الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر لـ "المسيرة اليمانية"22/11/2000م : اليمن يتمتع بحركة كاملة وديمقراطية ترتقي إلى مستوى الشفافية

 

مجلة المسيرة اليمانية - 22/11/2000م

 

-       الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر لـ "المسيرة اليمانية"

-       اليمن يتمتع بحرية كاملة وديمقراطية ترتقي إلى مستوى الشفافية

-       يرفض الهرولة وتطبيع العلاقات مع الصهاينة ..

 

بداية لابد من القول أن اللقاء مع الشيخ / عبد الله يتميز عن غيره بالكثير من المواصفات ليس فقط لأنه شيخ المشائخ أو لأنه رجل المجتمع المتربع على عرش القبيلة التاريخية في المجتمع اليمني ومحبة الناس الواسعة ولكن لأن له صفات كبرت ونمت معه خطوة خطوه منذ نعومة أظفاره .

فهو الذي ترعرع في بيئة تعرضت للظلم وجندت نفسها للنضال ضده فدفعت العائلة ثمناً باهظاً في مستوى الشهادة  مثل إستشهاد الشيخ /حميد بن حسين الأحمر رحمه الله  ثم والدهما الشهيد حسين بن ناصر الأحمر فكان رصيده النضالي كبير بوأه مكانة متميزة في المجتمع اليمني استطاع أن يصمد بها ويظفر في جبهة النضال الوطني منذ الساعات الأولى لثورة سبتمبر باتجاه وحيد هو تثبيت الثورة السبتمبرية ولا غير وهو الأمر الذي تكتنزه ذاكرة جيل الثورة الذي رفع شعار "الجمهورية أو الموت"

إن الموقف النضالي للشيخ / عبد الله مكنه من تلميع ساحة ا لقبيلة الموصومة بالتخلف ليكسب الساحة السياسية العربية فكان محل ترحيب كبير أينما حل في الوطن العربي أو خارجة يلتقي قادة البلاد محاور في غير حذلقة أو التواء .. لم يتنكر الشيخ عبد الله لأصول ولم يسمح في فترة تثبيت الثورة أن يفرغ حقداً ضد أحد لأن حقده المشروع كان ضد قوى الظلم وحدها ولأنه جزء من  التاريخ الذي تحقق أصلاً ليحمي الكرامات ويدافع عنها ولهذا كان رجاله أمناء على أصول الناس وكراماتهم في كل ما تولوه . وقد كنت شاهداً   بنفسي في أكثر من حدث على الساحة المحلية . إن محاولة بعض قوى التخلف الالتفاف حول الشيخ / عبد الله للاستفادة من شخصه وموقعه فاتها أن تدرك بأن الرجل محصن ضد التذبذب والانحراف وأن تجربته أكبر من المناورات التي يحيكها رجال الظلام ـ على عيناتهم المختلفة من حوله .

ومن المؤكد أن الشيخ يحترم تاريخه بل هو محصن به ، من هنا تأتي تقييمات السياسيين العرب الذي يقدرون صراحته وحذقه وقد عرف من خلال هذا التوجه المميز إضافة إلى حرصه الشديد بل رفضه لسياسة التلون في المواقف ومن هنا نشأت ونمت مصداقيته في نفوس الناس فهو لا يتردد في قول ما يؤمن أنه  صح ولا يرجع في مواقفه  ولا يهمه لومة لائم  على طريق  تجربته الطويلة لهذا يقولون عنه أنه رجل موقف وهي ميزة مرافقة للشيخ / عبد الله منذ نعومة أظفاره .

إنك عندما تتساءل مع الشيخ تحس بنبرة صدق تفتح أمامك سيرته التاريخية لتضيف وتؤكد ما يمكن أن نسميه ثوابت الشيخ / عبد الله وحينها لابد أن يتعمق احترامك لهذا الإنسان الذي لم يتأثر بـ "وصايا" محدودي الأفق الذين قذفت بهم ألسنة المد والجزر إلى شواطئ الصفوف الأولى من الحكم في مراحله القاحلة قحالة بعض المخضرمين  بين عهدي الظلم والفساد لذلك تجد الشيخ / عبد الله وهو يسرد ذكرياته الحلوة والمرة يتوقف هنيهات عند بعض الإيجابيات فيمتدح القاضي / عبد الرحمن الإرياني حيناً ويترحم على أسلوبه العقلاني في معالجة بعض القضايا الساخنة في البلاد في محاولة لإعطاء كل ذي حق حقه بدون تردد وكأنه أمام مسئولية تاريخية ، يحاول أن يضع النقاط على الحروف غير ضياع للوقت ولا تساهل في وقائع تاريخية مهما صغر شأنها  إذ أن المسئولية  واحدة والتاريخ لا يرحم المقصرين.

·      وعندما حاولنا أن نعرج على الأوضاع الداخلية ونذكر الشيخ/ عبد الله بالصورة القاتمة بل الغبار الكثيف الذي أ صبح يغطي تقاليدنا وأعرافنا وتراثنا الاجتماعي وجهنا للشيخ / عبد الله سؤالاً مباشراً وقلنا له بصراحة نحن نعتبرك مسئولاً مسئولية مباشرة عن التدهور الذي يجري في تقاليدنا وأعرافنا اليمنية فما أسباب هذا الغبار ا لكثيف الذي يغطي تقاليدنا وأعرافنا اليمنية التي كانت أشبه بالقوانين ـ تنظم حياة المجتمع اليمني من دون سلطة قسرية تحشر أنفها بين " القشرة وبصلتها" كما يقولون ،  فلماذا هذا التدهور يا شيخنا ؟

§      أجاب على الفور تجري الاستعدادات لانعقاد مؤتمر كبير يعالج هذا الوضع .

والكتابة عن الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر  تحتاج إلى متابعة أدواره الوطنية والعربية والإنسانية التي مثلها في  مشوار حياته ا لسياسية بل ولا يزال يحمل على عاتقه مسئوليات جسيمة على صعيد وطننا اليمني أو في  محيطنا الإقليمي والعربي والدولي .. إنه شخصية وطنية سياسية خاض سنوات النضال الأولى للثورة اليمنية ودافع عنها باقتدار حتى ترسخت بدماء شهداء من عشيرته ، حرص على الوفاء لوطنه ولقضايا العرب  والمسلمين والمسائل المتعلقة بخدمة مصالح اليمن والأمة العربية انطلاقاً من إيمانه بتعاليم ديننا الإسلامي التي تقول ]وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم [ ولأن الشيخ /  عبد الله من أنقى الشخصيات في تاريخ اليمن المعاصر اختارته المسيرة اليمانية  شخصية هذا العدد لإطلاع القارئ على جزء من أدواره الوطنية الكبيرة ومواقفه الشجاعة تجاه عدة متغيرات مر بها وطنناً اليمني ورؤية هذا الرجل الصائبة إزاء أحداث المنطقة والعلاقات الراهنة بين البلدان العربية والموقف من الجهود المبذولة لإحياء التضامن العربي والإسلامي ودعوة بلادنا لعقد القمة العربية وتجاوز أثار حرب الخليج الثانية ، فعلى الصعيد الوطني وهب الشيخ عبد الله نفسه في بداية الثورة للدفاع عنها وعمل بعيداً عن المناصب السياسية على  حشد القوى الشعبية والاجتماعية للوقوف إلى جانب راية الجمهورية الخفاقة في سماء وطننا اليمني مصمماً على إسقاط كافة المحاولات التي استهدفت ثورة شعبنا وفشلت بصمود المقاومة الأسطورية أمام خطط السيطرة على العاصمة صنعاء وأسقطت بذلك  أحلام الملكيين وانتصرت إرادة الشعب بعد حصار دام سبعين يوماً .

ومضى الشيخ / عبد الله قدماً في التأسيس لمناحي الحياة الشوروية والدستورية في ظل نظام جمهورية لا مكان فيه لتسلط الفرد على المجتمع .

ولذلك لعب الشيخ / عبد الله أدواراً مميزة في تأسيس  المجلس الوطني عام 69م ثم التحضير لانتخابات مجلس تشريعي دستوري شوروي في عهد الرئيس عبد الرحمن الإرياني وانتخاب مجلس الشورى عام 1988م في عهد الرئيس / علي عبد الله صالح وانتخابات أول برلمان موحد للجمهورية اليمنية في 27 إبريل 1993م ، والانتخابات البرلمانية في 27 إبريل عام 1997م .

ومن خلال منصبه القيادي لهذه المجالس الشوروية والشعبية والتشريعية ساهم الشيخ / عبد الله بدور كبير في سن القوانين التشريعية وترسيخ مبادئ الشورى واحترام إرادة الشعب والعمل على تقوية النظام الجمهوري والتحضير لوحدة الوطن بطرق سلمية وديمقراطية .. كما أن هذا الموقع القيادي مكن الشيخ / عبد الله من إزاحة شبح تخوف بعض جيران اليمن من ثورة شعبنا ونظامه وتطورت إلى دعم دول الجوار لمسيرة اليمن التنموية وفي نفس الاتجاه كان الشيخ / عبد الله ولا يزال صاحب الدور السياسي الفاعل في إعادة الروح للعلاقات اليمنية الخليجية بعد قيام دولة الوحدة وبعد التوتر في هذه العلاقات لعدم تفهم دول الخليج لموقف بلادنا من غزو العراق لدولة الكويت ولذلك خرجت زيارة الشيخ / عبد الله لدولة الكويت مؤخراً بثمار إيجابية أعادت الروح للعلاقات اليمنية الكويتية وهي في طريقها لإعادة المياه إلى طبيعتها .

وبعد هذه المقدمة المتواضعة لدور الشيخ / عبد الله السياسي والنضالي على الصعيدين الداخلي والخارجي رأت "المسيرة اليمانية" اصطحاب القراء إلى الغور في  نفسية هذا الرجل الكبير من خلال الحديث معه حول أبرز المحطات في حياته السياسية وقراءة مواقفه إزاء الأحداث الراهنة التي تشهدها الساحتين الوطنية والعربية .

 

·      كيف تقيمون تجربتكم في الجانب التشريعي ؟

§      على كل حال الحياة كلها تجارب والحياة هي أيضاً مدرسة وأعتقد أن مواكبة الأحداث في اليمن وفي العالم العربي منذ أربعين عاماً أو يزيد هي فترة كافية لتخلق عند الإنسان تجربة وتمكنه من فهم الأمور بقدر فهمه لها .. اشتغلنا في  بداية الثورة بالدفاع عنها ولم ننشغل بشيء من الأمور لا سياسية ولا  غيرها وبعد أن قطعنا شوطاً كبيراً وشعرنا بأن الثورة أصبحت راسخة أسهمنا في الأمور التأسيسية اللاحقة وفي سنة 69م تم تأسيس مجلس وطني من 45 شخصية اجتماعية على مستوى عال بالتعيين كان اختيارهم من قبل رئيس المجلس الجمهوري وتم اختيار هذه النخبة اختياراً موفقاً وفيه تمثيل كل فئات الشعب والمناطق اليمنية و كانت الدولة في السنوات الأولى للثورة محتاجة إلى قوانين وتكاتفت الجهود في المجلس الوطني في الجانب التشريعي على مشروع دستور والذي  سمي في الأخير بالدستور الدائم والذي ظل معمولاً به إلى أن تحققت دولة الوحدة ، وفي عهد المجلس الوطني تمت المصالحة بين الجمهوريين والملكيين أو بالأحرى تمت المصالحة مع المملكة العربية السعودية وفي سنة 1970م اعترفت المملكة العربية السعودية بالجمهورية .. كل القوى المعارضة للجمهورية سقطت وقد استوعبت المصالحة كل ا لقوى وكل الزعامات أو الشخصيات البارزة الذين كانوا مع الملكيين من مشائخ وعلماء ومثقفين ودخل عدد منهم المجلس الوطني مثل الشيخ / عبد الوهاب سنان والشيخ / علي بن ناجي الشايف والشيخ /  معيطان  و الشيخ ابن مقيت والشيخ / حسن بدر الدين أما الشيخ الغادر فكان رافضاً وفي الوزارة أيضاً دخل  مجموعة منهم  مثل المرحوم يحيى المضواحي كان رجل طيب وعاقل ومخلق ومنهم أيضاً السيد عبد الله الصعدي والسيد يحيى الضحياني والقاضي  حسن مرفق وحسن بن إسماعيل المداني ، يعني حصلت مصالحة ودية ناجحة استفادت منها اليمن وخرجت هذه المصالحة باليمن من الوضع الذي كانت فيه وهو الوضع الدموي وحصلت على المساعدات وباعتراف المملكة العربية السعودية اعترفت بنا دول عديدة منها الأردن وبريطانيا وفرنسا وإيران .

وخلص المجلس الوطني من وضع اللمسات على الدستور الدائم ودعي الشعب إلى انتخابات لمجلس تشريعي شوروي دستوري لأول مرة بالتزكية من القرية إلى الناحية إلى المدينة .

مجلس الشورى الجديد كانت له صلاحيات واسعة وأصدر كثير من التشريعات وأقر الدستور في أول جلسة له وفي عهد  مجلس الشورى حدث انقلاب 74م على القاضي الإرياني وساد الخلاف بين إبراهيم الحمدي الذي أدى إلى حل المجلس ودخلت اليمن في دوامه مع المد الثوري أو المد الشيوعي الذي وجد له موطئ قدم في عدن حيث انطلقوا من تلك القاعدة ليصدروا الثورة إلى الشمال  وإلى عمان والى ما بعدها .. كانت عندهم  طموحات كبيرة دخلنا في صراع أكبر من الصراع الذي كان بيننا والملكية "حرب البندقية" ظلينا فترة بدون وجود مجلس حتى أصبح القائد الغشمي وأوجد مجلس الشعب  التأسيسي بالتعيين وكان به عناصر جيدة ثم جاء مجلس الشورى عام 88م وعند مجيء الوحدة دمج مجلس الشورى بمجلس الشعب الأعلى الذي كان في عدن وسمي مجلس ا لنواب الذي شمل اليمن بكاملها من المهرة إلى صعدة .

و لقد كان مجلس النواب حامل الراية للشرعية واصل مهامه ومسئولياته حتى انتهت فترته وجاءت الانتخابات الجديدة وتم الانتخاب بدون الحزب الاشتراكي وتم حماية الوحدة والديمقراطية ، والآن الأحزاب موجودة وكل حزب يتمتع بحرية كاملة سواء في النشر أو ممارسة حقوقهم التي شرعها الدستور.

·      كرمونا بشرح دوركم في الجانب الخارجي؟

§      الحقيقة كل شيء أصبح واضح والشفافية على ما يقولوا أصبحت منهج عالمي وإن كان بالنسبة للأمة العربية هذه السياسة الجديدة أو ما يسمى بالعولمة استفادت منها الدول الكبرى والمهيمنة وخسر العرب بسبب هذا النظام الدولي الجديد وبسبب اختلال التوازنات العالمية التي كانت تتمثل في قوتين وأصبح الآن يهيمن على العولمة قوة واحدة تكيل بالمكاييل التي تحلو لها في ظل هذه الظروف أصبحت الأمة العربية في أسواء حالة وأرذل وضع.

·      الزيارة التي قمتم بها إلى دول الكويت مؤخراً هل حققت أهدافها؟

§      نعم حققت أهدافها على المستويات الرسمية والشعبية حيث تبادلنا الحديث في عمق المصالح مع كبار المسئولين وفي مقدمتهم سمو أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد وتطرقت مباحثاتنا إلى كل ما يربط البلدين من روح المحبة والإخاء.

·      زرتم مقر اللجنة الوطنية الكويتية لشئون الأسرى ما هو شعوركم تجاه قضيتهم ؟

§      نحن أكدنا سياسة بلادنا الثابتة الرافضة لاستمرار احتفاظ العراق بأسرى من الكويت ودعونا ولا زلنا إلى الإفراج عنهم وأنني أقدر حجم معاناة أسر الأسرى ونعتبرهم أهلنا وندعو إلى فك أسرهم.

·      هل لمستم تغيير في سياسة الكويت تجاه اليمن؟

§      لمسنا ذلك فالكويت لها مكانة خاصة في نفوسنا وقد أحدث الغزو شرخاً في العلاقات العربية ينبغي الآن التفكير بتعقل لتجاوز سلبيات الأزمة.

·      بالفعل حدث انفراج كبير بين بلادنا ودولة الكويت خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي على رأس وفد رفيع المستوى للمشاركة في احتفالات بلادنا بالعيد الوطني العاشر للجمهورية اليمنية ولكن هل لا يزال طلب بلادنا قائماً للانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي؟

§      موقع اليمن الطبيعي يجعل هذا الطلب قائماً ونحن لنا قواسم مشتركة مع دول المجلس وطلبنا ذلك ورغبتنا لا تزال قائمة.


·      ماذا عن دعوة بلادنا لعقد قمة عربية دورية ؟

§      العرب الآن أحوج ما يكونون إلى عقد لقاء بين الزعماء العرب في أسرع وقت ممكن ومن المؤكد أن القمة العربية ستمنح العرب القوة والتضامن  لمواجهة الهجمات الشرسة التي تواجه الأمة العربية من أعدائها.

·      ما رأيكم بسياسة التطبيع مع إسرائيل؟

§      رفضناها ولا زلنا نرفضها كذلك كان موقفنا المعلن عندما بدأت أفواج يهودية بزيارة اليمن تحت مبرر أنهم من أصل يمني حتى استطعنا توقيفها.

·      دان مجلس النواب اليمني استمرار الحصار ضد الشعب العراقي ما هو موقفكم الشخصي؟

§      الموقف الشخصي الرفض المطلق لاستمرار معاناة إخواننا من الشعب العراقي والحصار لا علاقة له الآن بقضية الأسرى أو بدولة الكويت ونطالب برفعة فوراً.

 

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp