الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في حوار مع صحيفة 26سبتمبر – 26/9/1998م : ما كتب عن تاريخ الثورة حتى الآن ما يزال قاصرا أو هناك تشويه للحقائق

 

صحيفة 26 سبتمبر - 26/9/1998م

 

-       ما كتب عن تاريخ الثورة حتى الآن ما يزال قاصرا أو هناك تشويه للحقائق

-       هناك من سرقوا جهود الآخرين ولم يكن لهم أي دور يذكر

 

حين يرد اسم عبدالله بن حسين الأحمر وخاصة في أعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فإن تاريخ الثورة اليمنية يطل بصفحاته كاشفا عن نضال طويل وثورية متقدة تربت عليها أسرة كاملة وجعلت الشهادة في سبيل الوطن بابا من أبواب الحياة بدأً من الأب الشهيد الشيخ حسين الأحمر ثم الأخ الشهيد حميد بن حسين الأحمر ليظل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر حاملا رأية النضال المقدس ضد الإمامة المتسلطة إلى يوم تفجير الثورة في الـ26 من سبتمبر ويتواصل ذلك النضال والاستبسال في سنوات الدفاع عن الثورة من خلال تلك الوقفة الشجاعة والصادقة ضد الملكيين والقوى الخارجية التي وقفت معهم لوأد الثورة.

وكان قد حدد لقائي بالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب بعد جهد لكثرة مشاغله، ركزت على إجراء حواري معه على فترة ما بعد قيام الثورة، تلك الفترة الحرجة جدا والتي لولا ذلك الكفاح المستميت من قبل الجمهوريين لكانت الجمهورية سقطت. وكنت قد حددت مجموعة من الأسئلة والاستفسارات عن انشقاق الجمهوريين وأحداث أغسطس 68 وما جرى خلالها من صراع بين الجمهوريين أنفسهم، وكنت أريد الغوص في ذاكرة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وأنتزع أسرار جديدة من أسرار الثورة وما تلاها غير أني وقد صرت في ديوانه كان على الانتظار حتى ينصرف القبائل من عنده فقضاياهم ومشاكلهم وهمومهم وضعوها بين يدي الشيخ في أوراق كثيرة تقدم إليه من الشكوى إلى المساعدة إلى من يطلب تعميده بأن يصبح شيخ قرية أو شيخ ضمان.. وبعد أن انصرفوا جميعا لم يكن باستطاعتي غير الحصول على ما في هذه المقابلة كعناوين فقط أضعها بين يدي القارئ لأن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر كان بعد المقابلة على موعد مع قضايا تتعلق بمجلس النواب وقضايا كثيرة غيرها.. وهذه حصيلة الحوار المقتضب:

·      بداية.. ما كتب عن الثورة وتاريخ الثورة من خلال أرائكم ومتابعتكم، هل وجدتم في بعضه إبرازا لذاتية الكتاب وإغفال وقائع كان مفترضا أن لا تهمل ؟

§      الكتاب يختلفون منهم من ينطلق بكتابة من الحرص على الحقائق والحرص على التاريخ أن يكون صادقا وليس مزيفا، ومنهم من ينطلق من منطلق حزبي.. يعني أنه ناتج عن أغراض وأحقاد. ومنهم من يكتب وليس عنده المعلومات الكافية او الحقائق الصادقة.. كل ما كتب لم يستوعب كل ما يجب كتابته وكل ما ينبغي تأصيله من الحقائق والأدوار والمواقف وهناك تشويه للحقائق

·      تشويه مثل ماذا.. ما الذي لفت انتباهكم مشوها؟

§      لا أستحضره الآن ولكن من خلال قراءتي لكل شيء في وقته وجدت أشياء غير مستوفاة.. هناك أشياء مجافية للحقائق هناك أشياء فيها تجني.. أشياء مغلوطة.

·      الرئيس علي عبدالله صالح أعاد الثوار والمناضلين من منافيهم وكرمهم ورد إليهم اعتبارهم.. بحكم زمالة نضالكم الطويل للثوار والمناضلين، من من الثوار لم ينصفوا حتى الآن؟

§      هناك من الناس المغمورين الذين قاموا بأدوار كبيرة ولم ينصفوا ولم ينفوا إلى الخارج ولكنهم (منسيين) من المضحين والمناضلين من ضباط ومشائخ ومدنيين أما الذين كانوا على رأس الأنظمة الماضية وجاءت ظروف جعلتهم يغادرون البلد فهؤلاء قد عادوا في عهد الرئيس علي عبدالله صالح.

·      لكن ألا ترون بحكم موقعكم الآن كرئيس لمجلس النواب وبحكم نضالكم الطويل، الإشارة إلى من أهملوا للتعريف بهم وإنصافهم؟

§      أكثر المناضلين قد أصبح عندهم يأس وقنوط وانعدام الأمل من المراجعة والمتابعة.. هناك أناس سرقوا جهود الآخرين ولم يكن لهم أي دور.. وما أكثر المتزلفين والوصوليين والقادرين على التحايل والتزييف والكذب مثل هؤلاء هم الذين وصلوا واستفادوا واستغلوا جهود الآخرين.. وهم كثير.

·      إذا تحدثنا عن أيام ما بعد قيام الثورة.. ما أسوأ أيام واجهتموها؟

§      أستطيع القول بأن هناك مواقف حرجة مرت بنا وهي أيام الدفاع عن الثورة، منها حصار صنعاء وما سبقه من أزمات وأدوار مضنية وخلال الحصار وما عانيناه وبعد الحصار ومنها بعض المعارك التي لم ننجح فيها أو أصبنا فيها بخسائر في عناصر مناضلة من مشائخ حاشد وغيرهم في سقوط صعدة وحصار حجة.. أيضا هناك تمرد بعض الوحدات العسكرية عام 1968م وبعض المواجهات مع النظام الشيوعي الذي كان يحكم الشطر الجنوبي مثل معارك قعطبة وسقوطها وسقوط البيضاء ومعارك المناطق التي كانت تفصل بين الشمال والجنوب (سابقا) وما صاحبها من ممارسات إجرامية في المناطق الوسطى مثل نسف البيوت بسكانها بالألغام والقنابل وقتل العلماء والمشائخ والتجار وملاحقتهم إلى خارج اليمن في بيروت ولندن.. هذه وغيرها من الحوادث كانت مريرة..

·      يقال بأن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ضمن انشقاقات الجمهوريين قد انشق هو الآخر بقوة ثالثة.. لماذا حدثت الانشقاقات أصلا وخاصة عامي 65 ، 66م ؟

§      حدث الانشقاق من أجل تصحيح مسار الثورة وتصحيح الخروج عن خط ومبادئ الثورة.

·      ما الذي كنتم متفقين عليه واختلفتم حوله ؟

§      هناك مبادئ للثورة حصلت مخالفة لها وأدى إلى هذا الانشقاق.

·      من كان وراء الانشقاق.. ودعا إليه؟

§      الشهيد الزبيري رحمه الله تعالى أول من دعا إلى تصحيح المسار وحقن الدماء وإلى عدم استغلال القرار اليمني وعدم التدخل من قبل القوات المصرية التي جاءت لتساعد اليمن على حماية الثورة عسكريا ولكنها تجاوزت هذا الدور وأصبحت تسير الحكم أيام المشير عبدالله السلال .. ولا أدل على ذلك ما حصل في سنة 66 م من إعتقال زعماء الجمهورية رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة والضباط القياديين في القاهرة وما حصل في صنعاء من جرائم واعتقالات واغتيالات وإعدامات لعدد من قادة الثورة وعلى رأسهم العميد الثائر محمد الرعيني.

·      كنتم قبلها قد حضرتم عام 65م مؤتمر حرض كواحد ممن مثل الجمهوريين أمام ممثلي الملكيين.. لماذا لم ينجح المؤتمر. قيل بأنكم لم يكن لديكم حتى ورقة عمل فيه ؟

§      بالنسبة لنا – الجانب الجمهوري – حضرنا مؤتمر حرض بحسب التوجيهات من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اتفق مع المملكة العربية السعودية على عقد هذا المؤتمر بدون نتيجة لأن المسئولين المصريين طرحوا علينا الحل الذي اتفق عليه الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل بقيام دولة تسمى (دولة اليمن).

·      قيل بأنها حكومة لا ملكية ولا جمهورية؟

§      بل دولة وليس حكومة .. ولهذا رفضنا ما طرح وفشل المؤتمر .

·      كأحد مشائخ الجناح القبلي.. هل كان بينكم وبين الضباط الأحرار اليمنيين تنسيق قبل تفجير الثورة؟

§      نعم التنسيق كان موجودا.

·      يطرح البعض بأن القائد الفعلي للثورة هو السلال وآخرون يقولون بأنه الشهيد علي عبدالمغني وفريق ثالث يطرح أسما آخر.. من كان القائد الحقيقي للثورة.. من كان المنظم والمبرمج؟

§      كل واحد قام بدوره على قدر طاقته ومكانته سواء من الضباط أو العلماء أو المثقفين أو من المشائخ وأي ثورة لابد لها من رئيس فالزعيم السلال هو أول رئيس جمهورية الذي أعلن يوم قيامها.

·      هل عرض على الشيخ عبدالله بعد قيام الثورة أن يكون رئيسا للجمهورية؟

§      لم يعرض علي ولو عرض علي ما كنت لأقبل لأن تحمل المسؤولية سيكون لمرحلة محدودة وينتهي الدور وأنا حريص أن يكون دوري دور المدافع عن الثورة والحامي لها لمراحل متواصلة.

·      وبالنسبة لأخيكم الشهيد (حميد) ماذا تقولون عنه؟

§      الشهيد (حميد) استشهد مبكرا وهو في الثلاثين من عمره وأهم دور قام به هو التحضير لقيام الجمهورية وهو أول من أفصح بهذا في حين كانت التغييرات في اليمن تقتصر على قيام إمام بدلا عن إمام وقد كان رحمه الله شجاعا وطموحا وعنده تطلع للزعامة وكان عنده من الوعي والثقافة والموهبة ما يمكنه من هذا .

·      هل كان يوم الـ(26 من سبتمبر) اليوم المحدد لتفجير الثورة؟

§      كان التخطيط للثورة موجودا ولم يتحدد إلا بعد وفاة الإمام .

·      لأول مرة كيف تعرفتم على السلال والقاضي عبدالرحمن الإرياني والأستاذ النعمان؟

§      تعرفت عليهم بعد عام 1948م وهم في السجن وبعد خروجهم من سجن حجة والقاضي عبدالرحمن الإرياني كان الموجه والمرجعية والمعلم والأب الروحي للثورة والثوار وكذلك الأستاذ النعمان رحمه الله.

·      لو لم تكن القوات المصرية قد جاءت لمساندة الثورة.. ماذا كان سيحدث؟

§      الواقع أن المصريين في بداية الثورة بعد إعلان الجمهورية كان لهم فضل كبير في حماية الثورة في مهدها قبل أن يقوي عودها وتترسخ جذورها.

·      لماذا لم تتحقق الوحدة اليمنية بعد استقلال المحافظات الجنوبية والشرقية عام 67م؟

§      كان الطبيعي هو إعلان الوحدة فور خروج المستعمر الإنجليزي من عدن وهذا ما كان ينتظره الجميع.. الشعب جميعا ولكن الذين استلموا السلطة في عدن والمحافظات الجنوبية سارعوا بإعلان دولة مستقلة وتعمق بذلك البعد والإصرار على بقاء التشطير بعد وجود النظام الماركسي في عدن.

·      ماذا يقول الشيخ عبدالله في هذه المناسبة؟

§      كلمتي في هذه المناسبة أوجهها لأبنائي الشباب الذين لم يعرفوا الماضي المظلم والمتخلف الذي عاشته اليمن قبل الثورة السبتمبرية المباركة.. وبالتالي فهم لا يدركون النقلة الكبيرة التي أحدثتها الثورة في البلاد ووضعتها على طريق النهضة والتقدم.

أقول للشباب إقرأوا التاريخ لتعرفوا كيف كانت اليمن وكيف أصبحت ولتعلموا حجم التضحيات التي قدمها آباؤكم لترسيخ النظام الجمهوري الذي تنعمون اليوم بخيراته.

وأقول لهم .. لا تقارنوا أحوال اليمن بغيرها من البلدان اليوم ولكن قارنوا بين ماضي اليمن وحاضره لتعرفوا مدى التغيير الذي صنعته الثورة في حياة الشعب والآفاق التي فتحتها أمامه للانطلاق صوب المستقبل ، ولتعلموا أن الثورة كانت ضرورة ليتخلص الشعب من عهد الجمود والتخلف وحتى يلحق بركب الحياة ويشعر بإنسانيته ووجوده بين الشعوب.

ولذلك يحق لنا أن نفخر ونحن نحتفل بأعياد الثورة أن نعترف بفضل أولئك الثوار الذين حملوا رؤوسهم على أكتافهم عشية 26 سبتمبر 62م وأولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم رخيصة للدفاع عن النظام الجمهوري حتى ترسخ.. وعلينا جميعا أن ننظر إلى المستقبل وأن نواصل العمل حتى تتحقق كامل أهداف الثورة ومضامين النظام الجمهوري القائم على الشورى والحرية والعدل والمساواة.

وفي الختام أهنئ كل أبناء اليمن الواحد بهذه المناسبة الغالية علينا وكل عام والجميع بخير.

 


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp