الشيخ عبدالله في رحاب الخالدين *عبدالملك الشيباني

  

الصحوة 3/1/2008م

اعلم مسبقاً أنني مهما قلت في رثاء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر -رحمه الله تعالى- فأولاً لن أوفيه حقه وهو الشخصية الفذة, والرجل الأمة, والشخصية الجامعة, ورجل المواقف الصعبة والأحداث الجسام إلا أن يكون جهد المقل وتحصيل العاجز وثانياً، ماذا عساي أن أقول وسط هذا الحشد الكبير من المتكلمين والخطباء والصحفيين وإضرابهم هنا وهنا: وما أنا بينهم فيما سأقول إلا كما قال المثل الشعبي اليمني (مُسقّية بعد سيل) وهل من جديد أقوله بعدهم؟ ولكنه حتى (لا يضيع العصفور بين النسور) والعصفور هو أنا, ولأنه لابد من الحديث في هذا المضمار فأدلى بدلوي في رثاء الشيخ عبدالله بذكر حادثتين تدلان على عمق إيمانه وصدق تدينه وعظيم وفائه. فالأولى: هي أنه في سنة 1975م وعلى إثر ما حدث في مدينة (تعز) من هجمة من عدد قليل جداً على الإسلام والقرآن الكريم ومن يحسبون من أهله فجاء الشيخ عبدالله من صنعاء على رأس لجنة لتكتشف الحقيقة على أرض الواقع وكلفت بأن أفتح له مبنى المركز الإسلامي في شارع 26سبتمبر ليرى آثار العدوان وما تعرض له وما فيه من مصاحف وغيرها, وكان من ذلك أنه رأى في غرفة المكتبة مصحفاً مرمياً على الأرض وعليه آثار أقدام ورائحة بول (أستغفر الله العظيم) فأخذه الشيخ عبدالله وقبله وبكى، فأثر الموقف عليّ وعلى الحضور فلم نتمالك جميعاً من البكاء, وهذه الحكاية رغم بساطتها إلا أنها ذات دلالات عميقة ومؤثرة وتعكس النفسية التي كان عليها الشيخ عبدالله بصدق. والثانية: تحكي عظيم وفاء الشيخ للشخصيات العلمية والاجتماعية وذات الرصيد النضالي في خدمة الدين والشعب والأمة, فقد علم الشيخ عبدالله -وذلك قبل الوحدة ببضع سنوات عن طريق الأستاذ الفاضل عبدالقادر القيري وكان حينها سكرتيراً للشيخ عبدالله- بأنني بصدد تأليف كتاب عن الأستاذ عبده محمد المخلافي -رحمه الله تعالى- وكان الشيخ قد عايشه عن قرب في المجلس الوطني مجلس النواب آنذاك وكنا جميعاً يومها معتكفين في الحرم المكي في رمضان على تباعد أماكننا وإذا بي أرى الشيخ عبدالله مع الأستاذ عبدالقادر وقد جاءاني وقال لي بحماس بالغ: يا بني أنا أدعو الله تعالى أن يوفقك لذلك, وأنا مستعد لكل ما تطلبه مني بصدد المخلافي, وحمّسني وشجعني على ذلك, وعلم الله تعالى أن ذلك أثلج صدري وشد من عزمي واندهشت لمجيء الشيخ إليّ وأنا المستعد لأن آتيه بإشارة من إصبعه ولكن كان ذلك هو وجه من أوجه الأخلاق العظيمة والصفات الجليلة لدى شيخنا الشيخ عبدالله رحمه الله تعالى وتغمده بواسع رحمته.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp