الشيخ عبدالله في مقابلة مع صحيفة الصحوة بتاريخ 21/3/1991م

- الحملة الهستيرية من المسئولين لأنهم يعرفون أن الدستور غير مقبول من المواطنين • تلاحظون كما يلاحظ المواطنون الحملة الإعلامية المكثفة من أجل دفع أبناء اليمن لقول نعم للدستور الذي يحتوي على مواد مخالفة للشريعة الإسلامية في تقديركم لماذا هذه الحملة وبهذا الشكل ؟  الحقيقة أن الحملة الإعلامية لم تعد مقصورة على الناحية الإعلامية وحدها بل أصبحت حملة إعلامية ورسمية ولم يكتفي المسئولون بما تقوم به وسائل الإعلام بل نزلوا بأنفسهم وعلى أعلى المستويات ليدفعوا المواطنين لقول نعم للدستور وها هم يتنقلون بين المحافظات ولا حديث لهم إلا الدستور وهذا أسلوب غير ديمقراطي لاسيما وقد بلغ بهم الأمر إلى حد الإرهاب . وفي تقديري أن المسئولين قد لجأوا إلى هذه الحملة الهستيرية لأنهم يعرفون أن الدستور غير مقبول من المواطنين ولو كانوا واثقين بأن الدستور يرضي المواطنين ويلبي طموحاتهم المستقبلية لما احتاجوا لهذه الحملة التي تصادر حق المواطن في التعبير عن رأيه بكل حرية . • ما هو الغرض من الإصرار على تمرير الدستور على علاته من وجهة نظركم؟  الغرض من هذا الإصرار العجيب على تمرير الدستور بما فيه من مواد مخالفة للشريعة الإسلامية هو تكريس الواقع الذي يعيشه إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية الذين لا يزالون يرزحون تحت قوانين جائرة صادرت ممتلكاتهم باسم التأميم وحرمتهم حريتهم باسم المصلحة الوطنية وحماية الثورة ونهبت حقوقهم باسم المساواة وكانوا يتطلعون إلى أن الوحدة ستنزع عن كاهلهم كل هذا الجور وستخلصهم من الظلم الذي تحميه القوانين ومن أجل ذلك اندفعوا للوحدة بتلك الصورة التي شاهدناها جميعاً عبر شاشات التلفزيون لكن خيبتهم كانت كبيرة وأصيبوا بالإحباط عندما وجدوا أنفسهم بعد الوحدة وهم يعيشون نفس الأوضاع التي كانوا يعيشونها قبلها ولم يعرفوا من الوحدة إلا اسمها فقط والذين يصرون على تمرير هذا الدستور يريدون تكريس هذا الواقع في تلك المحافظات تمهيداً لتعميم ذلك الواقع على المحافظات في الشمال . • نعلم أن العلماء قد تقدموا برسالة إلى مجلس الرئاسة والتقوا بالأخ الرئيس ونائبه وطرحوا ملاحظاتهم على الدستور وجرى نقاش كبير حول ذلك وأصدروا فتوى بعدم جواز التصويت على الدستور بنعم إذا لم يتم تعديله وعرفنا أنكم قد التزمتم بما أفتى به العلماء . هل لكم أن تحدثونا عن ذلك ؟  علماؤنا الأجلاء قد قاموا بواجبهم الذي يبرئ ذمتهم أمام الله وحملوا مجلس الرئاسة والمسئولين جميعاً وكافة أبناء الشعب المسئولية فقد تقدموا برسالة إلى المسئولين بينوا فيها ضرورة تعديل الدستور قبل إنزاله للاستفتاء وطالبوا بتأجيل الاستفتاء حتى يتم تدارس الأمر للخروج بحل يرضى عنه الشعب وأعلنوا أنه ما لم يتم تعديل الدستور فإنه لا يجوز أن يصوت الناس بنعم وقد طالبهم مجلس الرئاسة بتقديم ملاحظات تفصيلية على مواد الدستور وقدموا ملاحظاتهم وأضافوا إليها ملاحظات المختصين من الدستوريين والاقتصاديين وحددوا المواد التي يلزم تعديلها ووجهوا رسالة مفتوحة يناشدون فيها المسئولين تعديل الدستور وإيقاف الحملة الإعلامية التي تغرر بالشعب بقول نعم للدستور . وإنني أتساءل لماذا لم تستجيب القيادة لفتوى العلماء ومناشدتهم ونحن شعب مسلم ودولتنا مسلمة فالعلماء في الشعب المسلم والدولة المسلمة هم المرجع في القضايا الشرعية وهم الذين يحق لهم أن يقولوا هذا يتفق مع الشريعة الإسلامية وهذا يخالف الشريعة الإسلامية لأنهم هم المختصون بذلك والله سبحانه وتعالى يقول : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ويقول جل جلاله (وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى الله والرسول) وأهل الذكر هم علماء الإسلام الذين يجب على الحاكم والمحكوم الاستجابة والإذعان لرأيهم خاصة في مثل هذه القضايا التي تمس بالعقيدة فهم أعرف من الجميع والواجب على المسئولين وعلينا جميعاً إتباع العلماء. • لقد مررت القيادة قضايا كثيرة في العام الماضي ولم تعترضوا عليها كما تعترضون اليوم على الدستور فما تعليقكم على هذا ؟  إذا كان المسئولون قد تعودوا على أن يمرروا أشياء كثيرة دون أن يعترض الشعب على ذلك فإن عليهم أن يعرفوا أنه لا يجوز متابعتهم وطاعتهم فيما يغضب الله وفيما فيه مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والقضية اليوم قضية دستور سيحكم به الشعب حاضراً ومستقبلاً والشعب لم يقر أو يوافق على أن يحكم بغير الإسلام . • يطرح البعض أن من يعارض الدستور إنما يعارض الوحدة ذاتها وأن الدستور قد أقر من السلطتين التشريعيتين في الشطرين قبل الوحدة . ما ردكم على ذلك؟  الربط بين الوحدة والدستور ربط غير منطقي فالوحدة قائمة وليس هناك من يعارض فهي فريضة شرعية والذين يربطون بين الدستور والوحدة هم الذين يريدون فرض نهجهم على الشعب ولا يجوز أن يتهم من يعارض الدستور بأنه معارض للوحدة كما لا يجوز أن يتهم من يؤيد الدستور بأنه كافر والدستور في حقيقته هو وثيقة بين الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة وبين السلطة التي كانت تحكم الشمال قبل الوحدة ولم يكن للشعب كل الشعب شماله وجنوبه أي رأي فيه وحكاية أن السلطتين التشريعيتين في صنعاء وعدن قبل الوحدة قد صوتتا عليه فمجلس الشورى في صنعاء معروف عند الجميع كيف كان التصويت فيه على الدستور. أما مجلس الشعب الأعلى في عدن فكل أعضائه من الحزب الحاكم وما يردده المسئولون والعاملون معهم ووسائل الإعلام أن من يطالب بتعديل الدستور فهو ضد الوحدة وما وصلوا إليه من التهديد والإرهاب والدعوة إلى الفتنة فهذا شيء مرفوض وغير مقبول وأنه من الأساليب البالية إضافة إلى أنه إجهاض للديمقراطية . • هناك قوى وشخصيات تؤيد الدستور وتدعو له بينما يقود التجمع المعارضة للدستور ما رأيكم فيمن يؤيدون الدستور بعلاته؟  المؤيدون للدستور على علاته من وجهة نظري إما أنهم من عناصر الحزب الاشتراكي الذين في المواد المخالفة للشريعة الإسلامية في الدستور حماية لهم ولنهجهم وتكريساً لمبادئهم أو أنهم من العناصر العلمانية الذين يؤمنون بالفصل بين الدين والدولة ولا يحرصون على الشريعة وإما أنهم من موظفي الدولة الحريصين على مناصبهم والبقاء فيها فيؤيدون كل ما تريده الدولة كيفما كان أو من العامة الذين يعتقدون أن كل ما يصدر من الدولة هو منجز من منجزات الثورة الذي يجب مباركته . • لماذا ثار هذا الخلاف حول صيغة الدستور الحالية؟  الدستور بصيغته الحالية يكرس التشطير ويحمي القوانين الشطرية التي لا تزال تحكم المحافظات الجنوبية والشرقية (الشطر الجنوبي سابقاً) والدستور قد صيغ بطريقة توفيقية بين نظام ماركسي كان يسيطر على جنوب البلاد ونظام عربي إسلامي كان يحكم شمال البلاد . كما أنه صيغ في وقت كانت الماركسية في أوج قوتها ووجودها فجاءت نصوصه منسجمة مع ما كان قائماً في حينه وقد تغيرت الأحوال وحدثت مستجدات كثيرة وانتهت الماركسية من جنوب البلاد بعدما انتهت في العالم فهل يصح أن نكرس مبادئ فشلت وسقطت في عقر دارها . والدستور فيه نصوص تخالف الشريعة الإسلامية وتنتقص من الحريات والأسس الديمقراطية ويكتنفها الغموض وفيه نصوص تهدر الحقوق والممتلكات . • ما هي توقعاتكم بالنسبة لنتيجة الاستفتاء؟  نتيجة للحلمة المكثفة من المسئولين وعلى أعلى المستويات وعبر وسائل الإعلام المختلفة فإن عدداً من المواطنين البسطاء الذين لا يدركون الأمور سينخدعون وستكون النتيجة نعم لأن الدولة لديها من الأساليب ما يمكنها من الوصول إلى ما تريد وبأي طريقة كانت ، ومع ذلك فإن على كل من يخشى الله أن يبرئ ذمته ويرفض هذا الدستور إذا لم يعدل . • يقول المسئولون أن مجلس النواب الذي سيتم انتخابه بعد انتهاء الفترة الانتقالية هو الذي يحق له التعديل ... ما رأيكم في هذا الطرح؟  ما يردده المسئولون في لقاءاتهم المتعددة مع كل الفئات وفي مختلف المحافظات وقولهم أن حق تعديل الدستور سيكون لمجلس النواب المنتخب بعد الفترة الانتقالية فهو من الحيل التي يغالطون الناس بها لأن إجراء أي تعديل يتطلب الحصول على موافقة ثلاثة أرباع أعضاء المجلس وهذا شرط يجعل التعديل غير ممكن إطلاقاً . وماداموا قد أباحوا لأنفسهم تعديل وإلغاء باب كامل من أجل مصالح خاصة فلمـاذا لا يعدلون المواد المخالفة للشريعة الإسلامية من أجل مصلحة عامة ، وحرصاً على الوحدة الوطنية .

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp