الأستاذ عبدالملك الطيب - إبريل2004م

الأخ الكريم الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر صديق جميع الناس

 تحية طيبة مباركة وسلاماً عطراً ملأ السموات والأرض

يا أخي يا عبدالله :

نتيجة لما حدث لك ضاقت علينا الدنيا بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا ولو وجد أمثالنا في مثل هذه الحال إجراءاً مناسباً يفعلونه عاجلاً حتى ولو كان فداءً بأنفسهم أو من أولادهم أو بما يملكون لدفع خطر أو ضرر لبذلوه طيبة به أنفسهم .

وها أنا حتى بالكلام لا أدري بأي لسان أو بأية عبارة أخاطبك لأنه لا يوجد أي لفظ تجتمع فيه المعاني التي تنقل إليك ما يجول في خاطري ولا أعلم جملاً قادرة على أن تصفك على حقيقتك فأنت الصديق الوفي الذي لا مثيل له وأنت الأخ الشقيق الشفيق الذي لا نظير له

وأنت الأب الحنون

وأنت بعد الله الملاذ لكثير من الناس تحميهم من الظلم أو تنقذهم منه

وأنت حارس الأعراف اليمانية والأخلاق

وأنت المدافع عن القيم والمثل التي من أجلها سقط الشهداء وقتل العلماء

وأنت الوقاية من الإستبداد والإستبعاد والتسلط

وأنت بعد الله الأمل لدفع الأخطار عن البلاد والعباد وإنقاذهم مما يعانون منه

وأنت أهم مصادر الأمن والإطمئنان وإن كنت لا تقود جيشاً

وأنت زعيم من أكبر زعماء الناس قديماً وقائد من أنجح قادتهم حديثاً يعزون بوجودك ويضعفون بدونك.

فمن أنت؟؟

فإذا أنت هذا كله وأنت هؤلاء فأين يكون مكانك من قلبي وعقلي وفكري وقلمي .

هل أنت : أنا : وحسب ؟ أنت أهم وأعز وأكبر وهذا ما تبين له لي عدد حدوث ما حدث

فكيف أخاطبك ؟ كيف أخاطب أمة في رجل ورجلاً فيه أمه ؟

كيف أتكلم إليك وحياتك وموتك وصحتك وإعتلالك وسلامتك وتعطل عضو من أعضائك يتوقف على أي منها الكثير الكثير من النتائج وأحداث الخير والشر ، والحزن والمسرات ، والحاضر والمستقبل وعلى مستوى البلاد كلها وليس على مستوى نفسك ومحبيك وحسب .

فأنت ما حييت وسلمت فأسرتك أولادك وأهلوك وأرحامك سيظلون في سعادة وسرور وأنت ما حييت وسلمت فأصدقاؤك ومحبوك يعزون بعزك ويسعدون بوجودك .

وأنت ما حييت وسلمت فقبيلتك في إتحاد وتألف وإخاء وتعاون

وأنت ما حييت وسلمت فالشعب في إطمئنان وإستقرار إلا الأقل من القليل

وأنت ما حييت وسلمت فاليمن لا ينتكس علمها ولا يختل بنيانها ولا تضار وحدتها ولا تخيب آمالها .

هكذا أنت .. وهكذا كنت .. وهكذا ينظر معظم الناس إليك .. وهكذا شاء الله أن تكون .

فإذا أنت هكذا .. وأنت هكذا.. فكيف تتخيل أن يكون وقع النبأ المشؤوم عند محبيك وعلى قلب وعقل أخيك عبدالملك الطيب .

هذا الإنسان الذي لا تعرف أنت ولا أحد غير الله يعرف مكانتك في نفسه فلم يسبق في تاريخ إخائنا وصداقتنا وزمالتنا الوطنية لم يسبق أن كاشفك بما يكنه لك أو أعلمك بمكانتك في نفسه .

فلا يعرفك أحد مثلما يعرفك أخوك عبدالملك الطيب

ولم يطلع أحد على محتويات شخصيتك النادرة مثل إطلاعي

ولا وصل أحد إلى الغوص في أعماق حياتك الشخصية الزوجية والأبوية والأسرية والإجتماعية والإنسانية والأخلاقية والكفاحية والجهادية والقبلية والدولية والحكمية (في الماضي) لم يصل أحد إلى فهمك مثلما يفهمك أخوك عبدالملك الطيب (ولا يخلو إنسان من النقص فالكمال لله ولرسله)

فتخيل يا أخي وصديقي إنساناً يراك بهذه المقاييس والمواصفات .. كيف يكون عنده وقع أي نبأه مشئوم عنك وكيف يستطيع أن يراك مضرجاً بالدماء أو معطلاً بعض الأعضاء (رغم إقتناعي أن أخلاق الرجولة والزعامة وإن ثبات الجنان وقت حدوث المصائب الكبيرة من أهم صفاتك)

وكلما ذكرت هذا فيك ذكرت قول الشاعر :

وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم

هذا ما رأيته فيك وعلمته عنك في مواطن متعددة

كذلك فكيف يستطيع إنسان يراك بهذا المنظار أن يصيغ إليك خطاباً واضحاً معبراً عن خبايا نفسه فيه مؤاساة لما حدث وإعتذار من التقصير .

أجل في مقدور كثير من الناس أن يكتبوا ما يريدون إذا كانت تلك الجهة التي يكتبون إليها ذات أوصاف محددة : صديق ، أو أخ ، أو أب ، أو أين ، أو أحد الأقارب الكبار ، أو عالم رباني ، أو زعيم محبوب ، أو قائد موهوب ، أو منقذ ولكن من الصعب أن يكتب خطاباً واحداً إلى هؤلاء جميعاً إلى عبدالله بن حسين الأحمر الشهيد الحي الخالد وإبن الشهيد الخالد وأخو الشهيد الخالد بفضل الله

عبدالملك الطيب / إبريل2004م

من رسالة للشيخ عبدالله بعد حادثة السنغال

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp