كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها في الدورة الثانية والأربعين الطارئة لمجلس الإتحاد البرلماني العربي المنعقدة في بغداد خلال الفترة من 3-4/سبتمبر/2002م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأخ الأستاذ/ أحمد إبراهيم الطاهر – رئيس الإتحاد البرلماني العربي .

الأخ الدكتور/ سعدون حمادي – رئيس المجلس الوطني العراقي .

الأخوة/ رؤوساء الشعب البرلمانية العربية.

الأخوة / رؤوساء الوفود البرلمانية العربية .

الأخ الأستاذ/ نور الدين بوشكوج - أمين عام الإتحاد البرلماني العربي .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أود في البداية أن أعرب عن عميق شكري والوفد المرافق للأخ رئيس المجلس الوطني في العراق والشعب العراقي على ما أحاطونا به من حفاوة بالغة وحسن وفادة وكرم ضيافة ومشاعر أخوية صادقة .

واسمحوا لي أن أتوجه بإسم شعبنا العربي في الجمهورية اليمنية بالمحبة الصادقة للشعب العراقي الصامد تحت الحصار الجائر الذي طال أمده .. وأقول إن يوم الفرج والنصر قريب بإذن الله تعالى .

كما أعرب عن تقديري للجهود الطيبة التي بذلت في الإعداد لهذا المؤتمر البرلماني العربي الطارئ الهام الذي ينعقد في العاصمة بغداد الحصينة في ظل ظروف بالغة الخطورة والتعقيد نتيجة للتهديدات المتواصلة بتوجيه ضربة عسكرية إلى هذا البلد العربي الشقيق بهدف تدميره وتغيير نظام الحكم الذي اختاره الشعب العراقي لنفسه .

إن مثل هذه التهديدات الظالمة لم يحدث لها مثيل حتى في أيام الإمبراطوريات الجائرة التي سادت العالم في القرون الوسطى والمذهل أنها تحدث في القرن الواحد والعشرين من دولة عريقة في الديمقراطية لها مجلس نواب ومجلس شيوخ ولها مؤسسات دستورية وتدعي أنها الراعية للنظام الدولي الجديد والحامية لحقوق الإنسان في كل مكان من هذا العالم .

إن هذا الإجتماع الطارئ ينعقد في ظل ظروف أخرى بالغة القسوة يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل ، الذي لا يزال يتعرض للإرهاب والحصار والتجويع والبطش حتى هذه اللحظة ، ويُقْتلُ فيه الأطفال والنساء والشيوخ في كل يوم وفي كل ساعة ، وتنتهك المقدسات وتُدمر كل البنى التحتية ، وتمارسُ ضد هذا الشعب الباسل أبشع أنواع الممارسات اللاإنسانية ، وكل هذا يحدث وأمتنا العربية والإسلامية والعالم أجمع يتفرج  دون أن يحرك أحد ساكناً لإنقاذ هذا الشعب العربي الفلسطيني المسلم الرازح تحت نيران الإحتلال الصهيوني ، ونتساءل بألم وأسى متى ستحدث يقظة ضمير أو صحوة لمواجهة هذا الصلف وهذا العدوان وهذا الإحتلال ؟ ومتى يمكن لأمتنا العربية والإسلامية إتخاذ موقف فعال أو القيام بأي دور لإنقاذ أشقائنا في فلسطين وتوظيف كل المصالح والقدرات والإمكانات المتاحة للوقوف إلى جانبهم في محنتهم ، وممارسة الضغط على أولئك الذين لا يضعون لمصالح أمتنا أي إعتبار ولا يضعون مصالحهم في الميزان لمراجعة مواقفهم والتخلي عن إنحيازهم الفاضح إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب والوقوف إلى جانب الحق والعدل وفي مقدمة هؤلاء الولايات المتحدة الأمريكية التي بدعمها اللامحدود وموقفه
ا المنحاز غير العادل نحو إسرائيل تغامر بمصالحها الكبيرة في المنطقة العربية مقابل الوقوف إلى جانب حفنة من القتلة والإرهابيين الصهاينة.

إن مايتعرض له أبناء شعبنا في فلسطين من الوحشية ومايواجه الشعب العراقي البطل من التهديد والوعيد إنما مصدره الصهيونية المعادية للأمة العربية والإسلامية بأسرها والتي لن تشبع رغباتها بضرب العراق وتقتيل الشعب الفلسطيني الأعزل وإنما بالعدوان على أمتنا العربية والإسلامية ومقدساتها قاطبة .

أيها الأخوة :

في ظل هذه الظروف العصيبة والخطيرة يأتي إجتماعنا هذا حيث يفرض علينا الواجب الديني والقومي الخروج منه بموقف واضح وفعال يكون عند مستوى التحديات الخطيرة ويعبر عن ضمير قومي حي يتجاوز الحالة الراهنة من التخاذل والإنهزام والهوان وعدم القدرة على فعل أي شيء ، ويكون من شأنه ردع  العدوان وإستعادة الحق المغتصب ، فنحن ممثلو الشعوب العربية التي تطالب بموقف عربي حازم فهل لنا أن نستجيب لإرادة شعوبنا وأن نتحمل مسؤوليتنا التاريخية أمام الله وشعوبنا وأمتنا .

إننا من هذا المنبر نجدد رفضنا لتلك التهديدات بإستعمال القوة ضد دولة عربية عضو في الأمم المتحدة ونطالب بوقفها .

فالتهديد بتوجيه ضربة عسكرية ضد دولة عربية أو غير عربية أمر مرفوض من كل أبناء أمتنا ومن كل شعوب العالم المحبة للسلام والحرية ، وإن التهديد بضرب العراق الشقيق أو تغيير نظام الحكم فيه بالقوة سيكون له آثاره السلبية والوخيمة على الأمن والسلم الدوليين ، وسيتسبب في إحداث ردود أفعال في المنطقة لا تحمد عقباها ، فهو سابقة خطيرة وتجاوز للشرعية الدولية وتدخل سافر في شؤون دولة مستقلة واعتداء على حق الشعوب في إختيار حكامها بمحض إرادتها .

أيها الأخوة :

لقد عانى الشعب العراقي طويلاً من الحصار الجائر المفروض عليه ، ولا بد من وضع نهاية وحد زمني للعقوبات مادام والعراق قد إلتزم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، ولا يجوز أن تظل تلك العقوبات سيفاً مسلطاً على الشعب العراقي وإلى الأبد ، كما لا يجوز إستغلالها بهدف الإذلال وإخضاع هذا البلد أو ذاك .

إن علينا في هذا المؤتمر توجيه رسالة قوية إلى برلمانات وحكومات دول العالم نؤكد فيها على ضرورة إحترام إرادة الشعوب في إختيارها لأنظمتها وحكامها وإحترام أمنها وإستقرارها وسيادتها وسلامة ووحدة أراضيها وحقها في الأمن والإستقرار والعيش في سلام بعيداً عن التهديد بإستخدام القوة ضدها لسبب أو لآخر ، فتغيير النظام السياسي في أي دولة شأن يخص شعب تلك الدولة وهو ليس مسئولية دولة أخرى مهما كانت صغيرة أو كبيرة .

وبالرغم من ذلك ، فإننا ندعو المنظمة الدولية إلى إقامة حوار عادل مع العراق يتسم بالشفافية والصراحة والمصداقية ودون ممارسة أي ضغوط عليه من أجل إلتزام العراق الكامل بكل قرارات الشرعية الدولية ويكون في نهايته رفع الحصار الجائر مؤكدين على ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية على جميع الدول التي صدرت بحقها دون إستثناء ، فليس هناك دولة فوق القانون غير ملزمة بالمواثيق الدولية ، ودول أخرى يمارس ضدها القهر والتهديد والوعيد بحجج واهية بدعوى عدم إلتزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، والكيل بمكيالين من جانب المنظمة الدولية فالتجزئة في المعايير وعدم تحقيق العدل والإنصاف في ميزان العلاقات الدولية هو من أسباب التوتر والنزاعات التي نعيش أحداثها ومآسيها .

أيها الأخوة :

إنه لم يعد لدينا شك الآن بأن الشرعية الدولية ليست فقط ذات وجهين وإنما متعددة الأوجه ، وإلا فما معنى هذا السكوت المريب على تدمير مقومات السلطة الوطنية الفلسطينية وإبادة الشعب الفلسطيني وتوعد الشعب العراقي البطل وتهديده وما معنى السكوت حول إمتلاك الكيان الصهيوني لأسلحة الدمار الشامل ومنها الأسلحة النووية بل والتهديد بإستخدامها ضد العرب؟

لقد آن الأوان أيها الأخوة والأخوات أن يراجع العرب حساباتهم وأن يعيدوا ترتيب أولوياتهم وأن يضعوا إمكانات ومقدرات الأمة في خدمة القضايا والأهداف الوطنية والقومية العليا ، فليس من المعقول أن يستمر هذا الإنفصام بين الخطاب السياسي الإعلامي وبين الممارسات الفعلية على أرض الواقع .

ولا سبيل لمواجهة التحديات والخروج من حالة الشتات والتيه التي تعيشها الأمة في الوقت الراهن إلا بالتضامن ووحدة الصف وهذا ما ينبغي علينا كممثلين لشعوبنا العربية أن نكرس الجهود من أجل تحقيقه .

ختاماً :

أسأل الله التوفيق والنجاح لمؤتمرنا هذا ولما فيه خير أمتنا وشعوبنا ونصرة إخواننا وتحرير مقدساتنا ، وأن يوم النصر بإذن الله قريب.

تحية لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp