الشيخ عبد الله الأحمر لـ "العالم" "والأمة" 20/5/1999م : اليمن بحاجة إلى دولة مركزية قوية

 

جريدة العالم وصحيفة الأمة  20/5/1999م

 

-       اليمن بحاجة إلى دولة مركزية قوية

-        والتقارب الإيراني السعودي قوة للإسلام

 

الحديث مع الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الزعيم القبلي المعروف ورئيس مجلس النواب يفترض أسلوباً خاصاً غير ذلك الذي اعتاده الصحفيون مع محترفي السياسة والموظفين في أروقة السياسة ، حيث يبدو الحذر في طرح الأسئلة واستقصاء الإجابة عليها قاسماً مشتركاً بين المتحاورين ، وللبساطة في حياة هذا السياسي اليمني المخضرم مساحة كبيرة وأفق ممتد إلى حيث لا تجد نهاية لمقدرته على التفاعل الصادق والتلقائي مع أشد القضايا حساسية في مضمون السؤال ومغزاه ..

فهذا الرجل لا يستمد شرعية موقعه السياسي المرموق من مراهنات السياسة وصفقاتها بقدر ما يستمدها من دوره النضالي الذي لعبه في التاريخ المعاصر لليمن ، والذي بدا معه في كل المراحل والعهود السياسية رقماً صعباً وعاملاً مهماً من عوامل التوازن الذي ظل الحراك السياسي والاجتماعي والتحولات الخطيرة في حماية الشعب اليمني بحاجة إليه ، مثلما هي الحاجة الآن تبدو ملحة إليه في ظل وضع لازال يرتهن برمته إلى بنية تقليدية استعصت على التغيير وأخفقت التيارات التحديثية التي هبت على اليمن في محطات تاريخية حاسمة في تجبرها إلى واقع تتجسد فيه رؤى التغيير إلى نتائج ملموسة سواء كان ذلك على مستوى التوظيف المعاصر للقوى الاجتماعية في الساحة اليمنية أو على مستوى البناء المؤسسي للدولة ..

وهو اليوم من موقعه كرئيس لمجلس النواب وزعيم للتجمع اليمني للإصلاح الذي يقف في صفوف المعارضة لا يمكن تصنيفه وفقاً لمعايير النشاط السياسي ، سياسياً معارضاً واتجاهاً متناقضاً مع النظام القائم ، ذلك أنه في الواقع يتبوأ كل  المواقع دفعة واحدة .. فهو جزء من ملامح النظام القائم وتحالفه التقليدي مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح جعل منه أحد أهم رموز المرحلة وجزءاً لا يتجزأ من النظام ، والحركات السياسية التي أتحدت في إطار التجمع اليمني للإصلاح تستوعب جيداً الظروف التي يعيشها هذا الرجل ونعتقد أن زعامته لهذا التجمع ليس تكتيكياً مرحلياً كما يحلو للبعض أن يفسره ، بل يمثل امتداداً للاستراتيجية التي انتهجتها الحركة الإسلامية في اليمن وجعلت منها عبر كل المراحل سنداً وعضداً مهما للنظام الذي بدا أكثر محافظة خصوصاً في فترة المد الشيوعي الذي ركبت هذه الحركة موجة النضال ضده إبان التشطير في السبعينات والثمانينات وإلى منتصف التسعينات ، وهي تعتبر أيضاً أن قيادة الشيخ عبد الله الأحمر للتجمع ضرورة ملحة في سعيها الدءوب للسيطرة على مؤسسات النظام وتأسيس عهد جديد لا يبدو أنه سيختلف كثيراً في جوهرة عن طبيعة النظام القائم الذي تتناغم معه في المبادئ والأطروحات .

وحين تدلف إلى منزله الذي يحتل مساحة لا بأس بها من حي (الحصبة) في شمال صنعاء في محيط سكني يتداخل فيه التقليدي بالحديث ويحيط به سوق كبير لتداول السلع بمختلف أنواعه تشعر أن البناية الحديثة التي يسكنها الشيخ الأحمر لا تشكل عائقاً بينه وبين الحشد اليومي الذي يتجمع في البوابة الأساسية للمنزل حيث لا زال يتعين على هذا السياسي المخضرم أن يعطي جزءاً من وقته لمعالجة قضايا ومشاكل هؤلاء الناس على مختلف مستوياتهم ومهما كانت طبيعة هذه القضايا أو المشاكل من حيث البساطة والتعقيد .. فهو واجب يعتقد أن الاضطلاع به ضروري واستحقاق تفرضه مكانته المهمة في الوسط العشائري لليمن .. ولعل ما يثير الانتباه في طبيعة تفاعل الشيخ الأحمر مع زائريه معرفته الدقيقة بالناس ومناطقهم وتفهمه لكل ما يعتمل فيها من أحداث .. لكن ما شد الانتباه أيضاً أن الشيخ الأحمر بدا من تصرفاته أنه يؤيد أكثر من ذي قبل دوراً أكثر أهمية لأجهزة الدولة ذات الصلة بمشاكل المواطنين وقضاياهم ، والتي أضحت عبئاً لا يستطيع التخلص منه في زحمة برنامجه اليومي المليىء بالفعاليات واللقاءات من موقعه كزعيم حزبي ورئيس للسلطة الثانية (التشريعية) في البلاد .

لقد تعين على أن أمكث بجواره نحو ساعتين حتى فرغ من حل مشاكل المراجعين وهي كثيرة، وفي اللحظة التي خفقت فيها أصوات المراجعين وخلا المكان الرحب الذي يمكث فيه إلا من الشخصيات الاجتماعية وبعض السياسيين وأعضاء في مجلس النواب ، أمكن إجراء الحوار التالي مع الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والذي بدأنا معه من أجواء الانتخابات الرئاسية ..

·      وقد سألناه عن الإعلان المبكر للتجمع اليمني للإصلاح دعم الرئيس علي عبد الله صالح في الانتخابات المقبلة وعما إن كان هذا الإعلان يمثل ضربة للديمقراطية .. فأجاب:

§      هناك أحزاب أخرى معارضة ويمكن أن يكون المنافس منها ، أما نحن فقد رأينا ألا نرشح أي شخص غير الرئيس علي عبد الله صالح .

·      لكن مجلس شورى الإصلاح في دورته الأخيرة لم يشر إلى هذا الخيار ولم يحسمه؟

§      نعم مجلس الشورى لم يحسم هذا الأمر ولأن التصريحات الصادرة عن رئيس التجمع والأمين العام فيهما الكفاية .

·      البيان الذي صدر عن مجلس شورى الإصلاح طرق قضايا في غاية الحساسية ويبدوا أنه يؤشر إلى فتور في العلاقة مع المؤتمر ، وأقصد هنا موضوع التسهيلات العسكرية التي يقال أن هناك محادثات بشأنها مع الجانب الأمريكي ؟

§      بيان الإصلاح لم يتحدث عن  أن هناك قوة ، وإنما يحذر .. هناك صحف تتحدث عن حوار حول تسهيلات عسكرية في الموانئ البحرية اليمنية ، وهناك زيارات متكررة لبعض القادة العسكريين الأمريكيين ، ومنهم قائد القوات الأمريكية في الخليج ، وهذه تعطي مؤشرات وشكوكاً ، وهذه الشكوك تدفع القوى إلى أن تحذر من وجود تسهيلات للقوات الأمريكية أو غيرها ، أما رئيس الدولة ورئيس الوزراء فإنهما ينفيان ، ونفيهم كاف ..

·      هل تعتقدون أن مشروع الألغام مبرر لزيارة مسؤول كبير مثل انتوني زيني إلى اليمن أكثر من ثلاث مرات في أقل من عامين ؟

§      مثل هذا الكلام الذي تقوله الآن هو الذي يثير الشكوك ..

·      البيان على غير العادة تضمن قضايا تبدو في الواقع غير ذات أولوية مثل مسألة حجاب الفتيات في جامعة عدن (كلية الطب) هل باعتقادكم أن هذا التصعيد يمكن أن يعكس الاهتمامات الحقيقة للإصلاح في هذه المرحلة ؟

§      الشعب اليمني شعب مسلم وله بالإضافة إلى آداب الإسلام وتمسكه بها له تقاليد حميدة جداً ومحاولة بعض المسئولين في جامعة عدن منع الطالبات من ارتداء الحجاب هذا مؤشر خطير وبادرة خطيرة ، وإذا سكت عنها فسيتجرءون إلى ما هو أكثر .

·      موضوع الحريات وحقوق الإنسان على ما يبدو لا يمثل قضية جوهرية في برنامج التجمع اليمني للإصلاح مع أنها تتعلق بقضية أساسية في مسيرة الديمقراطية الناشئة ؟

§      نحن في الحقيقة في الإصلاح لا نريد أن نستغل حكاية حقوق الإنسان مجاراة وإقتداءً بأمريكا وغيرها ، التي جعلت من حقوق الإنسان مبرراً لفرض ما تريده على بعض الشعوب ، وبعض الدول الأسيوية والأفريقية وغيرها من بلدان العالم الثالث ، نحن لا نريد ذلك نحن نحمي حقوق الإنسان الحقيقية التي كفلها الإسلام ، أما حقوق الإنسان التي تروج لها أمريكا فلا تعنينا ..

·      وكيف تقيمون الدور الأمريكي في البلقان ؟

§      ما يجري في كوسوفو ويوغسلافيا أمر محير ، وموقف أمريكا غير واضح ولعلك قد سمعت تصريحات بعض الألبان والشخصيات الإسلامية والأوروبية ، إن ما لحق بشعب كوسوفو من دمار وتشريد نتيجة الغارات الأطلسية الأمريكية هو أكثر مما لحقهم من الصرب..

·      قانون السلطة المحلية كما اتفق على تسميته أخيراً يبدو أن التجمع اليمني للإصلاح لا يظهر القدر المطلوب من التفاعل على الأقل باعتباره صاحب أكبر عدد من مقاعد المعارضة في البرلمان .. في الواقع نريد التعرف أولاً على موقفكم الشخصي وموقف الإصلاح من هذا القانون ؟

§      هذا القانون إلى الآن لم يطرح في قاعة مجلس النواب للمناقشة ولا يزال لدى اللجنة المختصة وعندما تدرسه اللجنة المختصة وتضع الملاحظات والتعديلات التي تراها وتستوحيها من أعضاء المجلس ستقدم التقرير إلى المجلس ويطرح التقرير ومشروع القانون على القاعة ، وحينها كل عضو سيدلي برأيه الذي يقتنع فيه ..

·      وما هو موقفكم الشخصي ؟

§      موقفي الشخصي أنه من الأولويات التي تحتاجها اليمن هو وجود دولة مركزية قوية تنهي الفوضى التي تمارس في بعض المناطق ، وتحتاج إلى توطيد الأمن والاستقرار، وتعزيز مركز وهيبة الدولة ، وتصحيح القضاء ، وإيجاد العدل والأمن والاستقرار ، وهذا هو الشيء المطلوب الآن ، وعندما يوجد مثل هذا يمكن التفكير في بدائل أخرى..

·      ما هو برأيكم سبب هذا العجز في قيام الدولة القوية التي تتطلعون إليها ؟ وما هي الوسائل لتحقيق ذلك ؟

§      الأمر معروف والمبررات معروفة ، وما يوجد من الصعوبات المتعددة هي التي تسبب مثل ذلك إضافة إلى عدم توفر الجدية في أجهزة السلطة ولا سيما أجهزة الأمن والقضاء .

·      نأتي إلى قضية حساسة نوعاً ما ، وتتعلق بقضية الصراع أو الخلاف الحدودي بين اليمن والسعودية التي لم تحسم بعد والملاحظ أن ملف الحدود في ا لوقت الذي يستقر لدى فريق واحد في الحكومة السعودية نجده يتنقل بين أكثر من شخص في اليمن .. ما تعليقكم على ذلك ؟

§      هذه القضية ليست حساسة أو خطيرة ، كما ذكرت .. هي خلافات على الحدود وتحدث بين أي دولتين متجاورتين ..

·      لكن تبعات هذا الملف كبيرة على العلاقات بين البلدين ؟

§      لا يوجد صراع ولا يوجد أي احتكاكات عسكرية وما حدث في جزيرة الدويمة يمثل بالنسبة لأهمية العلاقات حدثاً عارضاً وقد تم حسمه باتفاق القيادتين من خلال الحل المؤقت إلى أن يتم الحسم النهائي ..

·      خلال زيارتكم الأخيرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية لوحظ خلو الوفد المرافق من شخصيات بارزة من أعضاء حزبكم التجمع اليمني للإصلاح ، هل يحمل ذلك دلالة من أي نوع ؟ وما هي النتائج التي أثمرتها هذه الزيارة على العلاقات بين البلدين ؟

§      زيارتي للجمهورية الإسلامية هي زيارة رسمية ، ولم تكن حزبية والوفد المرافق هم من أعضاء مجلس النواب ويمثلون المجلس ولا يمثلون الأحزاب ، والحقيقة أنني وجدت  تفاعلاً إيجابياً من الجانب الإيراني ورغبة مشتركة في تعزيز العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين ، ولقد سمعنا ولمسنا وعرفنا خلال زيارتنا طهران اهتمامهم بالقضية الفلسطينية وبالقدس الشريف ، ووجدنا أن موقفهم أقوى من مواقف الدول العربية المعنية بالأمر .. والواقع أن تبادل الزيارات بين المسئولين اليمنيين والإيرانيين وبين مجلس النواب ومجلس الشورى الإيراني خطوة جيدة وعظيمة في سبيل التعاون والتلاحم والتنسيق بين المجلسين والبلدين في كل القضايا التي تهم وتعود بالمنفعة على البلدين .

·      كيف تنظرون إلى التقارب الإيراني السعودي ونتائجه المحتملة على المنطقة ؟

§      التقارب الإيراني السعودي يبشر بخير وهذا يسرنا كثيراً لأن فيه مصلحة وخدمة للإسلام والمسلمين وخدمة للشعبين المسلمين في السعودية وإيران وخدمة للمنطقة وخدمة للقضية العربية الإسلامية (قضية القدس وفلسطين) لأن هاتين الدولتين من أكثر الدول العربية والإسلامية اهتماماً بإسلامية وعروبة القدس ، وبالقضية الفلسطينية ، والحق الفلسطيني ، وهذا التقارب فيه قوة للإسلام والمسلمين وللعرب وللمنطقة بكاملها.


  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp