الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر لـ الشوروي العدد 4 - 26/9/ 1994م: تغيير شكل رئاسة الدولة في مقدمة النصوص الدستورية المطروحة للتعديل .

 

صحيفة الشوروي العدد ( 4 )- 26/9/ 1994م

 

-       تغيير شكل رئاسة الدولة  في مقدمة النصوص الدستورية المطروحة للتعديل .

-       الأزمة المفتعلة حالت دون إقرار التعديلات الدستورية .

 

تواجه بلادنا في مرحلة ما بعد الحرب وانتصار الشرعية الدستورية في معركة تثبيت الوحدة تحديات كبرى على كل المستويات أهمها إزالة أثار الفتنة والاستعداد لولوج معركة البناء .

ومن هنا تأتي أهمية مناقشة مجلس النواب للتعديلات الدستورية كمقدمة أولى نحو تصحيح المسار وللوقوف على الملامح الرئيسية للتعديلات الدستورية وأثرها في تحديد مستقبل اليمن . التقت " الشوروي " بالأخ  الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والذي استقبلنا بحفاوة بالغة – رغم كثرة مشاغله – ورحابه صدر أخجلتنا فسلط الأضواء على كثير من القضايا الهامة موضحاً بعض خفايا الأزمة وتداعياتها ، وفي هذا اللقاء بدأنا الحديث عن ذكريات الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وعن الساعات الأولى لقيام ثورة 26 سبتمبر ، كونه واحداً من أبرز المشاركين في صنع ذلك الحدث العظيم في تاريخ شعبنا .

 

·      بعد أيام قليلة تطل علينا الذكرى الثانية والثلاثون لقيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة ، فما هي أبرز ذكرياتكم عن الساعات الأولى لقيام الثورة وماذا تعني لكم؟

§      الذكريات كثيرة ، ولعل أهمها هي فرحتنا الكبرى بقيام الثورة في صبيحة يوم الخميس 26سبتمبر 1962م وفي ذلك اليوم الأغر كنت مسجون في سجن المحابشة وكان يسمح لنا بالخروج " دوره " إلى خارج السجن ، وأثناء ذلك استدعانا أحد الأصدقاء وهو ساكن في منزل مجاور للسجن ولديه جهاز " الراديو " ودعانا للدخول إلى بيته وهناك علمنا بقيام الثورة عبر إذاعة صنعاء والتي كانت تذيع بيانات الثورة والأناشيد الوطنية ولازالت تلك اللحظات الخالدة محفورة في ذاكرتي والتي شعرت خلالها بالفرحة والبشرى كأنني ولدت من جديد في تلك اللحظة – بعدها لم أعد للسجن بل توجهت إلى دار الحكومة حيث مقر عامل قضاء  المحابشة فوجدت العامل والحاكم وهم في حيرة من أمرهم فنصحتهم بسرعة إرسال برقيات التأييد والتهاني بقيام الثورة إلى المشير عبد الله السلال رحمه الله والذي أعلن عنه قائد الثورة حينذاك ، وبالفعل بعثوا البرقيات ، ثم جلست معهم نستقبل المواطنين والمشايخ والعلماء الذين توافدوا على مبنى الحكومة ، البعض جاء مهنئاً والبعض جاء للاستفسار والحقيقة أن المنطقة التي كنا فيها منطقة " الشرفين " كانت من المناطق المؤيدة والمناصرة للإمام والمتشيعة بصورة شديدة فقد جاء بعض المشايخ ومعهم مجموعة من المواطنين غاضبين من العامل والحاكم وهددوهم بسبب قيامهم بإرسال برقيات التأييد للثورة إلى حد أن أحد المشايخ أنكر قيام ثورة من الأساس وأن الإذاعة التي تذيع بيانات الثورة هي إذاعة صوت العرب من القاهرة وليست إذاعة صنعاء ، وأن حكم الأئمة باقي إلى يوم الدين فقمت مع بعض الشباب بتهدئتهم وأفهمناهم بحقيقة الثورة حتى هدأت نفوسهم ، ثم انصرف الجميع لتناول طعام الغداء في بيوتهم وعدت أنا للسجن محل إقامتي وبعد الغداء جاء كثير من الناس – على غير العادة – إلى السجن وقيلنا معاً وكان الكلام كله مركز عن الثورة وأهمية الثورة أثناء ذلك وفي حوالي الساعة الرابعة عصراً وإذا ببرقية تأتي من المشير عبد الله السلال إلى عامل القضاء للإفراج عني وإبلاغي بضرورة التحرك إلى صنعاء فوراً وفي أسرع وقت ، العامل بدوره أحالها إلى مدير السجن حيث تم الإفراج عني وفي صباح يوم الجمعة 27سبتمبر 62م توجهت إلى صنعاء عبر عبس الحديدة .

هذه باختصار شديد أهم ذكرياتي عن أحداث اليوم الأول للثورة أما عن الذكريات والوقائع الأخرى فهي كثيرة وكثيرة . ولا أستطيع حصرها أو تذكرها الآن ..

·      بعد مرور ثلاثة عقود على قيام الثورة .. في تصوركم الشخصي .. هل حققت الثورة أهدافها؟

§      نعم . بحمد الله حققت الثورة أهدافها في كل المجالات وآخر هدف تحقق هو الوحدة والتي أعلنت في 22 مايو 1990م ورسخت وثبتت في 7يوليو1994م .

فتوحيد اليمن أرضاً وشعباً هو آخر هدف من أهداف الثورة والتي تحققت وأكبرها على الإطلاق وتوجت كل المنجزات التي ناضل شعبنا من أجل تحقيقها وتمت بفضل من الله عز وجل ثم بفضل ثورة 26سبتمبر المجيدة .

·      هناك من يقول أن القبيلة هي من الأسباب الرئيسية لاستمرار بقاء اليمن في دائرة التخلف.. ؟

§      الحمد لله اليمن لم يكن متخلفاً لا اجتماعيا ولا تعليمياً ولا سياسياً ولا ثقافياً ، فاليمن شعب الحضارات وشعب الأمجاد ، وأبناء القبائل هم أبناء اليمن فكل اليمن قبائل ولا أحد إلا وينتمي إلى قبيلة من قبائل اليمن ، حتى سكان المدن الكبرى وكبار موظفي الدولة ورؤسائها ووزرائها وضباطها وكل واحد منهم ينتمي إلى إحدى قبائل اليمن ويعتز ويفتخر بأنه ينتمي إلى تلك القبيلة .

فالقبيلة في اليمن لم تكن متخلفة في يوم من الأيام بل هي متحضرة ومن عوامل الحضارة والازدهار والاستقرار والخير في اليمن .

·      يناقش مجلس النواب – حالياً – مشروع التعديلات الدستورية وذلك بعد مرور فترة طويلة على إقراره للمبررات الداعية لتعديل الدستور فما سبب تأخير المجلس لمناقشتها كل هذا الوقت ؟ رغم وجود شبه إجماع على ضرورة تلك التعديلات؟ 

§      الواقع أن دستور دولة الوحدة كان عبارة عن وثيقة توفيقية بين نظامين متباينين على أرض الواقع ، وبينهم من التباعد والاختلاف والخصام والعداء والحروب والاتجاهات المتضادة ما بينهم ، ولهذا فقد وضع ذلك الدستور كورقة  توفيقية بين هذين النظامين وفيه من الثغرات والاعوجاج والقصور والهفوات الشيء الكثير والكثير.

والشعب اليمني أو معظمه لم يوافق عليه في بداية الوحدة إلا حباً في الوحدة ، واشترط الشعب اليمني من البداية على دولة الوحدة أو على المسئولين في دولة الوحدة تصحيح هذا الدستور .

وتعهد مجلس الرئاسة للشعب على لسان رئيس مجلس الرئاسة الفريق علي عبد الله صالح ونائبه في ذلك الوقت علي سالم البيض ، بتعديل وإصلاح الدستور .

ولذلك فالتعديلات الدستورية الموجودة الآن هي أمر متفق عليه ومسلم به من بعد الوحدة وقبل الانتخابات وبعدها وما جاءت الانتخابات إلا ومشروع التعديلات معد من قبل الحزبين الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام الشريكين في الحكم إبان الفترة الانتقالية  وعلى هذا الأساس أحيلت هذه التعديلات الدستورية .. مرفقاً بها المذكرة التفسيرية الداعية لهذه التعديلات من قبل مجلس الرئاسة إلى مجلس النواب الحالي وفي أولى جلساته بعد الانتخابات .

على أثرها أقر المجلس ضرورة تعديل الدستور من حيث المبدأ وبناء على ذلك أعطى مجلس النواب فترة  تمديد إضافية لمجلس الرئاسة لمدة خمسة أشهر لكي تتاح الفرصة لمناقشة هذه التعديلات وإقرارها من قبل مجلس النواب ، لكن الأزمة التي أفتعلها الحزب الاشتراكي حالت دون إقرار هذه التعديلات وعندما  تفاقمت الأزمة أقر المجلس تأجيل البت في هذه التعديلات إلى أن تنتهي الأزمة وتذهب التوترات .

وفي ذلك الوقت أعيد انتخاب مجلس الرئاسة والمكون من الرئيس علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض وبقية أعضاء المجلس أعيد انتخابهم لفترة غير محددة وغير مبينة ومؤقتة حتى يبت مجلس النواب في هذه التعديلات والتي من ضمنها تغيير شكل رئاسة الدولة من مجلس رئاسة إلى رئيس جمهورية ، وهذه من المواد الرئيسية في التعديلات والمطروحة الآن أمام مجلس النواب .

·      ما هي أبرز الصعوبات التي واجهت المجلس خلال الفترة الماضية؟

§      لعل من أهم المعوقات التي رافقت المجلس منذ بداية افتتاح جلساته هي الأزمة التي افتعلها الحزب الاشتراكي والتي انتهت بإعلانه الانفصال عن دولة الوحدة ، هذه الأزمة حالت دون قيام المجلس بإنجاز مهامه الرقابية والتشريعية وأعاقته عن ممارسة اختصاصاته الدستورية .

كما هو الحال بالنسبة لبقية أجهزة ومؤسسات الدولة والتي أحبطت وشلت حركتها تماماً بسبب الأزمة ، وبالرغم من ذلك فإن مجلس النواب ظل بحمد الله متماسك واستمر في ممارسة مهامه بالقدر الذي أمكن وتم .


·      وماذا عن الأعضاء الذي رفع المجلس الحصانة عنهم ، لماذا لم تتم محاكمتهم ؟

§      هذا الموضوع من اختصاص القضاء ووزارة العدل التي طلبت من المجلس رفع الحصانة عنهم وفعلاً رفعت عنهم الحصانة البرلمانية ، وبقيت الإجراءات التي هي من اختصاص القضاء .

·      ما هي المعايير التي سيتم الأخذ بها حين يتم تشكيل الحكومة القادمة؟

§      على كل ، نحن الآن بصدد إنجاز التعديلات الدستورية وبعد الانتهاء منها سيكون من مهمة القيادة السياسية تكليف من يشكل الحكومة المقبلة حكومة دولة الوحدة وحكومة العهد الجديد .

عهد ما بعد الانتصارات الوحدوية التي حققها الشعب اليمني على الخونة والمتآمرين الذين عاثوا في الأرض فساداً وأعاقوا مسيرة التنمية في بلادنا وأعاقوا مسيرة الثورة سنوات عديدة حتى تخلص الشعب اليمني منهم وانتصر لوحدته وإرادته وبارك الله هذه الانتصارات فإرادة الشعب هي من إرادة الله سبحانه وتعالى ، ثم بفضل ذلك الاصطفاف الشعبي العظيم والذي لم يسبق له مثيل في التاريخ .

والذي أعان الشعب اليمني وأعان القيادة الشرعية وأعان القوات المسلحة على تطهير هذا البلد وهذا الشعب وهذه الأرض من رجس العملاء الخونة المتآمرين بتاريخهم الأسود والمعروف لدى جميع اليمنيين في الداخل والخارج وكان ينبغي أن ينتهوا عندما انتهت الأنظمة الشيوعية المشابهة لهم وعند انتهاء زملائهم من مجرمي العالم أمثال تشاوشيسكو في رومانيا وغيرهم من قيادات الأحزاب الإلحادية والشيوعية في أوروبا الشرقية وغيرها ، ولكن الشعب اليمني كان كريماً معهم أكثر مما يستحقون حينما قبلهم لأنهم مدوا أيديهم إلى الوحدة التي حاولوا تدميرها فيما بعد لكن الله غالب على أمره فأحاط بهم وأحاطت بهم خطاياهم وذنوبهم فانتهوا إلى ما انتهوا إليه من تلك النهاية المخزية بفضل من الله سبحانه وبتوفيق منه .


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp