الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر لـ (الصحوة) بتاريخ 21/3/1993م نرفض إتهام المطالبين بتعديل الدستور بأنهم ضد الوحدة

صحيفة الصحوة - 21/3/1993

-       نرفض اتهام المطالبين بتعديل الدستور بأنهم ضد الوحدة

-       الحملة الرسمية الهستيرية دليل على فقدان الثقة بأن الشعب سيقول (نعم) للدستور

-       المحافظات الجنوبية ما تزال ترزح تحت قوانين صادرت ممتلكاتهم وحرمتهم حريتهم ونهبت حقوقهم

 

تشهد الساحة اليمنية صراعاً فكرياً جذرياً بين فريقين ، فريق ينادي بتعديل الدستور بحيث تكون الشرعية الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع في بلادنا ، وكل ما يخالفها باطل وفريق يرى الإبقاء على الدستور بصيغته الحالية التي أعدته لجنة معينة من الحكام وتم إقراره بطريقة غريبة في مجلسي الشورى والشعب (السابقين).

الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر عضو المجلس الاستشاري ، ورئيس اللجنة التحضيرية للتجمع اليمني للإصلاح من أبرز الشخصيات اليمنية التي تتبنى الدعوة إلى تعديل الدستور حفاظاً على هوية الشعب الإسلامية ، ومنعاً لأي مغامرات مستقبلية قد تجمح إلى فرض آراء مخالفة للإسلام على الشعب ، إستناداً للدستور ذاته.

 (الصحوة) التقت الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر وأجرت معه حواراً صريحاً حول ما يدور في بلادنا بشأن الدستور .

·      تلاحظون – كما يلاحظ المواطنون – الحملة الإعلامية المكثفة من أجل دفع أبناء اليمن لقول نعم للدستور الذي يحتوي على مواد مخالفة للشريعة الإسلامية في تقديركم لماذا هذه الحملة وبهذا الشكل؟

§      الحقيقة أن الحملة لم تعد مقصورة على الناحية الإعلامية وحدها ، بل أصبحت حملة إعلامية ورسمية ولم يكتف المسئولون بما تقوم به وسائل الإعلام ، بل نزلوا بأنفسهم وعلى أعلى المستويات ، ليدفعوا المواطنين لقول نعم للدستور وها هم يتنقلون بين المحافظات ولا حديث لهم إلا الدستور ، وهذا أسلوب غير ديمقراطي لا سيما وقد بلغ الأمر إلى حد الإرهاب .

وفي تقديري أن المسئولين قد لجأوا إلى هذه الحملة الهستيرية لأنهم يعرفون أن الدستور غير مقبول من المواطنين ولو كانوا واثقين بأن الدستور يرضي المواطنين ويلبي طموحاتهم المستقبلية لما احتاجوا لهذه الحملة التي تصادر حق المواطن في التعبير عن رأيه بكل حرية .

·      ما هو الغرض من الإصرار على تمرير الدستور على علاته من وجهة نظركم؟

§      الغرض من هذا الإصرار العجيب على تمرير الدستور بما فيه من مواد مخالفة للشريعة الإسلامية هو تكريس الواقع الذي يعيشه إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية الذين لا يزالون يرزحون تحت قوانين جائرة صادرت ممتلكاتهم باسم التأميم وحرمتهم حريتهم باسم المصلحة الوطنية وحماية الثورة ونهبت حقوقهم باسم المساواة وكانوا يتطلعون إلى أن الوحدة ستنزع عن كاهلهم كل هذا الجور وستخلصهم من الظلم الذي تحميه القوانين ومن أجل ذلك اندفعوا للوحدة بتلك الصورة التي شاهدناها جميعاً عبر شاشات التلفزيون لكن خيبتهم كانت كبيرة وأصيبوا بالإحباط عندما وجدوا أنفسهم بعد الوحدة وهم يعيشون نفس الأوضاع التي كانوا يعيشونها قبلها ولم يعرفوا من الوحدة إلا أسمها فقط .

والذين يصرون على تمرير هذا الدستور يريدون تكريس هذا الواقع في تلك المحافظات تمهيداً لتحميل الشعب – شماله وجنوبه – أي رأي فيه وحكاية أن السلطتين التشريعيتين في صنعاء وعدن قبل الوحدة قد صوتت عليه فمجلس الشورى في صنعاء معروف عند الجميع كيف كان التصويت فيه على الدستور أما مجلس الشعب الأعلى في عدن فكل أعضائه من الحزب الحاكم .

وما يردده المسئولون والعاملون معهم ووسائل الإعلام أن من يطالب بتعديل الدستور فهو ضد الوحدة وما وصلوا إليه من التهديد والإرهاب والدعوة إلى الفتنة فهذا شيء مرفوض وغير مقبول لأنه من الأساليب البالية إضافة إلى أنه إجهاض للديمقراطية .

·      لماذا لا يعدل المسئولون المواد المخالفة للشريعة الإسلامية طالما أنهم عدلوا الدستور لمصالحهم الخاصة؟

§      العلماء هم المختصون فيما يتعلق بقضايا العقيدة .

·      عرفنا أنكم قد التزمتم بما أفتى به العلماء هل لكم أن تحدثونا عن ذلك ؟

§      علماؤنا الأجلاء قد قاموا بواجبهم الذي يبرئ ذمتهم أمام الله وحملوا مجلس الرئاسة والمسئولين جميعاً وكافة أبناء الشعب المسئولية ، فقد تقدموا برسالة إلى المسئولين بينوا فيها ضرورة تعديل الدستور قبل إنزاله للاستفتاء وطالبوا بتأجيل الإستفتاء حتى يتم تدارس الأمر للخروج بحل يرضى عنه الشعب ، وأعلنوا أنه ما لم يتم تعديل الدستور فإنه لا يجوز أن يصوت الناس بنعم .

وقد طالبهم مجلس الرئاسة بتقديم ملاحظات تفصيلية على مواد الدستور وقدموا ملاحظاتهم وأضافوا إليها ملاحظات المختصين من الدستوريين والاقتصاديين وحددوا المواد التي يلزم تعديلها ووجهوا رسالة مفتوحة يناشدون فيها المسئولين تعديل الدستور وإيقاف الحملة الإعلامية التي تغرر بالشعب لقول نعم للدستور.

إنني أتساءل لماذا لم تستجب القيادة لفتوى العلماء ومناشدتهم ونحن شعب مسلم ودولتنا مسلمة فالعلماء في الشعب المسلم والدولة المسلمة هم المرجع في القضايا الشرعية وهم الذين يحق لم أن يقولوا هذا يتفق مع الشريعة الإسلامية وهذا يخالف الشريعة الإسلامية لأنهم هم المختصون بذلك والله سبحانه يقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ويقول جل جلاله ( وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى الله والرسول) وأهل الذكر هم علماء الإسلام الذين يجب على الحاكم والمحكوم الاستجابة والإذعان لرأيهم خاصة في مثل هذه القضايا التي تمس بالعقيدة فهم أعرف من الجميع والواجب على المسئولين وعلينا جميعاً إتباع العلماء.

وفيما فيه مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والقضية اليوم قضية دستور سيحكم به الشعب حاضراً ومستقبلاً والشعب لن يقر أو يوافق على أن يحكم بغير الإسلام .

·      يطرح البعض أن من يعارض الدستور إنما يعارض الوحدة ذاتها وأن الدستور قد أقر من السلطتين التشريعيتين في الشطرين قبل الوحدة ، ماردكم على ذلك ؟

§      الربط بين الوحدة والدستور ربط غير منطقي فالوحدة قائمة وليس هناك من يعارض فهي فريضة شرعية والذين يربطون بين الدستور والوحدة هم الذين يريدون فرض نهجهم على الشعب .

ولا يجوز أن يتهم من يعارض الدستور بأنه معارض للوحدة كما لا يجوز أن يتهم من يؤيد الدستور بأنه كافر ، والدستور في حقيقته هو وثيقة بين الحزب الإشتراكي الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة ولم يكن للشعب – شماله وجنوبه – أي رأي فيه .

·      هناك قوى وشخصيات تؤيد الدستور وتدعو له بينما يقود التجمع المعارضة للدستور ما رأيكم في من يؤيدون الدستور بعلاته ؟

§      المؤيدون للدستور على علاته من وجهة نظري ، إما أنهم من عناصر الحزب الإشتراكي الذين يرون في المواد المخالفة للشريعة الإسلامية في الدستور حماية لهم ولنهجهم وتكريساً لمبادئهم ، أو أنهم من العناصر العلمانية الذين يؤمنون بالفصل بين الدين والدولة ولا يحرصون على الشريعة ، وأما أنهم من موظفي الدولة الحريصين على مناصبهم والبقاء فيا فيؤيدون كل ما تريده الدولة كيفما كان .

أو من العامة الذين يعتقدون أن كل ما يصدر عن الدولة هو منجز من منجزات الثورة الذي يجب مباركته.

·      لماذا ثار هذا الخلاف حول صيغة الدستور الحالية؟

§      الدستور بصيغته الحالية يكرس التشطير ويحمي القوانين الشطرية التي لا تزال تحكم المحافظات الجنوبية والشرقية – الشطر الجنوبي سابقاً – والدستور قد صيغ بطريقة توفيقية بين نظام ماركسي كان يسيطر على جنوب البلاد ، ونظام عربي إسلامي كان يحكم شمال البلاد .

كما أنه صيغ في وقت كانت الماركسية في أوج قوتها ووجودها فجأت نصوصه منسجمة مع ما كان قائماً في حينه وقد تغيرت الأحوال وحدثت مستجدات كثيرة وانتهت الماركسية من جنوب البلاد بعدما انتهت في العالم فهل يصح أن نكرس مبادئ فشلت وسقطت في عقر دارها ؟

والدستور فيه نصوص تخالف الشريعة الإسلامية وتنتقص من الحريات والأسس الديمقراطية ويكتنفها الغموض وفيه نصوص تهدر الحقوق والممتلكات.

·      ما هي توقعاتكم بالنسبة لنتيجة الإستفتاء؟

§      نتيجة الحملة المكثفة من المسئولين وعلى أعلى المستويات وعبر وسائل الإعلام المختلفة فإن عدداً من المواطنين البسطاء الذين لا يدركون الأمور سينخدعون وستكون النتيجة نعم لأن الدولة لديها من الأساليب ما يمكنها من الوصول إلى ماتريد وبأي طريقة كانت ، ومع ذلك فإن على كل من يخشى الله أن يبرئ ذمته ويرفض هذا الدستور إذا لم يعدل .

·      يقول المسئولون أن مجلس النواب الذي سيتم انتخابه بعد انتهاء الفترة الانتقالية هو الذي يحق له التعديل.. ما رأيكم في هذا الطرح؟

§      ما يردده المسئولون في لقاءاتهم المتعددة مع كل الفئات وفي مختلف المحافظات وقولهم أن حق تعديل الدستور سيكون لمجلس النواب المنتخب بعد الفترة الانتقالية فهو من الحيل التي يغالطون بها الشعب والحقيقة أنهم قد وضعوا في الدستور مادة تجعل التعديل ضرباً من المستحيل فقد اشترطوا لأي تعديل الحصول على موافقة ثلاثة أرباع أعضاء المجلس وهذا شرط يجعل التعديل غير ممكن إطلاقاً .

وماداموا قد أباحوا لأنفسهم تعديل وإلغاء باب كامل من أجل مصالح خاصة فلماذا لا يعدلون المواد المخالفة للشريعة الإسلامية من أجل مصلحة عامة وحرصاً على الوحدة الوطنية .


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp