الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر لمجلة المجلة 12/6/1994م : ليس للمحافظات الجنوبية شورى أوقول في الوحدة

 

مجلة المجلة 12/6/1994م

 

-       الشيخ الأحمر ، الرجل الذي يقود أكثر من مليوني يمني يكشف أوراقه

-       ليس للمحافظات الجنوبية  شورى أو قول في الوحدة

 

في حي الحصبة القريب من وسط العاصمة اليمنية صنعاء ، يقع مبنى سكني كبير، تحيط به حراسة شديدة في الخارج وأكثر تشديدا في الداخل .ففي هذا المبنى ، يقع السكن والمقر الخاص بالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ، شيخ مشايخ قبيلة حاشد ، ورئيس مجلس النواب اليمني ، بل يعتبره كثير من المراقبين الرجل القوي في اليمن.

والوصول إلى المجلس الخاص بالشيخ الأحمر يتطلب المرور عبر حشد كبير من رجال الأمن . ورجال القبائل الذين تمنطقوا جميعا بسلاحين الجنبية كرمز شعبي ، والكلاشنيكوف كرمز سياسي وقبلي في الوقت ذاته .

وللشيخ الأحمر مجلسه الخاص "المقيل " الذي يلتقي فيه يومياً بمجموعة كبيرة من رجال القبائل وحتى رجال الدولة .ذلك أن الرجل يتمتع بعلاقة وثيقة بالقيادة السياسية اليمنية ، وفي الوقت ذاته يتمتع بولاء كبير من أبناء قبيلته التي قد يزيد عدد أفردها عن مليوني شخص.

"المجلة " التقت الشيخ الأحمر في مجلسه في حوار دام قرابة الساعة ، شارك فيه بالاستماع كثيرا والتصحيح قليلا ما يزيد عن 30 رجلا غص بهم المجلس.

ورغم أن الشيخ الأحمر كان متحفظا في بعض ردوده ، فإنه كان ينطق من قناعات  ثابتة تعززها أجوبته التي يستوحي الكثير منها من مواقف رسمية معلنة أو موثوق بها حسب قوله ، وإن كان بعضها ينطلق من رؤيته الخاصة كصاحب سلطة وقرار . وهذا نص الحوار :

 

·      لماذا تصرون اليوم على استخدام القوة في فرض الوحدة وترفضون الانفصال؟

§      عندما أقمنا الوحدة لم نتفق على أن يكون هناك انفصال بعد أربع سنوات .

§      لكن الانفصال لم يأت إلا عندما استخدمتم القوة ؟

§      غير صحيح والصحيح أن الحزب الاشتراكي هو الذين فجر الموقف العسكري.

·      المعروف أن التحرشات العسكرية التي قادت إلى الحرب في عمران وذمار كانت من القوات الشمالية ، أليس كذلك؟

§      التحرشات كانت من قوات الحزب الاشتراكي ، وكانت هناك لجنة عسكرية ، والملحقان العسكريان الأمريكي والفرنسي والإعلام وكل هؤلاء ذكروا أن تفجير الموقف كان من الجنوبيين .

·      ولماذا لم تنته المسألة عند هذا الحد دون أن تقود إلى حرب شاملة وتفرضون القوة كحل؟

§      الأزمة في الواقع لم تبدأ منذ شهر واحد أو شهرين ، بل هي بدأت منذ تسعة أشهر ونصف الشهر ، وبالتحديد من 19 أغسطس (أب ) 1993م عندما عاد البيض من الولايات المتحدة الأمريكية فافتعل الأزمة واعتكف في عدن ،وصعد الأزمة حتى وصلت إلى ما هي عليه.

·      ذكر البيض أن صنعاء كانت تمهد منذ وقت سابق لتصفية قواته الجنوبية فما ردكم على ذلك ؟

§      بل البيض هو الذي كان عازماً ويمهد منذ وقت طويل للانفصال وتصعيد الأزمة إلى ما وصلت إليه.

·      مرة أخرى : لماذا لم تكتفي القوات الشمالية بحادثة ذمار أو عمران دون تصعيد لو كانت صادقة في نواياها تجاه البيض والحزب الاشتراكي ؟

§      هذا خطأ أخر يقع فيه الإعلام العربي فالوحدتان اللتان كانتا في عمران ، كانتا واحدة شمالية وواحدة جنوبية .ولم تحدث بينهما أي حساسيات.ولكن تصرف البيض هو الذي أثار حساسية هذه الوحدة .وقد جاءت التعليمات للوحدة الجنوبية بالتحرش توطئة لانسحابها إلى داخل الجنوب تمهيدا لإعلان الانفصال وكان يراهن على بعض قبائل المنطقة لكي يساندوه لكن الموقف تفجر ، واشتبكت الوحدتان داخل المعسكر دون أن يتدخل أي طرف حتى من أفراد القبائل . وتم تدمير معظم قوات الوحدة الجنوبية ، وكما ذكرت كان هناك الملحقان العسكريان الأمريكي والفرنسي ونائب رئيس الأركان على صلاح داخل القشلة ( حامية عسكرية ) يتناولون غداءهم .ثم خرجوا لحل المشكلة والفصل بين الوحدتين ، ولكن الاشتباك انتهى في 24ساعة ، وهناك من هرب من الوحدة الجنوبية ومنهم القائد وبقي من بقي وقتل من قتل وقد تم نقل من بقي إلى مدرسة  حيث زارهم الرئيس على عبدالله صالح وكانوا حوالي 360 شخصاً ، فخطب فيهم الرئيس وخيرهم بين دفن قتلاهم هنا أو أخذهم وعودتهم جنودا وضباطا وبالفعل سافروا إلى الجنوب بأسلحتهم ، وبعد أسبوع كامل وقع اشتباك أخر في لواء باصهيب الذي قام بالعمل نفسه ولكنه كان في ذمار في معسكر مستقل به وبعيدا عن القوات الشمالية وبعد ذلك بساعة قام عزيز سالم وجنوده باقتحام معسكر الأمن المركزي وكتيبة الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية ثم قاموا بمحاولة حصار اللواء الثاني في ردفان واشتعلت الحرب .

·      أنتم تعيدون سبب الحرب إلى أزمة افتعلها البيض لكن البيض يقول أن هناك أسبابا للأزمة ولاعتكافه منها مركزية صنعاء والاغتيالات السياسية التي تمت دون القبض على الجناة ومحاسبتهم فهل هذا صحيح ؟

§      أكاذيب الحزب الاشتراكي مفضوحة دائما وأخرها قضية  المدرسين العراقيين الذين اتهموا بأنهم جنود عراقيون.

·      لكن ماذا عن الاغتيالات؟

§      ما         ذكره الحزب الاشتراكي أكذوبة. فالاغتيالات السياسية لم تزد عن 6حالات ،وهم يدعون أنها 154حالة .

·      ولماذا لم يتم تعقب الجناة في هذه الحالات الست ؟

§      وزير الدفاع كان منهم ، رئيس الوزراء كذلك كان من الجنوب ، نصف الوزراء منهم بمن في ذلك نائب وزير الداخلية فلماذا يحملون المؤتمر الشعبي العام فقط المسؤولية وهم شركاء.

·      لكن معظم الضحايا من الحزب الاشتراكي ؟

§      أيضا أقول لماذا لم يتصرفوا حيال هذه الاغتيالات وهم في قمة السلطة طيلة أكثر من ثلاث سنوات ؟

·      ما ذكره الحزب الاشتراكي هو أن معظم من قام بالاغتيالات هم من المقربين من الرئيس علي عبدالله صالح ؟

§      جرى حوار طويل عريض حتى وصلوا إلى وثيقة العهد والاتفاق وبعدها رفضوا العودة إلى صنعاء .

·      لكن ما ذكرته الأنباء حينها أن الرئيس على عبدالله صالح رفض مطلب البيض بتسليم المتهمين بالاغتيال ؟

§      هذا كذب وغير صحيح وهذا مدرج في وثيقة العهد والاتفاق.

·      بعد قيام الحرب أقال الرئيس صالح كلاً من البيض والعطاس وبعض القيادات في الاشتراكي من الحكومة، فهل هذه الإقالات دستورية ؟

§      وجود البيض كنائب للرئيس كان غير دستوري لأنه رفض من الأساس أداء القسم .واستمر عضو مجلس رئاسة غير شرعي منذ انتخابه في أكتوبر ( تشرين الاول ) ، ومنذ ذلك التاريخ وهو رافض .

·      وماذا عن العطاس ؟

§      كيف لا يقال من منصبه وهو مهندس الخيانة ؟

·      وهل في نص الدستور ما يجيز للرئيس إقالة شخص انتخبه الشعب؟

§      نعم فرئيس مجلس الوزراء هو رجل مكلف من الرئيس نفسه وهذا عمل دستوري شرعي .

·      يرى الحزب الاشتراكي أن المؤتمر الشعبي العام يعتمد في تركيبته  السياسية للحكم على النظام القبلي ، وأن السلطة في صنعاء توزع على قلة من قبائل محددة مقربة فما ردكم على ذلك ؟

§      النظام الذي ينتقده الحزب الاشتراكي في الشمال ، هو على غرار نظام مشابه في المناطق المجاورة ، وهو النظام الذي يعتمد على رجال الوطن ووجهائه وقبائله والحفاظ على المشيخة والعادات والتقاليد والقيم وهذا ما ينتقده الاشتراكي في الشمال كما كان ينتقده في الدول المجاورة .

·      ذكرتم أن الحزب الاشتراكي كان يمهد للانفصال منذ أكثر من تسعة أشهر فلماذا في رأيكم دخل هذا الحزب في وحدة وهو عازم على الخروج منها؟

§      السبب في ذلك المصير الذي بلغته الأحزاب الاشتراكية والشيوعية في كثير من بلدان العالم خاصة أوروبا الشرقية فهذه الأحزاب واجهت مصيراً سيئا والحزب الاشتراكي اليمني لجأ إلى الوحدة هروبا من مصير الأحزاب المشابهة في العالم وبالتالي فقد أنقذتهم الوحدة من هذا المصير بل شفعت بهم.

·      لو شفعت بهم الوحدة ، فلماذا لم يستمروا فيها ؟

§      الذي أكتشف الآن خطة التآمر على الوحدة كانت مبيته وأن دفاعهم عن الوحدة لم يتجاوز الكلام فقط ، ولم يتجاوز عنق الزجاجة وغرفة الإنعاش التي كانوا فيها.

·      هل يعني ذلك أنهم نظروا إلى الوحدة كعلاج مؤقت ؟

§      نعم.

·      هل كنتم تتوقعون إعلان الانفصال ؟

§      علي سالم البيض ومن معه مارسوا الانفصال منذ بداية الأزمة عمليا وكنا منذ أيام الحوار في أغسطس (أب) نستشعر أنهم يمهدون للانفصال ، وقد تمكنوا من الاستيلاء على مقاليد الأمور في المحافظات الجنوبية والشرقية وبهدف أن نتهمهم وغيرنا يتهمهم بأنهم يمهدون للانفصال ، وهم ينفون ذلك.

·      لو ألغي الانفصال هل ستنتهي هذه الأزمة ؟

§      نعم وماذا نطلب غير بقاء الوحدة؟

·      ولو ألغى الانفصال فماذا عن قادة الحزب الاشتراكي ؟ وهل سيعاد الوضع إلى ما هو عليه ، أم أن شعرة معاوية قطعت مع قادته نهائيا ؟

§      دولة الوحدة الجمهورية اليمنية قد حددت أسماء من كانوا وراء الانفصال ، وارتكبوا هذه الجريمة ، وصدر العفو عمن سواهم.


·      يبقى السؤال: هل لو ألغي الانفصال سيظل قرار تجريمهم قائما؟

§      لكل حادث حديث ولا يمكن أن نجزم بشيء بصورة مسبقة ، الشعب اليمني مصر على الوحدة ، وقد ضحى وهو مستعد للتضحية وتقديم الدماء من أجلها.

·      هل يعني ذلك أن الحرب ستستمر حتى تعاد الوحدة ؟

§      الحقيقة أننا نشكر الدول العربية ومجلس الأمن والجامعة العربية والسعودية ودول مجلس التعاون على اهتمامها بوقف الحرب ، لكن الشيء الذي نعتب عليهم من أجله أنهم يقولون أن الحرب بين شمال وجنوب ، أو أن الوحدة لا يمكن أن تفرض بالقوة ، أو قولهم بحكومة الجمهورية الديمقراطية ، فهذا لا يقال من دول ترتبط مع اليمن بعلاقات قوية إلى أبعد الحدود .

·      لكن أيا من هذه الدول لم تعترف بالجمهورية الديمقراطية في الجنوب؟

§      وسائل الإعلام تقول ذلك.

·      هل تعتقد أن الحرب قد تنتهي في وقت قريب؟

§      الانفصال سينتهي قريبا أم بعيدا ، فهو أمر باطل وسيظل كذلك  ويرفضه الشعب جملة وتفصيلا.

·      وماذا لو اعترفت بعض الدول بالجنوب ؟

§      حتى لو اعترفت ، سيبقى الشعب اليمني يناضل ويضحي لبقاء الوحدة  وإلغاء الانفصال ، ومن غير المتوقع على العموم ، أن يعترف أحد بالجنوب .

·      تعتمد لهجة صنعاء في تعاملها مع مستقبل الأزمة على لغة واثقة ومتفائلة ، فكيف لها ذلك ، وما هو الأساس الذي تعتمد عليه؟

§      على الشعب اليمني وإصراره على الوحدة .

·      وماذا عن التفاؤل العسكري والسياسي ؟

§      نعتمد على الصف اليمني بعد الله سبحانه وتعالى .

·      ذكر بعض المراقبين أن انتهاء الأزمة اليمنية قد يوقظ صراعات داخلية ، فهل هذا صحيح ؟

§      الجبهة الداخلية متماسكة.

·      سؤالي عن الحسابات الداخلية ؟

§      إذا أنتهي قرار الخيانة وذهب الانفصال فليكن ما يكون ، غايتنا الوحدة وبقاؤها.

·      أخذتم على بعض الدول رفضها قيام الوحدة بالقوة ،لكنكم في بعض المواقف رفضتم قيام القوة على مستوى أكبر وأكثر خطورة ، مثال ذلك رفضكم استخدام القوة ضد العراق لإجباره على الانسحاب من الكويت ؟

§      هذا يختلف عن ذاك ، فقضيتنا هنا داخلية بصراع داخلي ، أما في حالة العراق فكانت هناك أساطيل وقوى أخرى فرضت في المنطقة.

·      حتى لو فرضت الوحدة بالقوة؟

§      الوحدة فرضت من 4 سنوات .

·      المقصود بعد الانفصال الآن، هل تعتقدون أن الوحدة لو فرضت بالقوة ستستمر ؟

§      الانفصال هو الذي لا يجوز أن يتم بالقوة لقد وافق جميع اليمنيين على الوحدة منذ أربع سنوات .

·      بالنسبة إلى بعض المحافظات الجنوبية كحضرموت على سبيل المثال حيث يوجد على سالم البيض هل تعتقدون أن مثل هذه المحافظة ستقبل وحدة بالقوة؟

§      ليس هناك شور وقول ، المسألة ليست بيع وشراء كانفصال بعد وحدة ولا يمكن أن نقول أن هناك وحدة  تفرض بالقوة بل وحدة ستبقى لا ستفرض.


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp