الشيخ الجليل *منير الماوري

المصدر الأسبوعية 1/1/2008م

 

بوفاة الشيخ الجليل عبدالله بن حسين بن ناصر الأحمر، فقدت الجمهورية اليمنية، أبرز صناعها، وخسرت البلاد آخر الثوار المحترمين، كما فقد العالمين العربي والإسلامي رجلا شجاعا من خيرة الرجال في القرن العشرين، والسنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين.

 نحن اليمنيون فقدنا والدا رحيما، وأبا عطوفا، وسياسيا مقداما، دافع عن الثورة والجمهورية ببسالة، وساهم في حل أعقد المشكلات الداخلية والخارجية ولم يتوان أبدا في إعلان آرائه الشجاعة في أي قضية من القضايا مهما اختلف في رؤيته عن الآخرين.

 وقبل وفاة الشيخ الجليل بأسابيع قليلة كان قد وفَّى بالأمانة ونشر مذكراته التاريخية التي تضمنت آراء شجاعة لا يستطيع أن يقولها أحد سوى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.

 لقد أوضح في مذكراته أنه كان منذ البداية معارضا لصعود الرائد علي عبدالله صالح للرئاسة، وكان معارضا للرئيس الراحل إبراهيم الحمدي في أواخر عهده، لكن بدنه أهتز من هول الصدمة بعد سماع نبأ تصفية الرئيس الراحل بتلك الطريقة الغادرة، وروى أيضا كيف أنه اشترط قبل موافقته على الانقلاب ضد القاضي عبد الرحمن الإرياني أن تحفظ كرامة الرجل وأن لا تسفك قطرة دم واحدة.

 لقد تضمن كتابه الكثير من الوقائع والأحداث التي سيلجأ كافة المؤرخون إليها بلا شك للاستدلال على ما جرى في اليمن طوال الخمسين سنة الماضية، وستكون سيرة الشيخ الراحل هي سيرة الجمهورية والثورة والوحدة.

 كما تضمنت أحاديثه الصحفية الكثير من الرؤى الحكيمة ومن أمثلتها ما يلي:

 عن الفساد يقول: " لابد من تصفية الفساد وتسوية الأمور الاقتصادية بجهود المخلصين..."

 وعن الاستحواذ على الجيش والمال والإعلام يقول: "هذا هو الخطأ الذي يجب تجنبه.."

 كما انتقد في حديث أجرته معه الشرق الأوسط عام 2006 البذخ في الاحتفالات بعيد الوحدة وإنفاق المليارات في مناسبات معينة قائلا:

 " الكلام كثير حول أن هناك من يستفيد من وراء هذه الاحتفالات. وهناك فعلا مجالات أحق بالإنفاق.

 وفي عام 1993 أثناء الأزمة السياسية بين المؤتمر والاشتراكي أجرت مجلة الحوادث لقاء مع الشيخ الجليل سألته عن المخاطر المحدقة بالوحدة فقال: " الوحدة مثل الزواج الكاثوليكي ليس فيه طلاق."

 وسئل في إحدى المقابلات هل يميل إلى المغامرة نظرا لأن المغامرة عادة ما تتصف بها الشخصيات ذات الوجاهة الاجتماعية فأجاب:

 أنا لست بمغامر، وحياتي كلها قضيتها في خدمة الوطن والدفاع عن الثورة والجمهورية والتحضير لها منذ وقت مبكر، وجهدي كله مكرس من أجل مصلحة البلد وتوطيد الأمن والاستقرار فيه.

 وعندما سأله الزميل عرفات مدابش في حوار نشرته صحيفة الشرق الأوسط بأن هناك اعتقاد سائد أن رحيل الرئيس علي عبد الله صالح من الحكم بعد هذه المدة الطويلة سيدخل البلاد في أتون أزمة وحرب أهلية.. قال:

 نسأل الله أن يجنب البلاد أي أزمات ومشكلات.

 ونحن بدورنا نسأل الله للشيخ الراحل الرحمة والمغفرة ونتمنى أن يجنب الله البلاد بعد غيابه المحن التي طالما حذر منها الشيخ الحكيم طوال حياته.

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp