أكبر من الأحزاب *بدر بن عقيل

 

نبأ نيوز 31/12/2007م

«الشيخ عبدالله أكبر من الأحزاب، وهو من ثوابت الحياة السياسية في اليمن» هكذا لخص الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حقيقة المعدن النفيس للشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان القاسم المشترك بين الجميع.. ومثالاً ساطعاً للاعتدال والحكمة والرؤيا الثابتة لكل مايهم مصلحة واستقرار الوطن..

كان اباً لليتامى والسند والعائل للأرامل والضعفاء والمساكين الذين فتح لهم ابواب منازله، يواسي المكلوم ويداوي المريض ويخفف من معاناة المحتاج ويفك عسرة المعسر ، وكان حضوره في ميدان العطاء الخيري حافلاً بالعطاءات الجزيلة التي تعبر عن سمو ورقي الكرم اليماني المشهود الذي ظل متمسكاً به حتى وافاه الأجل.

عرف عنه الحكمة والتعقل في مواجهة مدلهمات الاحداث وتقلبات الزمن وكان له بصمات خالدة ومشهودة في معالجة الكثير من المشاكل وحل الكثير من الخلافات والقضايا القبلية وعمل على حقن دماء القبائل اليمنية من خلال حملات المصالحة التي كان يقودها ويرعاها بصفة شخصية لحرصه الشديد على بقاء النسيج القبلي للمجتمع اليمني متماسكاً وموحداً بعيداً عن لغة الثارات والصراعات المناطقية الضيقة التي لم يؤمن بها وطالما عبر عن سخطه وامتعاضه لكل من يسير على هديها ويسهم في تغذيتها.

إنه حكيم اليمن وفقيدها الكبير المناضل الجسور الوالد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي شاءت ارادة المولى عز وجل أن تقربه إليه بإذنه تعالى بعد حياة حافلة بالعطاء ومسيرة عامرة بالنضال والسيرة العطرة التي منحته مكانة واحتراماً محلياً وعربياً ودولياً ، جسدته برقيات العزاء ورسائل المواساة التي تلقتها القيادة السياسية وأبناء وأقارب الفقيد الكبير من قادة وزعماء العالم وكبار المسؤولين والشخصيات السياسية والاجتماعية على امتداد الوطن اليمني والوطن العربي والإسلامي الكبير.

وليس غريباً أن يكتسي الشارع اليمني قاطبة السواد القاتم حزناً لفراق هذه الشخصية الفريدة التي أعطت بلا حدود وبذلت المزيد من الجهود في سبيل ترسيخ دعائم الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية بعقلية الحكيم المجرب والقيادي المخضرم الذي ظل دوماً إلى جانب القيادة السياسية ممثلة بالرئيس القائد علي عبدالله صالح حريصاً على وحدة الوطن ومتمسكاً بالثوابت الوطنية وواقفاً بحزم ضد النزعات المريضة والحركات الطفولية ذات النزعة الشمولية والانفصالية التي يناوش بها بعض المأزومين من حين لآخر في محاولات بائسة للنيل من وحدة اليمن والانقضاض على مكتسباته الغالية وتدمير مداميك بناء النسيج المجتمعي للوطن اليمني الواحد.

ليس غريباً أن تحزن القلوب وتدمع الاعين على رحيل هذه القامة اليمنية والشخصية القومية البارزة التي مافتئت بشجاعة واقدام تنافح عن القضايا العربية المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث كان ــ رحمه الله ــ من أوائل المسؤولين العرب الذين أشرفوا على عملية دعم ومؤازرة المقاومة الفلسطينية الباسلة ودعم وصمود الشعب الفلسطيني الجريح، فكانت مواقفه في هذه القضية جلية وواضحة وضوح الشمس في رابعة السماء ، لم يداخله في ذلك جبن أو خوف لإيمانه المطلق بعدالة الحق الفلسطيني ومشروعيته في الخلاص من المحتل وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

إضافة إلى ذلك فقد كان له بصمات واضحة إلى جانب أخيه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في تقريب وجهات النظر بين الإخوة الأشقاء العرب لما فيه رأب الصدع العربي ومعالجة التباينات والاختلافات التي تظهر على طاولة العلاقات العربية ـ العربية بدملوماسية يمنية مشهودة.

إن رحيل الشيخ عبدالله اليوم يترك فراغاً كبيراً في الساحة السياسية اليمنية نظراً للمكانة والدور الوطني الكبير الذي كان ــ رحمه الله ــ يؤديه بجدارة واقتدار خلال توليه المهام والمناصب السياسية منذ انتخابه رئيساً للمجلس الوطني في العام 1969م وحتى وافاه الأجل وهو يعتلي رئاسة مجلس النواب لثلاث دورات انتخابية على التوالي ، وعزاؤنا اليوم في الإرث النضالي والقيم البطولية التي سطرها في مسيرته النضالية والمآثر الخالدة التي صاغها الراحل الغالي خلال مشوار حياته ، وعزاؤنا اليوم في أولاده الذين نأمل أن يواصلوا مسيرة العطاء والنضال على نهج الإيمان اليماني والحكمة اليمانية التي تحلى بها والدهم وجسدها في حياته سلوكاً وممارسة.

رحم الله شيخنا الجليل ونسأله تعالى أن يمنّ عليه بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه مساكن الاخيار وينزله جنات عدن تجري من تحتها الأنهار بجوار الأنبياء والأولياء والصالحين إنه ولي ذلك والقادر عليه .. سائلين من المولى عز وجل أن يجعله آخر الأحزان ليمننا الحبيب .

ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

  

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp