كلمة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر - رئيس مجلس النواب التي ألقاها بتاريخ 16/3/1998م بمناسبة إفتتاح أعمال الدورة الحادية والثلاثين الطارئة لمجلس الإتحاد البرلماني العربي التي عقدت في صنعاء

 

الحمد لله رب العالمين القائل (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)

والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين.

الأخ/ عبدربه منصور هادي – نائب رئيس الجمهورية .

الأخ الدكتور/ أحمد فتحي سرور – رئيس الإتحاد البرلماني العربي ورئيس الشعبة البرلمانية المصرية الشقيقة.

الأخوة/ رؤوساء البرلمانات العربية .

الأخ/ الأمين العام المساعد للجامعة العربية .

الأخوة/ رؤوساء وأعضاء الوفود المشاركة .

الأخوة / رؤوساء الوفود المراقبة.

أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي.

الحاضرون جميعاً.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بإعتزاز بالغ وقلوب ملؤها المحبة والشوق والسرور أرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب في بلدكم الجمهورية اليمنية التي تستضيف هذه الدورة لمجلس الإتحاد البرلماني العربي للمرة الثانية بعد أن توحد شمل اليمنيين بقيام الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو عام 90 راجياً من الله عزوجل أن يجمعنا دائماً على الخير وأن يزيل من بيننا كل أسباب الفرقة  لنعمل سوياً لما فيه عزة ونصرة أمتنا العربية والإسلامية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي نمر بها والتي توجب علينا عدم التوقف عند سلبيات الماضي إلا لإتخاذها عبراً ودروساً لتفادي الأخطاء والإدراك الواعي لمتطلبات الحاضر والإستشراف الثاقب لمقومات النهوض الحضاري الذي ننشده جميعاً وتنشده شعوبنا التي نتشرف بتمثيلها وما الحضور المتميز لهذه الدورة إلا دليل على الرغبة الصادقة من الجميع للعمل من أجل لم الشمل وتعزيز التضامن وتجاوز الخلافات وتعبئة الجهود والطاقات من أجل مستقبل مشرق يحمل لأمتنا وشعوبنا التقدم والرخاء.

الأخ/ رئيس الإتحاد :

الأخوة جميعاً :

إن إنعقاد دورتنا في هذه الظروف وفي ظل المرحلة الدقيقة والمعقدة من تاريخ أمتنا يتطلب منا وقفة مسئولة وصادقة مع النفس غايتها معرفة كوامن الخلل في علاقاتنا ومعالجة هذه الإختلالات بروح تسامحية تسمو على الصغائر وترتكز على العمل الجاد المخلص لإحياء التضامن العربي وروح الأخوة العربية مستفيدين من التجارب السابقة مستوعبين لحقائق الحاضر ومتطلباته ومخاطر المستقبل التي تحيط بنا بدون إستثناء .

أيها الأخوة ممثلي الشعوب العربية :

إن مسئوليتكم عظيمة وحجمها كبير كونكم برلمانيون تمثلون ضمير الأمة وتعبرون عن آمالها وتطلعاتها وتدافعون عن حقوقها وخاصة في مثل هذه المرحلة التي تشتد فيها الهجمة وتتعدد فيها المؤامرات وتتعاظم الأخطار على أمتنا ويشهد العالم تحولات هائلة تتسارع فيها إيقاعات التغيير وتتجه جهود الشعوب المتحضرة نحو التكتلات العملاقة وترتب أوضاعها وإستعداداتها لدخول القرن الجديد بينما نعيش نحن زمن الفرقة والشتات والضعف.

والذي يهمنا في إجتماعنا هذا أن نرضي شعوبنا وأمتنا ونعبر عن إرادتها الحرة لإنها أصيبت بالإحباط والشعور بالمراره جراء الأوضاع التي وصلت إلى درجة كبيرة من التردي لم نصل إليها من قبل ولذا فالمطلوب منا أن نخرج بقرارات وتوصيات تخفف عنها الإحباط والإحساس بالظيم ولا يهمنا رضى أو غضب القوى التي هي السبب فيما تعانيه شعوبنا .

الحاضرون جميعاً :

إن الحاجة شديدة أكثر من أي وقت مضى لطي صفحة الماضي بكل أحزانه والبدء بصفحة جديدة يصبح فيها العمل من أجل ترسيخ دعائم التضامن العربي من أولى أولوياتنا بإعتبار ذلك واجباً وطنياً وقومياً ودينياً لإن التضامن العربي يمثل حجر الزاوية الذي تتقاطع عنده مصالحنا ، كما أنه يمثل القاعدة الصلبة والخيار الأمثل لحماية أمتنا وترسيخ ذاتنا وتأكيد هويتنا وهو الضمان الوحيد لمواجهة كل الأخطار والتحديات وبدونه سوف يسهل إفتراس أقطارنا واحداً بعد الآخر .

ولست بحاجة إلى التذكير بأهم المخاطر المحدقة بنا والمتمثلة بالأهداف الإستراتيجية للدولة الصهيونية المزروعة في قلب الجسد العربي والمحتلة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وما تقوم به من ممارسات بشعه ضد أبناء الشعب الفلسطيني وإستمرارها في بناء المستوطنات رغم تنديد المجتمع الدولي بذلك ، ثم أطماع القوى العظمى في خيراتنا وثرواتنا ومحاولة تكريس التخلف في واقعنا حتى لا تقوم لنا قائمة ولا نستطيع اللحاق بركب الحضارة والتقدم .

الأخوة الحاضرون :

لقد تابعنا جميعاً مسيرة السلام في المنطقة العربية وما تمر به من تعثرات ونكسات نتيجة التعنت الإسرائيلي الرافض للاسس التي قامت عليها هذه المسيرة وبإعتبار أن السلام الشامل والعادل مطلب جوهري وأساسي فإن السلام لا يمكن أن يترسخ مالم يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف وتعود الجولان السورية إلى أصحابها ويتحرر الجنوب اللبناني من الإحتلال وبدون ذلك يخرج السلام عن مضمونه الحقيقي ويستقوي فيه طرف على طرف مما يعرض المنطقة للمخاطر وعدم الإستقرار ، ومن هذا المنطلق فإننا ندعو إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالحقوق العربية كاملة دون إنتقاص وهي قرارات ضربت بها إسرائيل عرض الحائط وأدارت لها ظهرها بسخرية وإستكبار لإنها قد إستفادت من عملية السلام وحصلت على ما تريد وتمردت على ما إلتزمت به أمام العالم دون أن نسمع من الولايات المتحدة ما يؤكد حرصها ومصداقيتها تجاه إلزام جميع الأطراف بقرارات الشرعية الدولية خاصة وأن أمريكا هي إحدى الدول الراعية للسلام في المنطقة بل هي وحدها المهيمنة والمسيطرة على العالم وما تأكد لنا حتى الآن هو دعمها اللا محدود لإسرائيل وتشجيع سياستها العدوانية ودعم التوجهات الإستيطانية لها مما يجعلنا نشعر بالضيم لعدم الحيادية في التعامل مع قضايا العرب من دولة يفرض عليها موقعها وريادتها العالمية عدم الكيل بمكيالين ليس هذا فحسب بل ومن المؤسف أن يصدر الكونجرس الأمريكي في 24/أكتوبر/95م قراراً بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس وإعتماد الميزانية اللازمة لذلك تمهيداً لإعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل وبما يخالف قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980م القاضي بعدم نقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس الشريف مما سيؤدي إلى تأجيج الصراع وإزدياد حدة المواجهات الدامية التي سيذهب ضحيتها أبناء الشعب الفلسطيني المدافع عن أرضه وكرامته .

أيها الأخوة :

لقد مثل قرار الكونجرس الأمريكي المشار إليه خرقاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة وتحدياً بالغاً للمجتمع الدولي وإستفزازاً كبيراً لحقوق الشعب الفلسطيني ومشاعر المسلمين في العالم الأمر الذي يوجب علينا إتخاذ موقفاً حازماً وموحداً يضمن هوية القدس الإسلامية ويصونها من المحاولات الهادفة إلى تغيير وضعها بإعتبارها أولى القبلتين ومهوى أفئدة المسلمين كما أن من أوجب الواجبات اليوم هو إعادة النظر في المقاطعة العربية ضد إسرائيل وضرورة الإلتزام بها وإيقاف كافة أشكال التطبيع فذلك أضعف الإيمان وعلينا كبرلمانيين أن نحرك كافة الفعاليات الشعبية والرسمية في هذا الإتجاه .

الحاضرون جميعاً :

لقد عايشنا وبقلق بالغ تطورات الأزمة بين العراق والولايات المتحدة وما نتج عن ذلك من وصول حشود عسكرية ضخمة إلى الخليج العربي الأمر الذي أوشك أن يدخل المنطقة في نفق مظلم يهدد الأمن والإستقرار الدوليين ، ومع تأكيدنا على ضرورة إحترام العراق لقرارات مجلس الأمن المفروضة عليه إثر إجتياحه للكويت وخاصة تلك المتعلقة بإطلاق سراح ما يوجد من أسرى كويتيين وغيرهم إلا أن إستمرار التهديد الأمريكي بإستخدام القوة العسكرية بعد سبع سنوات من التفتيش تحت ذريعة وجود أسلحة دمار شامل عراقية لم يعد مقبولاً في الوقت الذي تمتلك فيه إسرائيل أسلحة دمار شامل ومنشاءات نووية وهي التي استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً في جريمتها النكراء ضد الأبرياء في قانا والتي ترفض حتى اليوم التوقيع على إتفاقية منع إنتشار الأسلحة النووية التي وقعتها معظم دول العالم .

الأخوة الأعزاء :

إن التعامل غير المتوازن مع قرارات الشرعية الدولية يدعونا إلى الإستياء ويظهر لنا أن هناك أهدافاً خفية ومخططات يجري ترتيبها غايتها إضعاف قدراتنا وتعميق التجزئة بين أقطارنا والمستفيد الأول من كل ذلك هو عدونا المشترك .

إننا ونحن نعلن رفضنا لإستخدام القوة العسكرية ضد العراق بعد أن حصد الحصار المحكم عليه أرواح الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال ومباركتنا للإتفاقية المبرمة بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير الماضي لنهيب بالجانبين الإلتزام الكامل بهذه الإتفاقية ونناشد الأمم المتحدة العمل على سرعة إنهاء الحصار الذي طال أمده وازدادت معاناة الأبرياء منه .

كما أن الحصار المفروض على ليبيا لم يعد مبرراً خاصة بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً يتضمن إختصاصها بالنظر في قضية لوكربي المفتعلة ضد ليبيا ولذلك فإننا نعلن تضامننا مع الشعب الليبي الشقيق ونطالب الأمم المتحدة بتحمل مسئولياتها والعمل على رفع الحصار عنهم حتى تقضي محكمة العدل الدولية في هذه المسألة .

أيها الأخوة الكرام :

إن العقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان تعتبر هي الأخرى وسيلة ضغط للتدخل في شئونه الداخلية وهو أمر مرفوض لا تقبله الأعراف والمواثيق الدولية ومن هذا المنطلق فإننا نعلن أيضاً تضامننا مع شعب السودان الشقيق ضد العقوبات المفروضة عليه .

أيها الأخوة :

إنني على ثقة بأن بشائر الخير والوفاق لهذه الأمة قادمة بإذن الله وقد تجلت مظاهر هذا الوفاق من خلال الرفض الرسمي والشعبي من كل الشعوب والحكومات العربية لضرب العراق فمهما حاول الأعداء النيل من أمتنا ومهما حاولوا إغتيال مقومات النهوض فيها فإنها سوف تنهض وتعود إلى ماكانت عليه من ريادة وقيادة للحضارة الإنسانية وذلك لما تمتلكه من رصيد حضاري هائل وتراث مجيد وقيم حميدة ، إننا بتظافر الجهود المخلصة وتلاحم الإرادات نستطيع أن نلعب دوراً بارزاً في صياغة الحاضر والمستقبل على المستوى الإقليمي والعالمي.

أتمنى أن نخرج من هذه الدورة وقد حققنا ما تصبوا إليه شعوبنا من خير وأمامنا مشروع جدول الأعمال آمل أن تلقى القضايا ذات الإهتمام المشترك الأولوية فيه فذلك عنوان حسن النوايا والبداية الصحيحة نحو المستقبل المنشود لأمتنا العربية والإسلامية .

اسمحوا لي أن أغتنم هذه المناسبة للترحيب بوفد جامعة الدول العربية كما أرحب بوفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تشارك بصفة ملاحظ عن منظمة المؤتمر الإسلامي .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp