الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في حديثه لمجلة نصف الدنيا المصرية العدد (742) بتاريخ 2/5/2004م : حول دور القبائل في الثورة وعلاقة الشيخ بالحركة الوطنية والضباط الأحرار

مجلة نصف الدنيا المصرية

العدد (742) تاريخ 2/5/2004م

الطريق إلى منزل الشيخ الأحمر يمر عبر صنعاء القديمة يعرفه كل أهل العاصمة اليمنية فهو أشبه بقلعة من قلاع العصور الوسطى محاطاً بالأشجار العالية ، بدا لي هذا المنزل وكان التاريخ يخيم عليه والرهبة والمهابة تلفه وتحيطه ، وحينما دخلت ديوانه شعرت بأنني داخل مجلس نواب مصغر يختلف إلى حد ما عن مجلس النواب الذي يترأسه الشيخ في شكليات فقط فكل المقاعد وصرامته في إدارة الجلسة البرلمانية والإستماع إلى هذا العضو أو ذاك ، رأيت في ديوانه شخصيات مختلفة من سياسيين ودبلوماسيين وعسكريين ووزراء سابقين وحالين ورؤوساء أحزاب وتنظيمات ووجهاء قبائل يقصدونه للفصل في قضاياهم وصاحب الديوان يبادلهم الإبتسامة والحديث ويستقبلهم بكل حفاوة وترحيب .

وحينما تحدثت إلى الشيخ الأحمر أحسست أنه بمعزل عن مناصبه الرسمية وصفته السياسية إلا كونه واحداً من أهم الشخصيات على الصعيد اليمني والعربي كلماته كانت في البداية قليلة تتكثف فيها معاني ودلالات الحدث لرجل عانى الأمرين قبل الثورة اليمنية في سجن (المحابشة) وخارجه ليظل واحداً من شهود العصر على الثورة في خصوصيتها ومعايشتها والإمتزاج بأحداثها .

لست أدري لماذا عندما بدأ الشيخ عبدالله الأحمر حديثه معي تذكرت على الفور الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد في عام 1994م وكان لي لقاء صحفي مع الشيخ في المنزل نفسه وقبل تصاعد الأحداث والتي لعب الشيخ الأحمر دوراً مهماً للغاية في منع مشروع الإنفصال في اليمن ، فقد كانت ترتيبات الإنفصال تعتمد أساساً على إثارة قلاقل قبلية قليلة وكان وقوف التجمع اليمني للإصلاح بقيادته من أهم العوامل التي عززت جبهة الوحدة الداخلية ونجح في الحفاظ على سلامة السلطة التشريعية ووحدتها رغم حالة الفوضى والتشتت المريعة التي عانت منها اليمن قرابة عشرة أشهر .

قرأت عن الشيخ عبدالله الأحمر الكثير قبل بداية هذا اللقاء فالرجل تاريخ يمشي على الأرض حرت في أي السبل التي أسلكها للدخول في عمق أفكاره التي لا يتجمل بها مطلقاً للتعبير عن قناعاته السياسية .

وعندما بدأت المواجهة الصحفية إزدادت الحيرة والبحث عن الإجابات الصريحة عن دور القبائل في الثورة وعلاقة الشيخ بالحركة الوطنية والضباط الأحرار فضولي الصحفي يدفعني للسؤال عن ظهور النزعة القحطانية ضد الهاشمية وكيف منع الشيخ قتل الإمام حسين تيسر له ذلك وما حقيقة الدور المصري في تاريخ الثورة اليمنية وما بعدها ؟ ما رأي الشيخ في الأحداث الجارية ؟ وكيف هي نظرته للمعارضة وتقييمه لفترة الوحدة ؟

الحديث يتشعب ليرصد الكثير ولمن له فضول في البحث عليه أن يقرأ بتمعن السطور وما بينها لكي يفهم مرحلة من أهم مراحل تاريخ الثورة اليمنية في حديث جاء كالتالي :

·        سألته .. أنت واحد من شهود العصر على عهد الإمامة ؟ كيف كانت الأوضاع في اليمن؟

-   لم تشهد اليمن من ألوان القهر وأشكال التعسف وأنواع الظلم ما شهدته في ظلم الحكم الإمامي المباد الذي أحكم على البلاد طوق العزلة وحال دون أن تلوح في ساحة الوطن أية بارقة أمل تحمله نحو اللحاق بنهضة الشعوب وتطورها .. بل ومن أجل تكريس شتى أنواع التخلف وإحكام السيطرة على مقدرات الشعب ومصائره .. راح الطغاة يمارسون كل ما يجدر في واقع البلاد أسس الفقر والجهل والمرض .. الثالوث الرهيب الذي رزح شعبنا اليمني تحت نيره حقباً طويلة من التاريخ إن هذا العصر رسم أوضع صور البؤس والشقاء.

لقد شهد عهد الإمامة ظلماً عم كل شيء وفي هذا العهد أرتفع عدد السجناء والمقهورين وأصبح الواقع بشعاً وأليماً .

·   ولكن البعض يرى أن الإمام يحيى حميد الدين وهو من رموز عصر الإمامة ناضل من أجل إستقلال اليمن وخروجه من عباءة الإستعمار التركي كيف ترى ذلك ؟

-   يخطئ من يقول إن الإمام يحيى حميد الدين ناضل من أجل إستقلال اليمن .. ويخطئ من يقول أن الشعب اليمني نعم بالإستقلال بعد جلاء الأتراك من اليمن .. والشواهد على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر إن الإمام يحيى قد كان موظفاً لدى الأتراك بمرتب شهري ثابت لا سيما بعد معاهدة (دثمان) بينه وبين الدولة العثمانية ، كذلك كان همه أن يتولى القضاء لأجل تنفيذ المذهب الهادوي والذي يجعل الخلافة مقصورة عليهم ويكفي أنه لم يعتن بأي شيء في مجال الصحة والتعليم حتى بما خلفه الأتراك ، كذلك إنصرافه عن توحيد شطري اليمن لقد عاشت اليمن نوعاً من الحكم الثيوقراطي ما يقرب من أحد عشر قرناً ولم يكن حكم الإمام يحيى حميد الدين الذي بدأ منذ عام 1904م وبشكل أوسع إثر هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى وتسليمهم حكم اليمن له لم يكن إلا حكماً ظالماً ومستبداً .

·   منذ بداية حكم الإمام يحيى حميد الدين مع نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى إنطلاق الثورة اليمنية في بداية الستينيات من القرن الماضي .. لماذا ظل الشعب اليمني مستسلماً وراضخاً طالما كانت الأمور كما تؤكد هي مزيد من القمع والإذلال ؟

-   تسلم الإمام يحيى حميد الدين الحكم عام 1918م فقامت ضده حركة معارضة تطورت إلى ثورة قتل فيها بسبب سوء حكمه في ثورة 1948م والتي فشلت بسبب هروب ولي عهد الإمام أحمد من تعز قبل أن يقع في الكمين الذي كان معداً له فيها وثانيها إنتشار أنصاره المستنفدين في حجة وتعز والحديدة وثالثها التفاف الكثير من القبائل حوله لمناصرته نتيجة لما أباحه من النهب والسلب لمعظم المدن وعلى إثر فشل هذه الثورة تولى الطاغية أحمد بعد مقتل أبيه ثم قامت حركة 1955م ضد الطاغية أحمد في تعز لكنها فشلت أيضاً بسبب مكر الإمام أحمد ، واستمرت الإنتفاضات والمظاهرات المعارضة طول فترة حكمه وفي عام 1962م قامت ثورة الشعب اليمني على الحكم الإمامي وأقامت النظام الجمهوري .

·        هل كانت القبائل تدرك معنى ثورة ونظام جمهوري حينما وقفت ضد الإمام ؟

-   لقد كان رأي الكثير من الأحرار على إختلاف فئاتهم لزوم القضاء على الإمام أحمد ، وأن القضاء عليه قضاء على مشاكله التي لا يعرف بغيرها ومن المفروض أن الطاغية أحمد في ثورة 1948م إحتسى نشوة النصر ، أما إنتفاضة 1955م فقد أحتسى العلقم وشعر بمرارة الموت واعتبر الإنقضاض هو النذير الأول للعاصفة المدمرة حيث وجد الأسرة من حوله تتأكل والمواطنون يفيقون ، وقد وجه الشعب بعد ذلك ضرباته المتوالية على إطلال الإمامة المتداعية ، وكان الشعور الموجود عند القبائل واليمن كله هو الشعور بالتغيير وكان هذا بسبب ما يعانونه من الظلم والإستبداد والإهانة والمظالم التي جعلت الكل يكرهون الإمام واجتمع مشايخ القبائل على رفضهم لحكم الإمام .

·   لكن حينما توفي الإمام أحمد معظم القبائل وعلى رأسها حاشد وبكيل سارعت بالوصول إلى البدر لمبايعته بدلاً عن أبيه وكانت هناك مفاضلة بين البدر والحسن ؟

-   المبايعة لولي العهد محمد البدر إماماً لليمن كانت من الشعب كله والشعب اليمني كله قبائل بمن فيهم العلماء والمثقفون وضباط الجيش وكل الناس ، وكان هناك تيار آخر أغلبه من الهاشميين يؤيدون الحسن .

·   لكن البعض يرى أن هذه القبائل قدمت طلبات تم رفضها بشكل قاطع من الإمام وهو ما دفع بعض الشيوخ من التواصل مع الضباط الأحرار ، هل لو تم الموافقة على هذه الطلبات كانت القبائل تعارض التغيير والثورة ؟

-   البيعة شيء والرغبة في التغيير والثورة شيء آخر البيعة كانت شيئاً روتينياً عندما يموت الحاكم لا بد من بيعة لمن يحكم البلد بدلاً عنه ، لكن الرغبة في التغيير موجودة والثورة كانت تتبلور .

·   تتحدث عن وجود تيارات مختلفة ، هل كان لإثارة النزعة القحطانية ضد الهاشمية دور في قيام الثورة القحطانية وهل كانت هذه الثورة ضرورة .. وماذا عن التيارات القومية واليسارية والبعثية والتي سبقت الثورة السبتمبرية ؟

-   نعم .. نعم .. كانت هذه النزاعات موجودة أما أنها ضرورة لم تكن ضرورة كان هذا الحس موجوداً وكان أكثر من يؤججه الدكتور البيضاني من إذاعة صوت العرب وكانت موجودة وكانت من المحفزات فعلاً للثورة وكان للبعثيين دور كبير في التغيير ولهم باع طويل في العملية الثورية ، كان هناك إتجاه قومي وكان الجميع متجهين إلى عمل واحد هو القيام بالثورة وإعلان الجمهورية والدفاع عنها .

·        أين كنت قبل سنوات من الثورة ؟

-   كنت في مقام الإمام رهينة ومن ذلك اليوم وأنا أقوم بالمراجعة على الوالد وعلى شقيقي حميد وكنت أراجع الإمام من أجل الخراب والدمار وعندما قرر الإمام إعدامهما اعتقلت قبلها بيوم فقط وأنا موجود في مقامه وأخذني إلى سجن القلعة في الحديدة لمدة أحد عشر يوماً ثم نقلت بعدها إلى سجن المحابشة .

·        الإمام أعدم والدكم وشقيقكم .. لماذا لم ترتب للثأر والخلاص منه ؟

-   كان هناك ترتيب للتخلص من الإمام من قبل مشائخ وضباط ، وأنا ممن كان يرتب هذا الدور مع بعض الأشخاص وكان ذلك عام 1959 بعد عودة الإمام من إيطاليا ، وإلتقيت ببعض الأشخاص المدربين على إلقاء القنابل ، وكنا قد حددنا موعداً للعملية غير أن واحداً من هؤلاء الأشخاص استعجل الموعد وأفشى السر وتم إلقاء القبض عليه وتسلمه الإمام وفشلت العملية .

·   يطرح البعض أن شرعيتك في الثورة والجمهورية مكتسبة من والدك وأخيك الذين أعدمهما الإمام ولم تكن نتاج نضال قمت به في سبيل تحقيق الثورة ، والبعض يشير أنك لم تكن على علاقة مباشرة مع الضباط الأحرار أو أحد أطراف القوى الوطنية .. كيف ترى ذلك؟

-   الوالد هو والدي وحميد هو شقيقي والإنسان يتعلم ويستفيد ويتأثر من البعيدين ، فما بالك من الأقربين علاقتي جيدة مع العناصر الضالعة بالحركة الوطنية وعلى رأسهم القاضي عبدالرحمن الإرياني الذي كان الموجه العام والفيلسوف والعالم الرباني والأساتذة والمشايخ مثل أمين عبدالواسع الذي كان دينامو لا يستكين ولا يقف إلا وهو يخطط للتخلص من الإمام والأخ عبدالسلام صبره كان هو همزة الوصل بين المشائخ والضباط الأحرار وكانت علاقتي مع اللواء حمود الجائفي وهو الشخصية البارزة في القوات المسلحة .

·        كيف سمعت بالثورة .. وأين كنت وقتها ؟

-   أنا لم أخرج من سجن المحابشة إلا يوم الثورة وأول علم لي بقيام الثورة كان من الإذاعة صباح الخميس فهيأت نفسي للسفر صباح الجمعة عبر الحديدة واتجهت من المحابشة إلى عبس ثم الحديدة التي وصلتها عصر يوم السبت ويوم الأحد سافرت إلى صنعاء والتقينا بالسلال عصر يوم الأحد وكان في ذلك اليوم وقد وصل القاضي محمد محمود الزبيري قادماً من مصر واتجهت إلى قائد الثورة المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية والتقينا مع الإرياني واتجهت بعد ذلك إلى بلاد حاشد والمناطق الشمالية لمحاولة القبض على البدر أو إحباط أي عمل يقوم به لأن الأخبار كانت تقول أنه سيتجه إلى حجة وأخرى إلى شهارة وأخبار أخرى تقول إلى خمر لذلك ذهبت إلى خمر ثم إلى القفلة وبعد أقل من أسبوع على الأقل قرر الهجوم على حجة لكنه فشل ومني بهزيمة ثقيلة بعدها وصل إلى المحابشة ومنها إلى وشحة ثم إلى الخوية في حدود السعودية .

·   المشير عبدالله السلال كان قائداً للثورة اليمنية أيدتموه ثم أنقلبتم عليه .. الشيخ سنان أبولحوم شيخ مشائخ (بكيل) قال لي في حديث صحفي سابق إن الشيخ عبدالله الأحمر هو بمثابة أحد أبنائه لكنكم أختلفتم معه .. هل أنتم من أقنعوه بالذهاب إلى السعودية .. وكيف كانت علاقاتكم معها وأنتم الآن مهندسو تجويد العلاقات مع السعودية ؟

-   اختلفت مع السلال إلى أن أختلف مع الشهيد محمد محمود الزبيري وعبدالرحمن الإرياني ومحمد أحمد نعمان الذين كنا نعتبرهم روادنا وأساتذتنا ، نعم أنا إنضممت إليهم ووقفت موقفاً والرئيس حاد عن مسيرة الثورة الصحيحة وسلم الأمور للجانب المصري وهذا كان ضد الإتجاه الذي كان سائداً في ذلك الوقت والشيخ سنان أبولحوم كان بالنسبة للمشائخ أكثرنا تفكيراً وتنويراً لأنه عاش في عدن ثلاث مرات والتقى بالمثقفين وكان عنده خلفية أكثر منا جميعاً وكل التخطيطات كانت منه سواء بالذهاب إلى السعودية أو غيرها ، ولم تكن لي علاقة في ذلك الوقت بالسعودية ولم تبدأ علاقتي بها إلا قبل المصالحة بأربعة أشهر.

·   تشير إلى أن السلال حاد عن مسيرة الثورة وسلم الأمور للجانب المصري .. هناك حقائق تاريخية ثابتة تؤكد أهمية الدور المصري في تدعيم الثورة اليمنية ، أراك تتحدث وكأن هذا الدور ثانوي .. ما أعتراضك على وجود الجيش المصري في اليمن ؟

-   أكثر من ساند قيام الثورة والجمهورية هو الشعب المصري والرئيس جمال عبدالناصر ، دولة مصر وحكومتها ساندوها وشاركوا بدمائهم معنا في الدفاع عن الثورة بعد قيامها ، وهذا الدور لم يكن ثانوياً بل كان ضرورياً وكنا بجانبهم وهم بجانبنا ونحن الذين تعاونا معهم تعاوناً فعلياً ، قبائل حاشد أكثر من غيرها هي التي حملت المصريين واعتراضي على وجود الجيش المصري كان بسبب تدخلهم في الشؤون الداخلية للبلاد لقد حدث خلاف بين أعضاء الثورة وكان من أجل تصحيح مسار الثورة وتثبيت وترسيخ دعائمها والدفاع عنها والمجموعة التي كانت تدعو إلى إصلاح الأوضاع كانت ترى أن الأخوة المصريين جاءوا لمساندة الثورة عسكرياً لكننا لا نرضى أن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية .

·   واعتراضكم على الدور المصري عجل بإنقلاب 5 من نوفمبر والإطاحة بالمشير السلال وخروج الجيش المصري من اليمن وتشجيع الملكية على العودة وحصار صنعاء ، أين إذن تصحيح مسار الثورة وأين كان دوركم  في إنقلاب 5 من نوفمبر ؟

- أحداث كثيرة حدثت قبل ذلك ومنها قيام المؤتمرات التي كان يدعو إليها الشهيد الزبيري ونحن معه واجتمعنا بالثوار والمفكرين والضباط وعقدنا أول مؤتمر في عمران ، والمؤتمر الثاني في خمر وهو شهير وسميناه بجمهورية خمر ، صدرت عنه قرارات وتم وضع الدستور الذي سمي دستور خمر وفي الأخير سمي الدستور الدائم .

تعاقبت الأحداث وتصاعدت الخلافات حتى جاءت إنتفاضة نوفمبر 1967م التي نحي فيها المشير السلال وبعدها تم خروج الجيش المصري في ديسمبر وتحملنا المسؤولية وعندما انسحب الجيش المصري من اليمن ظن الملكيون أن صنعاء أصبحت لقمة سائغة وأنه بسقوط صنعاء تسقط الجمهورية ولهذا هبوا من كل فج هم والقبائل الموالون لهم لإسقاط الجمهورية وتمت مواجهة الهجمة بصبر قوة ودحرهم وتم تثبيت دعائم الثورة وترسيخ النظام الجمهوري ودوري كان مع وعلى رأس إنقلاب نوفمبر والخلاف كان موجوداً بيني وبين السلال من قبل الإنقلاب .

·   ولكن ليس سراً أن حركة الأحرار هي التي أقرت الوجود المصري لحماية الثورة .. هل كان هذا الوجود يخضع لرأي الحركة الوطنية وبعد الخروج المصري تكالب النظام الملكي ثم أحداث أغسطس 1968م الشيوعية التي أرادت الإستيلاء على الحكم ؟

-   عندما جاءت القوات المصرية كان لدينا الإيمان الكامل بأن جمال عبدالناصر يحمل النيات الحسنة والصادقة مع القضية الوطنية ومع مشروعيتها في التحرير والخلاص وكان جمال بالفعل يكره أن يتدخل في شؤوننا الداخلية ولم يكن يبغي غير المساعدة النزيهةفي نطاق الواجب العربي والإنساني ولكن رغم ذلك لا يخلو وجود أشخاص من الذين حولوه دون مستواه في التفكير وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها وما حدث في أغسطس 1968م كانت محاولة إنقلاب قام بها ضباط الصاعقة والمظلات والمدفعية كانت تريد أن تستولي على الحكم لتعلن قيام نظام شمولي على غرار النظام في عدن ونحن تصدينا لهم .

·        هل استفدتم من الثورة والنظام الجمهوري ؟

-   لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نقوم بمقارنة بين ما كانت عليه اليمن قبل أكثر من أربعين عاماً وما هي عليه الآن المقارنة صعبة لآن المسافة طويلة من النضال والكفاح ، الثورة بلغت رشدها وما زالت تزداد تجدداً واليمن يجمع بين شيئين رشد الزمن وتجدد الإبداع والتنمية .

الإنجازات التي تهدفها اليمن بعد الثورة ونتائجها الإيجابية تفوق كل تصور واليمن تشهد نقلة كبيرة على جميع الأصعدة الثقافية والإقتصادية وغيرهما .. هناك حرية وديمقراطية الثورة ردت للإنسان اليمني كرامته المسلوبة .

·        سؤالي عن الإستفادة الشخصية للشيخ عبدالله الأحمر من الثورة والنظام ؟

-   استفاد الشعب كله وأنا من أفراد الشعب ، لم يكن عندنا بيوت ولا سيارات ولا كهرباء ولا حرية ولا حياة كريمة ولعل أعظم هذه المنجزات التي تحققت هو إعادة الوحدة الوطنية وهو هدف عظيم وكان للرئيس الدور العظيم فيه والمصالحة مع الجيران وإنهاء مشاكل الحدود وإستخراج البترول والسير على الطريق الصحيح .

·   الشيخ عبدالله الأحمر رئيس البرلمان .. بعد مرور سنوات على الوحدة كيف ترى مؤسسات الدولة وهيئاتها .. البعض ينتقد التجربة البرلمانية .. هل تشعرون برضى تجاه ما قدمه مجلس النواب ؟

-   الهياكل كلها اكتملت وتوحدت وإذا وجدت نواقص فإن أي منجز وأي عمل لا بد أن يحدث فيه نواقص ويكون له إيجابياته وسلبياته وما دمنا نسير على الطريق السليم فإننا نصحح من السلبيات للوصول إلى الإيجابيات والتجربة البرلمانية تجربة عظيمة ، ومنجز مهم ومجلس النواب مجلس تشريعي ورقابي وبقدر رضانا عما قدمه إلا أنه إذا وجد فتور من جانب من جوانبه فهو في الجانب الرقابي واليمن أصبح شريكاً أساسياً وحقيقياً في التنمية على المستويين الإقليمي والدولي بفضل الحرية والديمقراطية والحياة النيابية والبرلمانية الجادة والصادقة .

·   الشيخ عبدالله الأحمر رجل دولة وفي الوقت نفسه هو شيخ ورجل قبيلة .. كيف تجد علاقة الدولة بالقبيلة وكيف توفق بين الإثنين ؟

-   كان الإمام في الماضي يعتبر أن الشيخ والدولة شيء واحد ، وكانت الدولة تمل على صيانة الدماء وحل المشاكل ومنذ أكثر من أربعين عاماً وأنا في هذا الموقع ، موقعي في الدولة وموقعي في القبيلة ، ومنذ بداية الثورة وحينما توليت وزارة الداخلية وأنا أوازن وأوفق بين وجودي في الدولة ووجودي في القبيلة وإذا لم أشغل منصباً رسمياً فأنا أتحمل المسؤولية أكثر من الكل وأكثر من المناصب الرسمية .

·        أيهما تتغلب على الأخرى في نفسك وقراراتك ؟ وماذا لو تعارض نهج الديمقراطية مع الموروث القبلي ؟

-   الدولة فوق القبيلة والديمقراطية شيء والدولة شيء أخر ، أي شعب لا بد أن تكون فيه دولة ولا يمكن لأي شعب إلا أن ينقاد للدولة ، أما الديمقراطية فهي واردة علينا ، فإذا كانت الديمقراطية ستخل أو تتعارض أو تحارب المجتمع القبلي عندنا وعاداته وتقاليده فأنا أرجح القبيلة على الديمقراطية .

·   ترفض الديمقراطية التي تتعارض مع روح القبيلة وتقاليدها .. العالم العربي يعيش مخاضاً صعباً ويتم فرض مبادرات إصلاحية وديمقراطية عليه من الخارج .. السياسة اليمنية تبدو غامضة في التعامل مع الكثير من التحولات سواء الإقليمية أو الدولية كيف ترى ذلك ؟

- سياستنا الخارجية غير معزولة عن السياسة الداخلية بأية حال من الأحوال هناك تناغم بين الإتجاهين في السنوات الأخيرة ربما كانت هناك ضغوط داخلية تحتاج إلى من يسهم في تحقيقها خارجياً ، والتعاطي مع السياسة الخارجية ربما يرتبط بالمنافع الإقتصادية والثقافية والعلمية والتاريخية واليوم أصبحت السياسة الخارجية مرتبطة بالمصالح الكبرى ربما يرى البعض أن السياسة الخارجية اليمنية انتقلت من حالة غامضة بعض الشيء إلى سياسة الوضوح والمصارحة والمكاشفة ، ربما يبدو ذلك واضحاً أيضاً من خلال المبادرات اليمنية لإصلاح الوضع العربي المتردي وقد اتسمت هذه المبادرات بالشفافية والمصارحة ، وهذا يعطي المصداقية والإنجاز السريع وجود اليمن واضحة لإرساء دعائم الأمن والإستقرار والسلام وتحقيق الشراكة الفعالة على كافة الأصعدة بين جميع دول المنطقة .

 

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp