كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها في المؤتمر البرلماني الدولي (107) المنعقد في مراكش - المملكة المغربية خلال الفترة 17-23/مارس/2002م

 

السيد رئيس المؤتمر.

السيدة رئيسة الإتحاد.

السادة نواب رئيس المؤتمر.

السادة/ رؤوساء المجالس البرلمانية  المشاركة.

السادة/ رؤوساء الوفود المشاركة .

السادة/ ممثلو الهيئات والمنظمات الدولية.

الحاضرون جميعاً.

يسرني في البداية أن أشكر الشعبة البرلمانية المغربية الشقيقة التي إستضافت هذا المؤتمر البرلماني كما أشكر الأمانة العامة للإتحاد على جهودها التي بذلت من أجل الإعداد والترتيب لإنعقاد مثل هذا التجمع البرلماني العالمي في المغرب الشقيق ، كما أود الإشادة بكلمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس – حفظه الله .

ومما لاشك فيه أن أمام مؤتمرنا هذا العديد من القضايا المطروحة والتي تفرض علينا الوقوف أمامها بمسئولية وحرص وإنصاف فنحن جميعا نعيش على كوكب واحد ليس لنا بديل عنه ، ولهذا فإننا بحاجة إلى التفاهم والتقارب وهذا يتطلب المزيد من الحوارات واللقاءات التي ولاشك تكسر الحواجز وتُسوّى الخلافات.

الحاضرون جميعاً :

لقد قطعت اليمن شوطاً كبيراً في ترسيخ النهج الديمقراطي والتعددية السياسية ولا تزال تخطو إلى الأمام في هذا الإتجاه غير أن الأوضاع الإقتصادية والتحديات التنموية لا تزال تشكل عائقاً جدياً على طريق إستكمال البناء الديمقراطي وفق أسس سليمة راسخة وهو مايفرض على الدول الديمقراطية دعم تجربتنا السياسية الناشئة وتقديم المساعدات اللازمة لنتجاوز الصعوبات الإقتصادية التي نمر بها حتى ننطلق إلى الأمام ونشارك بصورة فاعلة في البناء التنموي ودعم ألا ستقرار وصناعة التحولات ألا يجابية في المنطقة والعالم .

الحاضرون جميعاً :

إن التحديات التي تواجه دول العالم الثالث اليوم تفرض على الدول الغنية أخذ زمام  المبادرة  والإسهام الجاد في إنتشال هذه الدول من معوقات التنمية الحقيقة  ومشاكل الفقر والمرض والبطالة وتفشي الأمية والجهل حتى تستطيع هذه الدول الخروج من دوامة التخلف  وتساهم في صنع مستقبل مشرق لشعوبها والبشرية ، وتؤدي دورها المطلوب في إطار الأسرة الدولية الواحدة ، فلا ينبغي أن تقف الدول الغنية موقف المتفرج والفجوة بين الأغنياء والفقراء تتسع كل يوم فهذا لن يزيد الأغنياء غناً بقدر ما يولّد لدى الفقراء الحقد والكراهية ويخلق المناخات المناسبة للعنف الناتج عن الإحباط والفشل في حياة حرة وكريمة.

الحاضرون جميعاً :

لقد كانت القضية الفلسطينية ولا تزال محور الصراع بين العرب ودولة الكيان الصهيوني المحتل وهي أيضاً عاملاً جوهرياً من عوامل عدم الإستقرار في المنطقة والعالم ، ذلك أن الشعب الفلسطيني صاحب الحق الشرعي في الأرض لايزال هو الشعب الوحيد في العالم الذي يرزح تحت نيران الإحتلال والإستعمار البغيض ويتعرض كل يوم لأبشع صور القمع والتنكيل والإبادة المنظمة على أيدي جيش الإحتلال الإسرائيلي ويقتل ابناؤه يومياً بالعشرات على مرأى ومسمع الجميع  ومن المؤسف جداً أن الدول العضمى في العالم والمعنية بالسلام تدعم وتؤيد هذا النظام الإرهابي العنصري وممارساته الإجرامية.

وحينما يئس الشعب الفلسطيني من إسترداد أراضيه عبر المفاوضات ومسح يده من قدرة المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة هبَّ عن بكرة أبيه لمقاومة الإحتلال ورفض الإستعمار معتمداً في ذلك على إيمانه القوي بحقه وبعدالة قضيته وهو اليوم يقدم التضحيات الجسيمة في سبيل نيل إستقلاله وحريته وتحرير المقدسات من دنس الإحتلال ولن يثنيه عن هذا الطريق وحشية العدو وجبروته ولا الدعم المالي والعسكري والسياسي الذي تكفلت به أمريكا لصالح المعتدي وعلى أمريكا وهي مُصرَّة على ظلمها للشعب الفلسطيني أن تسأل نفسها لماذا يقدم الشباب الفلسطيني أنفسهم بهذه السهولة في عمليات إستشهادية شجاعة وأمامهم الكثير من فرص الحياة هل لأنهم إرهابيون كما يحلو لوسائل الإعلام الغربية تسميتهم أم لأنهم أصحاب حق مظلومين مقهورين فضلوا الموت على الحياة ؟ إنه سؤال مهم يحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس حتى تجيب الإدارة الأمريكية عليه وتتخلّى عن سياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة التي أضرت بمصداقيتها أمام الشعوب العربية والإسلامية.

إن العالم كله مطالب اليوم بالوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ودعم حقه في المقاومة ومواجهة الإحتلال حتى تتحرر أراضيه كاملة وتعلن الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، وإنه لظلم كبير وتحيز أعمى أن تطلق بعض الأبواق الإعلامية الخاضعة للّوبي الصهيوني العالمي صفة الإرهاب على الفصائل الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة لإنها تقاوم الإحتلال وترفض الذل وتناضل من أجل حريتها وإستقلالها وكأن إسرائيل هي الخاضعة  للاحتلال والشعب الفلسطيني هو المغتصب للأرض والمستعمر للبشر .

الحاضرون الأعزاء :

لقد برزت بقوة بعد حرب الخليج الثانية معالم النظام العالمي الجديد الذي يقوده الأقوياء وهو نظام يرتكز على القوة والإقتصاد حيث تستخدم القوة لفرض الرؤى والنظريات والأفكار الإقتصادية على الضعفاء في العالم بصرف النظر عن ثقافاتهم وأديانهم وقيمهم ، وخلال العقد الماضي برزت دعوات متكررة ومختلفة بضرورة إعادة النظر في هذا النظام الدولي الذي يرى بعين واحدة وله ثقافة واحدة وقيماً موجَّهة إذ لابد أن تشترك الشعوب والثقافات والأديان في صياغة هذا النظام الدولي حتى يكون نتاجاً طبيعياً لمجمل الثقافات والقيم والخبرة الإنسانية ، غير أن مايجري الآن لايمثل أي إستجابة لهذه النداءات الإنسانية مما ينذر بالمزيد من التململ والرفض وينمي الشعور بالقهر لدى المجتمعات الحرة التي تأبى هذا النظام وهو ما ينذر ببدء  دورة جديدة من صراع الحضارات والثقافات التي تجاوزتها الإنسانية منذ قرون.

الحاضرون الأعزاء :

لقد تقدَّمت إلى المؤتمر عدة دول بطلب إدراج بند إضافي عن الإرهاب إلى جدول الأعمال كما تحدَّث العديد من السادة حول الإرهاب ولكننا حتى اليوم لم نتحدث عن هذا المصطلح بلغة مشتركة تحدد معناه الدقيق وتفرق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة وبين إرهاب الدولة وإرهاب الفرد وبين علاقة الإرهاب بالدين من عدمه ومانراه ونلاحظه هو محاولات محمومة لإلصاق الإرهاب بالإسلام وتعميم مفاهيم مغلوطة تربط بين الإلتزام الإسلامي والإرهاب ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن من يمارس الإرهاب الحقيقي لأننا كمسلمين ضد الإرهاب وندينه بكافة أشكاله وألوانه غير أن ما ينبغي التنبه إليه هو أن مثل هذه القضية لابد أن تأخذ حقها من النقاش والحوار والمداولات حتى نخرج كبرلمانيين بصيغة موحدة حول هذا المصطلح المطاط الذي أصبح محل خلاف بين الدول والثقافات بل أصبح عصاً غليظة بيد الأقوياء يهددون به الضعفاء وسيفاً مسلطاً على أصحاب الآراء ووسيلة لمحاصرة الشعوب وتجويعها والتدخل في شئونها الداخلية  ومن هنا تنبع الحاجة الماسة لوضع حد لهذا العبث بالمصطلحات وإستثمارها لصالح الأقوياء.

في الختام :

أتمنى أن تشهد العلاقات بين الإتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة المزيد من التطور وأن يتم التنسيق بين هاتين المؤسستين بصورة جدية خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن والسلام في العالم فهذا أمر هام وهو يقوّي  دور الأمم المتحدة ويجعله أكثر فاعليه وتأثير وهو ما نصبو إليه ونأمله من هذه المؤسسة الدولية التي هي منبر لكل شعوب العالم وليست منبراً للأقوياء فقط.

وشكراً

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp