حين يكبر الرجل تكبر الكلمات فيه *محمد محمد المطاع

 

الصحوة 10/1/2008م

هكذا عرفنا فقيد اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر كبيراً.. كان كبيراً في أخلاقه، وكبيراً في تعاطيه مع مجتمعه، وكبيراً في حصافة لسانه، وكبيراً في صدقه، ما كان كذاباً ولا كاذباً، ولا مراوغاً ولا مخادعاً .. كان كبيراً ولذلك كبرت معه الكلمات وكبرت بفقده إنحسارات اليمن الذي لن يجد رجلاً بحجم الفقيد وفي موقعه ومكانه ، عفيف اللسان صادق اللهجة لا يحمل خبثاً ولا كراهية ولا يفتن بين اثنين، كان ينزل الناس منازلهم، ويحترم العلماء ويجلّهم .. ولقد دخلت عليه ذات مرة أنا والمرحوم عبدالله الصعدي وقال لي أنا (أَشْتِيْكْ) بلغته المفهومة ومد يده اليمنى وكأن له لسانين لسان بين شفتيه ولسان في يمينه أَشْتِيْكْ عندي قلت له يا شيخ عبدالله أنا لم ولن أتحزب، ولكن أعدك أنني معك فيما فيه الخير والصلاح لهذا البلد وكلما دعيت إلى مجلسه يضعني بجواره، وإذا تكلم المجلس كان يجعل حديثي خاتمه لينزع به التصويت كان يعرف ما للعلماء من مكانة. الفقيد كان رجل دولة ورجل موقف، ورجلاً تجمعت فيه عناصر الحسن كلها وتخلت منه عناصر القبح كلها، هكذا من أراد أن يكون زعيماً لابد وأن يكون صادقاً وعفيف اللسان وطاهر الضمير .. السب والشتم والتهم الكاذبة ليست من أخلاق الرجال الكبار، وقد كان فقيد اليمن من أولئك الرجال العظام الذين يحترمون أنفسهم فيفرضون على الناس احترامهم وستظل أخلاق الفقيد تدين المتعجرفين مادامت ذكراه تدوي في اليمن، وأتمنى أن يكون أشياخنا القبائل في اليمن قد استوعبوا أخلاقيات هذا الرجل وأتمنى لأولاده جميعاً أن يتسلحوا بنفس السلاح الذي تسلح به والدهم فلم يسمع أن موكب الشيخ أخاف ماشياً أو دهس كلباً أو بساً .. كان متواضعاً وصبوراً يصغي للفرّاش كما يصغي للزعيم .. مات ولم يجرحنا. تغمد الله روحه في الجنة وسوف يظل لساني رطباً يدعو له بالرحمة والغفران، وإنا لله وإنا إليه راجعون .. وهذه من المحن على الشعب اليمني أن تغيب عنه العقول الراجحة، ولكن أمر الله على رقابنا وأسماعنا وأبصارنا، وما نحن إلا عابرو سبيل .. ويكفي سمواً أنه لم يكن عنصرياً ترفعاً عن العنصرية فهي رجسٌ من عمل الشيطان .. فرحمك الله يا فقيدنا ثانية وثالثة ورابعة..

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp