في منتدى اليوم.. الشيخ صادق: الصحافة سلاح ذو حدين وعلى الصحفيين الإلتزام بالنقد البناء

أكد الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر أن الصحافة سلاح ذو حدين فهي إما تؤدي إلى الخير أو تؤدي إلى الفساد.

وعبر - خلال افتتاحه منتدى الأحمر اليوم الاثنين والذي خصص لمناقشة واقع الصحافة اليمنية - عن أسفه لما قال إنه منحنى خطير وغير جدي وغير واقعي للصحافة اليمنية في الوقت الحالي.

وقال: "الصحافة مدرسة لكل فئات الشعب، لكن إذا كانت تلك الصحافة صادقة وجادة وتمتلك الدليل والبرهان".

وأضاف "لا ننكر أن للصحافة دور في فضح الفساد لكن لابد أن تكون المصداقية موجودة ولا بد أن تكون الأدلة صحيحة في حال النشر، لأن الصحافة في نظري محكمة وبالتالي لابد لهذه المحكمة أن لاتصدر أي حكم إلا بالدليل والبرهان".

ودعا الشيخ صادق الصحفيين بشكل عام أن يراقبوا الله ويتقوه في هذا الشعب لأنهم مسئولون عما ينشروه، كما دعا إلى العمل على تنقية الصحافة من الدخلاء وأن لاتكون لكل من هب ودب - حد تعبيره.

وقال: "نحن نسمي الصحافة السلطة الرابعة، وأنا أريد من السلطة رابعة - إن كانت هناك سلطات ثلاث في هذا البلد - أن تكون صادقة، وأن لا تضاف إلى قائمة السلطات الثلاث السابقة، نحن نريد من الصحافة أن تسهم في التوعية وأن تنقد نقدا بناء وواقعيا".

وفي ورقة تحت عنوان "حرية التعبير والصحافة في اليمن" أكد محمد صادق العديني رصده لما يزيد عن 1402 واقعة انتهاك متنوعة خلال اقل من10أعوام، منها 151انتهاكا لحقوق الصحافيين وحرية التعبير في الأشهر الثمانية المنصرمة من 2009.

وقال: إن إحصائيات الثمانية الأشهر الماضية من العام 2009 تشير إلى انه سيكون المكمل لأقسى (عشرة أعوام) هي الأكثر مأساوية على واقع الحقوق والحريات الصحافية في اليمن، وديمقراطيتها الناشئة.

وعبر عن قلقه البالغ لما "تتعرض له حرية الصحافة والتعبير في اليمن عاما بعد آخر وصولا لحصاد العام المنصرم حيث شهدت حرية الرأي والتعبير والصحافة في اليمن وللعام الثالث على التوالي، أخطر حملات التخوين والتحريض ضد الصحافيين وكتاب الرأي ومراسلي الوسائط الإعلامية العربية والأجنبية".

ووصف العديني العام 2009 بأنه العام "الأكثر سوءاً وسواداً في تاريخ الديمقراطية واستحقاقات حرية التعبير والصحافة اليمنية، حيث شهدت الساحة الصحافية العشرات من جرائم".

وأشار إلى أن أهم الإنتهاكات التي تعرض لها الصحافيون هي الاختطافات، والتهديدات بالتصفية الجسدية، والعنف البدني، والاعتقالات، وجميعها - بتعبيره في منأى من العقاب.

وقال: إن وزارة الداخلية دائما ما تتعمد "التعامل غير المسئول مع بلاغات الضحايا والقيام بتقييد تلك الجرائم ضد مجهول، فضلا عن سلسلة من حملات التحريض والتخوين المتواصلة ضد الصحافيين والمراسلين اليمنيين، وتقودها أجهزة نافذة في البلاد، الأمر الذي يمثل استهدافا مباشرا لحياة وسلامة الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام ويضعهم في مواجهة دائمة مع الخطر والقلق على أمنهم وسلامة حياتهم".

وأكد العديني رئيس مركز الحريات الصحفية أن حرب صعدة وما يجري في المحافظات الجنوبية جسدتا فداحة هذا المعوق، حيث كان العديد من الصحافيين ضحايا لتلك الأحداث، وتعرض العديد منهم للاعتقالات والاعتداءات بالضرب.

وأشار إلى أنه خلال العام الماضي 2009 قادت "وسائل إعلام حكومية ومحسوبة على الحكومة حملات تحريض وترهيب وتخوين وشتم طالت صحافيين ومراسلين لوسائل إعلام عربية وأجنبية بسبب تغطياتهم لمجريات تلك الأحداث المؤسفة كما تواصلت إجراءات الحجب الجماعي للمواقع الإخبارية، وتعرضت العديد من الصحف الأهلية المستقلة للحجز والمصادرة ومنع طباعتها.. كذلك طالت المصادرة مطبوعات عربية".

وأكد أن المطابع المملوكة للحكومة تمارس حاليا رقابة مسبقة على الصحف وبخاصة الأهلية حيث تكرر حجز ماكتات الصحف أثناء طباعتها، ونزع وإلغاء موضوعات وتقارير ورسوم كاريكاتورية كشرط لطباعتها.

وأضاف "ليس هذا فحسب بل إن الحكومة لجئت لإنشاء محكمة متخصصة بقضايا الصحافة دشنت نشاطاتها بالنظر في أكثر من 300 قضية نشر مرفوعة ضد صحف وكتاب رأي".

تدهور مستمر

وعبر العديني عن أسفه من أن الأوضاع الصحافية تشهد "تدهورا مستمرا ومن سيئ إلى أسوأ".

وقال: توضح إحصائيات مركز الحريات الصحافية الذي يرأسه أن الإنتهاكات الصحافية تزداد سنويا منذ العام 2000م.

وأضاف: " العام 2000-2001 شهدا 158 واقعة انتهاك متنوعة، وفي العام 2002 شهد 75 واقعة انتهاك متنوعة، ليقفز الرقم في العام 2003 شهد 85 واقعة انتهاك متنوعة، ثم يقفز الرقم في العام 2004 إلى120حالة، فيما سجلنا للعام 2005 مايزيد عن 176 وارتفع العدد إلى200حالة للعام2006، وفي العام 2007 شهدت الحريات الصحافية 220 واقعة مختلفة منها 87 حالة توزعت بين التهديد والترهيب والاعتقالات والملاحقات و92 جريمة اعتداء وواقعة استجواب ومحاكمات،و11 واقعة فصل تعسفي ومصادرات واحتجاز مطبوعات وصحف محلية وعربية، وكان العام 2008 قد شهد 217 واقعة انتهاك متنوعة".

وقال: إنه "لم يعد الصحافي اليمني يتجرع فقط مأساوية الظروف الاقتصادية التي تصنفه كأفقر صحفيي العالم أجمع، أو العمل في ظل حرمانه من أبسط الضمانات المعيشية والقانونية سواء في المؤسسات الحكومية حيث لم يعتمد كادرهم وتصنيفهم الوظيفي أو المؤسسات الحزبية والأهلية الخاصة التي لم تعتمد معظمها حداً عادلاً من الأجور وعقود عمل تضمن الحقوق المعيشية والمهنية للصحافيين".

وأشار إلى أن هناك ثلاثة أجهزة قمعية والقضاء رابعهم، وقال إن "جهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات اليمنية) ووزارة الإعلام ما يزالون يسجلون تقدماً بارزاً عاما اثر آخر في حالات انتهاك حقوق وحرية الصحافيين، وكتاب الرأي، وكان هناك سباقاً وتنافساً في تلك الأفعال، يرافقها استمراراً مخجلاً في تسخير السلطة القضائية لترهيب واستهداف الصحافيين وناشطي مؤسسات المجتمع المدني والعمل السياسي".

معركة غير متكافئة

وقال رئيس مركز الحريات الصحافية إن الصحافيين يخوضون معركة غير متكافئة مع الدولة، واعتبر "من المحزن أن الحياة الصحافية في الجمهورية اليمنية ما تزال تشهد من وقت إلى آخر، الكثير من المستجدات المؤسفة في مجال الحقوق والحريات، تتمثل في استمرار تعرض العديد من الصحفيين للاستهداف المتكرر.

وأضاف: " لم تعد وزارة الإعلام وحدها التي تستهدف الصحافيين وحرية الصحافة، فأجهزة الحكومة بمختلف تسمياتها وجهات أخرى وعلى رأسها جهازي الأمن السياسي، والقومي، وقيادات عسكرية، وشخصيات وجاهئية، وقيادات حزبية، كلها تشترك اليوم وبصورة مباشرة في هذه المعركة غير المتكافئة - حد قوله.

وطالب العديني رئيس الجمهورية والحكومة بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها المكفولة في المواثيق والاتفاقيات والبروتوكولات والعهود الحقوقية الدولية الموقعة كدولة طرف عليها تنمية الديمقراطية والتعددية السياسية، وحماية حقوق الإنسان بمختلف مفاهيمها ووسائلها، ودعم وحماية حرية الصحافة، وكفالة حرية التعبير واحترامها.

وقال: إن "على الرئيس شخصياً الأخذ في الاعتبار بأن اليمن بكل سياساتها وتشريعاتها وممارساتها، والتزاماتها المنصوصة بروزنامة الوثائق الحقوقية الدولية المصادق عليها- جزء من هذا العالم الذي لم يعد يعترف أو يقبل بأي تراجع أو سياسات تقمع الرأي، وتلغي الآخر، وتصادر الحريات وتقيد الصحافة، وتعيد مظاهر الشمولية".

ودعا "رئيس الجمهورية إلى اعتماد إجراءات وسياسات جديدة تتيح مجالات أوسع أمام الممارسة الصحافية والإعلامية وحق التعبير عن الرأي الآخر، وبما يضمن ويكفل إلزام الحكومة اليمنية الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها الموثقة في المواثيق والاتفاقيات والعهود الإنسانية الدولية".

كما طالب رئيس الجمهورية بوقف ما قال إنها حرب مفتوحة ضد الصحافة والصحافيين، وإطلاق الصحفيين المعتقلين، وإطلاق سراح صحيفتي الأيام والمصدر الأهليتين المستقلتين.

وطالب العديني مجلس النواب بدراسة البنية التشريعية اليمنية بكاملها و ذلك بهدف توحيد القوانين ذات الصلة بالعمل الصحفي وذلك من خلال قانون صحافي بديل يكون أساسه استيعاب كل تلك الضرورات والقواعد الليبرالية الرئيسية لتشريع مفتوح يستند في الأصل إلى مجموعة الحقوق الإنسانية الأساسية.

ودعا الحكومة إلى المسارعة في اتخاذ إجراءات وخطوات عملية احترم حق وحاجة اليمنيين وفي طليعتهم المثقفون والصحافيون وقادة الرأي إلى منظومة ديمقراطية متكاملة وسياسات تشريعية تعزز من الحريات وتسمح بضمان مساحة أوسع من الحريات والاستقلالية والتعددية الإعلامية، وبحيث تكفل وتضمن.

كما دعا الأحزاب إلى دعم ومساندة حقوق الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي وتوفير الضمانات القانونية والإجرائية الكفيلة بحفظ الحقوق القانونية، وعدم ممارسة أي ضغوط بأي شكل من الأشكال تؤثر على سلامة واستقلالية الممارسة المهنية لدى الصحافيين.

وطالب العديني نقابة الصحافيين اليمنيين بالعمل على المطالبة بإخضاع علاقة العمل بين الصحفي ومؤسسته لضمانات تمنع وتحد من ظاهرة الفصل التعسفي للصحفيين، وتكفل حقوقه ماديا ومعنويا، والعمل على إيجاد ميثاق شرف صحفي «محترم» مع أهمية التفاعل والتعاطي المسئول مع مبادرة منظمتنا بهذا الخصوص والتي سبق وان أطلقتها في ابريل 2005 .

ودعا الصحافيين بتمثل مجموعة القيم والأخلاق المهنية أثناء قيامهم بمهام وواجبات رسالتهم المهنية النبيلة سواء في تعاملاتهم فيما بينهم أوفي طريقة وأسلوب ممارساتهم لأعمالهم التحريرية، وأكد على أهمية احتكام الصحفيين إلى تقاليد المهنة وأخلاقياتها عند ممارسة حرية الصحافة باعتبارها تختلف عن أفعال القذف والتشهير والإساءة لسمعة الآخرين، مشددا على أهمية التزام المصداقية وعدم الخوض في خصوصيات الناس وتجنب أساليب التجريح والتنابز والتشاتم والتصارع الشخصي والالتزام بلغة الحوار البناء الهادف والموضوعي.

غياب الصحفيين

ووجه عدد من المشاركين في المنتدى انتقادات لغياب الصحفيين عن المشاركة في هذا الموضوع كونه يهمهم بالدرجة الرئيسية والأصل أن يكونوا في المقدمة.

وقال الدكتور عبدالقوي الشميري الأمين العام لنقابة الأطباء اليمنيين إن عدم وجود الصحفيين في المنتدى يثير نوع من الأسف.

وقال: من ملاحظتي في ساحة الحرية أمام مجلس الوزراء أن الصحفيين الذين يحضرون من أجل قضاياهم قلة جدا وليسوا من النقابة وهذه الظاهرة ينبغي الإلتفات لها.

من جهته أكد أحمد الرباحي نقيب المعلمين اليمنيين أن حرية التعبير جانب مهم لأي شعب.

وقال: الصحافة الحرة هي من تزرع في الناس الكرامة وحب الحق والصحافة الحرة هي مرآة الأمة خصوصا في مجتمعنا الذي مازال يعاني من الجهل والأمية.

وأشار إلى حرية التعبير في اليمن تعاني من مشكلتين أساسيتين تتمثل الأولى في القمع غير المنظم، حيث تلجأ السلطة إلى أسلوب العصابة وهو أسلوب لايعبر عن نظام دولة في مواجهة الخصوم، أما الأمر الثاني فيتمثل في القضاء الذي أصبح يصدر أحكاما وفقا لتوجيهات الحاكم مصل ماصدر بحق صحيفة المصدر.

الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء من جهته قال: اليمن تواجه اليوم الكثير من المشاكل وبدون صحافة حرة لايمكن أن نحارب الفساد والظلم.

وأضاف: "أنا مع من يقول أن هناك تجاوزات للصحفيين لكن ينبغي في المقابل معالجتها بالطرق القانونية مثل القضاء وليس من خلال الإعتداءات مثلما هو حاصل بحق الصحفي محمد المقالح".

واستطرد : بصراحة لم أعد أرى أن هناك فرقا بين من خطفوا محمد المقالح وبين من خطفوا السياح الألمان في صعدة.

من جهته انتقد عبدالله مجاهد نمران عدم اهتمام الحكومة بما تنشره الصحافة من قضايا فساد، وقال: لم نسمع أن الحكومة اهتمت في يوم من الأيام بقضية قامت بنشرها الصحافة، ولو اهتمت بما ينشر في الصحافة لكان وضعنا أفضل.

وأضاف: أغلب الصحف مشخصنة ولا تناقش قضايا الوطن الأساسية، داعيا إلى الإلتزام بالواقعية من قبل السلطة أو الصحفي وأن تكون هناك قوانين تحكم العلاقة بين الجانبين.

الصحفي محمد الجعماني قال من جهته إنه من خلال ما قدمه المحاضر محمد العديني فإنه يبدو أن الحرب ليست في صعدة ولا في الجنوب وإنما مع الصحافة فالحكومة تفرض هيمنتها على الصحافة، أما الصحفيين فيعتقلون ويضربون ويتعرضون لكل أنواع الإنتهاكات.

وقال: أنا التقيت وكيل نيابة الصحافة والمطبوعات، وقال لي إن وجوده هو والقاضي للتخلص من مجموعة من الصحف.

وأضاف: نحن الصحفيون وطنوين وعندما نتحدث عن الفساد يقولن لنا إننا خونة وإننا متمردون لذا لابد على الصحفيين مواجهة هذه الحملة.