أبا تمام وعام الحزن *يحيى الثلايا

كنت أفكر في الكتابة عن شخصيتين خسرتهما اليمن في مثل هذه الأيام هما الراحل الشهيد جار الله محمد مسعد عمر الذي توفي في 28 ديسمبر 2002م, والشيخ الفقيد عبد الله بن حسين الأحمر الذي توفي في التاسع والعشرين من ديسمبر 2007م واللذان كان رحيلهما بمثابة غياب لأهم رموز التوازن والاعتدال في الساحة السياسية اليمنية التي لا تزال تشهد فراغاً كبيراً بغيابهما رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.

الآن وقبل دقائق قليلة فقط جاءني النبأ الفاجع عبر رسالة الصحوة موبايل "وفاة المهندس فيصل بن شملان" ويعلم الله أن حالة الفزع التي انتابتني بهذا الخبر لم أشهدها مع موت عزيز أو قريب غير نبأ وفاة والدي رحمه الله التي كانت قبل أكثر من عشرة أعوام.

لا مناص من التسليم بقضاء الله وقدره فلا راد له ,, وأهم ما أملكه هو الدعاء للمهندس الراحل فيصل بن شملان أسأل الله له طوبى وحسن مآب وأن يتغمده بالمغفرة والرحمة وأن يخلف الوطن والأمة فيه بخير ,,, إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

رحمك الله يا فيصل بن شملان ... وقد انتقلت إلى ربك مؤمناً نزيهاً طاهراً عفيفاً شجاعاً غبت يوم حضر الطامعون وتسيد الجبناء وحضرت بقوة يوم تهيب العمالقة وتوارى الشجعان.

رحمك الله يا أبا تمام .. أيها المجاهد العظيم ... ستظل في قلوبنا جذوة مشتعلة وشعلة متوقدة تؤذن بنهاية الليل المظلم.

برحيلك أيها النزيه الشجاع سيودع اليمانيون رجلاً عز نظيره اليوم وندر أمثاله في هذا الزمن.

لن تنساك قلوب كل اليمانيين الشرفاء ولن تغيب من ذاكرتنا مهما تقادم الزمن ,, فمثلك لا يخبو وهجه مع الزمن.

حين نتذكر النزاهة سنذكرك عنواناً لها وستشهد لك بذلك أكبر مؤسسات البلاد إغراءً وأعظمها إدراراً للمال,, سيذكرك قطاع النفط الذي تركته نظيفاً عفيفاً شريفاً في حين ملأ كثيرون جيوبهم وبطونهم من حلاله وحرامه.

حين نتحدث عن القيم سنذكر استقالتك الجريئة من النفط ومن مجلس النواب رغم أن الكثيرون يسعون حثيثاً إلى التجديد والتمديد.

حين يتحدث اليمانيون عن التغيير وعن الحرية وعن الديمقراطية ستكون أنت أمامهم روحاً حية ورمزاً خالداً فقد كنت فارس التغيير الشجاع الذي خاض معركة انتخابية غير متكافئة لكنك ربحتها رغم كل ذلك فأنت حققت الهدف الذي أعلنته وقلت عنه "إن عجلة التغيير تحركت ولن تتوقف بعد اليوم".

طوبى لك يا بن شملان انتقالك إلى ذمة الله بعد حياة كلها جهاد وبناء وخير ,, والعزاء لنا فيك.

لا أدري هل العام الذي استهللناه وفي يومه الأول بغياب بن شملان من بيننا سيكون عام حزن؟؟.

يـــــــــــــا رب ... تقبل بن شملان في الصالحين وأسكنه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فهو أهل لرفقتهم وجوارهم كما عرفناه وشهد له من عرفوه.

العزاء للشعب اليماني الذي يعيش هذه الأيام مآسٍ وأحزان كثيرة,, للوطن الذي أنجبه وعجز أن يكثر من أمثاله

العزاء للشباب والكهول الذين آزروه ونصروه يوم تقدم الركب في سبتمبر 2006م.

في ذمة الله أيها المجاهد الكبير ,,, وداعاً ... لقد فارقتنا ونحن أحوج إليك من حاجتنا إلى أنفسنا فقد علمتنا الشجاعة ولقنت شبابنا مبادئ النضال وسنظل منك نتعلم أحرف التحرير والحرية ودروس القيم والنزاهة.

إلى الله يا بن شملان ... وراء من سبقوك من أحبابك وزملائك ,, فقد سبقك رفيق دربك عمر طرموم ومن قبله الشهيد الزبيري ومعهم حسين عشال و الشيخ الأحمر وأساتذة النضال الوطني المعاصر.

رحمك الله وأخلف أسرتك وأهللك ووطنك ومحبيك بخير.

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp