فراغات الشيخ * عبدالعزيز المجيدي

المصدر 1/1/2008م

أربع مواقع شاغرة خلفها رحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، إن سدت واحدة فإن ثلاثاً منها قد تستأثر بنقاش عام في قادم الأيام.

كشيخ لأهم قبيلة من حيث الثقل الاجتماعي والسياسي فإن الرجل بدأ مبكراً ترتيب زعامة "حاشد"، فضلاً عن بيته الصغير بتوزيع الأدوار بين أنجاله، مع شعوره بدنو الأجل.

وقد حسم أمر خلافته في موقعه القبلي منتصف العام 2007 قبل سفره الأخير للعلاج، بتسليم "جنبيته" برمزيتها القبلية لنجله الأكبر صادق.

بإعلان الشيخ الوريث نبأ نعي والده صباح السبت الماضي، وتصدره استقبال التعازي يكون صادق بدأ مزاولة مهامه ككبير مشايخ حاشد، ومعها يتحدد ملامح مستقبل قبيلته وعلاقتها بالدولة، فضلاً عن مستقبله القبلي والسياسي شخصياً.

لكن ثلاثة مواقع هامة فتحت بمجرد مواراته الثرى: رئاسة مجلس النواب، رئاسة الهيئة العليا للإصلاح، ودائرته الانتخابية في محافظة عمران.

طيلة دورات انتخابية ثلاث لمجلس النواب (93، 1997، 2003) ظلت رئاسة مجلس النواب حصرياً للشيخ عبدالله، مع أنه يرأس حزباً معارضاً لم يتمكن من حصاد أكثر من 60 مقعداً في أحسن حالاته. حتى الآن فقد حافظ الشيخ على موقعه كرئيس للمجلس، وفي كل مرة انفرد الرجل بالإجماع ليس بأغلبية حزبه، لكنها التسوية الفوقية مع رأس السلطة تكريساً للمقولة الذائعة: شيخ الرئيس، ورئيس الشيخ.

بدنو الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر 2006 واجه موقع الشيخ مناورة استباقية، ليست بعيدة عن حسابات الموقف من التنافس على الموقع الأول في البلد: أقر مجلس النواب تعديل لائحته الداخلية، وجعل من موقع رئاسة مجلس النواب خاضعاً للتجديد كل سنتين بدلاً من ست.

ومع أن الأمر حسم بإعادة التجديد للشيخ في فبراير 2005 دون منافسة، لكن الموقع كان قد بدأ بالاهتزاز فعلياً.

برحيل الشيخ فإن مجلس النواب لن يضطر فقط إلى انتخاب من يخلفه، بل إن جميع أعضاء هيئة رئاسة المجلس ستكون مدتهم القانونية قد انتهت بحلول فبراير المقبل، وفقاً للائحة الداخلية للمجلس. بموجب اللائحة نفسها، بحسب إفادات بعض الأعضاء لـ"المصدر" فإن مجلس النواب لن ينهي إجازته السنوية قبل نهاية يناير الجاري.

ليس معلوماً على وجه الدقة من يخلف الشيخ في المجلس، ووحده المؤتمر الشعبي العام يستطيع تحديد هوية الرئيس القادم، لكن الكيان الذي طالما وصف بحزب الرئيس لن يستطيع الإفلات في القاعة من قرار فوقي.

يفضل الكثير من أعضاء مجلس النواب التريث في إلقاء توقعاتهم بشأن رئيسهم القادم، غير أن شخص يحيى الراعي الذي ظهر في دورتين انتخابيتين للمجلس كرجل ثاني هو الشخصية المرجحة للموقع.

وبالنسبة لحزب كالتجمع اليمني للإصلاح الكيان الأبرز في تكتل اللقاء المشترك فإن رحيل رئيسه كان خسارة بالتأكيد على المستوى السياسي، لكن بنيته التنظيمية كانت أكثر استيعاباً للصدمة.

يمكن التعامل الآن مع نائب رئيس هيئته العليا محمد اليدومي كرئيس لحزبه دون تحرج، رغم أنه يزاول هذه المهام فعلياً منذ مؤتمر الإصلاح الرابع في ديسمبر 2006. بحسب نظامه الأساسي، فإن حزب الإصلاح لن يضطر إلى أي إجراء رسمي لملئ موقع رئيسه ما لم يشغر موقع النائب.

وقتها فقط يتعين على مجلس شورى الحزب "لجنته المركزية" انتخاب رئيس ونائب لممارسة المهام حتى يحين موعد انعقاد المؤتمر العام وفقاً لمصدر في الحزب.

ويبدو أن ترميمات ما بعد رحيل الشيخ في الهيكل القيادي لحزب الإصلاح قد تم الاستعداد لها منذ مؤتمره الأخير مستعيناً بنظامه الأساسي.

كان الإصلاح أعاد انتخاب الشيخ عبدالله رئيساً لهيئته العليا بالمخالفة لنظامه الأساسي الذي حدد فترتها بثلاث دورات انتخابية وقد أنهاها الشيخ على سدة حزبه.

في خطوة بدت مشدودة للتاريخ ولعبة التوازنات، فضل الإصلاح عبر مؤتمره العام تمرير استثناء للشيخ عرضه مجلس شوراه، وأعاد تتويجه رئيساً في لحظة انطوت على نوع من التكريم والامتنان لدور رئيسه المثقل بالمرض آنذاك.

لكن الحزب المعارض الأكبر بدا كمن يشرع لخصومه قبل حلفائه التمديد كمسوغ ليطال كرسي الحكم أيضاً بذات الذرائع.

وقتها بدأ السؤال الأخطر يمضغ على أكثر من صعيد: هل سيرث أحد أبناء الشيخ، وتحديداً حميد موقع والده في الإصلاح؟! وهو ذات السؤال الذي يتجدد الآن.

يراهن الحزب وفق تصريحات قياداته على مؤسساته الداخلية لمعالجة أي طارئ، ويستبعد قيادي في الحزب لجوء الإصلاح إلى تصعيد حميد خلفاً لوالده، حفاظاً على ذات الغاية التي ربطته بالشيخ الأب، لكنه مع ذلك قال لـ"المصدر" إن من يقرر في الإصلاح "مؤسساته، وليس الأشخاص". ألم تفعل ذات المؤسسات في استثناء الشيخ الأب؟!

بالنظر إلى المواقع السابقة فإن دائرة الشيخ الانتخابية (283) في منطقة خمر بني صريم بمحافظة عمران ليست أقل أهمية.

ربما لن يكون مستقبل الدائرة من الناحية السياسية مؤثراً، لكنه يحمل أهمية قبلية محضة.

خلال الانتخابات النيابية الأولى والثانية ظلت الدائرة مغلقة للشيخ، بإجماع قبلي، وظهرت أول بوادر تنازع بين رؤوس قبائل حاشد، في انتخابات 2003 الماضية.

لقد نافس وليد شويط وهو نجل أحد مشائخ منطقة خيار بني صريم الشيخ عبدالله حتى الأيام الأخيرة، وانسحب قبل يوم الاقتراع بعد تسوية قادها الشيخ الراحل مجاهد أبو شوارب كان من جملة ما أفضت إليه انسحاب نجله صادق من مواجهة الشيخ حمود عاطف.

في المدى القريب قد تعكس الدائرة شيئاً من ملامح حاشد المقبلة، فإما أن تفضي إلى حفاظ أسرة الشيخ على مقاعدها الأربعة في المجلس أو أن تتمكن تحفزات الآخرين من تقليص نفوذ أسرة الشيخ الأحمر الواسع في حاشد.

  

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp