في رحيل طبيب اليمن وكابح جماح الحملات الإنتخابية * جميل الجعدبي

  

المؤتمر نت 2/1/2008م

  • لا شك أن رحيل الشيخ والمناضل الوطني الكبير عبد الله بن حسين الأحمر يمثل خسارة فادحة لوطننا اليمني والأمة العربية والإسلامية مثلما سيخلف ذلك فراغاً سياسياً واجتماعياً لواحدٍ من أهم رموز الثورة اليمنية ورواد العمل الوحدوي الديمقراطي وركيزة أساس في محيط الوسط الاجتماعي في اليمن قبلياً وسياسياً وأكفأ الأطباء المتخصصين لمعالجة أشد المشاكل والقضايا المعقدة التي مرت بها اليمن طوال العقود الماضية بما فيها مؤخراً تداعيات الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة العام قبل الماضي.
  • ومن البديهي أن يخالج المرء وخاصة المشتغلين بالصحافة في مثل سني شعور ما بالهيبة وهو يحاول قراءة ما تيسر من تراث الراحل في سطور قليلة لا يمكن أن تفي بحق منظومة تاريخية متكاملة من الحكمة والنضال والشجاعة والأخلاق والأداء السياسي المسئول والعقلاني . غير أن الواجب الأدبي والإنساني وقبلهما الشعور بالخسارة الفادحة - وعندما يعتصر الحزن قلوب الجميع - يقتضي الوقوف إجلالاً وإكباراً لتذكر واستذكار دروس ثمينة ووصايا مرجعية قدمها الراحل في السنوات الأخيرة من عمره .
  • فمن منا -على سبيل الأمثلة القريبة- لا يتذكر الشيخ عبد الله وهو يضبط مسار أقوى حملة انتخابية شهدتها بلادنا في سبتمبر 2006م العام قبل الماضي ويكبح جماحها بجملته الشهيرة حينما حدد مرشحه للانتخابات الرئاسية مُغِّلباً عاطفة الأبوة نحو أبناء الشعب اليمني كلهم ومؤثراً المصلحة الوطنية على عاطفة الأبوة الحقيقية نحو نجله الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر والذي كان يومها بأمس الحاجة للاستفراد وحده بعاطفة الأب لدعم حملته الانتخابية المضادة ،
  • أتذكر في أخر خطاباته رحمه الله - إن لم تخونني الذاكرة -وضمن سلسلة مواقفه الشجاعة والداعمة لقضايا الشعب الفلسطيني يُحرج فقيد اليمن والأمة العربية والإسلامية الحكام العرب أيما إحراج بمطالبتهم في مهرجان تضامني لنصرة الشعب الفلسطيني أواخر العام 2006م بالوقوف وقفه صادقة مع الله ومع أنفسهم ومع شعوبهم ، داعياً إياهم لإفساح المجال أمام شعوبهم إذا كانوا غير قادرين على تمثيل شعوبهم كي تقوم بواجبها في دعم ونصرة إخوانهم في فلسطين ، وحتى لا يكون الحكام شركاء في العدوان ودعم المعتدي الغاصب .
  • أتذكر أيضاً وصية أخرى نستشعر منها معاني الاعتزاز بالوطن والنفس حينما سئل الشيخ عبد الله عام 2004م في حوار مع صحيفة القدس العربي حول ما إذا كان يعتقد بوجود إشكاليات تفتعل لعرقلة دخول اليمن لمجلس التعاون الخليجي .. وفي إجابة المغفور له بإذن الله تعالى نلحظ كيف تمكن بعباراته العفوية من المحافظة على علاقته وصداقاته بالمسئولين في دول الخليج ، وكذا حفظ كبرياء وطنه ملقياً بالكرة في نفس الوقت في مرمى الطرف الآخر حيث قال يومها رداً على السؤال: " دخولنا مجلس التعاون ليس قضية مصيرية لنا ، إن انضمام اليمن للمجلس قوة لنا كما هو قوة لهم ، فيه فائدة لنا ولهم ، الأمر عائد لهم ، أي للإخوان في مجلس التعاون ، نحن أبدينا استعدادنا ورغبتنا وطلبنا والباقي عندهم" .

فرحم الله الشيخ والأب والحكيم عبد الله بن حسين الأحمر

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp