شخصيات سياسية من مختلف الإتجاهات تؤكد: الشيخ عبدالله كان صمام أمان اليمن

 

أجمع المشاركون في ندوة حكيم اليمن التي نظمها المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية على حكمة الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر وقدرته الفائقة في إدارة الخلافات وإخراج اليمن من الأزمات.

وأكد المشاركون أن الشيخ عبدالله كان يمثل صمام أمان اليمن، وكان نجما ساطعا في سمائها ورجلا استراتيجيا أكدته وقائع الأحداث ومآلاتها.

الندوة تحدث فيها كل من الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى والدكتور محمد عبدالملك المتوكل، والدكتور عبfدالوهاب الروحاني، والمناضل عبدالسلام العنسي والأستاذ زيد الشامي والشيخ حمود هاشم الذارحي.

وفي بداية الندوة ألقى الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر كلمة شكر فيها الأخوة في المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية على إقامتهم هذه الندوة، واعتبرها لفتة طيبة لتسليط الضوء على مرحلة من مراحل تاريخ الوطن المعاصر والتحولات التي مرت بها بلادنا.

وقال: لقد تحدث الكثيرون سواء في الصحافة والتلفزيون أو غيرهما عن الفراغ الذي تركه رحيل الوالد الشيخ عبدالله - رحمه الله - في ظل الظروف الراهنة والصعوبات الكثيرة التي تعيشها بلادنا اليوم.

وأكد الشيخ صادق أنه ما شعر بالفراغ الكبير إلا بعد رحيل والده، وأن ما أثقل كاهله بالمهمات إلا غيابه رحمه الله

وأضاف: لانريد أن تكون هذه المناسبة هي فقط لسرد الكلمات وإنما نريدها أن تكون دافعا وحافزا لمضاعفة الجهود لخدمة ديننا ووطننا.

وشكر الشيخ صادق في ختام كلمته الدكاترة والأساتذة الذين تحدثوا في الندوة من خلال المحاور المحددة لهم، كما شكر الذين تجشموا عناء الحضور، حبا وتقديرا وترحما على والد الجميع وأخو الجميع الشيخ عبدالله رحمه الله.

وفي كلمة افتتاح الندوة أكد الدكتور محمد الأفندي رئيس المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية أن الشيخ عبدالله كان علما ساطعا في سماء اليمن، ورجلا استراتيجيا أكدته وقائع الأحداث ومآلاتها وسابقت كلماته وتعبيراته العفوية والمباشرة مقولات المنظرين والمفكرين.

وقال: كانت مواقف الشيخ عبدالله الوطنية إما تمسكا بمصلحة الشعب أو تصحيحا لمسار، أو اختلاف متحليا فيه بآداب الخلاف ونبل الأخلاق، مؤكدا أن لاغرابة في ذلك فالرجل قد تربى في مدرسة التضحية والفداء من أجل الحرية وتخرج من جامعة مقاومة الظلم والاستبداد والطغيان وتشرب الثورة الإصلاحية اليمنية، وتتلمذ على أيدي أحرار اليمن كأبي الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري والأستاذ النعمان وغيرهم من أحرار اليمن ورجالاته.

وأضاف: "الرجال يعرفون بالمواقف والمواقف تصنع بالقوة والحكمة، وقد كان حكيم اليمن قويا بحكمة، وحكمة بخلق، فكان موقفه قويا في القضايا الوطنية، وسيرة حكيم في التأليف بين الاجتهادات المتباينة، وكان صوته مرفوعا في القضايا العربية والإسلامية والدولية.

وأشار إلى أن حكيم اليمن قضى شطرا من حياته السياسية في ظل عصر شاعت فيه الأحادية الفكرية سواء على مستوى عالمي أو مستوى إقليمي أو مستوى محلي، واتسم بتصارع الأفكار وتنافس الأيدلوجيات، لكن الشيخ الراحل تعامل مع هذه المناخات بحكمة وثبات على الحق وانفتاح على ما لدى الآخر من إيجابيات مكرسا بذلك نهج الإصلاح نهج الاعتدال والوسطية والبعد عن الغلو والتطرف.

وقال: إن ذلك تجسد عملا برئاسته للتجمع اليمني للإصلاح في عصر التعددية السياسية والانفتاح الفكري والعمل المشترك مع كل القوى السياسية اليمنية في ظل الرؤية المشترك، فكان بذلك مباركا وداعما لظهور اللقاء المشترك كتجربة سياسية متميزة تعكس حكمة اليمنيين وإيمانهم كما شهد لهم بذلك رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم.

وأشار الأفندي إلى أن المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية يهدف من إقامة هذه الندوة إلى ترسيخ قيم الوفاء والعرفان لأولئك الرجال الذين صنعوا تاريخ اليمن وفي مقدمتهم حكيم اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.

 

خمسة محاور

الندوة تقسمت إلى خمسة محاور المحور الأول عن الدور السياسي للشيخ عبدالله في القضايا الوطنية، والمحور الثاني علاقة الشيخ عبدالله بالإصلاح ورجالات اليمن من العلماء والمشائخ، والمحور الثالث الدور البرلماني للشيخ عبدالله وأثره في ترسيخ الممارسة الديمقراطية والشوروية في اليمن وجانب إدارة البرلمان، والمحور الرابع الدور القبلي للشيخ عبدالله في القضايا الوطنية، أما المحور الخامس فقد تحدث عن الشيخ عبدالله والقضايا الإسلامية.

وقد تحدث في المحور الأول الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى حيث أشار في بداية ورقته إلى البيئة الأولى التي احتضنت الشيخ عبدالله وترعرع فيها، مؤكدا بأن الشيخ عبدالله نشأ في كنف أسرة مناضلة وقبلية حرة أبية تماهى كل منها بالآخر.

وأكد أن الشيخ عبدالله كانت له رؤية جامعة لمختلف القوى والتيارات الوطنية، طالما كانت تجتمع على الولاء للجمهورية، وهو ما حدث في تشكيل حكومة 5 نوفمبر التي لم يكن له فيها حقيبة سياسية لأنه كان يرى أن موقعه من خارج الموقع الرسمي أقوى تأثيرا.

وأشار الأصبحي إلى أن الشيخ عبدالله كان له دورا بارزا في الحياة الديمقراطية ولم يتوقف فيها عند حد عقد المؤتمرات الشعبية فحسب بل بتجسيدها مؤسسيا، وتمثل ذلك في تشكيل المجلس الوطني بعد حصار صنعاء وكان بالتعيين وانتخب فيها الشيخ عبدالله رئيسا للمجلس ثم بعد انتهاء مدة المجلس المحددة بعامين تم انتخاب 128 عضوا لمجلس الشورى وتعيين 20%.

وأكد أن الشيخ عبدالله "قاسم إخوانه زعماء اليمن هموم الوطن، وكان على الدوام واضح الأدوار في الحياة السياسية والاجتماعية والسند القوي للثورة والنظام الجمهوري، والمضي قدما في اتجاه التعجيل بإعادة تحقيق الوحدة".

وأضاف: "لقد كان الشيخ عبدالله شيخ الحكمة لكل من تعاقب على قيادة الوطن والمستشار المؤتمن له، وقد لازم أخاه الرئيس علي عبدالله صالح في مسيرة البناء والتنمية والديمقراطية والمشاركة في صنع القرار، وكان كلما اشتدت أزمة أو حدث احتقان سياسي في مختلف المراحل وتعاقب الزعماء ألفيت هذا الحكيم صمام أمان وملاذا لحل أي مشكل، وهذه هي الثورة الحقة والوطنية الصادقة فهل لنا جميعا أن نتأسى بها".

من جهته قال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك: إن الشيخ عبدالله بدأ ينخرط في العمل السياسي بعد الثورة، وأنه كان في البداية في منطقته مهتما بالأرض والزراعة التي علمته الصبر وحل المشاكل وكان يتابع السياسة عن طريق الشهيد حميد الأحمر.

وأكد أن الشيخ عبدالله تصدر رجالات اليمن في الدفاع عن الثورة والجمهورية الذين تمكنوا من إيقاف الزحف الملكي على الجمهورية.

وأشار إلى أن الشيخ عبدالله عارض تسليم الحكم للعسكريين إدراكا منه بخطورة ما ستؤول إليه الأوضاع.

وأكد المتوكل أن الشيخ عبدالله كان يتعامل مع السياسة من منطلق وثوابت قيمية.

وعن سبب اختيار الشيخ عبدالله للإخوان المسلمين أكد المتوكل أن الشيخ عبدالله كان يؤمن أن البلد بحاجة إلى اتجاه إسلامي يرسخ القيم الإسلامية لكن لم يكن طائفيا أو مناطقيا، والدليل على ذلك تسامحه مع آل حميد الدين حتى أن نساء بيت حميد الدين كن يلجأن إلى الشيخ عبدالله في حال أية مشكلة تعترضهم.

وعن الدور البرلماني أكد الدكتور عبدالوهاب الروحاني أن الشيخ عبدالله أسهم من أجل تطوير المؤسسة البرلمانية، مشيرا إلى أن الإدارة الرسمية ارتبطت ارتباطا مباشرا بالشيخ عبدالله فقد رأس ستة برلمانات.

وقال: إن الشيخ عبدالله كان له إسهاما واضحا في تطوير النظم البرلمانية، فنتائج مؤتمر خمر هي أول من أكدت على أن يختص البرلمان بمنح وحجب الثقة عن الحكومة.

وأضاف: لقد أدار الشيخ عبدالله حوارات واسعة وأسهم في ترميم العلاقات اليمنية مع السعودية، ويحمد للمجلس الوطني أنه أنجز حينها وضع مسودة الدستور الدائم وقانون الإنتخابات وتم بموجبه إجراء أول انتخابات بمجلس الشورى.

وقال: لقد اعتمد الشيخ عبدالله في إدارته للبرلمان منهجا علميا يتمثل في الإدارة بالناس، وكان أسلوب إدارته للمجلس يتسم بالحيادية، وهو الأمر الذي جعل كل عضو من أعضاء البرلمان يشعر أن الشيخ عبدالله هو الأقرب إليه من غيره.

واستطرد: تميزت إدارة الشيخ عبدالله لمجلس النواب بعدد من المزايا تمثلت في إشاعة روح التسامح، وإحياء روح المبادرة، كما أنه كان رجل الدولة، وكان وحدويا حتى العظم.

من جهته أكد زيد الشامي - عضو مجلس النواب أن الشيخ عبدالله رأس البرلمانات اليمنية بجدارة واقتدار وعمل على أن يحتفظ البرلمان بسلطته، وحقق لأعضاء مجلس النواب حقوقهم وذلك حتى يؤدوا واجبهم دون رهبة.

وأضاف: "كان الشيخ عبدالله يملأ الكرسي الذي يجلس عليه، فهو الأخ الكبير، وكان يعجب بالأقوياء، ومن يطرحون الرأي الأقوى، وكان يداوي ولايجرح".

وأكد أنه لم يعرف عن الشيخ عبدالله أنه كان يقمع الآراء في مجلس النواب أو يحقر منها، وأن النواب لم يتعرضوا لأي أذى طوال ما كان رئيسا لمجلس النواب.

تساؤل
أما المناضل عبدالسلام العنسي فقد وصف الشيخ عبدالله بأنه كان صمام أمان القرار السياسي في البلاد.

وقال: يجب أن نطرح على أنفسنا هذا التساؤل: هل كنا سنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم إذا كان الشيخ عبدالله بيننا؟.

ويجيب على سؤاله بالنفي قائلا "لا ما كانت الأمور ستصير إلى هذا الوضع فقد كان يستطيع بحكمته وقوة شخصيته أن يكبح التشنجات ويعيد الأوضاع إلى طبيعتها.

وأضاف: "أقول إننا اليوم نحن المفقودين وليس هو، ونحن من نحتاج إلى من يعزينا على أوضاعنا التي وصلنا إليها".

وفي الندوة تحدث الشيخ حمود هاشم الذارحي عن علاقة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بالتجمع اليمني للإصلاح، كما استمع الحاضرون إلى عدد من المداخلات التي تطرقت إلى تاريخ الشيخ عبدالله النضالي ودوره في التاريخ المعاصر، وكذا مداخلة شعرية للدكتور صالح سميع وزير المغتربين السابق أشادت بمناقب الراحل الشيخ عبدالله.

يذكر أن الندوة عقدت بفندق تاج سبأ بالعاصمة صنعاء وشهدت حضور سفراء عدد من الدول العربية والإسلامية، والشخصيات الاجتماعية والمثقفين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني.