الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في حوار مع الزمن الكويتية 26/8/2000م: العرق زاد الطين بلة
مجلة الزمن الكويتية - 26/8/2000م
- العراق زاد الطين بله
الدخول إلى ديوان الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر دخول إلى عالم القبيلة بل دخول إلى عالم اليمن كله ، فديوانه يعج يومياً بما يزيد عن ثمانين مريداً ومراجعاً وزائراً منهم المتظلمون ومنهم طالبو المساعدات بعرائض يقدمونها للشيخ فيبت بها حالاً بتوجيهات ممهورة وبتوقيعاته التي لا تخيب حتى أن البعض يطلق عليها لقب " التعويذة " من صلف بعض المسئولين، أما التي تتطلب من هذه العرائض اتصالاً هاتفياً أو توصية فيرجئها إلى الليل وبعضها يتم إحالته للسكرتارية .
والشيخ على رغم تقدمه في السن ، يعمل دون كلل ويقرأ كل ما يعرض عليه بتمعن. فهو في كل يوم يدلف إلى ديوانه بعد صلاة العصر يطلق تحيته الجهورية على الحاضرين ثم يطوف بالحاضرين مصافحاً ومتسائلاً عن الوجوه الغريبة وعن حاجاتها ليبدأ بعد ذلك الشروع بجلسة "القات" والحديث عن الأحوال مع الترويح عن الأنفس ببعض الطرف والحكايات .
في خضم هذا الجو المعتاد يومياً وبعد السؤال عن الحال والأحوال يخيم صمت طويل كفاتحة للدخول في دوائر "الساعة السليمانية" التي هي بالنسبة للشيخ ليست كذلك بل يبدأ العمل بمناداته على أصحاب القضايا الملحة واحداً واحداً، فإلى الأقل إلحاحاً ثم يقوم الجميع لصلاة المغرب ليعود الشيخ إلى استئناف عمله حتى التاسعة وقد ينظر في الليلة الواحدة في ما يربو على السبعين قضية ما يكشف أن الوسط القبلي يحبذ في الغالب سلطان الشيخ على سلطان الدولة في البت في قضاياه من دون أن يعني ذلك أن الأمر مقتصر فقط على النظر بقضايا أطراف قبلية، بل في قضايا من كل اليمن ، غير أن النسبة الغالبة هي قبلية وأن كان هناك آخرون من مختلف أرجاء اليمن .
في الموعد المحدد وفي جو التزاحم بالعرائض وبعد نظره بأغلب القضايا المرفوعة إليه قال الشيخ لمن تبقى من الحاضرين: " باقي معي صحافي" وكان ذلك أسلوبه المهذب لفض الناس من حوله وإذا كان البعض قد خرج حينئذ فقد ظل آخرون مسمرين في أماكنهم طول اللقاء مع الشيخ الأحمر وربما استأنفوا تقديم عرائضهم وشكاواهم وعلى الرحب والسعة من قبل الشيخ .
· لوحظ تغيبكم عن مراسم التوقيع على معاهدة جدة بين اليمن والسعودية وأعطيت حينها تفسيرات مختلفة لهذا التغيب ما هو تعليقكم على ذلك ؟
§ أولاً أنا كنت غائباً في زيارات رسمية إلى بعض الدول الأوروبية ومواعيدها محددة قبل عيد الوحدة ، ومن قبل مجيء ولي العهد سمو الأمير عبد الله وهذه الزيارة لفنلندا ، والنمسا، وبلجيكا، متواصلة وفي مواعيد محددة وهذا هو الذي حال بيني وبين تواجدي في جدة عند توقيع الاتفاقية .
ثانياً : توقيع الاتفاقية هو بالأحرف الأولى من قبل وزيري الخارجية ورئيس الجمهورية موجود وهو رئيس الدولة والقرار السياسي هو بيده وبيد خادم الحرمين الملك فهد.
والدور الذي كان ينبغي أن أقوم به قمت به في البداية عام 1995 يعني في بداية الحوار الجاد عندما كانت الأمور متأزمة عسكرياً بقيت في الرياض ومكة خمسة وأربعين يوماً حتى نزعنا الفتيل ووقعت اليمن والسعودية مذكرة التفاهم التي فتحت الباب للحوار والذي انتهي بالمعاهدة المطلوبة .
· أكدتم غير مرة أن العلاقات مع السعودية ستعود إلى سابق عهدها وأكثر ولكن حتى الآن المسألة لا تعدوا كونها في مرحلة إبداء حسن النوايا متى سيشهد المستقبل قفزة في هذه العلاقات على المستوى الاقتصادي وعودة المغتربين ؟
§ أنا دائماً متفائل وكثيراً ما أجريت معي مقابلات مع صحف ووكالات أنباء داخلية وخارجية عربية وعالمية ووجهت لي أسئلة حول مشكلة الحدود بيننا وبين المملكة خلال السنوات الماضية . وأكدت في كل مقابلاتي وتصريحاتي أنني متفائل وأن هناك حسن نوايا عند المسئولين في البلدين وأن مشكلة الحدود ستحل بطرق أخوية مرضية وهذا ما وصلنا إليه بحمد الله ، أما العلاقة بين البلدين فهي طيبة حتى قبل توقيع المعاهدة الأخيرة ، والآن وبعد توقيع الاتفاقية وإنهاء مشكلة الحدود لابد أن تفتح صفحة جديدة ولابد أن تتطور العلاقات والتعاون بين البلدين إلى ما هو أفضل ، وعودة المغتربين لم يكن شرطاً من شروط الاتفاقية لكن مع استمرار التفاهم والتوسع في التعاون والعلاقات لابد أن ينفتح الباب بالقدر الممكن للتسهيلات أمام اليمنيين .
· هل تتوقعون أن يعاد طرح مسألة دخول اليمن ضمن مجلس التعاون الخليجي على ضوء تطور العلاقات اليمنية السعودية ؟
§ هذا مطروح من قبلنا وطلب اليمن قائم .
· حول الضجة التي حصلت حول محاكمة صحيفة "الثقافية" لوحظ عدم إدلائكم بأي تصريح حول هذه القضية ما هو تفسيركم لذلك ؟
§ الضجة والمهاترات حصلت وأنا غائب في أوروبا وعندما وصلت إلى اليمن عالجنا الأمور أما الصحيفة فهي سيئة وبعض ما يكتب فيها سيئ وكله تهيئة وترويج للفساد الخلقي والانحلال والخلاعة .
· هناك من اعتبر أن التصعيد في هذه القضية كانت وراءه دوافع انتخابية بين حزبي المؤتمر والإصلاح فكيف تردون على ذلك ؟
§ القضية لم تكن بين المؤتمر والإصلاح وإنما كثير من العلماء والمرشدين والخطباء والمشايخ والقبائل استنكروا ما نشر بدافع الغيرة الدينية ويجب على كل مسلم أن يغار على التطاول على الذات الإلهية النيل من الثوابت الدينية والقيم والأخلاق ، فكان الاستنكار والضجة من كل العلماء ولم تكن من الإصلاح و حده ولا كان الخلاف بين المؤتمر والإصلاح إطلاقاً والشيخ عبد المجيد الزنداني هو من كبار علماء اليمن وموقفه هو بدافع ديني وهو موقف شخصي ولم يكن موقفاً حزبياً أبداً ، مثله مثل الشيخ عمر أحمد سيف وغيره من العلماء ، والشيخ عبد المجيد داعية إسلامي عالمي ورمز من الرموز الوطنية لليمن وعالم رباني له باع طويل وله رصيد في النضال من أجل اليمن والجمهورية والوحدة ، وجميع اليمنيين استنكروا الحملة السيئة من قبل الإعلام ضد هذا العالم الجليل .
· الشيخ عبد المجيد الزنداني عارض منع ظاهرة حمل السلاح كما ذكرت وسائل الإعلام ، ما هو موقفكم أنتم من هذه الظاهرة ؟
§ الإعلام بالغ وحاول أن ينسب إلى الشيخ عبد المجيد الزنداني أشياء غير صحيحة وموقف الشيخ الزنداني من نزع السلاح هو موقفنا وموقف كل يمني والكلام حول نزع سلاح الشعب كله يعارضه . أما ظاهرة منع حمل السلاح في المدن فالزنداني لم يعارض هذا وكلنا نقر هذا ولا بد أن يكون هناك تنظيم لحمل السلاح في العاصمة والمدن الكبرى .
· على رغم معارضتكم لزيارة اليهود إلى اليمن إلا أن هناك أنباء صحفية بأن بعض الوفود ما زالت تفد إلى البلاد ؟
§ لم نسمع بهذا ولم نبلغ به وتأكيدات الأخ رئيس الجمهورية كافية إذ أكد وأعلن تصريحات قوية ومحددة حول هذا الموضوع، وما تقوله من أن الزيارات مستمرة غير صحيح .
· قلتم ذات مرة أنكم مع الديمقراطية التي لا تعلو على القبيلة ، ألا تعتقدون أن هذا يتعارض مع التوجه لانتشار دولة النظام والقانون أم أن لكم تفسير آخر لذلك؟
§ لا يتعارض وجود القبيلة وعاداتها وتقليدها مع الديمقراطية وأنا ممن يؤكدون على الممارسة الديمقراطية ، ولكن الديمقراطية التي لها ضوابط وليست الديمقراطية التي تصل إلى حد الفوضى أو تتعرض للثوابت .
· بالنسبة للقبيلة فقد ارتبطت بها دائماً صفات الكرم والشجاعة ونجدة الملهوف.. إلخ لكن في الوقت الحاضر أخذت تبرز قيم وممارسات تسيء للقبيلة كعمليات الاختطاف ما هو موقفكم من هذه الممارسات ؟
§ العادات القبلية والتقاليد القبلية هي ضد مثل هذه الممارسات القبيحة والذميمة والسيئة مثل الاختطافات والنهب والجرائم ، والعادات القبلية لا تقرها وهي ضد مثل هذه الممارسات ، والقبائل ومشايخ القبائل مع الدولة ضد كل صعلوك تسول له نفسه أن يخل بالأمن أو أن يمارس مثل هذه الجرائم ومثل هذه الأعمال القبيحة .
· بالنظر إلى مكانتكم هل قمتم بمبادرة لجمع القبائل ومناقشة هذه القضايا واتخذتم مثلاً إطاراً محدداً لكيفية التعامل معها وكيف كان التجاوب ؟
§ نحن باستمرار نلتقي مع مشايخ ومع قبائل ونناقش مثل هذه الممارسات ونتخذ مواقف ضدها وندعم الدولة ، بل ونناشد الدولة أن تضرب بيد من حديد ضد من يقوم بهذه الأعمال القبيحة والمشائخ والقبائل معها . وهذه العناصر التي تقوم بهذه الممارسات ليست مدعومة من القبيلة ولا مدعومة من المشايخ وإنما هم أفراد مرتزقة سيئون وصعاليك يقومون بمثل هذا لكي يحصلوا على شيء وهم فعلاً يسيئون للمجتمع القبلي ويسيئون للدولة وسمعتها .
· ذكر أخيراً أن هناك توجهاً لإقرار بعض التعديلات الدستورية لتمديد فترة الرئاسة وتقليص بعض صلاحيات مجلس النواب وتخويلها للمجلس الاستشاري فما هو موقفكم من هذه الإصلاحات علماً أنه ذكر أنكم عضو بهذه اللجنة الخاصة بدراسة التعديلات الدستورية ؟
§ الكلام حول هذا سابق لأوانه لأنه لم يأتنا إلى مجلس النواب أي طلب من هذا القبيل وأي تعديل لا بد أن يطرح ويقره مجلس النواب ولا بد أن تكون أول مرحلة هي توجيه الطلب من رئيس الدولة إلى المجلس وهذا لم يحصل بعد .
· وإذا حصل ماذا سيكون موقفكم ؟
§ لكل حادث حديث .
· خلال زيارتكم للكويت قيل أن هذه الزيارة ستدفع بالعلاقات اليمنية ـ الكويتية إلى مستويات أرقى . إلى أين وصلت العلاقات بين البلدين ؟
§ أنا اعتقد أن الزيارة أدت ثمارها لأنها زيارة تمثل الشعب والدولة وتعبر عن الرغبة في إعادة الأمور إلى مجاريها بين اليمن والكويت وللتطبيع ومسح كل الشوائب في علاقة البلدين.
· بالنسبة لقضية الأسرى والمرتهنين كنتم تطرقتم لها خلال زيارتكم للكويت أليس كذلك؟
§ تطرقنا لها وسمعت الكثير وتكلمنا عنها ولكن الكويتيين لم يطلبوا من اليمن ولا من غير اليمن القيام بأي دور وبأية وساطة بينهم وبين العراق وإنما هم يتركون الأمر لمبادرات أشقائهم سواء في اليمن أو غير اليمن وأنا كنت عند عودتي من الكويت قررت أن اليمن ومجلس النواب وأنا شخصياً نريد القيام بالدور الواجب علينا لكن حصلت تداعيات وتصريحات من الأخوة العراقيين في هذين الشهرين لم تكن منتظرة أن تحصل وليست في صالح معالجة الأمور وإنما زادت الطين بله بين العراق وبين أشقائه في معظم الدول العربية .
· لو طلب منكم تقييم الوضع العربي على ضوء اتفاقية اليمن والسعودية الحدودية فكيف تتوقعون مستقبل العلاقات العربية ـ العربية ؟
§ اعتقد بالنسبة للعلاقات العربية ـ العربية أن الدروس التي عانت منها الشعوب العربية والدول العربية كفيلة بأن يعود الجميع إلى رشدهم وأن يعملوا على إعادة التضامن والتماسك فيما بينهم لينفضوا غبار الذل والخزي عن أنفسهم وواقعهم .
· ما موقفكم من الطروحات القائلة بوجود توجه للعفو عن المعارضة في الخارج بما فيهم قائمة الستة عشر المحكوم عليهم بأحكام قضائية ؟
§ في تصريحات الأخ رئيس الجمهورية الكفاية في كثير من المناسبات .
· لوحظ أخيراً عودة الحملات الإعلامية بين السلطة والحزب الاشتراكي اليمني عقب نشر البيان الصادر عن أعضاء للجنة المركزية في القاهرة ما هو موقفكم ؟
§ في الحقيقة الحزب الاشتراكي بدلاً من أن يعمل على إثبات وجوده وتنظيم نفسه مع الأسف فإنه يعمل ضد نفسه ، يخرب على ذاته ويضعف نفسه بنفسه ابتداءً من جريمة الانفصال وهلم جراً ، كذلك مقاطعة الانتخابات ومثلها المواقف الإعلامية التي لا تفيده وتضر به أكثر وادعوا الله أن يهديهم إلى الصواب .
· لو طلب منكم تقييم علاقة المؤتمر بالإصلاح كيف تقيمون هذه العلاقة ؟
§ العلاقة بين المؤتمر والإصلاح علاقة مصيرية لأنه قبل الوحدة ما كان هناك لا إصلاح ولا غيره من الأحزاب كان هناك تنظيم واحد وهو المؤتمر الشعبي وكان هناك الميثاق الوطني الذي هو من صنعنا جميعاً ، فلما جاءت التعددية كان لابد من وجود تنظيمات وليس تنظيماً واحداً وانطلاقاً من التعددية تكون تنظيم التجمع اليمني للإصلاح والذي هو منبثق أساساً من المؤتمر أي من التنظيم السابق قبل الوحدة . وظلت مواقف الإصلاح والمؤتمر في القضايا المصيرية قوية وموحدة وإن شاء الله تظل مستمرة مستقبلاً .
· ما تعليقكم على القول إن الإصلاح يضم تياراً قبلياً وآخر عقائدياً ؟
§ التجمع اليمني للإصلاح مثل غيره من الأحزاب يجمع من كل الفئات ، إنما توجهه توجه واحد .
· وماذا عن الأزمة بينكم وبين رئيس الوزراء الدكتور عبد الكريم الإرياني ؟
§ لم يكن بيننا أزمة أبداً وأنا احترمه وهو يحترمني ، وأنا استنكرت السماح لليهود بدخول اليمن ، كما استنكرت التصريح الذي أعطى لليهود لزيارة اليمن وكان موقفي واضحاً وموقفه أيضاً .
· هناك من يرى أن مجلس النواب تحول من سلطة تشريعية ورقابية إلى غرفة تسجيل للقوانين فقط ولا يقدم اقتراحاً أو يطرح مشاريع قوانين ؟
§ ليس هناك فرق أن تكون مشاريع القوانين مقدمة من الحكومة أو متبناة من قبل أعضاء في مجلس النواب وبما أن الحكومة هي التي تعرف ما هي القوانين التي تحتاج إليها وهي التي تعاني من بعض القوانين التي فيها ازدواجية وفيها تناقض فهي التي ترسل مشاريع القوانين أو تعديلات القوانين إلى مجلس النواب ومجلس النواب يناقشها ويعدلها أو يقر ما أقر منها ويلغي ما ألغى منها ولا يصبح القانون قانوناً إلا بعد أن يصادق عليه مجلس النواب .
· كيف ترون مستقبل القبيلة في ظل التحولات العالمية الجارية ؟
§ اليمن مجتمع قبلي على مر التاريخ وأي تحولات لن تؤثر في تركيبته القبلية وإنما يجب تهذيب العلاقة بين القبيلة وتقاليدها وبين القوانين وتنسيقها وإلى حد الآن لم يحدث أي تعارض لأن مجتمعنا حضاري .
· خلال زياراتكم الأخيرة منعتكم إحدى شركات الطيران من الصعود إلى الطائرة وأنتم تضعون الجنبية (الخنجر) ورفضتم مواصلة الرحلة ، ما دلالة ذلك ؟
§ دلالة الموقف هي أن الجنبية بالنسبة لليمن وبالنسبة لليمنيين هي رمز وهي جزء من الزي الوطني الذي نعتز به .
· لوحظ انشغالكم في مجلس النواب وخلال جلسة المقيل ومتابعتكم ليلاً للقضايا والعرائض المقدمة إليكم .. ما الذي يبقي لكم من الوقت لتقضونه مع أسرتكم ؟
§ لا تهمني نفسي ولا راحة نفسي لم أعد أهتم حتى بشؤون عائلتي وأولادي مثل اهتمامي بخدمة المجتمع … والحمد لله .