الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر لـ صحيفة الأيام اللبنانية 21/4/1995م : علاقاتنا مع السعودية طبيعية ومذكرة التفاهم في طريقها للتنفيذ
صحيفة الأيام اللبنانية - 21/4/1995م
- علاقاتنا مع السعودية طبيعية ومذكرة التفاهم في طريقها للتنفيذ
أكد رئيس مجلس النواب وزعيم حزب التجمع اليمني للإصلاح المشارك في الائتلاف الحاكم الشيخ عبدالله الأحمر أن بلاده "تحاول إقامة حوار مثمر وبناء مع كل الأخوة الخليجيين"… مشيراً إلى أن العلاقات بين اليمن ودول الخليج العربية تحسنت كثيراً في الآونة الأخيرة، وقال الشيخ الأحمر في حديث مع (الأيام) أن مذكرة التفاهم مع المملكة العربية السعودية التي تم توقيعها مؤخراً جنبت "البلاد ويلات الصدام المسلح وهي كفيلة بجعل البلدين يتوصلان إلى حلول لكل المشاكل المعلقة" وتحدث الشيخ الأحمر عن الوضع الاقتصادي في بلاده وأعرب عن تفاؤله بالخروج من هذه الأزمة قريباً بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وخاصة البرنامج التقشفي والتعويضي إضافة إلى عملية التسريح الواسعة في الجيش وفيما يلي نص الحديث.
· كيف تقيمون علاقات اليمن بدول الخليج العربية؟
§ علاقاتنا مع دول الخليج تحسنت تحسناً ملموساً و العلاقات بين الأشقاء يجب أن يسودها مبدأ الترفع عن تقدير الحسابات وتثمين المواقف ونحن نحاول إقامة حوار مثمر وبناء مع كل الأخوة الخليجيين.
· وعن علاقتكم بالكويت؟
§ على استعداد للذهاب للكويت فوراً لتصفية أي اختلاف في وجهات النظر.
· وماذا عن المصالحة العربية؟
§ مصر هي مركز ثقل الأمة العربية وباستطاعتها لم الشمل العربي لعلاقتها القوية مع الجميع خاصة وأن الأمة ذاقت ويلات التمزق والتفكك وعلى مبارك أن يحمل راية المصالحة لأنه هو الوحيد في القيادة العربية المؤهل لذلك.
· بصفتكم رئيس الوفد اليمني الذي يتحاور مع الوفد السعودي برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز ؟ نريد التحدث عما تم والمنتظر في المستقبل ؟
§ اليمن والسعودية دولتان شقيقتان والعلاقات طبيعية وهناك تبادل للسفراء في البلدين ونحن نتحدث عن آفاق التعاون. وهناك مرحلة انقضت وانتهت كان التعاون فيها ضعيفاً ومن الآن فصاعداً وبعد توقيع مذكرة التفاهم سيكون التعاون شاملاً وكاملاً في كل المجالات.
· وماذا عن مذكرة التفاهم؟
§ مذكرة التفاهم شكلت 6 لجان وقد تشكلت بالكامل ولكنها لم تعمل بعد باستثناء اللجنة العسكرية التي سبق لها أن اجتمعت في الرياض وصنعاء وتجري جولة ثالثة في الرياض واللجان الأخرى هي اللجنة الوزارية وهي معنية بتطوير العلاقات والتعاون وهي مشكلة من ثلاث وزراء يمنيين وثلاثة سعوديين وهم وزراء المال والتربية والتعليم والتجارة والتموين وهناك لجنة ترسيم الحدود البرية ولجنة ترسيم الحدود البحرية وا للجنة العليا التي يرأسها الأمير سلطان بن عبد العزيز وعبد الله بن حسين الأحمر وعملها الإشراف على أعمال اللجان وتذليل العقبات إن وجدت وسوف تلتقي قريباً وهناك لجان برئاسة عبد القادر باجمال من اليمن والدكتور عبد العزيز الخويطر ستلتقي قريباً. وهي تبحث قضية التفاهم والحوار حول ترسيم الحدود في المناطق الشرقية التي لم ترسم بعد وهي من "جبل الثأر" إلى الحدود مع سلطنة عمان وهناك لجنة أخرى لإعادة تحديد العلامات من البحر الأحمر إلى جبل الثأر. ولجنة ثالثة بحرية ترسم الحدود البحرية. وبالتأكيد أن القضايا التي تم طرحها على طاولة الحوار كانت من الموضوعات ذات الأهمية استحق بحثها بحق أكثر من خمسة أسابيع استغرقها هذا الحوار في السعودية واتفقنا خلاله على اعتماد اتفاقية الطائف الموقعة بين الجانبين عام 1934م كأساس ومرجعية لأي حوار بيننا وهي نظمت في وقتها مختلف نواحي العلاقات بين البلدين.
· هل تعتقد أن مذكرة التفاهم نجحت وأرضت جميع الأطراف بين البلدين؟
§ هذه المذكرة جنبت البلاد ويلات الصدام المسلح وهي كفيلة بجعل البلدين يتوصلان إلى حلول لكل المشاكل المعلقة بالتفاهم. وحددت الأسس لإقامة علاقات متينة بين البلدين الشقيقين وضمنت ما يدراء أي احتكاك بين الدوريات والوحدات العسكرية على حدود البلدين وتطوير العلاقات في مختلف المجالات.
· ما رأيكم في القول بأن التظاهرات التي حدثت في محافظات الجنوب هي تصفية خلافات وأنها تقودها قيادات اشتراكية؟
§ ما حدث كانت إجراءات ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وإعادة البناء وهما برنامجان مندمجان في برنامج واحد وكان عندنا بعد الاقتصاد الوحدوي برنامج إعادة البناء وتنفيذ هذا البرنامج يحتاج إلى وقت لأن التخريب كان كبيراً من جانب الحزب الاشتراكي والخسائر كانت فادحة والبنية الأساسية كانت مدمرة ومعطلة. وتجمدت حركة الاقتصاد اليمني بسبب الفترة الانتقالية والشلل الذي أصاب الدولة لمدة 4 سنوات وكذلك نتيجة للسياسات الشمولية السابقة والتي أدت إلى تراجع القوة الاقتصادية بنسبة 10 في المائة من دخل المواطن.
والوضع الآن في اليمن جيد في جميع النواحي باستثناء الوضع الاقتصادي الذي ازداد سواء بسبب الحرب التي شنها الحزب الاشتراكي. والوضع كان متردياً قبل الحرب بسبب قلة الصادرات في مقابل الاعتماد الكلي على استيراد كافة المنتجات بجانب التضخم الوظيفي الكبير الذي جاء به الحزب الاشتراكي في الفترة الانتقالية وجاءوا بجيوش من الموظفين والجنود من عدن ليعملوا بجانب موظفي صنعاء حتى وصل عددهم جميعاً إلى مليون موظف مدني وعسكري يتقاضون أجوراً تستقطع 50 بالمائة من موازنة الدولة.
· ما الذي كان وراء عملية التسريح الواسعة في اليمن خاصة في الجيش والموظفين؟
§ نحن في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نقوم به في اليمن قمنا بتسريح حوالي 50 ألف جندي وحوالي 30 ألف موظف مدني والبنك الدولي هو الذي طلب من اليمن ذلك من أجل أن يعاونها في برنامجها الاقتصادي وقد اقتنعنا بأن ذلك سيخفف من الأعباء المالية عن الدولة في ظل هذه الظروف الصعبة وخروجنا من حرب طاحنة وهذه الخطوة تأكيد عملي للأخوة الأشقاء من حولنا على مدى توافر حسن النية والحرص من جانبنا على توطيد العلاقات عن طريق مبدأ حسن الجوار. قدمنا برنامجاً لمكافحة الفساد الإداري المنتشر في أجهزة الحكومة إلى مجلس النواب وأقره ولا أخفي عليكم أن الفترة الانتقالية بعد قيام الوحدة فرضت علينا أن نتحمل مليوناً من البشر في سجلات الخدمة المدنية وسجلات القوات المسلحة والأمن. وهذه الأعداد فرضتها علينا اتفاقية الوحدة مع الحزب الاشتراكي الذي جيش مئات الآلاف وأدخلهم في سجلات الموظفين واستمرت هذه التعبئة في ملفات الدولة طيلة الفترة الانتقالية المشئومة حتى أصبحت الدولة محملة بأعباء لا تستطيع تحملها ولهذا اتخذنا هذا القرار لأنه ليس لليمن مخرج إلا التقليل من هذا العدد الكبير، حتى تستطيع البلاد الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الراهنة.
· وما مصير هذه الآلاف التي وجدت نفسها في الشارع وما تأثير ذلك على استقرار الأمن في اليمن؟
§ نحن لن نترك هؤلاء فمنهم من تم إحالته إلى التقاعد ومنهم من سينقل إلى العمل في مكان آخر ولا مانع لدينا من صرف بعض المستحقات المالية بشرط ألا يؤثر ذلك على مرحلة الإصلاح الاقتصادي التي بدأنا في تنفيذها. وأن من تم تسريحهم ليسوا أبناء حزب واحد بل من جميع أفراد الشعب اليمني ولم ننظر إلى أن هذا حزب كذا أو هذا تابع لحزب كذا فمن تم تسريحهم ينتمون إلى الشعب والتجمع والاشتراكي وأحزاب أخرى ولكن المسئولية تقع على الحزب الاشتراكي الذي كدس آلاف الموظفين والجنود ولولا هذا التكدس والحرب ما حدث هذا التدهور الاقتصادي .
· ماذا عن برنامج اليمن التقشفي والتعويضي؟
§ لقد وضعنا برنامجاً للتعويض وقسمنا الناس إلى 3 شرائح الأولى شريحة الموظفين في القطاع المدني والعسكري وهذه لا يقل عددها مع الإعالة عن 5 ملايين مواطن وهم حوالي ثلث اليمن سكاناً وخصص لهم 8 مليار ريال على أساس إضافات للبدلات بسبب غلاء المعيشة وتحمل الفئات الدنيا 50 بالمائة زيادة والفئات العليا على 20 بالمائة والمتوسطة الذي سيستلمه أي فرد لن يقل عن ألف ريال يمني. والشريحة الثانية هي تخص الفئات العاملة في القطاعات الحرة أي الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها ويقدر عدد هذه الفئة حوالي مليون أسرة وهم يمثلون الثلث الثاني من سكان اليمن وهم من الصعب أن تصلهم مبالغ مباشرة. واستوعب جزء من هذه الشريحة التضخم لأنه ينتج القمح والحبوب وبسبب الدعم الذي نقدمه للحبوب لم يعد إنتاج القمح المحلي مجدياً، لأننا أصبحنا ندعم المزارع الأمريكي والاسترالي…(…).
ونحن سنساعد هذه الشريحة بأن نحرر قليلاً أسعار هذه المواد حتى تكون مجزية وقد خصصنا لهم حوالي 4 مليارات ريال في صورة قروض وآلات ومعدات لتشجيع الإنتاج في الداخل.
والشريحة الثالثة وهي التي لا تتقاضى مرتبات وعددهم حوالي 300 ألف شخص وهم حوالي 30 بالمائة من القوى المشتغلة ونحن سندفع هؤلاء للعمل بتطوير آلية الإنتاج والتنمية بضخ 16 مليار ريال يمني من النفقات الحكومية لتحريك الاستثمارات لأن التنمية تعطلت خلال الـ 4 سنوات الماضية.
· تحدثت عن برنامج التعويض وتركت الحديث عن برنامج التقشف هل ترفضون الحديث عنه؟
§ سأحدثكم عنه، لأنه ليس لدينا شيء نخفيه عن القارئ العربي سواء في البحرين أو في السعودية، أو أية دولة عربية. لقد قررنا تقليص السفارات وإلغاء الملحقات العسكرية والثقافية والإعلامية والتجارية وحددنا عدد العاملين في كل بعثة على أن يكون 7 أشخاص وسنصدر قراراً بتحديد مرتبات القيادات العليا في الدولة وإعادة النظر في الإمتيازات الممنوحة لقيادات المؤسسات إذ خفضناها إلى النصف ومنعنا الازدواج في منح الامتياز بصورة قطعية خفضنا استهلاك المحروقات الحكومية إلى 50 بالمائة خفضنا مخصصات العلاج الخارجي إلى 5 بالمائة وأعدنا النظر في النظام الحالي للعلاج في الخارج وسنركز على العلاج في المستشفيات اليمنية وأوقفنا إرسال البعثات الدراسية الجامعية على حساب أجهزة الدولة كإجراء يتماشى مع تأسيس جامعة حضرموت وتعز وجمدنا بعض الاعتمادات التي تقررت في سنوات سابقة ومنعنا أية زيادات إضافية في الأجور والبدلات والحفلات والضيافات والإعانات لغير الموظفين والمؤتمرات الداخلية و الوفود الخارجية والتعويضات والغرامات والنفقات التعويضية وتطبيق لائحة لاستخدام السيارات الحكومية عدا ما يتعلق ببرنامج التعويض. ونحن بدأنا بأنفسنا ولا يمكن أن نقول للشعب تحملوا الأعباء بدون أن نكون نحن قدوة أمامهم.
· ما هو وضع البرلمان اليمني بعد الحرب؟ وما هو وضع أعضاء البرلمان من الحزب الاشتراكي؟
§ لا يوجد خارج اليمن من كتلة الحزب الاشتراكي أكثر من 10 أعضاء. أما بقية أعضاء الحزب الاشتراكي داخل البرلمان فكلهم موجودون داخل اليمن.
· أنت متهم بأنك قائد المتشددين في القيادات اليمنية تجاه الحزب الاشتراكي؟
§ لو أن حزباً قاد حرباً في أية دولة عربية ضد الشعب وضد الوحدة وتم دحره فما مصير هذا الحزب وقيادته؟! ونحن لن نذبح ولم نقتل أحداً وهم مطلوبون للعدالة والقضاء هو الذي سيقول كلمته.. وأي وطني سيتعصب خاصة لو شاهد ما حدث وما نتج من أعمالهم التخريبية.. واليمن شعب واحد قدر له أن يتجزأ في حقبة من الزمن بفعل عوامل خارجية وداخلية ولم يكتب له الوحدة إلا بعد سقوط الشيوعية حيث أعلن قيام الوحدة في مايو 1990م لكن الحزب الاشتراكي وقيادته تآمروا على الوحدة التي باركها في البداية وباركتها جميع الدول العربية وافتعل أزمة استمرت 10 أشهر حتى فجر الحرب وأعلن الانفصال وحدث ما حدث واستطاعت قوات الشرعية أن تعيد الأمور إلى مجراها الطبيعي.