كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ: 9/12/1996م في موسكو أثناء زيارته البرلمانية إلى روسيا


السيد/رئيس مجلس الدوما/غينادي سيلي زينوف.

الحاضرون جميعاً :

يسعدني في البداية أن أعبر عن خالص الشكر والتقدير بإسمي شخصياً ونيابة عن أعضاء الوفد للسيد رئيس مجلس الدوما على دعوته الكريمة لنا للقيام بهذه الزيارة التي أتمنى أن تكون إضافة جديدة إلى رصيد علاقات التعاون بين بلدينا الصديقين ..

السيد الرئيس :

الحاضرون جميعاً :

لاشك أن الحديث عن العلاقات اليمنية والروسية يعتبر إمتداداً للعلاقات اليمنية السوفيتية سابقاً حيث يرجع تاريخ هذه العلاقات إلى عام 1982م حينما وُقّعت أول اتفاقية تعاون وصداقة بين البلدين ، وكان من ثمرة تلك الاتفاقية تعزيز صرح التعاون في مجالات عدة شملت تقديم جملة من المساعدات والمعونات والقروض لليمن بشطريه وفي مختلف المجالات حيث بلغ مجموعها حوالي 92 إتفاقية وبرتوكول .

وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على عمق هذه العلاقات ومتانتها رغم الأحداث والمتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية في كلا البلدين الأمر الذي يدعونا للإعتزاز بهذه العلاقات وبذل المزيد من الجهود الكفيلة بتعميقها وتطويرها ..

السيد الرئيس :

الحاضرون جميعاً :

إن الظروف السياسية والإقتصادية التي تمر بها بلادنا منذ قيام الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 90م والمتمثلة في الإلتزامات المالية الضخمة التي تحملتها الدولة الجديدة نتيجة دمج نظامين مختلفين ثم عودة أكثر من مليون مغترب يمني إلى البلاد دفعة واحدة بعد كارثة الخليج وما ترتب على عودتهم من أعباء ثم الحرب التي خاضها شعبنا اليمني ضد عناصر الردة والانفصال الذين حاولوا تمزيق وحدة الوطن وما تكبدته الدولة من ملايين الدولارات لإعادة الأعمار وإصلاح ما دمرته الحرب كل ذلك قد جعل من الصعوبة بمكان الوفاء بإلتزاماتنا المالية تجاه الأصدقاء وفي مقدمتهم بلدكم الصديق صاحب المديونية الكبيرة ولذلك فإن التوصل إلى حلول بشأن آلية معقولة لسداد هذه الديون أمر ضروري وهام  وما نريد التأكيد عليه هنا هو مراعاة الظروف والصعوبات التي أشرنا إليها وأن لا تُشكّل المديونية عائقاً تجاه إستمرار التعاون في شتى المجالات خاصة وأن علاقات البلدين قديمة والشعب اليمني يكن لبلدكم الصديق كل الود والتقدير والاحترام نتيجة المواقف المشرفة التي وقفتم فيها إلى جانب شعبنا منذ قيام الثورة ومساندتها ثم الموقف الداعم لخيار الوحدة ضد محاولة الإنفصال الأثمة سنة 1994م.

السيد الرئيس :

الحاضرون جميعاً :

إن الزيارة البرلمانية التي نقوم بها اليوم لهذا البلد الصديق سوف تشكل منعطفاً جديداً لمسيرة علاقتنا الثنائية وتنطلق بها نحو أفاق رحبة تمكن نواب الشعب في المجلسين التشريعيين من التواصل والتشاور وتنسيق المواقف تجاه العديد من القضايا سواء تلك المتعلقة بتعزيز العلاقات البرلمانية وترسيخ التجربة الديمقراطية في كلا البلدين أو المواضيع ذات الصلة بالأحداث والمتغيرات على الساحة الدولية وما مشروع البروتوكول الذي نضعه اليوم بين أيديكم لإستكمال الإجراءات القانونية بشأنه إلا اللبنة الأولى في هذا المضمار ..

السيد الرئيس :

الأخوة الحاضرون :

لقد عملت الجمهورية اليمنية منذ قيامها على ترسيخ الأمن والإستقرار في المنطقة باعتبارهما عنصران مهمان لتعزيز التعاون والبناء والتطوير المنشود مع كافة الدول الشقيقة والصديقة ومن هذا المنطلق فقد تعاملت بلادنا مع الإستفزازات  الإريتيرية المتكررة لبلادنا بروح المسئولية والتحلي بالصبر وضبط النفس وإتباع أسلوب الحوار في حل المشاكل بدلاً عن الصراع والعنف وإلتزمت بلادنا بما ستسفر عنه نتيجة التحكيم في قضية إحتلال السلطات الإريتيرية المستمرة لجزيرة حنيش الكبرى اليمنية .

وبأعتبار أن قضايا الخلافات الحدودية عاملاً من عوامل عدم الاستقرار  فقد حرصت بلادنا على إنهاء مشكلة الحدود بينها وبين سلطنة عمان الشقيقة وتمكنا بحمد الله من ترسيم الحدود بين البلدين بصورة نهائية خلال هذا العام ، وبنفس الروح الأخوية الصادقة التي سادت كافة لقاءاتنا مع الأشقاء في عمان من أجل حل قضية الحدود ،نسعى لترسيم ما تبقى من الحدود مع المملكة العربية السعودية الشقيقة وما اللقاءات المنتظمة للجان الفنية المشّكلة من البلدين بموجب مذكرة التفاهم والزيارات المختلفة لمسئولي البلدين إلا دليل الحرص الكامل من الطرفين على إنهاء ملف الحدود بصورة تعود بالخير والنفع على الشعبين الشقيقين .

السيد الرئيس :

الحاضرون جميعاً :

إن التطورات المؤسفة التي تشهدها المنطقة العربية جراء التعنت الإسرائيلي والتنكر لكافة إتفاقيات السلام  وإستمرار سياسة التوسع الاستيطاني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني أمر يدعونا للوقوف بحزم تجاه هذا الاستهتار لما يمثله من تصعيد خطير وتهديد للأمن والإستقرار في المنطقة.

ولذلك فإننا نطالب روسيا الصديقة باعتبارها إحدى الدول الراعية للسلام بممارسة المزيد من الضغوط على كافة المستويات حتى تذعن إسرائيل لتعهداتها والتزاماتها وتحترم قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني في ظل ترابه الوطني وعاصمته القدس الشريف.

وأجد من المناسب هنا التأكيد على ضرورة عودة التوازن الدولي بين القوى العظمى والذي بأختلاله تفجرت الصراعات والحروب وتفاقمت النزاعات وزادت بؤر التوتر بسبب الهيمنة الأحادية على العالم وإتباع سياسة الكيل بمكيالين التي نراها اليوم تمارس حصاراً جائراً وظالماً على الشعب العراقي والشعب الليبي والشعب السوداني بحجة مخالفة هذه الدول لقرارات الشرعية الدولية ولا تحرك ساكناً تجاه كل الممارسات الإجرامية والقمعية التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ، رغم إستنكار المجتمع الدولي لهذه الممارسات وكل هذا ما كان ليحدث لولا غياب دولة صديقة وقوية عن الأحداث مثل روسيا ولذلك فإننا على ثقة كاملة أن دولة روسيا الإتحادية وبرغم التحولات الداخلية التي شهدتها لا زالت تمتلك من المقومات والمؤهلات ما يجعلها قادرة على إعادة التوازن الدولي إلى وضعه الطبيعي والمنطقي بل والمساهمة الفاعلة في حل الكثير من قضايا الخلاف وإخماد بؤر التوتر على الساحة الدولية لأن ما نراه اليوم هو محاولة لإخضاع دول العالم الضعيفة لنوع جديد من السيطرة والهيمنة تحت مسميات مختلفة وفي الاتجاه نفسه تعزيز القدرات العسكرية والدفاعية لدول معينة ومنع الدول الأخرى من التسلح مما يجعلنا لا نتفاءل بمستقبل مشرق تسود فيه الحرية والمساواة والإحترام المتبادل بين شعوب العالم خاصة وأن حلف الناتو  يشهد محاولات لتوسيعه وتقويته في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى نزع التسلح والحد من الحروب التي أنهكت دول العالم الثالث .

السيد رئيس المجلس:

الحاضرون جميعاً :

في الختام لا يسعني إلا أن أشيد بالجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الروسية لإحلال السلام في الشيشان وسحب القوات العسكرية منها والذي من شأنه وضع حد للمسلسل الذي ذهب ضحيته الكثير من الأبرياء مما سيمكن بلدكم الصديق من رص الصفوف وتركيز الجهود نحو البناء والتنمية وتجاوز الصعوبات الإقتصادية التي تمرون بها وبالتالي العودة إلى المساهمة الفاعلة في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية .

أشكركم مرة أخرى .

وأنتهز الفرصة لأقدم الدعوة الرسمية للسيد/غينادي سيلي زينوف – رئيس مجلس الدوما الصديق لزيارة الجمهورية اليمنية في الوقت الذي يراه مناسب .

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp