وإحكام السيطرة على الأرض وهكذا يواجه المسلمون محنة جديدة ومصيبة أخرى وتتكرر صورة المؤامرة وتتخذ فيها المآسي أشكالاً متعددة والإسلام كما أسلفنا هو المستهدف من كل ذلك .

الحاضرون الأعزاء :

إن الواجب يحتم علينا عدم الإكتفاء بالشجب والإستنكار والمظاهرات السلمية وإن كان كل ذلك مطلوب بل إن الأمر يحتاج منا إلى بذل المساعي ومضاعفة الجهود للتعريف بقضية هذا الشعب المنكوب الذي لا يزيد عدد سكانه عن مليون مسلم إذ لابد من لفت أنظار العالم لمأساته من خلال إعلامنا الرسمي والحزبي وفضح المؤامرات التي تحاك ضده مع المقارنة بما نالته الأقليات الغير مسلمة من نصرة دولية وحق تقرير المصير لمجرد أنهم أقليات مسيحية أو غير دينية والتي كان آخرها سلخ تيمور الشرقية عن اندوسيا بالقوة ومنحها حق تقرير المصير في الوقت الذي يباد فيه المسلمون في الشيشان ولا أحد يتحدث عن حقه في تقرير مصيره ..كما أن بذل المال من أهم الوسائل المؤثرة في قلب الموازين لصالح المجاهدين الشيشان والله سبحانه وتعالى قد قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس لحكمة بالغة حتى لا يكون لأي مسلم قادر على بذل المال عذر في التأخر عن تقديم الدعم ..

ولهذا فإني أهيب بكم جميعاً أن تجاهدوا في سبيل الله بأموالكم دعما لإخوةٍ لكم يواجهون الموت الحقيقي لأنهم يقولون ربنا الله .

وتأكدوا أنه مهما كان البذل بسيطا فإنه عند الله عظيم وله الأثر الكبير على نفوس المجاهدين هناك لأن ذلك يشعرهم أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة الطغيان والله جل جلاله يطلب منكم بذل الأسباب وعليه النتائج ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) صدق الله العظيم،،

نسأل الله العلي القدير أن ينصر إخواننا المظلومين في الشيشان ويثبت أقدامهم ويوحد صفوفهم إنه سميع مجيب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp