الدكتور الدناني: مشروع قانون الإعلام الجديد يكمم الأفواه وعيوبه أكثر من السابق

قال الدكتور عبدالملك الدناني أستاذ الإعلام بجامعة صنعاء إن مشروع قانون الإعلام المرئي والمسموع الجديد يهدف إلى "تكميم أفواه الوسائل الإعلامية من خلال الشروط التعجيزية المبالغ فيها".

وتحدث - خلال محاضرته بمنتدى الشيخ الأحمر برآسة الشيخ صادق بن عبدالله رئيس المنتدى - عن عيوب كثيرة لهذا المشروع، وأكد أنها أكثر من عيوب قانون الصحافة والمطبوعات الحالي.

وقال: "القانون الجديد قال إنه لايحبس الصحفي لكنه فرض عليه غرامة مالية باهضة، كما أن القانون الجديد يحتوي على مواد فضفاضة فهو يتحدث عن عدم المساس بالسيادة الوطنية ولا رئيس الدولة، لكنه يقول في الأخير بحسب القانون.

وأكد أن التعريفات الموجودة في القانون تزدان بالكثير من الأخطاء، وقال: إن معدي القانون لم يستعينوا بأكاديمي واحد في عمل هذه التعريفات، مشيرا إلى أن من العيوب في هذا القانون أنه أعطى الحق للشخصيات الاعتبارية في إنشاء القنوات والإذاعات ولم يشير إلى الأحزاب.

واعتبر من ضمن المآخذ على القانون الجديد "أنه يفرض رقابة مسبقة على ما ينتج محليا، فهو يفرض على من يريد إنتاج أفلام وما شابه ذلك أن يعرضها أولا على الوزارة، فإذا أراد فهد القرني أن ينتج كاست فعليه أن يمر على وزارة الإعلام للإطلاع عليه أولا".

وعبر الدناني عن استغرابه لحديث القانون عن قناة محلية بثها لا يتعدى اليمن أو محافظة بعينها، وأكد أن هذه الإذاعات والقوانين بمجرد إدخالها شبكة الإنترنت لم تعد محلية وإنما عالمية.

وأضاف: "القانون لم يتطرق إلى استقبال القنوات الأجنبية، ولا يوجد نص صريح لكن إشكالية الأنظمة العربية هي أنها متفقة مع بعضها في حال قامت قناة فضائية بالبث من خارج اليمن مثلما حصل لقناة سهيل الفضائية".

وطالب الدناني - خلال محاضرته بالمنتدى - بقانون يتلاءم مع المتغيرات الحاصلة في العالم، ويتلاءم أيضا مع التعددية السياسية لكي يكون للأحزاب دور فاعل في المجتمع اليمني.

وأشار إلى أن القانون المطروح حاليا هو موجود في الأردن، مؤكدا أن ما استدعى إيجاد هذا المشروع في اليمن هي الصحافة الألكترونية "مواقع - رسائل (SMS)".

وقال: "إن المشكلة ليست في القانون السابق وإنما في تفعيل القانون فهناك مواد تقول أن على الصحفي أن يأخذ المعلومة من مصدرها الأساسي لكن هذه المادة غير مفعلة".

واستغرب الدناني "تحويل الصحافة إلى قضية تجارية حيث اشترط على من يريد صحيفة أن يذهب إلى وزارة التجارة والصناعة ليحصل على الترخيص".

وتتطرق الدناني إلى وضع الصحافة في اليمن، منتقدا مساعي الحكومة للتوسع في إصدار الصحف الرسمية رغم أنها لاتلبي رغبات الجمهور غالبا.

وقال: لدى الحكومة أربع صحف رسمية، وكلها لاتتجاوز 50 ألف نسخة في اليوم.

وأكد أن الصحف الحزبية أكثر تأثيرا في الرأي العام من الصحافة الرسمية بدليل إيقاف أربع صحف إحداها وهي الأيام مازالت مغلقة نظرا لأن هذه الصحف لامست ما يريده القراء.

وقال: من عيوب الصحافة الرسمية أنها "تمجد وتخلد القضايا التنموية"، لكنها لاتتناول قضايا المواطنين، فهي لاتمارس دورها في مكافحة الفساد.

 

الأصبحي يطمئن

 

وأجمع المشاركون في منتدى الأحمر الذي شهد حضورا سياسيا متنوعا، على أن هذا القانون المقدم يقف ضد حرية التعبير ولا ينسجم مع مايشهده العالم من تطور في مجال الإعلام.

لكن الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى وعضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام طمأن المشاركين في المنتدى، وقال بأن القانون بشكله الحالي ليس نهائيا، وأنه سيجرى عليه التعديل والحذف والإضافة، وسوف تدعى لمناقشته الجهات المعنية، ونقابة الصحفيين اليمنيين والأحزاب وكل من له علاقة بالقانون.

وأكد - في سياق حديثه - أن قانون الإعلام والصحافة حق للشعب، ويجب أن يشترك في دراسته الجميع والمهم - بحسب الأصبحي - مناقشة الموضوع بدون انطباعات مسبقة.

وأضاف: "أطمئن الجميع أن كل الملاحظات التي طرحت هي محل اهتمامنا، فنحن نحرص على أن يكون هناك قانون يطور العمل الصحفي، لابما ينفر ويثير البغضاء والكراهية".

وقال: "القانون هو ما استقر في الضمير أولا من ناحية الانضباط الاخلاقي والقيمي وغيرها، وينبغي أن يواكب قانون الصحافة أو الإعلام الجديد المتغيرات"، معتبرا أن من العيب أن يحول القانون الصحافة إلى سلعة تصدر تراخيصها من وزارة التجارة والصناعة.

وأشار إلى أن مجلس الشورى اقترح أن ينشأ مجلس أعلى للصحافة والنشر يحفظ حرية التعبير ورسالة الصحافة.

وأضاف: في مشروع القانون الجديد وجدنا أنه لابد من أن تبعد عنه الألفاظ المبهمة، مؤكدا على ضرورة الحد من الموانع التي وردت في القانون الجديد.

واستطرد" حبس الصحفي لايعني أن يعاقب بطريقة ملتوية لأنه مواطن وله حق حرية التعبير كغيره من المواطنين.

واعتبر أن المشكلة تكمن في أن الواقع الصحفي الحالي "يبدو وكأننا متفرغين لبعض، ويؤكد أننا لم نرتقي إلى مستوى الحرية الحقيقية".

 

مشروع عقاب

 

محمد الصبري - القيادي في اللقاء المشترك - من جهته أكد "أن التشريع مهم لكن حينما تغيب الدولة يصبح التشريع شيء آخر".

وقال: "التشريع لابد أن يكون متوازن، لكننا نرى أننا أمام نصوص عقابية لسبب أفعال لا تستحق العقوبة"، مضيفا: "جرائم النشر في العالم من أقل الجرائم التي يتعرض صاحبها للعقاب وغالبا يتم التعامل فيها بمبدأ التسامح لأنه رأي".

وأكد "أننا أمام مشروع يبحث عن إنزال العقاب"، مشيرا إلى أنه لاتوجد أية مصلحة لليمن من هذا المشروع.

وانتقد الصبري المبالغ المالية التي اقترحها مشروع القانون من أجل الترخيص لوسائل الإعلام، وقال: نحن أمام وضع مالي أشبه بالجشع.

وأكد الصبري أن المشترك يعرف متى جاء هذا القانون وكيف جاء وقال: "القانون جاء بعد مظاهرات المشترك الأخيرة، وهذا يعني أننا أمام طرف في السلطة محشور في اللقاء المشترك، وتغلق الأبواب أمام كل من يريد مساعدتها".

وأكد أن بقاء حرية الإعلام أمر مهم خصوصا في ظل الوضع الحالي فالإعلام الحر مهم، خصوصا وأن أجهزة الدولة معطلة، مضيفا: "لإعلام الحر يصب في مصلحة السلطة أولا، فالرسائل الإخبارية القصيرة مثلا تنقل لك الحدث أينما كنت وتبلغك بما دار فهي تنبه غالبا المسئولين إلى خطأ ارتكب هنا أو هناك وبالتالي تسهر في إصلاح الوضع".

وقال: "الإعلاميين في كل مكان في العالم هم بمثابة الشهود، والدولة اليمنية تتخلص من هؤلاء الشهود، وفي حال لم يكن هناك شهود في قضية ما فإنها تسجل ضد مجهول".

واعتبر أن المشكلة ليست مع الإعلاميين فقط، ولكنها بتعبيره مشكلة بلد، مشيرا إلى أن هذا القانون هدفه إرباك الوسط الإعلامي حتى لايواصلوا عملهم.

الدكتور عبدالقوي الشميري اعتبر أن المشكلة ليست في هذا القانون، وإنما أساسها أن هناك مصالح غير مشروعة للنظام السياسي.

وقال: القانون يشبه إلى حد ما قانون السلاح الذي أصدره جيراننا في المملكة العربية السعودية، حيث أتاح المجال لمن يملك 500 ألف ريال أن يحوز على السلاح.

وأضاف: كان ينبغي أن يصدر قانون حول حرية الحصول على المعلومة، أما والمعلومة غائبة فإن من الخطأ معاقبة الصحفي.

واعتبر أن مشروع القانون المطروح بمثابة إعلان حالة طوارئ غير معلنة ومحاولة للقضاء على الشهود.

من جهته اعتبر عبدالرقيب الجبيحي - مشروع الإعلام الجديد - هو محاولة لإجهاض الهامش الديمقراطي الباقي في البلاد.

وأكد أن "الجانب الأمني غلب على الجانب الثقافي في المشروع، كما أنه أعطى موظف الإعلام الحق في مداهمة أي صحيفة، ووضع شروطا تعجيزية، بالإضافة إلى أنه يمنع الأحزاب من امتلاك المؤسسات الإعلامية".

وأضاف: المشروع بقدر ما لفت انتباهي بقدر ما أثار سخريتي، مطالبا بالتغيير الجذري للمشروع.

وانتقد مقبل نصر غالب العبارات المطاطة في القانون، مثل أن يقول حسب القانون، متسائلا: من هو القانون ؟ .. القانون هو الوزير".

 

الرأس مالية

 

وأرجع يحيى الشامي - عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني - سبب إخراج مثل هذا القانون إلى التطورات السلبية والنزعة الرأس مالية البوشية.

وقال: أمريكا تريد أن تضغط على حريات العرب لكي لايعبروا عن طموحاتهم، وأشار إلى أسباب محلية دفعت السلطة إلى إيجاد مثل هذا القانون، ومنها القلق الذي ينتاب أوساط معينة في السلطة.

وتمنى الشامي على القوى الديمقراطية في اليمن والعالم أن تبذل جهودا مكثفة باتجاه أن يتحاور اليمنيون من أجل تجاوز هذا الوضع.

كما دعا اليمنيين إلى مقاومة أي محاولات تستهدف الحريات، وقال: على الجيل الجديد أن يتذكر أن آبائهم قدموا المئات من القرابين من أجل الحرية، ومن هذا المنزل - منزل الشيخ عبدالله - سقط الكثير من الشهداء منهم حميد بن ناصر الأحمر وغيرهم من أجل الحرية.

وطالب الشامي مجلس الشورى أن يرفض هذا المشروع.

من جهته استبعد محمد الحاج الصالحي - عضو مجلس النواب - أن يقف البرلمان ضد هذا المشروع فهناك أغلبية يمكن أن تمرر ما تشاء.

وقال: يؤسفني أن أقول أن هذا المجلس هو أسوأ مجلس عرفته منذ وصولي إليه في 1993م، متمنيا على الشرائح المعنية بالقانون مثل نقابة الصحفيين اليمنيين أن تحضر اجتماعات اللجنة المختصة بالبرلمان لمناقشته بشكل مباشر مع اللجنة المختصة.

وفي المنتدى تحدث الدكتور كريستيان روك نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في البرلمان الإتحادي الألماني عن انطباعه عن المنتدى وقال إنه يشبه إلى حد كبير النقاشات في البرلمان الألماني والفارق أنهم فقط لايرتدون الجنبية.

وقال: لدينا في ألمانيا مشاكلنا الخاصة ونحن نبحث ونناقش كيف نحل مشاكلنا، مشيرا إلى أن التطورات التي حصلت مؤخرا قوت لدى الألمانيين الرغبة في الإنفتاح على العالم الآخر بشكل أكبر، وتعلمون أن نعاني جراء هذا الإنفتاح من خلال مشاركتنا في أفغانستان.

وقال: نحن في ألمانيا بلد التكنلوجيا والوضع الرغيد لكن لايمكن أن يقودنا هذا الأمر للتقليل من حق الآراء الإنسانية والآخرين، مؤكدا أنهم سيعملون في ألمانيا على تعميق علاقة الصداقة بين البلدين.

وأضاف: "لدينا اليوم الصحافة التي تتمتع بحرية ولكن لدينا أيضا مشاكل، فالصحافة يجب أن تتمتع بالحصافة وأن تكون مؤهلة وصادقة".

 

واعتبر العميد عثمان العبسي رئيس المؤتمر الشعبي العام الأسبق بمحافظة المحويت أن الصحافة هي مرآة الشعب، لكنه عبر عن أسفه "أن الصحافة لدينا لاتتمتع بالحرية فقد منعت من تغطية أحداث صعدة والجنوب".

وأضاف "الحرية الصحفية في اليمن مصادرة وكل شيء مسخر للحاكم ومفصل على مقامه".

واقترح العبسي إلغاء وزارة الإعلام وتحويلها إلى هيئة للإعلام، واصفا مشروع قانون الإعلام الجديد بالخطير، وقال: إنه ضد حرية الصحافة فهو يكمم الأفواه، وتصل فيه الغرامات إلى الملايين، كما أنه يمنح السلطة القداسة والحماية.