الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في حديث لمجلة الأهرام العربي 28/2/1998م حول القبيلة وبعض القضايا المختلفة

 

مجلة الأهرام العربي - 28/2/1998م

 

حين اندلعت الثورة اليمنية في عام 1962م كان عبد الله بن حسين الأحمر في السجن الذي دخله مناضلاً من أجل الثورة ، وخرج منه ليتولى منصب وزير الداخلية ، فقد من أجل الثورة والده وأخاه ، ودافع بعد ذلك بأكثر من ثلاثين عاماً عن الوحدة ، وترأس مجلس الشورى في عام 1971م  ، وشغل رئاسة أول مجلس نواب منتخب في عهد الوحدة ، لعب دوراً كبيراً في احتواء الخلاف على ترسيم الحدود مع السعودية ، وساهم في وضع أسس ثابتة للعلاقات مع مصر ذلكم هو الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد كبرى القبائل اليمنية والتي ينتمي إليها رئيس الجمهورية الفريق علي عبد الله صالح ، يعتبره اليمنيون الرجل القوي في كل العهود بداية بالإمام مروراً بالجمهورية وانتهاء بالوحدة ، يملك عقلية السياسي المخضرم ، ويعيش بمنطق زعيم القبيلة حتى وإن خلع زيه اليمني التقليدي ، وفي الحوار معه يصعب الفصل ما بين السياسي والحياة الشخصية له ، فهو واحد من القلائل الذين ترتبط سيرتهم الذاتية بتاريخ الوطن وذاكرة الأمة .

·      سجنت وناضلت في فترة حكم الإمام وأصبحت مسئولاً في عهد الجمهورية والوحدة لكن كيف كان تعليمك السياسي وتوجهك الإسلامي ؟

§      أنا مثل أي يمني نتاج البيئة والعادات والآداب الإسلامية ، حيث تعليم القرآن في المنازل وفي الكتاتيب ، فالتوجه الإسلامي طبيعي لدى الشعب اليمني كله ، أما المسئولية السياسية فقد توليتها وأنا عمري 16 سنة حينما سجن والدي الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر وأخي حميد .

·      من المعروف أن أسرتكم تتولى مشيخة قبيلة حاشد منذ أكثر من 350 عاماً ، فهل  هناك تربية سياسية معينة يتلقاها الأبناء لكي يصبحوا شيوخاً؟

§      طبعاً الشيخ يربي أولاده تربية سياسية واجتماعية إضافة إلى ما نتعلمه من الحياة وكما قلت فالحياة اليمنية لها طبيعة خاصة ونشأة خاصة .


·      خلال حكم الإمام استشهد والدك وأخوك فكيف أثر ذلك عليك ؟

§      كنت وقتها أبلغ من العمر 26 عاماً وقد اعتقلت وظللت في السجن حتى قيام الثورة ، لكنني توليت أمر حاشد وأخذت أدبر أمورها وأنا في السجن وقد استشهد والدي وأخي من أجل قيام الجمهورية ومن أجل التغيير إلى الأفضل ونحن واصلنا المسيرة .

·      من المعروف أن الرئيس علي عبد الله صالح أحد أبناء قبيلة حاشد التي أنت شيخها ، وأن النظام القبلي يفرض ولاية لشيخ القبيلة على كل أفرادها فكيف تدور العلاقة بينك وبين الرئيس  ؟

§      كل أبناء اليمن ينتمون إلى قبائل من رئيس الجمهورية إلى الوزراء والجيش ، كما أن كل رؤساء اليمن ينتمون إلى قبائل ، والعلاقة بيني وبين الرئيس مثل علاقتي بكل الرؤساء السابقين " السلال والإرياني "  وأنا أضع نفسي وثقلي وقبائلي في خدمة الدولة ودعمها ودعم الوحدة والدفاع عنها كما جرى في الماضي ويحدث في الحاضر .

·      لكن ماذا عن آلية صنع القرار السياسي في اليمن هل يناقش داخل القبيلة قبل عرضه على الدوائر السياسية ؟

§      لا دخل للقبيلة بالأمور السياسية وأفراد القبيلة مواطنون لا دخل لهم بالسياسة ومن يرغب في العمل السياسي ينخرط في الأحزاب السياسية وهي مشروعة في اليمن.

·      الشيخ عبد الله الأحمر خلف والده الشيخ حسين الأحمر في مشيخة القبيلة لكن
من يخلفك ؟

§      لم أرشح أحداً فأنا مثل غيري من مشايخ القبائل عندما ينتهي دوره ويتوفاه الله  يهيئ الله أحداً من الأبناء أو الأقارب أو من القبيلة تلتف حوله القبيلة ويصبح شيخها فالعملية تتم بشكل يشبه الانتخاب حيث تجتمع القبيلة وتختار الشيخ الجديد .

·      وهل هناك شروط معينة لانتخاب الشيخ ؟

§      طبعاً فلا بد أن يتسم بالاستقامة والمعرفة بأمور الدين والقدرة على العطاء والشجاعة ورجاحة العقل .

·      اليمن من الدول النادرة التي يسمح فيها للمواطنين بامتلاك السلاح حتى يقال أن الأسلحة الموجودة لدى قبيلة حاشد تفوق تسليح الجيش اليمني ؟

§      هنا يقاطعنا الشيخ ويقول " هذا الموضوع فيه مبالغات فالسلاح موجود عند كل القبائل وليس عند حاشد وحدها ، ونحن نملك السلاح الناري مثل البندقية ، وطبعاً لا يمكن مقارنة سلاح القبائل بسلاح الدولة التي تمتلك الطائرات والدبابات والصواريخ .

·      لكن كل هذا السلاح في يد القبائل ألا يخل بالأمن ؟

§      نحن شعب يعشق السلاح منذ القدم ، ونعتبر البندقية رمزاً للرجولة والشرف وهذا الأمر سابق على قيام الثورة ، ولم يسبق لأي حكومة أو نظام أن نزع سلاح  القبائل اليمنية ، ورغم أن حيازة السلاح وحمله مسألة عادية في اليمن فلا توجد حوادث إجرامية في الشارع ولا يتم استخدام السلاح سوى في حوادث فعل ورد فعل ومشاكل متعلقة بالثأر والأرض ، ولو أن السلاح اليمني في يد شعب آخر لوقعت حوادث إجرامية عديدة وتحولت الشوارع إلى برك من الدم .

·      هل يعني هذا الكلام أن الحكومة عاجزة عن نزع السلاح من المواطنين ؟

§      ليس بهذا المعنى فكل الحكومات السابقة لم تنزع السلاح من القبائل أو منعتها من حمله لأنها تعتبر أن السلاح الموجود في يد القبيلة هو ملك الدولة ، وأن القبائل جيش الدولة  ، وعندما تحتاجهم الدولة يكونون في مقدمة الصفوف للدفاع عن الوطن وضرب المعتدين ، وعندما أعلن الانفصاليون الانفصال في عدن وفجروا الحرب هبت القبائل من كل صوب وحدب للدفاع عن الوحدة ومواجهة الانفصاليين .

·      يقال أن ابتعادك عن الحياة السياسية في اليمن منذ ثلاثة أشهر هو ابتعاد سياسي ؟

§      بل هو ابتعاد صحي فقد سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع نوفمبر الماضي لإجراء جراحة مفتوحة في القلب وهي كما تعرف جراحة كبيرة وتحتاج لوقت طويل وبعدها للنقاهة .

·      لكن يقال أن هناك فجوة بين التجمع اليمني للإصلاح الذي تترأسه وبين الحكومة بسبب إدخال ميزانية المعاهد الدينية ضمن ميزانية وزارة التربية والتعليم بعد أن كانت في يد الإصلاح ؟

§      المعاهد الدينية تابعة لوزارة التعليم وميزانيتها ومناهجها تابعة للوزارة وليست موضوعاً خلافياً .

·      ويقال أيضاً أن اليمن ليست في حاجة للمعاهد الدينية بعد أن استنفذت الغرض الذي نشأت من أجله وهو مواجهة مدارس الاشتراكية العلمية في الجنوب ؟

§      الحاجة إلى هذه المعاهد مثل الحاجة إلى المعاهد الدينية التابعة للأزهر في مصر ومن يطالب بإلغائها إنما يفعل ذلك لدوافع سياسية وعقائدية .

·      يقال أيضاً أن انتقال الإصلاح إلى مقاعد المعارضة في الانتخابات النيابية الماضية ليس أكثر من توزيع أدوار بينكم وبين حزب المؤتمر الحاكم ؟

§      في الحقيقة بيننا قواسم مشتركة عديدة .

·      وما الأسباب التي دفعتكم إلى مقاعد المعارضة ؟

§      عندما لم ندخل الحكومة التي شكلت بعد الانتخابات النيابية الماضية وأي حزب خارج الحكومة يعتبر في المعارضة لكن الإصلاح لم يقف حتى الآن موقفاً حاداً من الحكومة.

·      مع أنك رئيس حزب معارض فقد انتخبت رئيساً لمجلس النواب ، فما تفسيرك لهذه الحالة الفريدة ؟

§      هذا هو اختيار النواب لشخص عبد الله الأحمر بغض النظر عن كونه في حزب معارض .

·      لكن هذا يعني أن القبلية في اليمن أعلى من الحزبية ؟

§      لا بل هذا راجع إلى الجانب الأخلاقي الذي تمتاز به اليمن فنحن شعب يعترف بالأدوار النضالية ولهذا انتخبني النواب رئيساً لمجلس النواب .

·      إذا انتقلنا إلى ملف الحدود اليمنية – السعودية قلت مؤخراً أنك تتمنى أن يظل الملف في يد الأمير عبد الله بن عبد العزيز  والرئيس علي صالح  فلماذا هذا التمني ؟

§      ليست أمنية ، فالملف موجود بين يدي الأمير عبد الله والرئيس علي عبدالله صالح .

·      وقلت أنك تتمنى ألا يتدخل المغرضون ، فمن تقصد بهذه الكلمة ؟

§      لا أقصد أحداً ، ولكن أية قضية إذا لم تحسم وظلت مطروحة طويلاً فإن ذلك يخلق الفرصة أمام المغرضين للتدخل ، كما أن الأخذ والرد في أي قضية من القضايا يعطي المغرضين الفرصة للتدخل .

·      وكيف يمكن إنهاء الملف بما يسمح بإيجاد حل نهائي وتسوية شاملة لهذا الموضوع؟

§      لا يوجد شيء مستحيل خاصة أن حسن النوايا متوافرة بين المسئولين في البلدين ، ولا يوجد ما يحول دون الوصول إلى حلول نهائية .

·      نعرف أنك ألقيت بثقلك وراء هذا الموضوع ، فلماذا لا تتدخل مرة أخرى لتسريع التسوية؟

§      أعتقد أن الملف في أيد أمينة كما قلت ولا حاجة إلى تدخلي لكن لو دعت الحاجة للتدخل فسأتدخل فوراً .

·      العلاقات الكويتية – اليمنية شهدت خطوة لإعادة التطبيع بين البلدين لكن هذه الخطوات لم تكتمل ماذا يحول دون عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الغزو العراقي للكويت ؟

§      اليمن فاتح صدره بشكل دائم لإعادة ومواصلة العلاقات الأخوية كما أن السفارة الكويتية في اليمن مفتوحة ، والقائم بالأعمال الكويتي موجود في صنعاء منذ عام 1990م حتى الآن ، ولم يغادرها أبداً ، ونحن من جانبنا لم نقطع العلاقات ولم نغلق السفارات .

·      لكن العلاقات لم تعد إلى ما كانت عليه ؟

§      نعم والكرة الآن في الملعب الكويتي ، ونحن ننتظر ما سيأتي منهم ، وليعلم الجميع أن عواطفنا وقلوبنا مع الكويت ، نشكرهم على تعاونهم مع اليمن في الماضي ، ونأمل أن تعود المياه إلى مجاريها ، فنحن لا نكن لهم سوى كل تقدير ومودة .

·      من المعروف أن لكم علاقات متميزة مع العراق فكيف ترون موقفه من الأزمة الأخيرة مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ؟

§      رأيي هو رأي كل مواطن عربي ما يحدث عدوان على سيادة العراق وعلى العرب كلهم .

·      ما المواقف العربية التي تقترحها لرفع الحظر المفروض  على  العراق ؟

§      مطلوب موقف صادق وإيجابي وحازم لأن المواقف الضعيفة الحالية تزيد العدو جرأة ، ولا بد أن يوحد العرب كلمتهم ويزيلوا الخلافات والتشتت الموجود بينهم ، وعندها يستطيعوا أن يقولوا لا لأمريكا ، ولأي قوى معادية ، ويصبح صوتهم هادراً وكلمتهم مهابة ، أما إذا ظلوا متشتتين فسيطمع فيهم العدو ، ولو أن موقف العرب موحد ما تمادت أمريكا وبريطانيا وإسرائيل في إهانة العرب إلى هذا الحد .

·      لكن هل تعتقد أن العراق لا يزال يشكل خطراً على أمن الخليج ؟

§      العراق لا يشكل خطراً على أحد ، وهذه المقولة كاذبة ، فالتي تشكل الخطر هي إسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية وأسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها وتتحدى الأمم المتحدة وقراراتها والاتفاقيات المبرمة مستندة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي أنها راعية عملية السلام .

·      عودة مرة أخرى إلى الشأن اليمني ، يقال أن الحرب الأفغانية قد أدت إلى تصدير الإرهاب إلى اليمن وأنه سيظهر فيها عاجلاً أم آجلاً ، فكيف ترون هذه المقولة وأنتم تترأسون واحداً من أكبر الأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية ؟

§      لا يوجد أي نوع من أنواع الإرهاب إطلاقاً في اليمن ، ولا يوجد من يستغل الدين لهذا الغرض ، وإذا كان موجوداً في بلدان عربية أخرى فإن اليمن والحمد لله خالية من الإرهاب الذي نؤكد على إدانته أينما كان وتحت أي مسمى .

·      ما رأيكم في دعوة حزب الرابطة الذي يتزعمه عبد الرحمن الجفري إلى انضمام اليمن إلى  مجلس التعاون الخليجي ؟

§      هذا مطلب رئيس الجمهورية وليس الجفري .

·      لكن الجفري أرسل رسالة بهذا المعنى إلى وزير خارجية الكويت الذي استضافت بلده القمة الخليجية الأخيرة ؟

§      من يمثل حزب الرابطة ؟؟! إنه لا يمثل أحداً ، ولا يمثل الجفري أي فرد في اليمن ، فهم مجرد أفراد هاربين من اليمن .

·      البعض يتساءل لماذا لا يستغل الشيخ عبد الله الأحمر كل الثقل السياسي والشعبي الذي يتمتع به لإجراء مصالحة  شاملة مع القيادات الجنوبية الموجودة بالخارج من أجل عودتها إلى اليمن واستعادة ممتلكاتها المصادرة ؟

§      العفو العام الذي أصدره رئيس الجمهورية في أثناء الحرب شمل الكل ، وقد عاد العدد الأكبر من الهاربين إلى البلاد ، وهم يتمتعون الآن بكل الحرية ، ويمارسون العمل السياسي والاجتماعي ، ولا توجد عقبات تحول بين عودة الموجودين في الخارج سوى من له رغبة في البقاء خارج اليمن ولا يوجد سوى 16 شخصاً مطلوبين للعدالة وهم معروفون ومن أراد أن يربط نفسه بهم فهذا شأنه .

·      ولماذا لا تتدخلون لإسقاط التهم الموجه إلى هؤلاء الستة عشر خاصة أنهم قيادات سابقة للحزب الاشتراكي اليمني ؟

§      دعني أنا أسأل : لماذا استكثر الناس علينا في اليمن أن نقاضي أشخاصاً أوغلوا في الجريمة   وتورطوا في الخيانة العظمى وفجروا الحرب وأعلنوا الانفصال ، لو حدث هذا في دولة عربية أخرى لوسعت الميادين والمحاكم للإعدامات .

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp