عهد الرئيس / علي عبدالله صالح 1978 - …

 

في قمة الدولة في صنعاء

 

رابعاً : عهد الرئيس علي عبدالله صالح (1978 -…)

 

لم يكن الشيخ /عبدالله بن حسين الأحمر موافقاً على أن يكون المقدم /علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية بعد اغتيال الرئيس أحمد الغشمي حرصا منه على بقاء القوات المسلحة بعيدة عن الصراعات السياسية ورغبة في عودة الأمور إلى مجاريها وذلك بعدم تكرار الغلطة التاريخية بتسليم السلطة للعسكريين وأن يتولى السلطة شخصية سياسية مدنية تحضى بقبول الجميع، لكن التطورات التي شهدتها اليمن و تزايد المؤامرات الخارجية ، وتدهور الأوضاع الداخلية وصولاً إلى الانقلاب العسكري الفاشل في أكتوبر 1978م ، كل ذلك جعل (الشيخ) ملزماً بدعم الرئيس الجديد الذي  اتضح فيما بعد انه الاجدر بتحمل المسؤولية وبدأت العلاقات بين الطرفين تتعزز مع مرور الأيام و لا سيما كلما اتخذ (الرئيس) مواقف ضد التخريب و المخربين و ضد النظام الماركسي في عدن ، وعندما اندلعت الحرب الحدودية بين شطري الوطن في فبراير1979م زاد التقارب أكثر حيث شاركت القوات الشعبية  القبلية - وخاصة من حاشد- في مواجهة العدوان الماركسي. أدت الأوضاع السيئة في (الشمال) إلى استنفار القوى الشعبية الوطنية و الإسلامية إلى إعداد أنفسهم و البدء في مواجهة عمليات التخريب الماركسي في عدد من المناطق،    وكان الحافز الأساسي لذلك هو عجز الدولة عن مواجهة التخريب و ضعف موقفها في العلاقات مع النظام الماركسي في عدن، و موافقة صنعاء على اتفاق مع الجبهة الوطنية الديمقراطية الماركسية يعطيها حق المشاركة في السلطة ويمنحها عدداً من الوزارات مقابل إيقاف أعمال التخريب المسلحة و إيقاف بث الإذاعة التابعة لها .

 وقد نجحت المواجهة الشعبية التي قادها التيار الوطني الإسلامي ضد عمليات التخريب الماركسي بعد أن كان اليأس و الإحباط قد أصاب الدولة و الجيش ،لكن شباب الحركة الإسلامية نجحوا بفضل الله تعالي في كسر شوكة التخريب الماركسي في (خبان ،شرعب ،شمير) و مناطق أخرى انتفض فيها المواطنون بقيادة الإسلاميين و حطموا الأسطورة الماركسية و طردوا المخربين من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها ، وأدت تلك الانتصارات إلى تقوية العلاقات من جديد بين التيار الوطني الإسلامي و بين الرئيس علي عبدالله صالح .

 

انتهت الحرب الحدودية بالمصالحة بعد تطهير المناطق الوسطى من خلايا الشيوعية وعقدت بعدها مباحثات بين رئيسي الشطرين في الكويت و لكن في ظل ظروف عسكرية و سياسية غير مناسبة للشطر الشمالي الذي كان يعاني آنذاك حالة من الضعف ، وانتهي اجتماع الكويت ببعض الاتفاقات ومن بينها الإسراع بتوحيد الشطرين وانتقل الصراع بين الشطرين من البندقية إلى الحوار الذي استمر حتى قيام الوحدة.

ثم جاءت مرحلة الإعداد للميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام وأسهم التيار الوطني الإسلامي بقيادة العلماء و رجال الحركة الإسلامية وعدد من المشايخ وفي مقدمتهم الشيخ /عبدالله بن حسين الأحمر، في هذا المجال إسهاماً كبيراً ، وكان الحماس كبيراً لإعداد ميثاق وطني يقوم علي المبادئ الإسلامية و الأهداف الوطنية لمواجهة الأفكار و المبادئ الهدامة و الفوضوية ،و يحفظ للشعب اليمني المسلم هويته الإسلامية ووجوده في كيان سياسي يمتلك رؤية فكرية إسلامية واضحة .

وبعد النجاح في إعداد(الميثاق الوطني ) كوثيقة إسلامية وطنية بدأ التيار الـوطـني الإسلامي يبذل جهوداً كبيرة لتجسيد (الميثاق الوطني ) في واقع البلاد، وفي أن تكون قيادات المؤتمر الشعبي العام متجانسة و مؤمنة بفكر الميثاق الوطني لكن هذا الهدف لم يتحقق تماماً بسبب الرغبة في المحافظة علي أسلوب (التوازن) بين الاتجاهات الفكرية و السياسة دون تفريق بين اتجاه وطني إسلامي و بين اتجاه علماني.

 لم يتول الشيخ /عبدالله بن حسين الأحمر أي منصب رسمي طوال فترة الثمانينيات لكنه كان عضواً في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام و عضواً في المجلس الاستشاري، ولم يكن ابتعاده هروباً من المسؤولية و لكنها رغبة القيادة السياسية ، و مع ذلك فقد ظل الدور الحقيقي للشيخ مستمراً سياسيا وقبليا وشعبياً و إسلامياً في الدفاع و التمسك بالنهج الوطني الإسلامي للثورة و مواجهة أي محاولة للانحراف عنه ،لأنه بحكم وضعه قد تحمل المسؤولية من بزوغ الثورة سواء كان في السلطة أو خارجها. كما لم يرشح (الشيخ) نفسه في انتخابات مجلس الشورى (1988م) بناء على رغبة الرئيس نفسه لكن الإسلاميين الذين هم حلفاء الشيخ منذ الستينيات شاركوا في الانتخابات و حققوا نتيجة جيدة، وشكلوا أكبر كتلة سياسية و فكرية ملتزمة بالنهج الوطني الإسلامي ،أما القوى الأخرى  فلم تحصل على مقاعد تذكر وحصل أنصار الدولة على الأغلبية كالعادة ولكنهم كانوا غير متجانسين فكرياً و سياسياً ، و لم يكن يجمعهم إلا الولاء للدولة فقط .

 

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp