وترجل آخر السبتمبريين * أحمد عبدالملك المقرمي

الصحوة 3/1/2008م 


ودعت اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر آخر القادة التاريخيين لثورة سبتمبر.. وللإيضاح لا أزعم هنا أن الثورة أو قيادتها كانت حكراً على أحد دون أحد أو مجموعة دون أخرى، وإنما ما أقصده هنا هو أن الشيخ عبدالله ظل في قلب الأحداث، وفي واجهة العمل السياسي منذ قيام الثورة, بل وحتى وجد نفسه في مقارعة الإمامة من قبل قيام الثورة شأنه في ذلك شأن كثير من الأحرار، وإذاً فمنذ قيام الثورة وحتى وافاه الأجل والشيخ ممتطياً صهوة العمل النضالي ودائرة الحدث أو الفعل السياسي فيما آخرون من القادة التاريخيين للثورة إما قد قضوا نحبهم أو أدركتهم الشيخوخة فتقدمت بهم السن, وهذا لا يبخسهم من حقوقهم شيئاً.... فوداعاً يا آخر القادة السبتمبريين ممن ظل ممسكاً بعنان فرسه يقارع ويناضل في جبهات متعددة حتى أتاه اليقين. من الصعب على المرء أن يلم بكل مواقف الشيخ فيعطيها حقها.. ولكن دعونا نشير أو نلمح إلى مواقف بذاتها حتى لا يتشعب بنا الحديث. منذ اليوم الأول من الثورة مثل النظام الجمهوري للشيخ خيارا لا رجعة عنه ولا مسابقة عليه, ولذا كانت له مواقفه المشهورة والمشهودة في الدفاع عن الثورة والجمهورية بإصرار الثائر, وقناعة الحكيم ويقين أصحاب المبادئ, رغم الصعاب والمشاق والمحن التي واجهت الصف الجمهوري والمخاطر التي كادت أن تعصف بالثورة لولا لطف الله عز وجل ثم مشيئة الأحرار في كل شرائح المجتمع التي هبت تذود عن الثورة والجمهورية من اليمن كلها. وموقف آخر لا يستطيع المرء إلا أن يقف أمامه بكل إجلال وإكبار وتقدير وهو الموقف من قضية الشعب الفلسطيني البطل، فقد وهبه كل عواطفه وحبه وما استطاعه من دعم مادي ومعنوي, ولكم دعا البرلمانات العربية والإسلامية للانعقاد في اجتماعات استثنائية أو طارئة من أجل القضية الفلسطينية, حيث ملكت هذه القضية مشاعره ومواقفه وتبناها في كثير من المحافل بصدق وإقدام وإخلاص وكانت مواقفه الرافضة للتطبيع المنددة بها المسفهة لها واضحة دون مواربة, قوية دون مجاملة, ثابتة دون تراجع أو ضعف, في حين تراخت كثيراً من القيادات العربية للأسف الشديد, وما يزال بعضها يواصل الانحناء. وموقف آخر أنه كان رجل دولة من طراز متميز, إذ كان يضع نفسه في مستوى أي حدث ولا يسمح لصغائر الأمور أن تجره إلى مستواها الأدنى، فلم يلعب -حاشاه- الكيد الرخيص, ولا الدس الخسيس ولم يشأ أن يهبط من علياء المكانة التي وصلها إلى مستوى الممارسات الدنيئة التي يمارسها الصغار والسذج في العادة, ولكنه صان نفسه عن تلك الصغائر ورفض أن يلعب تلك اللعب الدنيئة التي لا تليق بالكبار ممن لا يحترم منصبه ولا يقدر المكانة التي وصلها .

رحم الله الشيخ عبدالله رحمة الأبرار.. ووداعاً يا آخر القادة التاريخيين لسبتمبر.

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp