صوت القوة والعقل * فهمي هويدي

 

نقلا عن صحيفة الصحوة   

 

 ينفرط عقد اليمن حينا بعد آخر، وهو في اللحظة الراهنة يفتقد للحكمة والعقل الراجح بديلا عن الاحتكام للعنف والسلاح، وفي مثل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها اليمن السعيد نستحضر سيرة الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر رحمه الله باعتباره من أصحاب هذا الميدان الذي يحكم العقل ويغلب الحوار ويحرص على الوئام والوفاق. والمؤسف أن الساحة اليمنية تنذر بسوء كبير نظرا لما تشهده من أزمات متفاقمة في جنوب اليمن وشماله، أبرزها مشكلتا الجنوب و صعدة، التي انفجرتا مؤخرا وكان بالإمكان تلافيهما قبل أن تتفجرا، مع أن المشكلة الحقيقية لليمن ليست في الشمال أو في الجنوب، المشكلة في صنعاء، في التوريث و الاستمرار في احتكار السلطة وإبقائها في نطاق الأسرة، بما يحولها إلى ملكية مقنعة، شبيهة بمدرسة «الغلبة» التي تقوم على فرض الأمر الواقع بقوة السلطة وأدواتها، ومدرسة اصطناع الشرعية. وحتى أوضح حجم المشكلة التي يعانيها اليمن أشير إلى ما كتبه أحد المثقفين اليمنيين إذ يقول عن رأس السلطة إنه أمضى في موقعه 31 عاماً صادر خلالها أحلام الوطن وأباد كل أسباب وممكنات وجوده وتقدمه، وظل عائقا أمام قدرتنا على التفكير بما يمكن الوطن من استعادة أمله في أن ينهض من كبواته المستدامة وتعثره المزمن، ولئن كان محور اهتمام القادة الحقيقيين في العالم هو الإنسان والوطن والتقدم، فإن محور اهتمام سلطتنا هو العرش ونقله ميراثاً لأجيالها، فسيجت البلاد بكل أسباب انتقاله، ولغمت معابر الوصول إليه بكل أشكال الفوضى، وإبداع صناعة الملهاة. وما يزيد الأمور خطورة هو أن صنعاء أغلقت باب الحوار وآثرت الاحتكام لصوت العنف والسلاح، ولم تجد أصواتاً بقوة وحجم صوت الشيخ الراحل الأحمر رحمه الله ليكبح هذا العنف ويلجم هذا النزق ويعيد الأمور إلى نصابها. لا شك أن لغياب الشيخ الأحمر رحمه الله أثر كبير فيما يحدث الآن وإن كنا لا نعلق المستقبل على حياة أو موت شخص، لكن مرور سنتين على غيابه أكد للمراقبين أنه كان صمام أمن لليمن، وعامل توازن مهم، وحلقة وصل بين السلطة والشعب والمعارضة، وكان وجوده في هرم السلطة يعني وجوداً لصوت العقل والحكمة. إن اليمن وهي تمر بهذه الظروف الاستثنائية لهي بأمس الحاجة لحكمة الشيخ الأحمر رحمه الله ونفوذه السياسي والاجتماعي لإطفاء الحرائق التي تشتعل في أكثر من مكان في اليمن. 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp