الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر لصحيفة العربي (القاهرة) 21/11/1994م : نحن مع (المصلحة الشاملة).. ولكن ماذا تقولون في الذين يدعون للإنفصال؟

 

صحيفة العربي القاهرية - 21/11/1994م

 

§      قال لي الشيخ عبد الله الأحمر زعيم حزب التجمع اليمني للإصلاح ورئيس مجلس النواب ليس صحيحاً ما أشيع عن رفضنا لقرار العفو العام الذي شمل قيادة وقواعد الحزب الإشتراكي وغيرهم ممن غرر بهم في جريمة الانفصال لكنني قلت تحديداً إذا لم نحاكم الرؤوس الكبيرة التي تآمرت على الوحدة فإن الشعب اليمني لن يغفر لنا هذا الموقف وهو الذي قدم الغالي والرخيص من الرجال والنساء..  وحتى الموت يومياً على ساحة القتال حتى انتصرت إرادته وسلمت الوحدة من شرور أعدائها وإلا لكان معنى الصفح عن جريمتهم أن حزب الإصلاح وحزب المؤتمر طرفي الائتلاف السياسي السابق مع الحزب الإشتراكي تقع على كاهلهما مسئولية التآمر على الوحدة وإعلان الانفصال.

·      قلت له لكن الحزب الإشتراكي بعد إعادة انتخاب قيادته الجديدة عزل أربعة من قيادته السابقة فقط من بين أسماء 16 قيادة رفضت السلطة شمولهم بالعفو العام إلى حين التحقيق والتداول في الأسباب والدوافع التي أدت إلى الأزمة السياسية واندلاع الحرب  وقالت القيادة اليمنية أن الحزب الإشتراكي لم يفصل أربعة من قياداته السابقة كونهم مسؤلين عن تسبب الأزمة السياسية ولا لأنهم مسئولون عن قيام الحرب أو بسبب جريمتهم الانفصالية ولكن بدعوى أنهم لا يزالون متمسكين بالانفصال .

§      قال: في حواري مع الرئيس علي عبدالله صالح أكد هذا وأشار إلى أن بإمكان ألـ 16 قيادة أن يشملهم العفو العام بشرط مراجعتهم لمواقفهم وإعلانهم الصريح بالالتزام بالوحدة وامتثالهم للمحاكمة العادلة في إطار دعوته للمصالحة الوطنية ونحن وحزبنا كذلك مع المصالحة الوطنية الشاملة حتى يتفرغ الشعب والحكومة لإصلاح ما خربته الحرب وضمان الأمن والاستقرار والتفرغ للبناء والتنمية.. لكن ماذا تقول عن انضمام بعض قيادات الحزب الإشتراكي إلى ما يسمى بحركة موج وماذا تقول عن عدم تجاوب معظم أعضاء المكتب السياسي في الحزب الإشتراكي مع قرار العفو العام واستمرار لجوئهم إلى الخارج ؟ وماذا تقول حول أنشطتهم السياسية والإعلامية ومن الذي يدفع ثمن إقامتهم في الفنادق الفاخرة وتذاكر الدرجة الأولى بالطائرات عبر العواصم العربية والأوروبية ؟

ثم توقف الشيخ عبدالله الأحمر عن الحديث كمن يحاول أن يتذكر أمراً  وقال: هل ترى في استمرار وجود الحزب الإشتراكي على الساحة السياسية وممارسته لنشاطاته بكل حرية بعد كل ما حدث إلا أن يكون دليلاً على السماحة والصفح الذي يتميز به أهل اليمن وتقاليدهم.. وتأكيداً على إيمانهم الراسخ بالديمقراطية والتعددية كضمان لإستقرار الوحدة واستمراريتها.

·      قلت: إذن هناك معيار سياسي لفرز الوحدويين من الانفصاليين في الحزب الإشتراكي؟

§      قال: كفى ما عانيناه على مدى أربع سنوات من قيام الوحدة عبر المماحكات والمكايدات السياسية وكفانا ممارسة الحزب الإشتراكي والإبتزاز السياسي والمالي.. كفانا الحرب وجريمة الانفصال, الآن لن نفرط في وحدة الإرادة السياسية تحت قيادة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أما بالنسبة للوحدويين في الحزب الإشتراكي وغيرهم من الانفصاليين فهم يعرفون أنفسهم وأدوارهم في التآمر على الوحدة وعدم صيانتها والدفاع عنها.. والشعب يعرف كل التفاصيل ورغم ذلك فإن المؤسسات الدستورية تجاوزت حكم القانون وثوابه أو عقابه حين ارتضت شمولية قرار العفو العام على المتنفذين في الحزب الإشتراكي والذين غرروا بهم.

·      قلت: ما هو تقديركم لموقف القيادة الجديدة في الحزب الإشتراكي؟

§      قال: نعتقد في رشدها السياسي.. ومازلنا نطمع في محاسبتها لكل عناصرها الحزبية المتآمرة على الوحدة وتخريب أجهزة الدولة وتعطيل أدائها وننتظر مسعاها الجاد في رأب الصدع ووقف المكايدات السياسية حتى يستعيد الحزب ثقة الجماهير وكل تصرف صحيح أو خاطئ صادر عن القيادة إنما يعبر عن موقف الحزب كله.

·      قلت: كيف تفسر انتصار القوات الشرعية على قوات الانفصاليين رغم كل ما توفر لها من سلاح وامكانات ومستويات التدريب والتمويل الخارجي الضخم؟

§      قال: كان مستحيلاً أن تنتصر القوات الشرعية بامكاناتها الذاتية وحدها حيث كان صعباً تعويض ما تفقده من السلاح وتستنفذه من الذخيرة. بينما كان ذلك متاحاً لقوات الانفصاليين.. ولكن عبر المشاركة الشعبية الواسعة بشرياً ومادياً وانضمام العديد من تشكيلات قوات الحزب الإشتراكي إلى صفوف الشرعية تحقق الانتصار للوحدة.

·      قلت ما حجم مشاركة القبائل في صفوف قوات الشرعية؟

§      قال: في محافظتين جنوبيتين فقط, أما بقية القبائل اليمنية فقد شاركت كأفراد أو بشكل فردي.

·      قلت: ترددت أنباء حول قلق الإدارة الأمريكية إزاء علاقة اليمن بالجماعات الأصولية والإرهابية؟

§      قال: من السهل جداً اتهام اليمن بإيواء الإرهابيين وفتح معسكرات لتدريبهم . ومن الصعب إثبات ذلك أو أن اليمن معبر لجماعات الأفغان, اليمن كله يدين بالإسلام ومذاهبه المختلفة والصيغة الديمقراطية.. التعددية تسمح للجميع بتكوين أحزاب والتعبير عن مختلف التوجهات السياسية والعقائدية والدينية فلماذا التطرف إذن؟ ولماذا الإرهاب؟ كل ما أشيع ويشاع حول هذا الموضوع بغرض الإساءة إلى اليمن والتشكيك في استقراره والانتقاص من مصداقيته الديمقراطية.

·      قلت: أعلم ان جماعات الأفغان وتنظيم الجهاد كانت لهما أدوار إرهابية عبر تفجير منشأت سياحية في عدن واغتيالات طالت عدداً من السياسيين, ما قولك في هذه المعلومات؟

§      قال: بالفعل كانت هناك ممارسات إرهابية.. لكن قبل الحرب.. والآن بعد أن زالت هيمنة الحزب الإشتراكي على مقدرات المحافظات الجنوبية الشرقية لم يعد لكلا التنظيمين وجود.. وإلا كيف تفسر تلاشي حوادث الإرهاب والتفجيرات والاغتيالات السياسية الآن.. الأمر الذي يؤكد على أن دورها السابق المشبوه كان غرضه الإخلال بالأمن خاصة وأن تمويل عناصرها كان من الخارج تحت سمع وبصر الحزب الإشتراكي وأجهزته المخابراتية ظلت قائمة حتى بعد إعلان الوحدة وكأنه دولة خاصة داخل دولة.

·      قلت: كيف تقيم ظاهرة هدم قبور أولياء الله كما حدث في مسجد الملكة أروى بنت أحمد في مدينة إب ومسجد العيدروس في عدن؟

§      قال: هناك بعض الشباب السلفيين العائدين من الخارج ممن يتبعوا المذهب الوهابي يحرمون الصلاة في المساجد التي تضم قبور أولياء الله الصالحين لكن تنامي الفهم الصحيح للإسلام وسماحته يحاصر الظاهرة الغريبة عن الإسلام الوسطى المعروف عن أهل اليمن.

·      قلت: في حواري السابق قبل اندلاع الحرب طرحت عليك ظاهرة لجوء المهتمين بارتكاب حوادث التفجيرات إلى القبائل وحمايتها لهم.. هل ما زلتم عند موقفكم من عدم الحاجة إلى وضع ميثاق شرف بين القبائل لحماية الجميع والأمن والاستقرار؟

§      قال: الأوضاع القبلية وأعرافها وتقاليدها ليست اختراعاً حديثاً.. وإنما من موروثات الظروف التاريخية والاجتماعية.. وكان لها دور وطني مشرف في الدفاع عن الثورة والوحدة.. وبعد أن كان أئمة بيت حميد الدين يستغلون القبائل- عبر إضعاف شوكتها وإرغامها على الحرب.. الآن أصبحت تمارس التجارة والزراعة وأبناؤها يتعلمون في الجامعات واكتسبوا مهارات وتجارب تؤهلهم لمواكبة الحداثة وتطوير اليمن وبينهم الآن وزراء مقتدرين وعلماء ورجال أعمال مثقفون وفي كل الأحوال ليست اليمن في حاجة إلى وضع ميثاق شرف بين القبائل في ضوء تحديث أجهزة الأمن وفرض السلطة المركزية على مختلف ربوع البلاد.

·      قلت: القصاص فريضة إسلامية ورغم ذلك لا يزال الشيخ طارق الفضلي أحد زعامات قبائل المحافظات الجنوبية طليقاً رغم اتهامه بمحاولة اغتيال علي صالح عباد الأمين العام الجديد للحزب الإشتراكي؟

§      قال: الحزب الإشتراكي هو الذي قام بالقبض على الشيخ طارق وكان الحاكم المهيمن على الجنوب حتى في ظل الوحدة.. فلماذا فضل ترحيله إلى صنعاء ولم يحاكمه في عدن.. ورغم إنه ظل في السجن عاماً كاملاً إلا إن الحزب الإشتراكي لم يتقدم بطلب محاكمته.. الأمر الذي رجح احتمالات استمراره في نهجه وأسلوبه السابق في الانتقام من مشائخ القبائل ونهب أموالهم, وبالطبع لا يزال من حق عباد أن يتقدم بطلب لمحاكمة طارق.

·      قلت: ومحاولة اعتداء ناجي الشائف شيخ قبيلة بكيل على حياة الدكتور حسن مكي نائب رئيس الوزراء؟

§      قال: كلاهما عضو في حزب المؤتمر ولا شبهه سياسية إذاً وراء الحادث ولكن ما حدث كان بسبب خلاف مع أحد أعضاء اللجنة الدائمة حول الحزب الإشتراكي تحولت إلى حادث جنائي.. وأعتقد أن الشيخ ناجي شائف كان مخطئاً وكان منفعلاً بلا مبرر إلى حد توجيه رجاله للاعتداء على الدكتور حسن مكي ولا تزال المشكلة في طريقها إلى الحل والتراضي والمصالحة.

·      وقلت: هل هناك اتجاه الآن لتقنين حمل السلاح؟

§      قال:هذا قرار لا خلاف حوله بين الجميع في اليمن .

·      قلت : أنت الآن زعيم لحزب قبلي إسلامي يجمع العديد من المثقفين والتجار والمهندسين.. والنقد الذاتي مبدأ إسلامي وقبلي كذلك, كيف ترى إذن ظاهرة الفساد السياسي وخراب الذمم التي تفشت بين المسؤلين منذ قيام الوحدة اليمنية.. وهل آن الأوان لتطبيق مبدأ من أين لك هذا؟

§      قال: أتفق معك حول تفشي الفساد الذي يعرفه الجميع ولا يقره أحد.. وعبارة أو مبدأ " من أين لك هذا تتردد على لسان البعض من فصائل المعارضة كحق يراد به باطل.. لكن من حق الشعب الذي دافع عن الثورة والوحدة وضحى من أجلها أن يطالب بالعدالة الاجتماعية واجتثاث الفساد ومواجهة الرشوة والجشع وأن يلح كذلك على ضرورة تطهير النفس والإصلاح المالي والإداري في الدولة والحد من الغلاء وتوفير الأساسيات الضرورية وتلك مهمة الحكومة الجديدة ومجلس الشعب .

·      قلت بعض فصائل المعارضة تروج لاحتمالات فرض القيود على حرية الصحافة؟

§      قال: هذا البعض يفهم الديمقراطية في الإضرار بمصالح الوطن العليا ومنها تبرير موقف الحزب الإشتراكي من الأزمة السياسية الطاحنة التي انتهت بحرب وإعلان الحزب الانفصال .

·      قلت: والعلاقات المصرية اليمنية؟

§      قال: من تكرار القول المحبب إلى نفس كل يمني الإشادة دوماً بالرئيس جمال عبد الناصر ودور الشعب المصري التاريخي وقواته المسلحة الباسلة في دعم الثورة اليمنية وتثبيت النظام الجمهوري ولولا هذا الدور وتضحيات اليمنيين لما تحققت الوحدة اليمنية ومن هنا نؤكد على استحالة هضم مجرى التواصل الحميم بين الشعبين أو أن تتعارض مصالحهما في يوم من الأيام .

 

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp