في وداع الشيخ الحكيم والمعدن الكريم !! * عبد الفتاح البتول

أخبار اليوم 1 /1/ 2008م

 

هكذا ودع أبناء اليمن كبيرهم وحكيمهم لقد كان التشييع الرسمي والجماهيري لجنازة الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله آخر وسام للفقيد الراحل، انه استفتاء شعبي على مكانة الشيخ في قلوب وعقول وأفئدة كل اليمنيين، وهذه المكانة ليست لرئيس مجلس النواب ولا لشيخ مشايخ حاشد ولا رئيس الهيئة العليا للإصلاح، ليس ذلك فحسب وإنما للصفات التي كان الراحل يتمتع بها فقد كان أكبر من الأحزاب والوظائف والألقاب، وكما تجاوز الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر الأحزاب فقد تجاوز حدود الوطن إلى آفاق الأمة العربية والإسلامية، وهو من القلائل الذين يتفق الناس على فضلهم ودورهم ومكانتهم ولاشك أن رحيل الشيخ سيترك فراغاً كبيراً في جوانب عديدة، وان هذا الرحيل سينعكس على مجالات كثيرة وخاصة في إطار التوازنات السياسية، فقد كان الفقيد مرجعية سياسية واجتماعية وقبلية وحزبية، وكانت لهذه المرجعية اثرها الواضح والمؤثر في حياتنا السياسية، أننا لا نقدس الرجال، وانما نقدرهم ونعترف بحقهم ونستفيد من تجاربهم ونتأمل في سيرتهم ومسيرتهم والشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر واحد من الرجال الحكماء والفضلاء الذين رهنوا حياتهم وجهدهم وجهادهم لله ثم الوطن والحق، والكبار يعرفون معرفة تامة وواضحة أثناء الأزمات والمشاكل والنوائب والمصائب والناس معادن كمعادن الذهب والفضة، والمعدن الأصيل والجوهرة الكريمة لا يزيده الطرق والتسخين إلا قيمة ومكانة، وفي كل المراحل الصعبة والفترات الحرجة التي مرت بها اليمن كان معدن الشيخ يلمع بقوة ويبرز بشدة ويصرح بمدئية ويقدر بحسم ويتمسك بالثوابت وينحاز إلى المبادئ، وهذا ما ظهر واضحاً في حياته وما سطره وذكره في مذكراته فمع كل المتغيرات والمستجدات في الساحة السياسية ومع كونه رئيس حزب الإصلاح فإن الشيخ في مذكراته لم يراهن أو يسكت ويتجاهل الاختلاف العقدي والفكري بين الإسلاميين والعلمانيين يقول الشيخ من مذكراته صــ203 «لقد كنت المتصدي لهذا التيار -التيار اليساري والماركسي- وكان الحريصون على البلد وعلى العقيدة يتعانون معي في مواجهة هذا الهدم وانا اتحمل اعباءهم وحمايتهم ايضاً!!» ان الحكمة والاعتدال وسعة الصدر والمرونة التي كان يتمتع بها الشيخ عبدالله لم تمنعه من ان يصف المخربين بالمخربين والتيارات اليسارية بالتيارات الهدامة وكم كان الشيخ عظيماً وقوياً، وهو يكرر في مذكراته موقفه من توقيع اتفاقية الوحدة في نوفمبر 1989م حيث أكد على ان الوحدة مطلب استراتيجي وهدف كل يمني، ولكن الوحدة مع الحزب الاشتراكي ودخوله في إطار قالب دولة الوحدة بتنظيمه واستراتيجيته وايدلوجيته فيها خطر على الوحدة.

ان هذا مثل واحد وواضح على مبدئية وعقائدية الشيخ/عبدالله من جانب وعلى قراءته الخارطة السياسية والحزبية واستشرافه للمستقبل وفق تجربة ونظرة عميقة ووثيقة، لقد تعلمنا من الشيخ الشيء الكثير ومازلنا بحاجة لإعادة النظر في سيرته ومسيرته وذكرياته ومذكراته والحصول على الدروس والعبر والاستفادة منها في هذه الظروف والمتغيرات.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp