وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر * زيد الشامي

 نقلا عن صحيفة الصحوة    

 انقضى عامان على انتقال الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر إلى الرفيق الأعلى، وخلالهما عصفت بالبلاد محن وفتن، وحروب ودماء، وغضب واحتجاج، تعسف وظلم، وما زال الناس يتذكرون حكمة الشيخ عبدالله وتأثيره وقوة شخصيته التي كانت عنصر توازن افتقدناه. من الوفاء للشيخ اقتفاء أثره، وتمثل سيرته في نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، والوقوف مع الحق، ومناصحة الحكام، ولا يكفي مجرد التحسر على رحيل ذلك الرجل العظيم، أو ترديد مقولة: (لو كان الشيخ على قيد الحياة!!) فإحياء الذكرى يجب أن تتجه إلى مداواة أمراض الجسد اليمني المثخن بالجراح، المثقل بالفتن، المنهك بالأنانية والرغبة في الاستحواذ وحب الذات، ونكران حق الجميع في العيش بكرامتهم وهم متساوون في الحقوق والواجبات..!! لقد حذر الشيخ عبدالله -رحمه الله- من استمراء التغاضي عن الأخطاء، ودعا إلى ضرورة العمل للخروج من النفق المظلم، وحينها قيل فيه ما لم يقله (مالك في الخمر) واستمرت وما زالت السياسة الهوجاء التي تدخل اليمن كل يوم في عمق النفق، فهاهي بلادنا تُنْتَقَص سيادتها براًَ وبحراً وجواً تحت مبرر مكافحة الإرهاب، ولأن الدولة عجزت عن القيام بواجباتها!! لا أمن ولا أمان، ولا استقرار ولا وئام، لا عدل ولا مساواة، فقر وتخلف، فساد وتبديد للموارد، ثم تبجح واستكبار، وعجب واستئثار، وعدم اعتراف بحقيقة الأوضاع!! أتمنى من المحبين للشيخ عبدالله والمدعين إعجابهم بحكمته، فقط أن يراجعوا مراسلاته وخطاباته وتصريحاته ومواقفه خلال الثلاث السنوات قبل وفاته على الأقل ليستفيدوا منها، ويستنيروا بها في معالجة المعضلات التي صنعوها أو كانوا سبباً في ظهورها، فلا يكفي التحسر على حكمة الشيخ التي افتقدناها، والإعراض عن استلهام تلك الحكمة، والسير عكسها!! في ذكرى وفاته الثانية يتذكر الإصلاحيون رئيسهم الذي قادهم في ظروف صعبة وعاش همومهم، وتعلموا منه الصبر والحكمة والأناة، فقد كان يقودهم ولا يديرهم، يوجههم ولا يأمرهم، جعل مؤسساتهم التنظيمية تعمل وتتجدد ولا تتجمد، ربما تضعف أو تمرض لكنها لا تتشوّه أو تموت! فلم يكن مستبداً بالرأي، ولا بخيلاً بالنصح والعطاء، عاش وفياً، ومات رضياً رحمه الله. ويتذكر اليمنيون تلك الطلّة المهيبة والمحببة للشيخ عبدالله الذي يقول (لا) و(نعم) بملء فيه، فاجتمعوا على حبه، كما اجتمعوا من قبل حول أستاذه الشهيد محمد محمود الزبيري -رحمهما الله جميعاً. أشعر بالأسى والحزن كلما تذكرت هذا الرجل النادر، لكني حين أرى الواقع المأساوي أقول هنيئاً له لأنه ذهب قبل أن يرى الأسوأ، ولا يغني الألم والحزن عن الإصرار على الإصلاح والتغيير الذي عاش الشيخ داعياً إليه، مناضلاً من أجله، وعلينا أن نعمل ونحن نعلم أن الحياة الدنيا مؤقتة، وجميعنا مغادرون، ولأحبابنا مفارقون، وإن العين لتدمع، والقلب ليحزن، ولا نقول إلا مايرضي ربنا، وإنا على فراقك ياأبانا لمحزونون. 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp