الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر للوسط- العدد (153) 2/1/1995م : العلاقات السعودية اليمنية من الجفوة إلى التعاون

 

مجلة الوسط العدد ( 153 ) - 2/1/1995م

 

-       العلاقات السعودية- اليمنية من الجفوة إلى التعاون

 

مهدت الزيارة التي قام بها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني إلى الرياض الأسبوع الماضي إلى العودة بالعلاقات السعودية- اليمنية إلى مسارها الطبيعي, وأكدت نتائج الزيارة قدرة البلدين على تجاوز مرحلة الفتور في العلاقات, وبدا واضحاً أن الشيخ الأحمر الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع القيادة السعودية لعب دوراً في هذا المجال حيث أسفرت الزيارة عن اتفاق على عقد قمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والرئيس علي عبدالله صالح" خلال الأيام القادمة".

ووصف رئيس مجلس النواب اليمني في حديث مع (الوسط) علاقات بلاده مع السعودية بأنها(تشهد بداية الانتقال من مرحلة الجفوة إلى الالتحام والتعاون الصادق). وكشف عن تشكيل لجنة فنية مشتركة جديدة بدأت أعمالها الأسبوع الماضي في المنطقة الحدودية بين البلدين برعاية وزيري الداخلية السعودي واليمني للبحث في الخلافات التي وقعت بين القبائل المتجاورة على الحدود. وكان الشيخ الأحمر التقى خلال زيارته للسعودية الملك فهد والأمير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد الذي كان التقاه قبل ذلك على هامش مؤتمر القمة الإسلامي في الدار البيضاء, والأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران.

وهنا نص الحديث مع الشيخ الأحمر :

·      ما هي أهم المواضيع التي تحدثتم فيها مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز خلال اجتماعكم به؟

§      كانت فرصة عظيمة بالنسبة لي عندما التقيت خادم الحرمين الشريفين الذي أبدى حرصه على إزالة كل الشوائب التي علقت بين البلدين, و إعادة العلاقات والتعاون بينهما حيث يرتبط الشعبان بروابط قوية لا مثيل لها. وحملني الملك فهد للشعب اليمني ما يطمئنه على العلاقات مع السعودية, كما حملني دعوة للأخ الرئيس علي عبدالله صالح لزيارة المملكة العربية السعودية, وستكون هذه الزيارة خلال الأيام القليلة القادمة, بعد عودة الرئيس على عبدالله صالح من السودان حيث سيشارك في عيد الاستقلال هناك.

·      ألا تعتقدون بأن الإنجاز الذي حققتموه لإذابة الجليد بين بلادكم والسعودية جاء متأخراً بعض الشيء ؟

§      أنا لم أتردد في القيام بمثل هذا الدور منذ انتهاء أزمة الخليج وقد حضرت مرات عدة إلى المملكة العربية السعودية والتقيت الملك فهد وعدداً من كبار المسئولين, وفي كل زيارة لي كنت أقوم بتقريب وجهات النظر بين البلدين وإصلاح ذات البين, ولكن الزيارة الحالية حققت الكثير من الانفراج بفضل الرغبة الصادقة التي لمستها من أخي خادم الحرمين الشريفين لتوطيد العلاقات وإزالة كل الشوائب التي تراكمت في الماضي.

·      ما هو تقييمكم للعلاقات السعودية- اليمنية في الوقت الراهن؟

§      أعتقد أنها تشهد الآن بداية انتقال من مرحلة الجفوة إلى الالتحام والتعاون الصادق.

·      هل تحدد موعد لاجتماع القمة بين الملك فهد و الرئيس صالح؟

§      تم الاتفاق على عقد الاجتماع بين الزعيمين ولم يتحدد موعده حتى الآن, ولكنه سيكون قريباً. وعند عودتي إلى اليمن سيتم الاتصال بخادم الحرمين الشريفين لتحديد موعد الزيارة.

·      ما هي أهم المواضيع التي ستبحث في هذا الاجتماع المرتقب؟

§      هناك مواضيع عدة سيتم البحث فيها, كما أن زيارة الرئيس علي عبدالله صالح للسعودية واجتماعه مع الملك فهد يعتبر حدثاً كبيراً, ومن شأن ذلك أن يزيل الكثير من الشوائب العالقة بين البلدين.

·      هل سيعقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين تمهيداً لاجتماع القمة؟

§      جرت العادة أن يسبق أي اجتماع بين زعيمي بلدين, اجتماع بين وزيري الخارجية.

·      هل بحثتم مع خادم الحرمين الشريفين في موضوع الخلاف الحدودي بين اليمن والسعودية؟

§      كنت حريصاً في لقاءي مع الملك فهد على عدم الدخول في تفاصيل الموضوع, لكنني ركزت على فتح الأبواب للحوار والتعاون على أن تبحث التفاصيل في مرحلة لاحقة.

·      هل ستواصل اللجنة الحدودية المشتركة أعمالها؟

§      نعم وأعتقد بأنها بدأت أعمالها قبل أيام قليلة, وبخلاف اللجنة الفنية المشتركة التي شكلت في السابق لبحث الموضوع الحدودي, تم تشكيل لجنة جديدة لمعالجة ماطرأ أخيراً بين القبائل المتجاورة على جانبي الحدود بين البلدين.

·      متى ستبدأ اللجنة أعمالها وأين ستعقد اجتماعها؟

§      أعتقد أنها بدأت اجتماعاتها صباح اليوم برعاية وزيري الداخلية في البلدين, وتعقد اجتماعاتها في المنطقة الحدودية بين البلدين حيث تنعقد مرة داخل الأراضي السعودية ومرة داخل الأراضي اليمنية .

·      هل تم فعلاً ترشيح سفير يمني جديد في الرياض؟

§      نعم ورشح لهذا المنصب- قبل يومين فقط- الدكتور محمد أحمد الكباب, الذي كان وزيراً للشباب والرياضة وتولى أخيراً منصب وزير الصحة, وهو رجل يتمتع بكفاءة وأخلاق عالية.

·      بدأت الحكومة اليمنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار الخاص بإلغاء قانون التأميم الذي صدر عام 1976م فمتى تتوقعون عودة الممتلكات التي أممت إلى أصحابها في جنوب اليمن؟

§      قرار التأميم كان قراراً خاطئاً وجريمة شنعاء لا يقره شرع ولا قانون وكان رأينا فيه واضحاً منذ البداية حيث أكدنا أنه مخالف للشريعة الإسلامية ولا يجوز السكوت عنه وكان من المفترض أن تعاد كل الممتلكات إلى أهلها بعد إعلان الوحدة مباشرة عام 1990م أما الآن وبعد أن ترسخت الوحدة وانتهت سيطرة الحزب الإشتراكي الذي كان أمم الممتلكات الخاصة للمواطنين فمن الأولى والأحرى أن تعود هذه الممتلكات إلى أهلها.

·      هل جرت أي اتصالات أو وساطات مع الحكومة اليمنية لعقد مصالحة شاملة مع عناصر المعارضة في الخارج؟

§      أعلنت الحكومة اليمنية العفو العام عن الذين ارتكبوا جريمة الانفصال والخيانة العظمى في حق اليمن باستثناء عناصر محدودة عددها 16 شخصاً, أما بالنسبة إلى المصالحة فإن الباب مفتوح لمن هو موجود داخل اليمن للحوار معه, فالحرية بمختلف صورها أصبحت الآن متاحة في اليمن أكثر من ذي قبل, فالحزب الإشتراكي الآن موجود داخل اليمن ويمارس دوره في المعارضة بكل حرية وديمقراطية, وأما من هم خارج الوطن من السياسيين السابقين فلا يجوز التفاهم معهم ما لم يعودوا للوطن.

·      هل نفهم من كلامكم أنه لن يصدر عفو عن المعارضين الستة عشر؟

§      لقد منحنا فرصة كبيرة بعد إعلان العفو العام لهم وغيرهم للعودة, أما من تباطأ سواء من قائمة الستة عشر أو من الآخرين فإن حجته عن نفسه" يتحمل جريرة ذلك".

·      في حال صدور أحكام قضائية في حق المعارضين الستة عشر هل ستطلب الحكومة اليمنية رسمياً من الدول التي تستضيفهم تسليمهم لها؟

§      ما يحدث في مختلف دول العالم في مثل هذه الحالة يحدث عندنا.

·      هل تتوقعون أن ينجح التجمع اليمني للإصلاح في تنفيذ كل برامجه في ظل الحكومة الائتلافية ؟

§      نعم سيعمل التجمع اليمني للإصلاح على تنفيذ ما يستطيع من تلك البرامج إن لم ينفذها كلها.

·      ما هي أهم التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني أو بالنسبة إلى علاقاتها الخارجية؟

§      أكبر مشكلة تواجه اليمن صعوبة الوضع الاقتصادي, أما غير ذلك فلا توجد لدينا أي مشكلة والحمد لله .

·      هل تعتقدون بأن الوقت حان لتجاوز أزمة الخليج وتبني مصالحات عربية – عربية؟

§      في اعتقادي أن الوقت حان والفترة التي مضت على حدوث أزمة الخليج طويلة وما حدث خلالها كفيل بتجاوز ما حدث بينهم ومن حق القادة والزعماء العرب أن يتبنوا مبادرة لرأب الصدع وعودة الوئام وتلاحم الصف العربي الذي تمزق وضعف بسبب أزمة الخليج.

·      هل بحثتم هذا الموضوع مع خادم الحرمين الشريفين؟

§      (اعتدل في جلسته) " أنا رب إبلي وللكعبة رب يحميها"( وهذا ما قاله عبد المطلب جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما جاء أبرهة الأشرم لهدم الكعبة) كل ما تحدثت عنه مع خادم الحرمين الشريفين يتعلق باليمن.

·      هل تفكرون جدياً في دخول مجلس التعاون الخليجي؟

§      هذا مكاننا الطبيعي وقلت ذلك أكثر من مرة عندما سئلت عن مجلس التعاون العربي لان مجلس التعاون الخليجي يضم دول شبه الجزيرة العربية ونحن دولة من دول هذه الجزيرة.

·      هناك من يقول إن " التجمع اليمني للإصلاح رغم اعتداله إلا أنه سمح لبعض المتشددين الإسلاميين بالعمل تحت جناحه, مثل الشيخ طارق الفضلي فما هو تعليقكم؟

§      تعليقي على ذلك أن الحقائق دحضت الأكاذيب, فقد كان الحزب الإشتراكي يقوم خلال الفترة الماضية بمحاولات لتشويه صورة التجمع اليمني للإصلاح عند الأشقاء في المملكة العربية السعودية ومصر حيث زعموا أن "الإصلاح" يضم تحت مظلته مجموعة من الإرهابيين ولكن الجميع اكتشف كذب وبطلان هذه المزاعم, وحزب التجمع اليمني للإصلاح حزب سياسي إسلامي يمني عربي لا يقبل تحت مظلته أو بين صفوفه من يقوم بأي دور إرهابي على الإطلاق.

·      ما هو السر في التوافق والتقارب الفكري بين حزبي المؤتمر والإصلاح؟

§      هناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما ولا يجب أن ننسى أن قادة "الإصلاح" ومعظم أعضائه كانوا أعضاء في المؤتمر قبل قيام الوحدة وأن عناصر "الإصلاح" أسهموا بدور كبير في وضع وإخراج الميثاق الوطني للائتلاف الذي يعتبر القاسم المشترك بينهما وهو الدليل النظري على هذا الانسجام, كما توجد قواسم مشتركه أخرى كثيرة منها التمسك بالشريعة الإسلامية وتطبيقها ورفض أي قانون يتعارض مع نص شرعي والحفاظ على المصالح العليا للبلاد ووحدتها واستقلالها بالإضافة إلى عشرات العوامل المشتركة التي تربط الحزبين.

·      هناك من يؤكد قيام بعض الشباب بتبني "الجهاد" كوسيلة لحسم خلافهم السابق مع الحزب الإشتراكي وأنهم بعد اختفاء خصومهم الآن عادوا إلى حياتهم العادية وأن ملفات إدانتهم اختفت من سجلات الأمن الإشتراكي في عدن والمكلا وأن بعضهم التحق بأحد حزبي الائتلاف من دون محاكمة؟

§      الإخوان في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية كان لهم ثأر عند الحزب الإشتراكي الذي سفك دماءهم وهتك أعراضهم ونهب ممتلكاتهم ولكن عندما انتهى الحزب الإشتراكي وهربت عناصره إلى الخارج لم يكن لديهم أي مبررات لاستمرارهم في ما كانوا فيه.

·      ولكن يقال أنهم ارتكبوا بعض الجرائم في حق الاشتراكيين والآن لم يحاكموا؟

§      أكبر جريمة يمكن أن يرتكبها مواطن من أهالي عدن أو المحافظات الجنوبية الأخرى لا تساوي ذرة من جرائم الحزب الإشتراكي الذي ارتكبها ضد الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية.

·      هل صحيح أن الشركات الأجنبية في اليمن استأنفت التنقيب في اليمن؟

§      نعم هذا صحيح لأن الوضع الأمني مستتب, وهذه الشركات تعمل الآن في اطمئنان كما أن القوانين التي صدرت أخيراً جاءت في مصلحة النشاط الاستثماري وحركة رؤوس الأموال والمجال مفتوح لكل الشركات لتعمل بحرية.

·      بعض قيادات المؤتمر الشعبي تتهم التجمع اليمني للإصلاح بالخروج على وثيقة الائتلاف خصوصاً في ما يتعلق بالزحف التنظيمي والإداري على عناصر المؤتمر ومواقعه القيادية وفي الوظائف العامة فما هو تعليقكم؟

§      هذا كلام غير صحيح ولا توجد أي حساسيات مع المؤتمر الشعبي لا في هذا الجانب ولا في غيره من المجالات.

·      ما هو موقفكم من ما يجري حالياً من تطبيع للعلاقات بين العرب وإسرائيل؟

§      أرى أن الخطوة التي تمت كانت سريعة أكثر من اللازم وكان المستفيد الأول من عملية التطبيع العدو الصهيوني لا الشعب الفلسطيني ولا أرى أن هناك سلاماً حقيقياً ما لم يحصل الفلسطينيون على كامل حقوقهم.

·      ولكن هناك دول عربية اتخذت خطوات متقدمة في هذا المجال, فرئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين زار سلطنة عمان.

§      لا يحق لنا أن نتحدث عما تراه أي دوله من الدولة  العربية أنه يناسبها أما بالنسبة إلينا في اليمن فإننا بعيدون كل البعد عن المنطقة التي توجد بها الدولة العبرية ولم نكن من دول المواجهة أو من مجموعة "التصدي والصمود" كما كانت تسمي نفسها وسيكون موقفنا آخر المواقف العربية التي تتجه أو تفكر في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

·      ماذا عن اليهود اليمنيين الذين جاؤا إلى إسرائيل وأقاموا فيها؟

§      ما بقي في اليمن من يهود بعد الهجرة التي تمت في عامي 1948 و 1950 عدد قليل لا يتجاوز 1000 شخص أقلية صغيرة وتتمتع بكل حقوق المواطنة, وهم في تناقص مستمر يوماً بعد يوم حيث يسافرون كغيرهم من المواطنين إلى أوروبا وأمريكا بحجة تلقي العلاج أو الدراسة أو زيارة أقاربهم ثم يهاجرون من تلك الدول إلى إسرائيل.

·      ما هو رأيكم في ظاهرة العنف التي تمارسها بعض الجماعات الإسلامية المتشددة في عدد من الدول العربية؟

§      نحن في اليمن نرفض العنف والإرهاب فلا نقبل بوجوده بيننا كما ندين ونرفض وقوعه في مختلف الدول الإسلامية والعربية لان هذا الأسلوب ليس من الإسلام ولا تقره الشريعة الإسلامية لأن الدين الإسلامي هو دين التسامح والرحمة والعدل, وأعتقد بأن ما يحدث من إرهاب سواء كانت تقوم به جماعات أو أفراد أو تمارسه الأنظمة الحاكمة أمر مرفوض وهو عنف يجب أن ندينه مهما كانت مسمياته ولكن لا يجوز أيضاً أن ننساق وراء المفهوم الذي تتبناه الدول الغربية بأن من لم يكن تابعاً لها فهو إرهابي أو أن من يعارض التطبيع مع إسرائيل  فهو إرهابي. فما تقوم به القوات الإسرائيلية في فلسطين وجنوب لبنان أبشع أنواع الإرهاب والعنف حيث يضطهدون المواطن الفلسطيني ويذلونه ويصادرون حقوقه وينتهكون حرماته ويضعونه في السجن ليقيموا على أرضه مستوطنة ليهودي أحضروه من أمريكا وروسيا أو من أوروبا كما أن ما يحدث في البوسنة والهرسك والشيشان يعتبر من أبشع أنواع الإرهاب الذي تمارسه السلطات فالإرهاب يجب أن يدان أياً كان مصدره وحيثما كان سواء كان تحت مظلة الإسلام أو تحت مظلة الديمقراطية.

·      ما هو تعليقكم على اختطاف الطائرة الفرنسية في الجزائر الأسبوع الماضي؟

§      هذه عملية قرصنة إرهابية نرفضها وندينها بشدة .

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp