شيخ مشايخ اليمن عبدالله الأحمر.. حضور دائم في كل “العواصف”

نشرت صحيفة الخليج الاماراتية في ثلاث حلقات بتاريخ 8/ 1/ 2005م و / 13/ 1/ 2005م و / 20/ 1/ 2005م ملخصا لتاريخ النضال الذي قام به الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر منذ الطفولة حتى الوحدة .العرض قدمه الصحفى صادق ناشر وهنا نعيد نشر الحلقات الثلاث كما نشرت في صحيفة الخليج . ليس هناك في اليمن من لا يعرف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، فللرجل مكانة سياسية وقبلية كبيرة، واسمه يبقى الحاضر الأكبر في جميع المحطات والخضات العنيفة التي شهدتها اليمن منذ التحضير لقيام الثورة في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول من العام ،1962 وما تلاها من أحداث، بدءاً بالحرب بين الملكيين والجمهوريين وانتهاء بالمصالحة الوطنية العام ،1970 مروراً بمراحل بناء الدولة اليمنية الحديثة وعلاقاته مع أطراف صانعي هذه الدولة القاضي عبدالرحمن الإرياني، إبراهيم الحمدي، أحمد الغشمي وعلي عبدالله صالح، وانتهاء بقيام دولة الوحدة مع الحزب الاشتراكي، رغم تحفظاته على الوحدة مع العلمانيين في هذا الحزب الذي حكم جنوبي اليمن لمدة تزيد على ربع قرن. ويبدو الشيخ الأحمر الذي يتسنم منصب رئيس البرلمان اليمني الموحد منذ ثاني انتخابات تشهدها البلاد العام 1993 والتي شاركت فيها جميع أطراف اللعبة السياسية، واحداً من اللاعبين الرئيسيين في اليمن، بل انه أحد صناع القرارات في بلد عاش سنوات من الفوضى السياسية والصراعات القبلية والفكرية. يقال عنه إنه الرقم الصعب في المعادلة السياسية اليمنية السابقة والحالية، ومن الصعب على صناع القرار السياسي تجاوزه، بمن فيهم الرئيس الثالث لليمن المقدم إبراهيم الحمدي الذي تعارضت أساليب حكمه المدنية مع نمط تفكير الشيخ الأحمر الذي يعطي للقبيلة وزناً كبيراً في الحياة السياسية اليمنية منذ قيام الثورة في شمالي اليمن العام 1962 وحتى إعلان دولة الوحدة العام 1990. تعتبر علاقة الشيخ الأحمر بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح نموذجية قياساً بعلاقاته المتوترة مع بقية الرؤساء الذين حكموا اليمن خلال الحقب الماضية. ويرجع الكثيرون هذه العلاقة إلى إعجاب الشيخ الأحمر بأسلوب الرئيس صالح في معالجة أوضاع البلاد، بخاصة أنه جاء في أسوأ مرحلة عاشتها اليمن إثر اغتيال آخر رئيسين قبل مجيء الرئيس صالح في غضون ستة أشهر وهما إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي. وقد وحد العداء للاشتراكيين في الجنوب كلاً من الرئيس صالح والشيخ الأحمر، فالنظام الاشتراكي في الجنوب كان يستهدف إسقاط الرئيس صالح ويعادي دور القبيلة في الوقت نفسه. ولهذا كان الشيخ الأحمر من الفعاليات السياسية الكبيرة في صياغة إعلان دولة الوحدة، على الرغم من عدائه الشديد للحزب الاشتراكي ولنائب الرئيس يومها علي سالم البيض، الذي لم يكن يخفي رفضه لدور القبيلة في اليمن، بالإضافة إلى دور الإخوان المسلمين في الحياة السياسية لدولة الوحدة. اليوم يعتبر الأحمر من ركائز الدولة اليمنية ؛ فهو إلى جانب منصبه القبلي كشيخ مشايخ اليمن، يترأس البرلمان الذي يضم في عضويته 301 عضو، كما يترأس حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو صاحب الحضور الأكبر في الساحة السياسية والشعبية اليمنية. كما يحظى بالاحترام في دول الجوار والدول العربية الأخرى نتيجة لاعتداله في طرح القضايا المتصلة بالعلاقات بين اليمن وجيرانه. الجذور يؤرخ ميلاد الأحمر، واسمه الكامل هو: عبدالله بن حسين بن ناصر بن مبخوت بن صالح بن قاسم بن علي بن قاسم الأحمر إلى أواخر شعبان من العام 1351ه، والذي يوافق الأول من شهر يناير/ كانون الثاني من العام ،1933 وكان ميلاده في حصن “حبور” من بلاد “ظليمة” إحدى مناطق حاشد في محافظة عمران، الواقعة على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة صنعاء، حيث استقر فيها آل الأحمر منذ أيام جدهم الكبير علي بن قاسم الأحمر. والشيخ عبدالله هو الابن الثاني لأبيه الشيخ حسين، وصادف قدومه إلى الدنيا في زمن أزمة المواجهة التي استمرت 20 سنة بين آل الأحمر وبين الإمام يحيى بن حميد الدين الذي حكم اليمن لسنوات طويلة امتدت من العام 1911 عندما انتهى الحكم العثماني لليمن وحتى العام ،1962 عندما قامت ثورة اليمن ضد حكم بيت حمئد الدين، حيث عانى فيها آل الأحمر الكثير من المضايقات من قبل الأسرة الحاكمة. نشأ الأحمر في بيئة ريفية فيها سمات من حياة الوداعة والطهارة والبساطة، وهي كذلك بيئة تقوم حياة الناس فيها على الزراعة والرعي، حيث كانت الأسرة تمتلك الأراضي الزراعية الشاسعة، وقطعان الحيوانات من الخيول والحمير والجمال والأبقار والأغنام، وكلها تستخدم في الزراعة كالحراثة أو نقل الحبوب أو الاستفادة منها في التغذية. بدأت علاقته مع التعليم وهو في سن السابعة، فتعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم والحساب داخل منزل العائلة مع عدد من أبناء العائلة، فيما كان شقيقه الأكبر الشيخ حميد يعيش رهينة مع ابن عم له في سجن الإمام في حجة. وبعد سنوات من تعلمه بدأت حياته العملية، فقد أصبح وهو في الثانية عشرة من عمره مسؤولاً عن شؤون العائلة في البيت الكبير والممتلكات الزراعية بسبب غياب والده وعمه في معظم الأحايين لاضطرارهما للبقاء في صنعاء لمتابعة القضايا والمشاكل الخاصة بالعائلة. وكانت هذه المسؤوليات تجعله يتعامل معها كرجل كبير، حتى انه أشار الى انه لم يشعر بطفولته، وقال: “لقد ولدت كبيراً”. منحت هذه المسؤوليات المبكرة الشيخ عبدالله شعوراً بالواجب والمسؤولية والجدية رغم أنه كان لا يزال شاباً صغيراً في مقتبل العمر، وبسبب ذلك تنقل بين مناطق بلاد حاشد للإشراف على ممتلكات الأسرة ومتابعة العمال والرعاة والعناية بالمواشي واستقبال الضيوف الذين كانوا يفدون إليه طالبين المعونة وفي أحايين كثيرة النصيحة. وبقي على هذه الحال إلى أن قامت ثورة 1948 التي سرعان ما فشلت بعد ثلاثة أسابيع من قيامها على الرغم من أن كثيرين ساهموا بقيامها، وكان أن تعرض والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر للتضييق والحبس بسبب شكوك الإمام الجديد حينذاك أحمد بن يحيى حميد الدين من أنه تباطأ في نصرة الإمام ضد الثوار، كما كان قد تم احتجاز شقيقه الشيخ حميد بن حسين الأحمر في منطقة حجة أثناء حشد الجيوش للقضاء على الثورة من أجل الضغط على شيخ مشايخ حاشد حسين بن ناصر الأحمر وضمان ولائه للإمام. وعلى الرغم من أنه لم يكن قد بلغ الخامسة عشرة من العمر، إلا أنه قرر متابعة قضية والده وأخيه للإفراج عنهما، فسافر إلى مدينة تعز، التي اتخذها الإمام الجديد عاصمة له بدلاً عن صنعاء، لكن جهوده لم تفلح إلا بعد مرور عام من المتابعة، لكن هذا الإنجاز كان على حساب حريته، فقد كان شرط الإمام الإفراج عن أبيه ان يبقى هو مكانه لمدة عام. وهكذا بقي الشيخ عبدالله عاماً في مكان الشيخ الكبير سجيناً لدى الإمام، وبعد عام استعاد حريته مقابل عودة والده إلى أحد سجون الإمام في تعز. بعد سبع سنوات وفي الفترة التي أعقبت حركة الثلايا عام 1955 ضد الإمام في تعز، عاد الشيخ عبدالله إلى تعز بدلاً عن أبيه الذي استدعاه الإمام وتحسنت علاقة آل الأحمر نوعا ما مع الإمام أحمد من خلال العلاقة الطيبة التي ربطت بين الشيخ حميد وولي العهد الإمام البدر، نجل الإمام أحمد، كما تولد لدى الإمام أحمد نفسه انطباع جيد عن الشيخ عبدالله خلال فترة بقائه في تعز للمراجعة بخصوص أبيه وشقيقه وبقائه في السجن بديلاً عن أبيه. قطب الرحى يعد عام 1958 حاسماً في تأريخ العلاقات بين الإمام أحمد وأسرة آل الأحمر، فعندما سافر الإمام أحمد إلى إيطاليا للعلاج حدثت بعض التمردات من جنود الإمام في صنعاء، ما اضطر البدر إلى استدعاء الدعم والمؤازرة من مشايخ القبائل الذين توافدوا مع قبائلهم إلى صنعاء وكان الشيخ عبدالله من ضمن الذين جاءوا والتحق بشقيقه الشيخ حميد الذي كان في صنعاء بجوار البدر وقد علا نفوذه وصار من المقربين من البدر، كما صار قطب الرحى بين المشايخ المطالبين بالتغيير وتزعم ما عرف في التاريخ اليمني المعاصر بحركة المشايخ المطالبين بالتغيير وإعلان الجمهورية. ويروى أنه عندما عاد الإمام أحمد من إيطاليا سنة 1959 رفض السماح لمشايخ القبائل بزيارته إلى الحديدة لتهنئته بسلامة العودة، وكان ذلك دليل التوتر في العلاقة بين نظام الإمام وبين مشايخ القبائل بسبب ما وصل إلى الإمام من أخبار عن التحركات القبلية التي قادها الشيخ حميد بن حسين الأحمر والتفاف القبائل القوية حوله. ونتيجة لرفض الإمام السماح لمشايخ القبائل بزيارته تم الاتفاق بين المشايخ على إرسال رسالة باسم الشيخ حسين بن ناصر الأحمر إلى الإمام أحمد وتم تكليف الشيخ عبدالله بحمل الرسالة إلى الإمام في السخنة وفيها التهنئة والاعتذار عن عدم الحضور، وقد مكث الشيخ عبدالله بعدها في مقام الإمام ضمن حاشيته كما هي العادة حينذاك، بعد أن تظاهر الإمام بقبول اعتذار المشايخ. وبدأت المواجهات مع الإمام، فبعد أسابيع قضاها الإمام في السخنة استدعى الشيخ عبدالله ليبلغه بضرورة وصول والده وشقيقه حميد سريعاً بسبب إخلالهما ببعض الواجبات وإهمالهما القيام بها. بل كان الأمر جدياً أكثر من ذلك، بخاصة بعد أن صدر عن الإمام تهديدات ووعيد ضد آل الأحمر. وقتها أرسل الشيخ عبدالله رسالة إلى والده يشعره بطلب الإمام، لكن والده أرسل يعتذر للإمام عن عدم حضوره بسبب وقت الحصاد. لكن جهود الشيخ عبدالله لم تنجح في ثني الإمام عن اتخاذ ما كان قد خطط له، على الرغم من استعطاف الإمام بكل وسيلة معروفة. لكنه فوجئ بالإمام يجدد تهديداته وأقسم بتخريب حاشد وقلع أشجارها. حملة الإمام بدأت الحملات العسكرية على العصيمات، ورابط جيش الإمام فيها من أجل الضغط على الشيخ حسين بن ناصر الأحمر للدخول إلى صنعاء، وخشي الشيخ حسين أن تحدث مذبحة ودمار إذا قاوم أهل العصيمات جيش الإمام فقرر الاستجابة لوفد الوساطة الذي أرسله البدر، نجل الإمام الأكبر وولي عهده وأعطاه الأمان إذا دخل صنعاء، وهو ما حدث، حيث سافر الشيخ حسين الأحمر إلى صنعاء، لكن أمان البدر لم ينفذ، فعندما وصل الشيخ حسين إلى صنعاء أقدم الإمام على سجنه، ولم يكتف بذلك، بل تم إلقاء القبض على ابنه الشيخ حميد الذي كان في منطقة الجوف، حيث نقل إلى السخنة ثم إلى الحديدة. ويروى عن الشيخ عبدالله تألمه لمنظر شقيقه الذي وصل إلى السخنة مقيداً ومجرداً من سلاحه، ولم يسمح له بزيارته إلا في المساء، ولم يكن الشقيقان يعرفان أن هذا اللقاء سيكون الأخير بينهما. على إثر ذلك اللقاء عاد الشيخ عبدالله إلى الإمام في السخنة ؛ فيما أرسل الشيخ حميد إلى الحديدة وحُبس في قلعتها لمدة شهر كامل ظل خلاله الشيخ عبدالله يراجع لدى الإمام للإفراج عن أبيه وشقيقه. خطة وخطة مضادة يكشف كاتب سيرة الشيخ عبدالله الموجزة عن مشاركة الشيخ عبدالله الأحمر في فترة سجن أبيه وشقيقه في محاولة لاغتيال الإمام أحمد حميد الدين بالقنابل التي كان قد خطط لها الشيخ سنان أبو لحوم، وهو واحد من أهم الشخصيات التي عايشت أحداث اليمن، “كانت خطة الاغتيال موضوعة سابقاً ويديرها الشيخ سنان أبو لحوم من صنعاء، وكان المشاركون في عملية الاغتيال عدداً من المشايخ مثل علي بن علي الرويشان، محمد أحمد القيري، محمد أحمد الحباري، علي أبو لحوم وأفراد من برط وسحار ورداع ومراد”. ويضيف: “كان تنفيذ الخطة مرتبطاً بوصول سعيد حسن فارع الملقب ب”إبليس” من الحديدة ومعه القنابل المطلوبة لتنفيذ العملية، لكن أمر العملية انكشف وتم إلقاء القبض على سعيد حسن فارع والعثور على القنابل وتفرق المشاركون في العملية عائدين إلى مناطقهم، باستثناء الشيخ عبدالله الذي أصر على البقاء طالما ظل شقيقه حميد في السجن”. قرر الإمام التخلص من الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه الشيخ حميد الأحمر، فدبر خطة لقتلهما، وكانت أولى الخطوات التي اتخذها لتنفيذ خطته هي إرغام الشيخ عبدالله على مغادرة منطقة السخنة، حيث كان شقيقه حميد. وكانت الحجة “الذهاب إلى الحديدة واستقبال أبيه الواصل من صنعاء لمقابلة شقيقه حميد بعد إطلاق سراحه من السجن”. وفي الحديدة اكتشف عدم وجود أبيه وشقيقه بل كان الحبس في انتظاره، حيث تم إبقاؤه في قلعة الحديدة لمدة 12 يوماً بينما نقل حميد إلى حجة حيث تم إعدامه فيها، ثم أحضر الشيخ حسين الأحمر من صنعاء إلى الحديدة ومكث فيها فترة وجيزة ثم تم نقله إلى حجة وتم إعدامه هو الآخر بعد ولده، وبعد الإعدام تم نقل الشيخ عبدالله إلى سجن “المحابشة” في حجة. كان إعدام الشيخ حسين الأحمر ونجله حميد قد أثار تعاطفاً واسعاً في المحابشة وبقية مناطق اليمن مع الشيخ عبدالله. السجن مرة أخرى ووجد الشيخ السجين من أهل المنطقة التي سجن فيها تفهماً وتعاطفاً ومنهم أولاد عامل المنطقة نفسه الذين كانوا من أبناء القضاة والعلماء وطلبة علم متفتحين، حيث كانوا يزورون الشيخ السجين ويجلسون معه في مقايل القات ويتبادلون الأحاديث، كما كانوا يشكلون همزة وصل بين الشيخ السجين وبين الخارج. عندما كان في السجن، تمكن الشيخ عبدالله من إقامة جسور تواصل أخرى حيث كان عبدالله مقبول الصيقل يقوم بتزويده بالجديد من الكتب والمجلات والصحف التي كانت تصل من الخارج، كما كان الشيخ سنان أبو لحوم يراسل الشيخ السجين من مدينة عدن التي فر إليها. وفوق ذلك كان لدى الشيخ عبدالله مذياع يستمع من خلاله للأخبار والتطورات التي كانت تجري في المنطقة، كما كانوا يسمحون له بالتجول برفقة عسكري للتنزه، ويسمحون له باستقبال مشايخ القبائل الذين كانوا يأتون لزيارته بصورة دائمة ويحضرون له الهدايا، كما سمحوا له بإرسال برقيات كثيرة إلى الإمام لمراجعته من أجل أراضي آل الأحمر التي تمت مصادرتها، وقد تم إعادتها بعد سنة أو سنتين. قضى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ثلاث سنوات في سجن المحابشة بأمر الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، وهي فترة يصفها الكاتب بأنها “حاسمة في تاريخ اليمن”، إذ “تراكم فيها الغضب الشعبي في كل مكان ضد النظام الإمامي وتهيأت شروط وأسباب التغيير، ونضجت ثمرة الكفاح الطويل وأثمرت دماء الشهداء والضحايا وأوشك فجر الانعتاق على البزوغ فكانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر/ ايلول 1962”. صباح الثورة في صباح يوم الثورة، أي صباح الخميس الذي صادف السابع والعشرين من سبتمبر/ ايلول ،1962 كان الشيخ عبدالله ومجموعة من شباب المحابشة يتجولون في نزهة صباحية، وفي طريقهم إلى حصن القاهرة الشهير مروا بمنزل كان صوت المذياع ينبعث منه عالياً وهو يذيع أناشيد. وأشار إليهم شخص من داخل البيت أن يدخلوا فدخلوا فاستمعوا للأناشيد الوطنية الحماسية الصادرة من إذاعة صنعاء، واستمعوا للقرارات الجمهورية وقصائد مجلجلة لبعض الشعراء. لم يترك الشيخ عبدالله الفرصة تضيع من بين يديه، فقرر التحرك سريعاً لكسب ولاء الشخصيات الاجتماعية والمواطنين للثورة، وسرعان ما وصلت برقيه من أول رئيس للجمهورية عبدالله السلال بإطلاق سراح الشيخ السجين وبالتعجيل بوصوله إلى صنعاء. في صباح الجمعة انطلق الشيخ عبدالله إلى صنعاء عبر محافظة الحديدة، ومعه مجموعة من حرس السجن وبعض الشباب، وعندما وصلوا إلى الحديدة عصراً لاقوا فيها استقبالاً شعبياً كبيراً احتشد فيه الشباب والمثقفون والشعراء، وفي صباح اليوم التالي تحرك الشيخ عبدالله إلى صنعاء بواسطة سيارات كبيرة كانت تحمل ذخائر إلى العاصمة، ووصل الموكب عصراً، وتوجه الشيخ عبدالله إلى مقر قيادة الثورة، حيث التقى الرئيس عبدالله السلال، كما زار الشاعر المعروف محمد محمود الزبيري والقاضي عبدالرحمن الإرياني في القصر الجمهوري. وقد طلب الرئيس السلال من الشيخ عبدالله التوجه إلى الإذاعة لتوجيه كلمة للشعب اليمني لطمأنة المواطنين.لم يتردد الشيخ عبدالله في مساندة الثورة منذ اللحظة الأولى التي جمعته بقادتها في العاصمة صنعاء، بخاصة أن استدعاء قيادة ثورة سبتمبر/ ايلول للشيخ الأحمر من سجنه في المحابشة كان من أوائل القرارات التي اتخذها النظام الجمهوري الجديد، فقد كان قادة الثورة يتوقعون أن تواجه الثورة مقاومة ضارية من أعدائها كما حدث في ثورة 1948 الدستورية، وكان من الضروري أن تحشد الثورة كل طاقاتها للدفاع عن وجودها. ولذلك كان قرار الثورة سريعاً بإطلاق سراح الشيخ الأحمر واستدعائه للوصول إلى صنعاء نابعاً من اليقين بأن هناك دوراً تاريخياً ينتظر الشيخ عبدالله في الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري الجديد. ويقول كاتب سيرة الشيخ عبدالله: “بعد يوم واحد من وصوله إلى صنعاء انطلق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يقود حملة عسكرية مكونة من عدد من ضباط وجنود الثورة بعد أن زودهم الرئيس عبدالله السلال بكميات من الأسلحة، وانطلق الجميع إلى مدينة خمر التي ستتحول خلال عهد الدفاع عن الثورة إلى قلعة متقدمة في مواجهة العداء الإمامي والكيد الملكي لإسقاط الجمهورية والثورة”. ويقول: “مع وصول الشيخ خرجت حاشد من كل حدب وصوب تستقبل ابنها الخارج من سجن الإمامة، وكانت فرحة اللقاء لا توصف بعد سنوات تعرض فيها زعماء حاشد للقتل والسجن والإبعاد عن مواطنهم، وانخرطت حاشد من يومها في جيش الثورة، وتوجهت المجاميع بقيادة الشيخ عبدالله للقضاء على مقاومة المنطقة الوحيدة في حاشد التي قاومت الثورة وهي منطقة القفلة، وفي خلال ساعات تم القضاء على المقاومة وطرد المتمردين خارج المنطقة ثم انطلقت الجموع لمطاردة الإمام المخلوع البدر إلى “شرس” و”وشحة”. وفي الوقت نفسه كانت جموع أخرى بقيادة مجاهد أبو شوارب تقوم بمطاردة الإمام المخلوع، وكان الهدف منعه من الهروب وإلقاء القبض عليه أو قتله، لكن البدر تمكن من الهروب وتجميع القبائل للقتال معه ولاسيما بعد أن حصل على دعم مالي وعسكري، وبدأت المعارك بين الجمهوريين وبين الملكيين، وكل طرف كان يسعى لإثبات وجوده في منطقته وطرد الطرف الآخر”. ويشير الكاتب إلى أن الشيخ عبدالله اتخذ من منطقة القفلة مركزاً لقيادته العسكرية باعتبارها منطقة متوسطة يمكن التحرك منها بسهولة في شتى الاتجاهات. الأحمر.. علاقة مع الرؤساء كان فشل مؤتمر حرص وتمسك الجمهوريين بالنظام الجمهوري يقود إلى توقعات بازدياد الهجمات المناوئة للثورة، الأمر الذي دفع بالجمهوريين إلى البحث عن مصادر مباشرة للسلاح من الاتحاد السوفييتي. وكان القرار بالاتجاه نحو موسكو. “تولى الفريق حسن العمري القيام بمهمة الاتصال بالروس أثناء زيارة للقاهرة”. وعاد الرئيس عبدالله السلال في أغسطس/ آب 1966 وسط توجه قمعي ضد تيار الإصلاح، وبدأت مرحلة المطاردات. وجاء دور الشيخ عبدالله الأحمر لمساعدة المطاردين: “قام الشيخ عبدالله بدور كبير في إنقاذ المطاردين الذين كانوا يلجأون إلى منزله في صنعاء القديمة، حيث كان يقوم بتهريبهم إلى خارج صنعاء في سيارته ومع حراسته حيث تم إخراج عدد كبير من المشائخ والمثقفين والضباط المطلوب اعتقالهم”، كما نجح في إخراج عدد من المعتقلين من السجن.في خطوة احتجاجية غادر الشيخ عبدالله صنعاء متوجهاً إلى خمر ثم رفض العودة إلى صنعاء.ويشير كاتب مذكرات الأحمر إلى أنه بسبب ذلك الرفض تعرضت بعض المناطق في حاشد لقصف الطائرات. وعلى الرغم من حصار الشيخ عبدالله وتضرر المناطق التي كانت تدين له بالولاء، إلا أنه رفض إغراءات الملكيين بالانضمام إليهم: “تعرض الصمود الجمهوري بقيادة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر لمحاولة اختراق من قبل الملكيين الذين جاؤوا إلى خمر يحملون الذهب لإغراء الشيخ لكنه رفض المساومة وأعلن أمام الجماهير رفضه الإغراء والمساومة على النظام الجمهوري والثورة”. برقية وبعد هزيمة 5 يونيو/ حزيران 1967 أرسل الشيخ الأحمر برقية إلى جمال عبد الناصر باسم جميع الضباط الأحرار والمثقفين والمشائخ والعلماء الموجودين في منطقة خمر يعلنون فيها استعدادهم للتطوع وإرسال عشرة آلاف مقاتل للقتال مع الجيش المصري ضد العدو الصهيوني وتحرير الأرض العربية المحتلة. ويوضح الكاتب أنه: “تم تجهيز آلاف من المقاتلين من مختلف المناطق والقبائل وتوجهوا إلى صنعاء مبدين استعدادهم للذهاب إلى مصر للقتال مع إخوانهم المصريين ضد العدو الصهيوني، لكن القيادة المصرية في اليمن طلبت من الشيخ عبدالله والذين معه التوجه إلى حجة واستلام المدينة بعد انسحاب القوات المصرية منها والتي تقرر أن تعود إلى مصر”.ومع قرب انسحاب القوات المصرية من اليمن: “بدأت الأمور تسوء والأوضاع تتدهور، ومن صنعاء دعا الشيخ عبدالله المشائخ الذين كانوا على خلاف مع المشير السلال إلى الاجتماع في منطقة معبر جنوبي صنعاء، حيث عقدوا مؤتمراً أطلقوا عليه (مؤتمر معبر) للمشائخ الجمهوريين اتفقوا فيه على المحافظة على الجمهورية والعاصمة صنعاء وضمان سلامة الأشقاء المصريين والتعاون معهم ونسيان الماضي والمطالبة بعودة المسؤولين اليمنيين المعارضين للسلال الذين كانوا معتقلين في مصر”.بعد انعقاد المؤتمر عاد الشيخ عبدالله إلى مناطق الحرب والقتال، حيث ذهب إلى عمران لتثبيت الأوضاع فيها بعد انسحاب القوات المصرية منها، وبدأت المواجهات العسكرية تشتد بين الجمهوريين والقوات الملكية في أكثر من منطقة ولاسيما بعد أن نجح الملكيون في استغلال سوء أوضاع الثورة والجمهورية وبدأوا يكسبون ولاء بعض المشائخ ويعطونهم أسلحة وأموالاً. وطالت الحرب وتعقد مسارها، حيث كانت قيادات الملكيين تعتقد أن انسحاب القوات المصرية من اليمن سوف يسهل عليهم دخول صنعاء: “كانت خطتهم تقضي بضرورة القضاء على مقاومة حاشد أولاً، غير أن المقاومة التي واجهوها في (ذيبين) و(غربان) و(مرهبة) و(القفلة) و(حرف سفيان) أفشلت الخطة، وحسم الجمهوريون المعارك لمصلحتهم في معظم هذه المناطق وحافظوا على راية الجمهورية عالية مرفرفة بانتظار معركة الحسم الكبرى في صنعاء”. بدأ الترتيب لحركه التصحيح بعد مغادرة السلال الذي لم ينس وهو يغادر اليمن أن يستدعي الشيخ عبدالله الأحمر إلى داخل الطائرة قبل إقلاعها من المطار ليقول له: “الجمهورية أمانة في عنقك”.لم يعد السلال من العراق إلى اليمن، ففي الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1967 تم اختيار رئيس جديد للبلاد ووقع الاختيار على القاضي عبدالرحمن الإرياني وتحول منزل الشيخ عبدالله في صنعاء إلى خلية لقيادة حركة التصحيح وبيت لحركة التغيير، وتولى عدد من رموز الثورة كالقاضي عبدالسلام صبره والعميد مجاهد أبو شوارب إعداد الترتيبات العسكرية والمدنية للحركة واستمالة المؤيدين للسلال لفكرة التغيير صيانة للثورة والجمهورية من الضياع والانهيار. وكان أن نجحت حركة 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967 في السيطرة على البلاد، حيث تم تشكيل المجلس الجمهوري كقيادة جماعية برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني وعضوية أحمد محمد نعمان والشيخ محمد علي عثمان فيما تولى محسن العيني رئاسة الحكومة. ويقول الكاتب: “بالرغم من الدور المركزي الذي قام به الشيخ عبدالله الأحمر في الإعداد لحركة 5 نوفمبر، حيث كان منزله في صنعاء مركزاً للتخطيط والقيادة، كما كان الشيخ ورجال قبيلته هم حماة الحركة حتى تكللت بالنجاح، بالرغم من كل ذلك إلا أن الشيخ ظل خارج التشكيلات القيادية التي أعلنتها القيادة الجديدة باتفاق مسبق معها وبعد رؤية مدروسة، وهذا الأمر لم يكن جديداً في التاريخ النضالي للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، فمنذ قيام الثورة ترك صنعاء واتجه نحو ميادين القتال ولم تكن مشاركته في أي منصب رسمي إلا بناءً على إلحاح من قبل القادة السياسيين في صنعاء أو القيادات التاريخية للحركة الوطنية اليمنية كالزبيري، التي كانت ترى في بعض الأحيان أن من المهم أن يشارك الشيخ في منصب حكومي أو رسمي من أجل المصلحة الوطنية العامة”. لكن الشيخ عبدالله عاد وانتخب رئيساً للمجلس الوطني بعد ثلاث سنوات من قيام حركة 5 نوفمبر/ تشرين الثاني العام ،1967 كما انتخب العام 1971 رئيساً لمجلس الشورى. لكن التحديات التي واجهت حركة “5 نوفمبر” كانت كبيرة، فلم تهدأ الأوضاع العسكرية بعدما حشدت القوات الملكية آخر ما لديها من قوة لتحقيق حلمها في إسقاط النظام الجمهوري واحتلال صنعاء وإعادة الحكم الإمامي.وبدأت القوات الملكية بأكثر من هجوم على صنعاء من جهات عدة بعدما أخلت بعض القبائل بتعهداتها وبدأت المناطق حول صنعاء تتساقط كأوراق الخريف، وبرغم القتال والصمود والتضحيات والشهداء، إلا أن حلقات الحصار حول صنعاء بدأت تضيق مع مرور الأيام. وتقهقرت القوات الجمهورية بعد سقوط جبل (حروة) في (خولان) وفشلت محاولة بقيادة الفريق العمري لاستعادة الجبل، وأصيب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يومها إصابة خفيفة قضى بسببها ساعات في المستشفى قبل أن يخرج ليواصل تحركاته بين صنعاء والمناطق على طريق تعز صنعاء، وتعرضت مقدمة (الشيخ) لكمين بين صنعاء وبلاد الروس قتل فيه عدد من مرافقيه، واتضح أن القوات الملكية قطعت الطريق في هذه المنطقة، واضطر الشيخ للبقاء في منطقة (قحازة) حيث توجد قوات من (حاشد) مزودة بدبابات ومعهم كثير من مشائخ حاشد، وحاول الشيخ ناجي الغادر الذي كان مع الجانب الملكي، إغراء الشيخ عبدالله بالانحياز إليهم ووجه له رسالة خطية بذلك. في داخل صنعاء انتفض الكل دفاعاً عن الجمهورية، العسكريون ورجال القبائل والتجار والطلاب والعلماء والمثقفون، حيث قامت كل فئة بدور تاريخي عظيم بقدر طاقتها، كما دعمت صمود صنعاء طائرات سورية شاركت في القتال، وكذلك شارك بعض الطيارين الروس في المعركة رغم إغلاق السفارة الروسية في صنعاء مثلما حدث مع بقية السفارات باستثناء السفارتين السورية والصينية. انتصارات بعد أربعين يوماً على حصار صنعاء وبعد أن تجاوزت المقاومة مرحلة الخطر وأحرزت بعض الانتصارات وتقهقر الملكيون اضطر الشيخ عبدالله للانتقال إلى عمران لمواجهة الهجوم الذي شنه الملكيون بقيادة عبدالله بن الحسين على بعض مناطق حاشد في (الحرف) و(الجبل الأسود) عندما كان الشيخ في صنعاء والعميد مجاهد الشوارب في حجة، وبدأ الشيخ في عمران وريدة بتجميع المقاتلين وجمع الذخائر والتوجه نحو الحرف والجبل الأسود، حيث تمت السيطرة عليهما بعد 20 يوماً، وهرب عبدالله بن الحسين إلى صعدة التي كانت قد سقطت في أيدي الملكيين. ويقول الكاتب إنه “أعقب هذا الانتصار وصول مجاميع من المقاتلين من (سفيان) و(ذو محمد) وانضموا إلى المقاتلين من مناطق (حاشد) وتحرك الجميع إلى (عمران)، وبدأت معركة فتح طريق عمران صنعاء،حيث كان الحصار حول صنعاء قد فشل وتم فتح طريق الحديدة صنعاء، وبعد فشل محاولات فتح طريق عمران سلميا عبر الوساطات بدأت المعارك أيام عيد الأضحى المبارك وانتهت بانتصار جمهوري كبير فتح الطريق إلى صنعاء، كما كان العميد مجاهد أبو شوارب قد قاد معركة فتح طريق (ثلا صنعاء) قبل أن ينضم للقوات التي كان يقودها الشيخ عبدالله في طريق عمران ودخل الجميع صنعاء حيث كان في استقبالهم عند القصر الجمهوري القاضي عبدالرحمن الإرياني، وبعد تحقيق الانتصار بفتح طريق الحديدة صنعاء ثم عمران صنعاء تم تحقيق الانتصار الثالث وفتح طريق تعز صنعاء وسقط الحصار حول صنعاء عاصمة الثورة والجمهورية”. ويجمل الكاتب هذه التطورات بقوله: “بصورة عامة أخذت الأوضاع في المناطق الشمالية الشرقية تميل لمصلحة الثورة والجمهورية، لكن ظلت هناك مناوشات وتقطعات ومحاولات مستميتة للعودة وبسط سيطرة الملكيين على المناطق المحررة”. بعد سنوات من الحرب بين النظام الجمهوري وخصومه وخروج المصريين من اليمن، بدأ الالتفات إلى وضع حد للحرب المستعرة لمدة تزيد على ثماني سنوات. يقول الكاتب: أدى انتصار الجمهورية وسقوط حصار صنعاء وما سبقه من خروج القوات المصرية إلى ظهور حالة يأس من إمكانية إعادة النظام الملكي ولاسيما أن الملكيين تلقوا هزائم متوالية في مواقع عديدة في المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في حجة وصعدة.ويرصد الكاتب مسار السلام عبر بوابة بيروت: “في شهر ديسمبر 1969 سافر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر إلى العراق في زيارة رسمية عبر العاصمة اللبنانية بيروت التي توقف فيها بضعة أيام، وهناك جاءه مجموعة من الشخصيات الملكية والجمهورية المعارضة وألحوا عليه بتبني مشروع حل المشكلة اليمنية نهائياً باعتباره الشخصية الوحيدة القادرة على ذلك دون أن يستطيع أحد أن يزايد عليها لما له من دور أساسي في حماية الثورة والجمهورية”. بعد العودة من العراق إلى بيروت كانت الأمور قد صارت أكثر وضوحاً، من أجل ارساء مشروع لحل الأزمة يقضي بإيقاف القتال وعدم احتلال أي طرف لأي منطقة على أن يجتمع وفد من الجمهوريين ووفد من الملكيين للاتفاق على المصالحة. في تلك الأثناء سقطت مدينة صعدة مرة ثانية في ظروف غامضة واستدعت القيادة في صنعاء الشيخ عبدالله للعودة السريعة من القاهرة إلى صنعاء لمواجهة الأمر، لكن “اتفاق بيروت” كان يقضي بإيقاف القتال بعد عودة الشيخ إلى اليمن، وما حدث في صعدة كان قبل وصول التعليمات بالاتفاق، واتفق القادة في صنعاء على عدم تفويت فرصة المصالحة وعدم الرد على احتلال صعدة حتى تبدأ عملية السلام والمصالحة.ويقول الكاتب: “بالفعل التزم الجميع بالهدوء حتى تتم ترتيبات اللقاء بين الجمهوريين والملكيين وهيأت الأقدار فرصة تاريخية بانعقاد مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة في 26/3/،1970 حيث شارك وفد رسمي يمني برئاسة محسن العيني رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومعه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس المجلس الوطني آنذاك”. وقد تم استقبال الوفد اليمني مثل سائر الوفود ورفعت الأعلام اليمنية الجمهورية فوق سيارات الوفد وفي قصر الضيافة. ويوضح الكاتب أنه: “بعد عودة الوفد بالاتفاق التاريخي المنهي لمأساة الحرب بين اليمنيين تكفل الشيخ عبدالله بإقناع العلماء والمشائخ وتكفل الفريق العمري بإقناع الضباط، وتكفل العيني بإقناع الشباب المثقفين المتحمسين، وعند انتهاء الفترة المحددة في اتفاق جدة وصل الأشخاص المطلوب استيعابهم في مؤسسات النظام الجمهوري بطائرة خاصة إلى منطقة (عبس) حيث كان في استقبالهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ سنان أبو لحوم ومجموعة من الضباط المسؤولين، وفي الليلة التي وصل فيها الجميع إلى صنعاء صدرت قرارات جمهورية بتعيينهم سواء في المجلس الجمهوري أو الحكومة أو المجلس الوطني وغيره”. لكن الشيخ الغادر “ظل متمرداً على الجميع وسار في طريق خاص به انتهى بمأساة اغتياله مع مجموعة من المشائخ بتدبير من النظام الشيوعي الحاكم في عدن عام 1972. وبالنسبة لبيت حميد الدين فلم يبق منهم متمرد إلا أحد أبناء الحسين الذي اتخذ من الجوف مقراً له، وظل بضعة شهور على موقفه بعد المصالحة قبل أن ييأس ويخرج من البلاد”. حضور لم يكن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بعيداً عن الأحداث التي شهدتها اليمن، بخاصة في إطار الصراع على السلطة، ويحكي موقع الشيخ عبدالله الأحمر على “الإنترنت” تفاصيل عن صلة الشيخ مع الرؤساء الذين حكموا اليمن، بخاصة الرؤساء القاضي عبدالرحمن الإرياني، الذي امتدت مرحلته من العام 1967 حتى 1974 عند مجيء الرئيس إبراهيم الحمدي، وبعده أحمد حسين الغشمي الذي لم يدم حكمه أكثر من 6 أشهر قبل مجيء الرئيس علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم في العام 1978. يصف الكاتب الرئيس الإرياني ب “العالم والسياسي” ويعتبره “من أبرز شخصيات الحركة الوطنية اليمنية، وهو أحد الشخصيات التي تأثر بها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ويكن لها التقدير والاحترام”. ويشير إلى أنه بعد استكمال أسباب التغيير وقيام حركة التصحيح في 5 نوفمبر 1967 إنقاذاً للثورة والنظام الجمهوري “كان القاضي الإرياني هو المرشح الأوحد لتولي رئاسة الدولة، وكان الشيخ عبدالله أبرز رجال حركة التصحيح والداعمين لرئاسة القاضي الإرياني لما يتمتع به من حكمة ونزاهة وأخلاق ودور وطني تاريخي كان يؤهله لأن يقود المرحلة الجديدة التي تعيشها الثورة والنظام الجمهوري آنذاك بعد انسحاب القوات المصرية واستمرار محاولات القوات الملكية لإسقاط العاصمة صنعاء”.ويعدد الكاتب إنجازات الرئيس الإرياني بقوله إن: “أهم إنجازات عهد القاضي الإرياني كان دحر القوات الملكية نهائياً وانتصار الجمهورية والتفاهم مع السعودية وتحقيق السلام والمصالحة الوطنية وإعداد الدستور الدائم وقيام مجلس الشورى والبدء بالمشاريع التنموية”. الجماعات اليسارية لكن العلاقات الجيدة بين الرجلين لم تدم طويلاً بخاصة بعد تولي القاضي الإرياني مقاليد السلطة وتجلت تلك التحديات في بروز النظام الاشتراكي في الجنوب ووجود تأثيرات للماركسيين عليه: “على الرغم من علاقة التقدير والاحترام التي كان الشيخ عبدالله يكنها للقاضي الإرياني، إلا أن العلاقات بينهما بدأت تتعرض لتدهور نتيجة المشاكل التي بدأت الدولة تواجهها منذ عام 1972 عندما تزايد نشاط الجماعات اليسارية بدعم من النظام الماركسي في عدن”. ويرى الكاتب أن موقف الإرياني في مواجهة هذه التحديات والأخطار “كان ضعيفاً وغير محدد رغم أنه في البداية كان حازماً تجاه التيارات “الهدامة” لكنه تهاون فيما بعد في ضبط الأمور نتيجة عوامل عديدة منها حرصه على إيجاد قوى قريبة منه تواجه قوى المشايخ والعلماء والعسكريين، ومنها أن القاضي الإرياني كان له أقارب من قيادات اليسار الماركسي وكانوا أصحاب تأثير عليه”. وهنا حدث الافتراق بين الرجلين، تعاظم الخطر على النظام في الشمال في الوقت الذي كان فيه النظام الشيوعي في عدن يزداد قوة، ويدعم حركة التمرد على النظام في صنعاء الذي كان ضعيفاً وغير قادر على مواجهة الخطر الداخلي والخارجي، بل كان هناك في قيادة الدولة من كان يهادن اليساريين ويتغاضى عن مواجهتهم. ويعتبر الكاتب هذه القضية “من أهم أسباب الخلاف بين الشيخ والرئيس الإرياني، أما القضية الثانية التي أثارت الخلاف بين الرجلين فهي موافقة القاضي الإرياني على اتفاقية القاهرة حول الوحدة بين الجنوب والشمال دون الرجوع للمجلس الجمهوري ومجلس الشورى، وكانت الاتفاقية قد تم التوقيع عليها في القاهرة بين رئيسي الوزراء في شطري الوطن محسن العيني وعلي ناصر محمد بعد انفجار الحرب الحدودية عام 1972”. ويكشف الكاتب عن معارضة الشيخ الأحمر لهذه الاتفاقية “بسبب ما فيها من ثغرات ونقاط ضعف” ويشير إلى أن من بين المعارضين لها الشيخ محمد علي عثمان وإبراهيم الحمدي، الذي كان حينها في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، إلا أن القاضي الإرياني أصر على موقفه ووافق علي الاتفاقية من دون الرجوع إلى مجلس الشورى. وهكذا استمرت الخلافات مع القاضي الارياني لكن بطريقة هادئة تراعي مكانته والاحترام والتقدير الواجب له كما لم تنقطع المحاولات معه لتغيير موقفه من قضايا الخلاف معه. ويروي الكاتب اللحظات الأخيرة في إزاحة القاضي عبدالرحمن الإرياني من زعامة البلاد بقوله: “مصلحة الوطن وضرورة مواجهة الأخطار بحزم وقوة جعلت الجميع يرجحون مصلحة الوطن، واتفق الجميع على تغيير القاضي الإرياني واشترط الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر للموافقة على تغيير الإرياني أن يتم كل شيء دون دماء وعدم الإساءة له والحفاظ على كرامته ومكانته التاريخية والدينية”. وهذا ما حصل: “تمت إجراءات التغيير بهدوء وقدم القاضي الإرياني استقالته إلى الشيخ باعتباره رئيس مجلس الشورى، وغادر اليمن في هدوء ودون أي مشاكل فلم يكن هناك أحد يريد إراقة الدماء، كما أن القاضي الإرياني لم يكن من الحكام المتمسكين بكرسي الحكم ولو على جماجم الشعوب بل يؤثر عنه قوله إنه لا يريد أن يراق من أجل بقائه في الكرسي دم ديك صغير”. المحطة الثانية دماء غزيرة سفكت في المحطة الثانية التي عاشتها اليمن، وهي فترة حكم الرئيس إبراهيم الحمدي الذي كان صاحب مشروع سياسي واجتماعي مختلف، على الرغم من أنه كان قريباً من صناعة حدث إزاحة الإرياني.وبشهادة كاتب سيرة الشيخ عبدالله الأحمر فإن الرئيس إبراهيم الحمدي: “كان من أبرز الشخصيات العسكرية في البلاد في عهد القاضي عبدالرحمن الارياني، كما كان من الشخصيات التي تعرضت للاعتقال في مصر مع الأستاذ النعمان والفريق العمري”. عندما ازداد تدهور الأوضاع كان الموقف يتطلب أن تكون قيادة البلاد قيادة حازمة تستطيع أن تواجه التوتر والحرب المستعرة في بعض المناطق الريفية، وكان المرشح للقيادة الجديدة هو العقيد إبراهيم الحمدي الذي كان صاحب أعلى منصب عسكري بين المتفقين على التغيير ؛ فقد كان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما كان صاحب أكبر قدرة سياسية بين العسكريين. وهكذا حملت التغييرات الجديدة الحمدي إلى الزعامة عبر بوابة حركة 13 يونيو/ حزيران العام 1974 في الوقت الذي كان الشيخ عبدالله الأحمر يزور الصين، حيث تولى الإعداد للحركة عدد من كبار ضباط الجيش، بالإضافة إلى الشيخ سنان أبو لحوم والشيخ أحمد المطري والعميد مجاهد أبو شوارب. بعد تعيين الحمدي رئيساً، تم تشكيل مجلس للقيادة ضم عدداً من البعثيين، كما تم تعيين محسن العيني رئيساً للوزراء رغم أن ذلك لم يكن ضمن الاتفاق الذي حدث في بيت الشيخ سنان أبو لحوم، الأمر الذي يقول الكاتب أدى إلى ظهور أول خلاف بين الشيخ والرئيس الحمدي بسبب موقف الشيخ المعارض لهيمنة التيار البعثي كما ظهر في التشكيلات الجديدة.وعندما احتد الخلاف بين الرئيس الحمدي والشيخ عبدالله وبين البعثيين من بيت أبو لحوم رشح الشيخ عبدالعزيز عبدالغني للحمدي ليكون رئيساً للوزراء بدلاً من محسن العيني. ويشير الكاتب إلى أنه “كان من ضمن الاتفاق قبل القيام بحركة التغيير إعادة الحكم المدني والعمل بالدستور بعد فترة مؤقتة مدتها ستة أشهر، لكن الحمدي قام بعد نجاح الحركة بتعطيل الدستور وتجميد مجلس الشورى على خلاف الاتفاق بحجة أن إعلان حالة الطوارئ واستقالة رئيس مجلس الشورى استدعت هذه الإجراءات”. الأحمر يرفع شعار الوحدة أو الموت بعد مرور أشهر على بداية حكم الرئيس إبراهيم الحمدي واجه معارضة شديدة من أصدقائه، الذين تحولوا فيما بعد إلى خصوم، من بينهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ سنان أبو لحوم وآخرون. وبدأت مرحلة جديدة من العلاقة المتوترة بين الحمدي وخصومه، حيث بدأ بإقصاء خصومه الذين كانوا بالأمس من فريقه، يقول كاتب سيرة الشيخ الاحمر: “عندما تصاعد الخلاف بين الطرفين بدأ الحمدي يقصيهم من مناصبهم وحدثت بسبب ذلك مشادة قوية بين الحمدي والشيخ وبدأ الفراق بين الطرفين”. ووجه الحمدي سهامه نحو العميد مجاهد أبو شوارب الذي استقر في خمر، حيث أقصاه من منصبه، وبعدها تصاعد الخلاف وبدأ الشيخ عبدالله الأحمر يشعر بعدم الاطمئنان فخرج هو أيضاً من صنعاء واستقر في خمر، حيث بدأت المعارضة ضد الحمدي تتصاعد وتم استقطاب القبائل وعدد من العسكريين، وبدأت الوساطات بين الطرفين لتهدئة الموقف. حسب الكاتب فقد كان تيار الشيخ عبدالله الأحمر “يضع شروطاً في مقدمتها إعادة الحياة الدستورية والحكم المدني، بينما كان الوسطاء يركزون على التعايش مع الحمدي والقبول به كما هو وعدم تحميله ما لا يطاق.وبلغ التوتر ذروته بين الحمدي وتيار المشايخ في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1975 عندما أقدم الرئيس الحمدي على حل مجلس الشورى فرد الشيخ الأحمر بعقد مؤتمر السلام في الثامن من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه في مدينة خمر المعقل التاريخي والقبلي للشيخ الأحمر، وكانت أهم مطالب المؤتمر وقراراته: التأكيد على أن يكون حكم اليمن جمهورياً: لفظاً ومعنى، شورياً دستورياً ديمقراطياً، دعوة الرئيس إبراهيم الحمدي للتفاهم حول أسباب ما تعانيه البلاد من قلق وعدم استقرار. واعتبر المؤتمرون أن شرعية الحكم الانتقالي قد انتهت في شهر أكتوبر/تشرين الاول من عام 1975 طبقاً للإعلان الدستوري الصادر في أكتوبر/تشرين الاول عام 1974. ومن قرارات المؤتمر كذلك عدم إعطاء الحق لأي شخص أن ينصب نفسه رئيساً للدولة،كما لا يحق له أن يقرر نهاية مجلس الشورى قبل انتخاب مجلس الشورى الجديد لأنه لا يملك شرعية ذلك ولا شرعية البقاء في الحكم. لكن الحمدي لم يعر هذه القرارات اهتماماً، بعدها توسط الأمير تركي بن فيصل في محاولة لحل الأزمة. وكانت النهاية الدامية للرئيس الحمدي في شهر أكتوبر/تشرين الاول من عام ،1977 ورغم اختصار مرحلة حكم الحمدي في سيرة الشيخ عبدالله الأحمر نتيجة لحساسيتها وتشعبات مواقفها ومصادماتها، إلا أن الكاتب لم ينس التطرق إلى مأساة اغتيال الحمدي: “رغم الخلافات بين الشيخ والحمدي، إلا أن اغتياله في أكتوبر/تشرين الاول 1977 كان مفاجأة للمعارضين له في خمر، وكان للنبأ وقع أليم عليهم وسبّب استياء شديداً من تلك الجريمة فلم يخطر ببالهم أن تصل الأمور إلى هذا الحد، كما كانت التغطية الخبرية التي صاحبت جريمة الاغتيال أقبح من الجريمة نفسها، وقد أرسل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رسالة إلى صنعاء أكد فيها إدانته للجريمة وكذلك الأساليب غير الشريفة التي تلت عملية الاغتيال، وانه كان الأفضل الإعلان عن قيام انقلاب بدلاً من تمثيلية البكاء وإذاعة الأناشيد العسكرية والتغطية الإخبارية القبيحة”، التي لم يشر الكاتب إلى طبيعتها. بعد اغتيال الرئيس الحمدي بدأت اليمن تحضر نفسها لاستقبال رئيس جديد، لكن هذا الرئيس لم تطل به الإقامة في القصر الجمهوري سوى نحو ثمانية أشهر، وكان الضحية الجديدة في طاحونة الصراع على السلطة في البلاد المقدم أحمد الغشمي، الذي كان أحد أعضاء مجلس القيادة الذي تشكل عقب نجاح حركة 13 يونيو/حزيران 1974 التي أقصت القاضي الإرياني. كان الغشمي قريباً من الحمدي أثناء خلاف الأخير مع مشايخ القبائل عندما كان يجري الحديث عن بناء دولة قوية وحديثة، بل وكان من أهم المحرضين له على الصدام مع القبائل. ظل المشايخ في خمر بعد اغتيال الرئيس الحمدي وتولى الغشمي رئاسة الدولة، وقد حرص على إبقاء المشايخ الذين عارضوا الحمدي في السلطة بعيداً عن صنعاء رغم إرسال المشايخ للعميد مجاهد أبو شوارب إلى صنعاء للالتقاء به. وسار الغشمي على نهج الحمدي: “في بداية عهده استمر الغشمي في توجيه النقد لحركة المشايخ المعارضين، لكنه فيما بعد تواصل معهم مؤكداً لهم أن الخلاف قد انتهى لكنه طلب منهم البقاء في خمر هم والمشايخ الآخرون الذين كانوا أيضا قاطعوا العاصمة صنعاء، واستمر هذا الموقف فترة طويلة قبل أن يلتقي الغشمي بالمشايخ في بيته كضيوف فقط قبل اغتياله بأيام معدودة”. ولم يدخل المشايخ صنعاء إلا بعد مقتل الرئيس الغشمي في 24 يونيو/حزيران ،1978 الذي نفذه رسول من رئيس اليمن الجنوبي حينها سالم ربيع علي، إلا أن الكاتب تحاشى الإشارة إلى هذه النقطة. الرئيس علي عبدالله صالح يتفق اليمنيون جميعاً على أن المرحلة التي عاشتها اليمن بعد مقتل رئيسين متتاليين خلال نحو ثمانية أشهر كانت من أخطر المراحل التي عرفتها البلاد، وكان الخوف من تولي رئاسة البلاد يسري على الجميع ممن كانوا يعرفون بصناع القرار. ويروي الكاتب أن الشيخ عبدالله الأحمر لم يكن في بداية الأمر موافقاً على أن يكون المقدم علي عبدالله صالح عندما طرح اسمه كرئيس جديد للبلاد خلفاً للرئيس أحمد الغشمي، وذلك حرصا منه على بقاء القوات المسلحة بعيدة عن الصراعات السياسية ورغبة في عودة الأمور إلى مجاريها بعدم تكرار الغلطة التاريخية بتسليم السلطة للعسكريين على أن تتولى السلطة شخصية سياسية مدنية تحظى بقبول الجميع. إلا أن التطورات التي شهدتها اليمن وصولاً إلى الانقلاب العسكري الفاشل في أكتوبر/تشرين الاول ،1978 جعلت الشيخ ملزماً بدعم الرئيس الجديد. وهكذا بدأت العلاقات بين الطرفين تتعزز مع مرور الأيام لا سيما كلما اتخذ الرئيس مواقف ضد النظام الماركسي في عدن. واسهم الشيخ عبدالله الأحمر في صياغة “الميثاق الوطني” الذي كان المرتكز السياسي والفكري لإنشاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس علي عبدالله صالح، وكانت مواقف الشيخ عبدالله والرئيس صالح فيها الكثير من القواسم المشتركة، وشهدت العلاقة بين الرجلين من جهة وبين صالح والزعامات القبلية الكثير من التحسن. ورغم ذلك لم يتول الشيخ عبدالله الأحمر أي منصب رسمي طوال فترة الثمانينات، لكنه كان عضواً في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وعضواً في المجلس الاستشاري، ولم يكن ابتعاده، حسب قول الكاتب “هروباً من المسؤولية ولكنها رغبة القيادة السياسية”. ويضيف الكاتب عن هذه المرحلة بقوله: “لم يرشح الشيخ نفسه في انتخابات مجلس الشورى التي شهدها شمال اليم