الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر ( للصحوه ) 9/3/1995م : مذكرة التفاهم نزعت الفتيل ومنعت انفجار الصراع بين البلدين الشقيقين

 

صحيفة الصحوة - 9/3/1995م

 

-       مذكرة التفاهم نزعت الفتيل ومنعت انفجار الصراع بين البلدين الشقيقين

-       وضعنا آليات لحل المشاكل وتطوير العلاقات

 

عقب توقيع مذكرة التفاهم بين بلادنا والمملكة العربية السعودية الشقيقة والتي تعتبر إنجازاً وطنياً وقومياً مهماً ، حرصت ((الصحوة))على التقاء الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب رئيس الوفد المفاوض الذي حرص على متابعة المفاوضات حتى لحظة التوقيع على المذكرة.

وقد حاورته حول عدد من النقاط المتصلة بهذه الموضوع وفيما يلي نص الحوار:

 

·      بعد شوط طويل من التفاوض- أمتد حوالي شهر ـ بين بلادنا والسعودية تم التوقيع على مذكرة التفاهم .. كيف تقيمون العلاقات اليمنية – السعودية ، وهل ترون أنه كان بالإمكان الخروج بأفضل من مذكرة التفاهم؟

§      علاقتنا مع المملكة العربية السعودية شابها ما شابها من القطيعة وسوء العلاقات خلال الأربع سنوات الماضية بعد حرب الخليج أو أزمة الخليج ، وفي الحقيقة لم يكن بيننا والمملكة العربية السعودية خلاف سياسي أو غير ذلك وإنما الخلاف الحقيقي القديم والجديد والدائم هو الخلافات الحدودية ، والأشقاء في المملكة العربية السعودية ومن سنوات عديدة حتى ما قبل حرب الخليج وما قبل الوحدة بسنوات والعلاقات بين اليمن والمملكة أفضل ما يكون وهم يطرحون ويلحون باستمرار على ضرورة إنهاء قضايا ومشاكل الحدود.

وكان قبل الوحدة هناك حكومة في عدن وحكومة في صنعاء وكل نظام يخشى مزايدة النظام الآخر في قضايا الحدود لأنها مزايدة وإلا فالعالم كله فيه قضايا حدود كثيرة وكل الدول تتحاور وترسم حدودها وتنتهي منها ، لكن كان وجود دولتين المثبط والمعرقل أو المعوق لإنهاء مشاكل وقضايا الحدود بين اليمن والسعودية وكان موقف الرئيس ومن قبله من الرؤساء وموقف حكومتنا أو ردهم أو اعتذارهم أن تسوية الحدود في وجود دولتين شطريتين في اليمن فيه ضرر وإحراج ونحن قادمون إن شاء الله على الوحدة ومن بعد قيام الوحدة سيتم حل المشاكل الحدودية بكل سهولة . إلا أن من المؤسف أنه لم يكد يمر على الوحدة ثلاثة أشهر إلا وحصلت أزمة الخليج فعقدت الموقف وتأزمت العلاقات بين اليمن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج بالكامل.

وأثناء الفترة الانتقالية كان الوضع عندنا أسوأ وكانت المزايدة بين الحزبين الحاكمين أكثر مما كانت بين الحكومتين الشطريتين. وهكذا ظل الخلاف مستمراً ودائماً وزادت حدته وكلما حاولنا أن نستشف من أين المدخل والمخرج فلا نجد أمامنا إلا خلاف الحدود.

وفي الفترة الأخيرة أصبح الموقف خطيراً على طول الحدود بين بلادنا والمملكة وهي الحدود الممتدة من البحر الأحمر إلى حدود سلطنة عمان وأصبح الموقف العسكري على وشك الانفجار فكل جانب يحشد قواته على الحدود ، ولهذا جرت الاتصالات الثنائية بين الحكومة والمملكة العربية السعودية وحصلت وساطات من قبل أطراف عربية مما أدى إلى تشكيل وفد تفاوضي رفيع المستوى وذهبنا إلى السعودية على إثر التفاهم والاتصالات الخاصة وعبر الدول التي اتصلت وتم اللقاء والتفاهم وتدارك الوضع وتفادي وقوع مالا تحمد عقباه.

وعلى هذا الأساس سافرنا مع وفد كبير إلى المملكة العربية السعودية في 21 شعبان بعد التمهيد من قبلنا ومن قبل الدول التي توسطت واجتمعنا بالمسئولين في المملكة وطرحنا المشروع والذي نحمله والمقر من القيادة السياسية – قبل سفرنا – الذي تضمن تصورات واضحة ونقاطاً محددة ، وقد تم التوصل إلى هذا المشروع بعد الاتصالات المتبادلة بين الرئيس علي عبد الله صالح والملك فهد ووفود متبادلة حملت رسائل تتضمن آراء ومقترحات وتأكيد الجميع على أن اتفاقية الطائف هي الأساس ، وأول رسالة كانت في شهر رمضان 1414هـ حملتها أنا ثم تبعتها رسالة أخرى حملها وزير الخارجية – حينذاك - الأستاذ/ محمد سالم باسندوة، وكان الدكتور عبد الكريم الإرياني المبعوث الذي حمل آخر رسالة في شهر ذي القعدة 1414هـ ومن جانبهم كذلك وصلت رسائل منها التي حملها مبعوث الملك فهد الدكتور عبد العزيز الخويطر .

وبعد الحوار مع الفريق السعودي المفاوض تم الوصول إلى مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها ليلة 27 رمضان وأعلنت عبر وسائل الإعلام والتي تضمنت الأسس والإجراءات التي سيتم بموجبها التفاوض لحل مشكلة الحدود ووضع أسس واضحة للعلاقات بين البلدين مستقبلاً وإعادتها إلى الوضع الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه.

والشيء المهم هو أن هذه المذكرة قد نزعت الفتيل ومنعت انفجار الصراع بين البلدين الشقيقين بعدما كانت قوات الطرفين قد حشدت على الحدود وأصبحت المواجهة متوقعة بين لحظة وأخرى. فعادت الطمأنينة إلى نفوس أبناء الشعبين الشقيقين وغمرتهم الفرحة ، كما أنها قد نالت استحسان ومباركة وتأييد الكثير من الدول الشقيقة والصديقة لأنها عمل وإنجاز كبير وخطوة هامة على طريق تصحيح العلاقات بين البلدين الشقيقين ستتبعها خطوات إن شاء الله بعدما انتهت القطيعة وبدأ الحوار والتفاهم بين المسئولين في البلدين.

·      يلاحظ أن مذكرة التفاهم اقتصرت على تشكيل لجان متعددة لمواصلة التفاوض وإنجاز المهام المناطة بها.. البعض يرى أن هذه اللجان ترحيل للمشكلة وليست حلاً لها.. فما رأيكم وما هي الضمانات لاستمرارية هذه اللجان؟

§      مذكرة التفاهم وضعت الأسس وحددت الإجراءات ، وهذه اللجان هي الآليات التي ستتولى وضع الحلول للمشاكل ، فليس هناك ترحيل للمشكلة وإنما هناك خطوات عملية لحلها.

أما ضمانة استمرارية هذه اللجان فإن الحرص الموجود عند قيادتي البلدين على إنها كل الخلافات ، هذا الحرص وحسن النية من الجانبين كفيل بضمان استمرارية هذه اللجان حتى إنجاز مهامها.

·      إذا كان الوصول إلى تشكيل مثل هذه اللجان قد أستغرق كل هذا الوقت.. فما هو الوقت الكافي – بنظركم – لكي تتمكن هذه اللجان من إنجاز مهامها.. وما هو الحل إذا أخذ التفاوض وقتاً طويلاً جداً ؟

§      القضايا الكبيرة مثل القضايا التي كانت معلقة بين البلدين والتراكمات التي حدثت خلال الفترة الماضية ما كانت تستدعي هذا الوقت الذي يعتبره البعض طويلاً ، بينما نعتبره نحن دليلاً على حرص الطرفين على الوصول إلى أفضل النتائج.

والقضايا التي ستتولى اللجان بحثها مختلفة، فمنها ما يحتاج إلى وقت قصير ومنها ما يحتاج إلى وقت أطول بحسب طبيعة كل قضية والمهم هو البدء والجدية والمصداقية في التعامل مع كل قضية فإذا ما توفر ذلك – وهو متوفر والحمد لله- فإن الوقت لن يكون طويلاً إن شاء الله.

·      هل تعتقدون أن مهمتكم في التفاوض حول قضية سياسية تتعارض وطبيعة توليكم لرئاسة السلطة التشريعية في البلاد؟ وماذا حقق وجودكم ومشاركتكم في هذه المفاوضات؟

§      ليس هناك أي تعارض إطلاقاً ، وما قمنا ونقوم به واجب وطني ينبغي على كل قادر أن يؤدي فيه دوراً أن يقوم به من أي موقع كان، وأعتبر أن أي عمل فيه مصلحة لليمن يجب أن أقوم به سواء كنت في هذا الموقع أو غيره مادمت قادراً على القيام بهذا العمل الذي يخدم أبناء وطني.

أما ما تحقق من وجودي في هذه المفاوضات فيمكن أن تسأل غيري عنه لأن الحديث عن النفس وما يقوم به الإنسان صعب ، ويمكنك العودة إلى ما كتبته وسائل الإعلام الخارجية عن ذلك.

·      مع وجود أجل غير معلوم لتشكيل اللجان المنبثقة عن مذكرة التفاهم للقيام بمهامها.. ما هي النتائج المباشرة لتوقيع هذه المذكرة للبلدين الشقيقين؟

§      النتيجة المباشرة والواضحة لتوقيع مذكرة التفاهم هي نزع فتيل الصراع ومنع الانفجار والاتفاق على اعتماد الحوار المباشر كوسيلة لحل الخلافات بين الأشقاء، وهذه النتيجة في حد ذاتها عمل عظيم لأنها جنبت البلدين الشقيقين والشعبين الجارين الآثار الخطيرة لأي صراع يحدث بينهما – لا سمح الله- وهذا الانفراج الذي حصل قد ظهرت آثاره الإيجابية عند المواطنين في البلدين الذين عادت إليهم الطمأنينة وشعروا بالفرحة بعد زوال عوامل القلق الذي خيم عليهم في الفترة الماضية.

·      أكد الطرفان في مطلع مذكرة التفاهم تمسكهما بشرعية وإلزامية معاهدة الطائف وملاحقها… فكيف تنظرون إلى هذه المعاهدة كأحد أسس التفاوض وباعتبارها منظومة متكاملة للعلاقات بين البلدين؟

§      معاهدة الطائف معاهدة ملزمة للبلدين وقد تضمنت التزامات وحقوق وواجبات على البلدين ، وهي ليست اتفاقية لترسيم الحدود فقط، بل هي معاهدة نظمت علاقات البلدين في مختلف المجالات ورتبت حقوقاً لمواطني البلدين والتزامات على الدولتين ووضعت أسساً للتعاون المشترك بينهما ، ولذلك فإننا ننظر إليها نظرة شاملة ونعتبرها منظومة متكاملة يجب الالتزام بكل ما اشتملت عليه من الحقوق والواجبات المتبادلة لأن في ذلك مصلحة الشعبين الشقيقين وضمان استقرارهما واستقرار المنطقة .

·      على مدى شهر كامل من المفاوضات توقع البعض فشلها وتوقع آخرون تأجيلها.. فهل تحدثونا عن طبيعة الصعوبات والعراقيل التي واجهت المفاوضات وما تقييمكم لدور الوساطات من الأشقاء والأصدقاء؟

§      في البداية نسجل شكرنا وتقديرنا لكل الأشقاء والأصدقاء الذي قاموا بالوساطة بين البلدين ، ومن الطبيعي أن توجد صعوبات أثناء التفاوض حول أي قضية كانت ، لكن حسن النية والحرص على الوصول إلى نتائج إيجابية ومرضية كفيلان بالتغلب على أي صعوبات وتجاوز أي عراقيل تظهر أثناء المفاوضات، والحمد لله قد تم تجاوز كل ذلك وتوصلنا إلى اتفاق على ما تضمنته مذكرة التفاهم ، والاستمرار هو الذي أفاد المفاوضات وجعلنا نتوصل إلى ما توصلنا إليه.

أما ما يقوله المتفائلون أو المتشائمون فكل له نظرته وله تفسيره وله أمنيته .. فالذي يتمنى الخير ينظر إلى الأمور بمنظار فيه الخير والأمل ، والذي يحب الشر ينظر بصورة قاتمة، ويتمنى أن لا تنتهي القضية بخير، وهذه سنة الله في خلقه.

·      نصت مذكرة التفاهم على استمرار اللجنة الحالية المشكلة من البلدين والاتفاق على كيفية التحكيم في حال الاختلاف بين البلدين.. فما هو تصوركم لطبيعة هذا التحكيم؟

§      التحكيم واضح في المادة وإن شاء الله لا نصل إلى التحكيم ولن نضطر إليه فهناك من الروابط الأخوية وحسن النية عند الطرفين والحرص ما يجعلنا لا نصل إلى التحكيم أو الاحتياج لوساطة أحد.

·      من المتوقع أن تستمر المفاوضات وأعمال اللجان وقتاً أطول فكيف يمكن التوفيق بين مشاركتكم في المفاوضات وعملكم كرئيس لمجلس النواب ؟

§      إن الراغب والذي عنده الرغبة في تحقيق مثل هذه الأهداف العظيمة لا يعجزه شيء ، ولا يمكن أن يتعب أو يمل ، وأنا لدي الرغبة وعندي الاستعداد للقيام بهذا ، ولن تتعطل أعمال المجلس أبداً.

·      أوحت بعض وسائل الإعلام الخارجية أن هناك انقسام وتناقض في الرأي بينكم والقيادة السياسية في بلادنا.. فما حقيقة ذلك ؟

§      لا أصل لهذا وهذه من التمنيات التي يتمناها أعداء الخير والبلد والأمة، وليس هناك أي خلاف ولا تباين في وجهات النظر بيني شخصياً ورئيس الدولة ولا بين الوفد ورئاسة الوزراء ولا بين مؤسسة ومؤسسة بل الجميع متفقون على تفويت الفرصة على الأعداء من أن يوقعوا بين البلدين الشر والعياذ بالله .

وأنا هناك كنت على اتصال دائم مع رئيس الجمهورية وأعتبر ما قمت به خدمة لرئيس الجمهورية والدولة والحكومة والشعب وإرضاء لوجه الله سبحانه وتعالى وللإسلام والمسلمين ، وكان التفاهم بيننا والاتصال مستمر في كل ليلة.

·      تأرجحت مواقف بعض أحزاب المعارضة فعندما كانت الأمور تبدو متوترة كانت المعارضة تدعو إلى الاتفاق والتفاهم مع الأشقاء وعندما تم ذلك اعتبروه تنازلاً وكارثة وطنية .. فما رأيكم في هذه المواقف؟

§      المزايدة بالنسبة للعناصر أو الأحزاب السياسية في الدنيا كلها واردة ، وهناك دائماً أحزاب تحكم وأخرى تعارض ، وأحزاب المعارضة تقف موقف المعارض لأي إنجاز يحققه الحزب الحاكم أو الأحزاب الحاكمة ، وهذا مفهوم وقد يكون من طبيعة السياسة إلا إن هناك فرق بين قضايا الخلاف حولها لا يضر بالمصلحة العامة وقضايا أساسية ووطنية والوصول فيها إلى حلول يمثل مصلحة الشعب والوطن والخلاف والمعارضة حولها يضر بالشعب والوطن ، ومثل هذه القضايا لا يعارضها إلا العناصر أو الأحزاب التي لا تشعر بالمسؤولية ولا تهمها مصلحة البلد ولا تحب الخير.

·      حاولت بعض الأحزاب –أيضاً- أن تربط الاتفاق والتفاهم مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية بضرورة إجراء ما تسميه (مصالحة وطنية) معها ومعروف أنها هي تلك الأحزاب التي تبنت المشروع الانفصالي وأيدته.. فما رأيكم في هذا الربط.؟

§      ليس هناك ربط ولا يجوز أن يربط بين خطوات لمصلحة البلد وبين إرضاء فئة أو مصلحة عناصر قد لفظها الشعب وقد أفلست وأولجت أو أوغلت وتورطت في خيانة البلد والتاريخ وخيانة الأمة.

ومحاولة الربط محاولة يائسة من قبل هذه العناصر وسبق أن أجبت على بعض الصحفيين عندما سألوني بعد توقيع المذكرة حول أن هناك من يعارض هذا الاتفاق.. فقلت أن المطر له محب وكاره وهو خير، فهناك من يحبون نزول المطر، وهناك من يكره المطر.

 والأعمال الخيرة والخطوات التاريخية لا تسلم من يعارضها أو يرى فيها مساساً بمصلحته الخاصة لأنه لا يعيش إلا في الماء العكر والأجواء المتأزمة.

·      هل هناك اتفاق على قاعدة معينة يتم بموجبها تسوية الحدود الشمالية الشرقية؟

§      الحوار سيستأنف من أجل هذا الجانب وكل طرف سيحضر مالديه من وثائق والاتفاق تم على أن يكون الحوار بدل الصراع.

·      بالنسبة لما ورد بشأن وسائل الإعلام ومنع الحملات الإعلامية المتبادلة .. هل سيشمل ذلك أحزاب المعارضة؟

§      هناك قوانين للأحزاب والصحافة يجب أن تطبق وفيها الكفاية والتساهل ما هو إلا من الأجهزة التنفيذية وإلا فلديها – قانونياً- ما يحد من سفه السفهاء.


·      هل من كلمة أخيرة تودون قولها بهذه المناسبة؟

§      أهم ما في الأمر هو تجنيب البلدين الكارثة والصراع الدموي الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة. وهذه الخطوة الهامة والمهمة المتمثلة بمذكرة التفاهم تفتح الباب للحوار وتطبيع العلاقات وإعادة التعاون بين البلدين ، والعالم كله معجب بما تم ومؤيد، كذلك فإن الشعبين تنفسا الصعداء والحمد لله أولاً وأخيراً.


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp