مطالبات باصطفاف وطني لمواجهة السرطان وتحذيرات من خطورة المبيدات

الدكتور عبدالرحمن ثابت

قال الدكتور عبدالرحمن ثابت أستاذ المبيدات والسميات بجامعة صنعاء إن تاريخ دخول المبيدات إلى اليمن مجهولا لكنه قال إن العام 1935 تم فيها رصد أو دخول للمبيدات إلى البلاد.

وأكد - خلال محاضرة له بمنتدى الأحمر مساء اليوم الإثنين - أن المبيدات التي دخلت في ذلك العام كانت عبارة عن مواد بسيطة، وبعد ذلك تطورت إلى مشاريع تجارية، فيما بدأ الاستيراد الرسمي مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

وأشار إلى أن اليمن أصدرت في العام 1999م قانونا حول تنظيم المبيدات، لكنه عبر عن أسفه "أن القانون لم يطبق حتى اللحظة.

وأكد أستاذ السميات بجامعة صنعاء أنه كلف خلال الفترة الماضية بعمل مسح للمبيدات المتداولة في اليمن، فوجد أن هناك 1024 مادة كيماوية من 98 مصنعا وشركة خارجية ومن أكثر من 44 بلدا، مشيرا إلى أنه عندما لم يطبق القانون بدأ التلاعب بعملية المبيدات، مدللا على ذلك "بمادة مربي الغصون أو دايمي ثويت حيث اعتمد العالم كله نوعا واحدا منها، لكن السوق اليمنية جلبت 64 نوعا من هذه المادة الشديدة السمية".

وشدد ثابت - خلال محاضرته - على أن هذه المبيدات يستخدم 80% منها على القات، وأن ما يرش منها على الخضروات أو الفواكه سوى الشيء القليل.

وأضاف : أما الكم الهائل من المبيدات المتواجدة في السوق اليمنية كان الحل هو عمل قائمة بـ 890 نوعا من المبيدات من ضمن 1024 نوعا هذه تعتبر شديدة السمية وتسبب غالبا السرطان والمتداولة عبارة عن 250 نوع فقط.

اعتداء واستغناء

وكشف ثابت - خلال المنتدى برئاسة الشيخ صادق - أنه تعرض للإعتداء حتى كسرت إحدى أنيابه، كما وجهت له وزارة الزراعة قبل نحو أسبوع شهادة شكر على جهوده السابقة واستغنت عن تعاونه معهم بسبب مواقفه إزاء كثير من المبيدات التي يراد تمريرها.

 وأضاف "الوزارة أردت بإبعادي عن العمل لديها تمرير المخالفات التي كنت أقف ضدها لأننا بالفعل يجب أن نقول الحق خصوصا أمام هذه القضية المهمة التي تتعلق بأرواح الناس".

واستطرد : "عملنا قائمة بالمبيدات الممنوعة لكنها لم تطبق حتى الآن"، مشيرا إلى "خطورة بعض المبيدات، ومنها مبيد بازينون الذي كان السبب وراء إنهاء مزرعة كلية الزراعة ووفاة الأبقار التي كانت فيها".

وقال: إنه "توجه الأسبوع الماضي إلى الهيئة العليا لمكافحة الفساد بخصوص بعض المبيدات المحرمة والتي يجري التواطؤ حولها من قبل الجهات المعنية"، آملا من الهيئة أن تساعده في ذلك.

وأشار ثابت - في سياق محاضرته بمنتدى الأحمر - إلى ارتفاع استخدام المبيدات في اليمن، "ففي عام 1995 كان هناك 95 نوعا من المبيدات الحشرية المستخدمة وفي عام 2006م سجل 1687 نوعا، وكان هناك في عام 1995م 20 نوعا من المبيدات الفطرية وفي عام 2006 أصبح لدينا 957 نوعا، وبالمقارنة مع عدد المصابين بالسرطان فإنه كلما ارتفع استخدام المبيدات ارتفع عدد المصابين ففي عام 1995 كان هناك خمسة آلاف مصاب بالسرطان وفي عام 2006 صار لدينا 20 ألف حالة إصابة".

وجدد ثابت تأكيده أن "معظم المبيدات الخطرة لاتستخدم سوى في القات وليس الخضروات والفواكه"، وضرب على ذلك مثلا بمدينة صعدة من خلال مسح أجري على المبيدات المستخدمة هناك، حيث توصل المسح إلى أن المواطنين استخدموا 1 مليون 600 ألف لتر من المبيدات في القات.

وتحدث الدكتور عبدالرحمن ثابت عن ما وصفه بأخطبوط يعمل على إعاقة الجهود التي من شأنها تطبيق الأنظمة واللوائح، مشيرا إلى "أن هناك سموم لا يستخدمها العالم وتقوم الشركات بتصديرها إلى اليمن وبأرخص الأسعار".

وأكد أنه قبل أكثر من أسبوع رفض في وزارة الزراعة مبيد يدعى بيرون ضمن المبيدات الخطيرة المسببة للسرطان، وحينها قالت له الجهات المعنية أنه سيتم تنفيذ هذا للمرة الأخيرة، مضيفا "هناك قلة حياء وهناك جهات تصدر التصاريح دون أي مراجعة للمبيدات ونوعها وخطورتها".

وكشف عن أن هناك 16 مبيد "لأحد التجار رفض إعطائها أي تصريحات، وذهب إلى رئيس الجمهورية ورفض رئيس الجمهورية ذلك، لكن تفاجئنا أنه صدر بحقها تصريحا وتم إدخالها السوق اليمنية رغم خطورتها".

وأشاد - في ختام محاضرته - بالدور الذي كان قد لعبه جلال فقيرة أثناء توليه منصب وزارة الزراعة والري، مذكرا بمقولة لأحد النواب في منتدى الأحمر قبل أكثر من عامين عندما عرف دور الوزير فقيرة وجهوده حيث قال حينها إنه لن يستمر في الوزارة، وبالفعل جاء بعد شهر واحد من ذلك المنتدى خبر إبعاده".

وتمنى ثابت أن يقف معه الجميع في المجتمع ويسانده من أجل العمل على مواجهة خطورة المبيدات، معتبرا أن مواجهتها أمانة يجب على الجميع أن يحملها.

وعقب محاضرته وعد الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر رئيس المنتدى أن يوصل قضية الدكتور عبدالرحمن ثابت إلى رئيس الجمهورية.

الدكتور أحمد شملان متحدثا خلال المنتدى

20 ألف حالة

من جهته أكد الدكتور أحمد شملان إستشاري علاج الأورام والمدير العام المساعد لمركز الأورام بالمستشفى الجمهوري أن لديهم في المركز 20 ألف حالة تتلقى العلاج حاليا في المركز.

وأشار إلى أسباب السرطان من غير المبيدات، ومنها التبغ بجميع أشكاله ومشتقاته، وقال: أنا أعتبر أن الشعب اليمني شعب مدخن بالكامل وأعلى نسبة تدخين في العالم موجودة في اليمن، حيث يتسبب التدخين في 30% من أمراض السرطان، كما أن لدى اليمنيين مشكلة خاصة بهم تتمثل في استخدام التبغ الفموي (الشمة) وهي خطيرة جدا، ومخلوط فيها مواد مهيجة.

وأكد أن التدخين يقتل سنويا 5 مليون شخص في العالم، وتأتي وفيات السرطان الناتجة عن التدخين بنسبة 13%.

وأشار إلى أنه يمكن معالجة السرطان إذا كانت الحالة في بدايته حيث أن 60% من الحالات التي تأتي في البداية تتماثل للشفاء تماما.

ودعا في محاضرته الجانب الرسمي المتمثل في الحكومة إلى أن يدرك أن الوقاية خير من العلاج، فمشكلة التدخين لابد من التوعية بها وكذلك لابد من مكافحة المبيدات الخطيرة والمسببة للسرطان.

وأشار إلى أن حجم الإصابة السنوية للأطفال بمرض السرطان في العالم تصل إلى 160 ألف إصابة، كما أن أكثر أنواع السرطان انتشارا في العالم هي سرطان الرئة والبروستاتا فيما في اليمن هذا النوع من الإصابات قليلة جدا، وأرجع ذلك إما لعدم تشخيص سرطان الرئة والبروستاتا أو لقلة وجوده بالفعل.

وقال: إن هناك "مبشرات بدأت تظهر لمواجهة السرطان في اليمن، ومنها إنشاء مركز للسرطان، وكذا المؤسسة الوطنية للسرطان، ووحدات علاج الأمل، ومركز الحياة لسرطان الثدي، ودار الحياة لرعاية مرضى السرطان، كما نفكر في إستراتيجية وطنية لمكافحة السرطان".

وأكد أن مشكلتهم في المركز تتمثل في "أن مرضى السرطان خصوصا الذين في الأرياف غالبا ما يأتون في أوقات متأخرة بعد ظهور المرض، مما يجعل علاجه أمراً صعباً، وذلك يعود إما للفقر أو نتيجة للتشخيص الخاطئ".

إستراتيجية وطنية

علي الخولاني المدير العام في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان أشار من جهته إلى الجهود التي تبذلها المؤسسة في سبيل الحد من السرطان، منوها إلى أن المؤسسة كانت تستقبل في 2005م 20 مريض بشكل يومي واليوم تستقبل 120 مصابا بالسرطان في الأمانة فقط من غير بقية المحافظات.

وقال: إن "اليمن تفتقد لإستراتيجية في مواجهة السرطان، وأن المؤسسة جهزت إستراتيجية لمكافحة السرطان نالت إعجاب منظمة الصحة العالمية إلا أنها لم تنفذ حتى الآن".

وأشار إلى أن "المؤسسة قادمة على إنشاء مركز لمكافحة السرطان في محافظة عدن باعتبارها محافظة مركزية بكلفة 20 مليون دولار".

وكشف الخولاني - خلال المنتدى - أن "مؤسسة مكافحة السرطان كانت تنوي افتتاح مدينة الأمل الطبية الخميس الماضي إلا أن مشاكل تعود إلى خلاف حول أراضي المدينة تسببت في تأخير الإفتتاح"، مشيرا إلى أن نجل رئيس الجمهورية أحمد علي عبدالله صالح وعد بحل هذه الإشكالية.

وقال الخولاني إنهم في المؤسسة يطمحون إلى مركز متخصص للأطفال الذين يعتبرون الأكثر استجابة للعلاج من السرطان، مشيرا إلى أن اليمن لايوجد فيها مركز متخصص في هذا المجال.

اصطفاف وطني

وفي مداخلته خلال المنتدى طالب الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى باصطفاف وطني لمواجهة خطر السرطان بدلا من الإنشغال في الأمور السياسية.

ودعا إلى "التوعية بأسباب السرطان ومن ضمنها المبيدات والقات المبودر عبر وسائل الإعلام المختلفة"، مطالبا "الحكومة بسرعة إصدار التشريعات حول المبيدات، وأن تعمل هيئة مكافحة الفساد ليكون لها دورا في هذه القضية وإعادة النظر في لجنة تسجيل المبيدات بوزارة الزراعة".

واعتبر محمد عبدالله الكبسي أن "الشعب اليمني يواجه حربا غير معلنة في حياته وصحته، لكن ذلك - بتعبيره - يعود إلى غياب التشريع والإستراتيجية الوطنية لمكافحة السرطان"، مؤكدا أن هناك "عزوف وغياب من قبل الدولة في معالجة هذه المشكلة، كما أن هناك جحوداً بخطورتها".

 

وقال يحيى الشامي عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني إن "الدولة لم يستطع حل إشكاليتها السياسية لذا لانتوقع أن تكون الجهود المبذولة في مكافحة السرطان ستؤدي دورا كبيرا".

وتساءل: هل من ضرورة لاستيراد المبيدات؟، فـ"اليمن عاشت مئات القرون وكانت الزراعة تملأ الجبال والوديان والسهول دون مشاكل".

ودعا إلى التظاهر ضد خطر السرطان والعمل على تحويل قضية السرطان إلى قضية جماهيرية من خلال عمل المظاهرات والفعاليات التي توعي وتنبه إلى خطورة هذا المرض".

وتمنى الدكتور عادل العماد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء أن تتحمل الدولة مسئوليتها في معالجة مرضى السرطان".

واعتبر الدكتور خالد الفهد أن ما سبق هو سبب ونتيجة في آن واحد، "فالمبيدات نتيجتها السرطان، وكل ذلك سببه مافيا الفساد الذي يجب أن يحرقوا كمحرقة الأخدود مع فارق السبب".

ودعا الجهات المسئولة إلى أن تقوم بواجبها إزاء ما يجري، وأن يعمل رئيس الجمهورية على معاقبة المخالفين.