الشيخ عبدالله الأحمر.. تعدد الاهتمامات وتميز الأداء *عبده مكتف

  الصحوة نت 8/1/2008م

المعهود أن الناس يكتسبون مكانة بالمواقع التي يحتلونها والمناصب التي يتبؤنها، لكن الشيخ عبدالله رحمه الله هو الذي أكسب تلك المواقع والمناصب مكانة وحضورا بانتسابه إليها، ولقد خطبته الرئاسة مرارا فولاها ظهره، فقد كان يدرك أنه هو الرئيس والزعيم فلم ينتظر من أحد أن ينصبه بل هو الذي كان ينصب الزعماء والرؤساء ويرفعهم على العروش، فلا يستغني عن مشورته وصواب رأيه أحد، لقد اختار أن يكون رئيسا لليمن لا أن يكون رئيسا على اليمن، وحيث اختار وجدناه رجل أمة، كما أنه رجل نخبة، فهو صاحب القلب النابض والحس المرهف، والرأي الثاقب، والموقف الشجاع، واليد الندية، والكلمة المؤثرة، والعبرة الصادقة، لقد غلبت القيم والمبادئ الحميدة التي غرست فيه كل القناعات المزيفة التي حاولت عبثا التسرب إليه، الالتصاق به تحت مظلة الزعامة فنفضها ولسان حاله:" منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى".

ذلك لأن العظمة في ذاته وتاريخه، فلم يكن محتاجا ليكتسبها من أحد، إنما كانت الحاجة ملحة في أن يحافظ على هذه العظمة والتاريخ الناصع، ويمدها بروح الإباء والتضحية والفداء، فهي الميراث الوحيد الذي اكتسبه، وهي أيضاً الميراث الوحيد الذي تركه، ولم يكن حديثه لأبنائه إلا أن وجه أنظارهم إلى الواجب المناط بهم الذي يرى في أدائهم له وتجسيدهم إياه، على واقع الحياة ويوم أن ينصرف أحدهم، أو ينصرفوا عن هذا المبدأ، يكونوا قد أصابوها في مقتل، وإن عاشت فما أراها إلا تعيش عقيماً، وإن خرجت عن السنة المطردة فلا تلد إلا خداجاً أو مشوها، لا يحمل من دلالات العظمة، إلا أنه يكون تذكاراً لتاريخ منقطع يترحم على الماضي ويلعن الحاضر بكل ما فيه من مادة ورفاهية.

إنه الرجل العظيم الذي أجمع الناس على حبه، إجماعهم على الحزب لفراقه، والفراغ الذي تركه برحيله. إن التعريف به كما يقول ولي العهد السعودي "أقل من الواجب، فهو معروف أمام الجميع بخدمته لدينه، ووطنه ثم أمته العربية"، وهو أيضاً كما وصفه رئيس الجمهورية "أكبر من الأحزاب، وهو من ثوابت الحياة السياسية".

وقاسم مشترك بين الجميع لشخصيته الوطنية على حد تعبير الدكتور عبد الكريم الإرياني.

لقد مثل طيلة حياته قوة التعقل والتوازن والتقدير للمصلحة العامة، ولم تخرجه شجاعته وأصالته وجرأته عن الاعتدال والحكمة والتوازن ومراعاة كل الاعتبارات، هذا وإن كان مصدره الأستاذ فيصل بن شملان، والأستاذ خالد مشعل، غير أنه يشكل إجماعاً عالمياً فيه.

"إنه مدرسة إنسانية جامعة كما يقول نصر طه مصطفى فهو يحتاج إلى قراءة متعمقة في تجربته الفريدة، التي جعلت منه رجلاً لا نظير له في حياتنا المعاصرة، وجعلت منه حاضراً فاعلاً فيها على مدى نصف قرن، وهو أمر لم يحدث لغيره ولا أظنه سيتكرر على مدى عقود أخرى قادمة".

إن فقدان الشيخ رحمه الله كما قال الدكتور عوض القرني: هو فقدان لعلم من أعلام الدين ورمزاً شامخاً من رموز الوطن والأمة"، لقد امتلك أسلوب الغضب الصامت كما يقول أبو العلاء النهاري الأمر الذي جعل أحد الكتاب يتفرس فيه ويقول:

كأنه حفر معالم وجهه بيده، وربط لسانه بثقالات عندما يتكلم، حتى لا يقول مالا يحب.

لست في هذا الاستطلاع بصدد البحث عن محامد الشيخ أو التوثيق له، فقد ترك تاريخاً نابضاً بعطائه، وإنجازات، إنما هو تأكيد لذلك ليس إلا.

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp