له فن خاص في القيادة *العميد / محمد عشيش

  

كان الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله قائداً جسوراً قوياً في المهمات شديداً في الملمات كان رحمه الله له فنٌ خاص في القيادة والإقناع وهبه الله هذا الفن وكأن يقود قبيلة حاشد بكثرة عددها وبشدتها وعنفوان قوتها بروح متواضعة وكان القيادة تربت معه منذ نعومة أظافره وكان له رحمه الله مواهب كثيرة وعظيمة وهبه الله الحس الحاد وقوة في الذهن يذكر من عرفه لأول مرة تربى تربية حسنه في أحضان والديه رحمهما الله تربية عالية الإنسانية أضف إلى ذلك أنه من أسرة عريقة الجذور لها باع طويل وعظيم في الوطنية وحب الوطن والمواطن وله خصال حميدة على كل المستويات.

وكان يرى في قبيلة حاشد أنها قادرة على الدفاع عن الثورة ومبادئها العظيمة ذات المدلولات الواسعة على كل الأصعدة الوطنية والإقتصادية والسياسية والعسكرية والعلمية. ولقبيلة حاشد ميزة طيبة في حسن القيادة والطاعة والإيمان بمرؤوسيها (مشائخها) وهذه صفة عظيمة منذ القدم عرفت به هذه القبيلة .

وكان رحمه الله صديق صادق لمن صادقه وصديق لمن عاداه وكان يحمل قلب كبير لا يوصف وكان الشيخ / عبدالله رحمه الله قلب اليمن النابض ولازال كأنه بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه .

فبعد أن ظهر الشيخ / عبدالله رحمه الله بعد الثورة وسمعت القبائل المتمردة بحسن خلقه وطرق تصرفه مع القضايا الوطنية ومصالح القبائل ، فكانت له إتصالات جيدة .. حيث بداء بكتابة الرسائل إلى كل القبل المتمردة وكانت الرسائل جزء من نضاله ولها التأثير الفعال وكانت هي نصف الحملات العسكرية بل وأكثر وكان يراعي إتجاهات وأفكار القبائل بصورة عجيبة وكان يؤثر السلم على الحرب لأن نزيف الدم كان غالياً ومقلقاً حينئذ بين المتمردين من جهة والجمهوريين من جهة أخرى فكان إتجاهه الإستمرار في الرسائل لتلافي كل الأخطاء كما كان مدافعاً عن حرية رأيه وحرية العقل وفي المقدمة شرف العلماء والمثقفين وكان يكره التعصب بكل أشكاله وكان يؤمن بحق الإنسان مهما كان لونه ودينه وكان يحترم الحقوق الإنسانية بالمعنى الصحيح .

وكان رحمه الله مقاوماً باسلاً ضد فكر التعصب بكل صوره وخاصة الطائفية والمناطقية وكان يبذل الجهد والمال للقضاء على الخصومات القبلية والثأر المقلق لليمن وأهله وكان جرحه العميق القضية الفلسطينية وكان يعتبر أن اغتصاب واحتلال أرض فلسطين والإستيلاء على القدس المقدسة جريمة على الأمة الإسلامية عامة والعربية خاصة وكان يعتبر السكوت عن الحق جريمة.

أما عن تاريخه النضالي فقد كان رحمه الله في سجن المحابشة (قضاء الشرفين) وبعد الثورة مباشرة بعث له ببرقية بإطلاقه بصورة عاجلة بواسطة السلك (المرس) إلى عامل المحابشة السيد ابراهيم جحاف العامل والمسئول حينئذ عن المنطقة بأمر من مجلس قيادة الثورة فأفرج عنه فاتجه في طريقه إلى الحديدة وكان في طريقه يتلقى الترحاب والتقدير والتهاني من المواطنين في كل من ناحية المحرق - عبس - الزيدية - الضحي - الحديدة ثم اتجه إلى صنعاء عاصمة العهد الجديد للجمهورية والثورة الخالدة الباقية والدائمة إلى أبد الآبدين لكل اليمن وأهله ثورة 26 سبتمبر 1962م المباركة والتي كان من الضروري القيام بها فقد كان لها صدأ عالمي وبخاصة العربي والإسلامي ولكن لسوء حظها واجهتها مشاكل كثيرة وإلى اليوم وكان قيامها واجب وضروري كوجوب الصلاة والصوم لإنقاذ الشعب اليمني من الأعداء الثلاثة الجوع والفقر والمرض وقد وصل إلى صنعاء وقوبل باستقبال حافل وكريم من قبل مجلس قيادة الثورة وهنئ من قبل المجلس بقيام الثورة وسلامته وخروجه من السجن وأذيع له كلمة في المذياع موجهة إلى الشعب اليمني يهنئه بقيام الثورة ورسالة إلى قبيلة حاشد يهنئهم كذلك ، ثم ترتب له لقاء مع مجلس قيادة الثورة برئاسة المشير / عبدالله السلال والضباط الأحرار واجتمع مع مسئولين من أعضاء المجلس لتجهيز حملة عسكرية بقوة ثلاثة مدافع عيار (76) مم ومدفع عيار (57) مم ورشاشات متوسطة وثقيلة وبعض الأسلحة الخفيفة مثل بنادق الجرمل والبشلي والشيكي وما يلزم للحملة من تجهيزات وبعض وحدات من الجيش النظامي أذكر منهم بلك مسلم وبلك الحيمي كان متواجد جزء منه في قضاء حوث والبلك عبارة عن سرية عددها يتراوح ما بين الخمسين والمائة جندي وبعض جنود من وحدات أخرى من المدفعية ومن سرية الرشاشات وعدد الجنود حوالي مائة وخمسون جندي تقريباً وكان رحمه الله في عجلة من أمره لئلا يحدث شيء في قبيلة حاشد نظراً لهروب الإمام البدر وبعض من أسرة حميد الدين وتم التجهيز وتوجه مع الحملة ومعه بعض الضباط من رجال الثورة وهم محمد العوش ويحيى المتوكل ومحمد الوسع ويحيى غوث الدين الماخذي وعبدالخالق القاسمي وكاتب هذا محمد عشيش لحق حينئذ فوصلوا إلى معمر همدان وكان له استقبال كبير من قبيلة همدان وهنأوه بقيام الثورة المباركة وخروجه من السجن وكان على رأس المستقبلين النقيب / علي الذيب وجمع غفير من مشايخ وعقال قبيلة همدان وبعدها تحرك فوصل إلى مدينة ريدة وكان في استقباله مشائخ خارف وآل سريح ومشائخ جبل عيال يزيد وعامل ريده السيد / حسين حجر فهنئوه من قبلهم بقيام الثورة وسلامة خروجه من السجن ثم تحرك ومن معه من القبائل ووصل إلى مدينة خمر فأقيم له استقبال كبير وحافل وتجمع القبائل بشكل كبير وغير عادي وبعدها واصل سفره إلى مدينة حوث وأقيم له استقبال كبير من كثير من القبائل هناك وكان على رأس كل قبيلة من حاشد مشائخها وعقالها وهنئ بقيام الثورة وخروجه من السجن وبعدها تحرك إلى العشة فوصل هناك وإذا بأنباء وصلت أن القفلة مجهزة بالدفاع عن التمرد والملكية وسمعنا بوجود المفسدين وتجمعاتهم هناك للدفاع عن المنطقة . فتم التقدم من قبل الجيش إلى أقرب مركز للقفلة فتم الضرب من المتمردين من القفلة والمناطق المحيطة بها مثل جبل أيهر وعزان .. فأمر الشيخ / عبدالله المدفعية بالضرب والتمهيد لتقدم الجيش واستمرت المعركة الشديدة لعدة ساعات وتم دخول الجيش إلى القفلة بصورة شديدة وكان الشيخ / عبدالله يتوسط الجيش ويحذر الجيش من ارتكاب أي خطأ يسيء إلى سمعة الجيش والحملة لا يرضى بها أحد .

وقد قامت المدفعية بتخريب بعض البيوت لاستمرار المقاومة منها وحدثت خسائر وتم السيطرة على القفلة وما جاورها من محلات .

ثم تجمع الجيش وكل المشائخ وألقيت فيهم كلمة من قبل الشيخ / عبدالله وشكرهم على النصر الذي حققوه والإستبسال والتضحية عن الثورة والجمهورية وكان يشدد على أن يكون الجيش متماسكاً ومتمسكاً بالأخلاق العظيمة والصبر والثبات وتحمل المسؤولية من قبل الجميع وعدم التفريط والإعتداء والنهب وعدم اقتراف الأشياء الغير مرضية .

وفي اليوم التالي تعين لكل المشائخ مهمة عليهم القيام بها فقد تم العزم والتوجه إلى المناطق التالية :

وشحة وعاهم والعبيسة .. ثم تعيين الشيخ / علي شويط ومن إليه مثل مبخوت شويط وصالح مطلق والشيخ أحمد حسين صيد من عذر ومن إليه والشيخ / عبدالله فيشي ومن إليه من مشائخ العصيمات السفل مثل حزام جخدم ومحمد البارق وناصر البارق ومن إليهم والشيخ / مشلي القائفي ومنصور القائفي وهادي سعد سوده ومن إليهم ومحمد حمود حرمل وأحمد حمود وكل شيخ وقبليته وكان أول من استشهد في هذه الحملة أحمد حسين صيد وقد تم إحتلال المناطق هذه بالقوة .

توجه إلى المهجر الشيخ / هادي عيطان ومن معه من مشائخ بني صريم وخارف وأصحابهم فمنهم الشيخ / حسين شاوش والشيخ منصر فيشي والشويع والحاج / قاسم الفقيه والشيخ / مرشد سعد القفاف وصادق هراش وأبو ذيبه والشيخ / صالح الوروري والشيخ / هادي بن علي ملحان وصالح أبو كحلاء فمنهم من طلع المدان وهو الشيخ / هادي عيطان وعين عاملاً عليها وتم احتلال المدان ودخلوها بحرب ووقعت خسائر بين الطرفين وقد قسمت هذه المجاميع إلى ثلاثة أقسام فمنهم من بقي في العبلاء والهجر وذو زياد وذو جمعان والمشهد .

وتوجه الشيخ / درهم غالب الأحمر والشيخ / محسن الشوخي ويحيى يحيى العرجلي والشيخ / حسين ناشر ومن إليهم توجهوا إلى شهارة وعين الشوخي عاملاً بشهارة وتوجه الشيخ / درهم غالب إلى الغنايا وبني عرجلة الغربية وكان الشيخ / عبدالله يتنقل فيما بين هذه المناطق لمعرفة كل ما يجري من قتال وعين الشيخ / أحمد محمد أبو حلفه وأصحابه على جبل عتبا والوراوه وبعض من مناطق بكيل المير ومن معه حسين حسن زعبه وحسين صالح الشوعي والشيخ / محمد أحمد قصان وعينت حملة أخرى واتجهت إلى سوق الأحد والبطنة حيث تعين فيها من المشائخ الشيخ / صالح فاضل ومحمد داحش وصالح زياد والشيخ / علي القحمي ومحمد الغشم ومحمد غيثان ومن السادة السيد / الأميري وأصحابه من مشائخ ذو البارق وذو جخدم . والحملة التي توجهت إلى حجر هابه والغنايا وبني عرجلة كانت بقيادة الأخ / يحيى المتوكل والشيخ / حميد جليدان وغالب ناصر سوده وأحمد علي الفايزي والشيخ / سلطان أبو شوصا والشيخ / حزام البصلاني ومن إليه والشيخ / درهم غالب الأحمر . أما الشيخ / سنان المسمري والشيخ / يحيى زمام والشيخ / حسين عطيفة وعلي الغزي بقيا في القفلة والشيخ / عبده كامل ومن إليهم من المشائخ وانظم الشيخ / حمود عاطف من صعدة وواصل اتجاهه إلى القفلة على أساس استرجاعها باسم الملكية لكنه حينما وصل انظم إلى الشيخ / عبدالله وأعلن حينئذ انضمامه للجمهورية .

كما أذكر أنه وصلت مجموعة من الحرس الوطني من الطلبة ومن المتطوعين من إب وتعز ويريم وعنس والوالد عبدالرحمن حسين عشيش ووالدي كذلك رحمهم الله ممن دافع عن الثورة والجمهورية وأهدافها وكذلك يحيى محمد المعازي وفي محل المشهد المحطة الثانية بعد مركز القفلة بعد وصول القوات المصرية كتيبة بقيادة المقدم / أحمد حلمي وأرسلت إلى محل المشهد فصيلة تقريباً بقيادة الرائد / نبيل الزفتاوي ومجموعة مدفعية ورشاشات وهاونات وسكنت البيوت وفي منزلنا أيضاً بالمشهد وكان الشيخ عبدالله الأحمر معه مجموعة لاسلكي عندما يتحرك إلى المواقع تتواصل معه في المناطق وكانت مجاميع اتصالات في المناطق المهمة والمواقع التي تسيطر على الطرق لإيصال الإمدادات وخاصة الطعام وغيره .

وكان من الكتيبة الأستاذ / أحمد صالح الآنسي ومحمد أحمد صوفان والسيد / أحمد الوادعي وكان يوجد بين الجيش مرشدين لإلقاء الخطب الحماسية وأذكر منهم الأخ / عبدالرحمن بن علي عشيش والأخ / اسماعيل محمد عشيش وكان هذا شاعراً ملهباً لمشاعر الجنود وتاليبهم على قتال المتمردين أينما كانوا وكان لهم دور فعال لحمل الجنود ورفعهم إلى ميادين القتال .

وتفتحت مناطق لحاشد كان الشيخ / حسن النفيش ومن إليه من المشائخ الشيخ / علي شعلان الغزي والشيخ / مرشد الغزي ومن إليهم توجهوا إلى ذيبين عندما فتحت المعارك وكانت عنو بقيادة الشهيد / مجاهد يحيى أبو شوارب مع المشائخ الآخرين وكانت مسؤوليته مع أخيه الشيخ / عسكر أبو شوارب ومعه محمد هادي الشطبي وحسين الحدالي وكثير لا أذكر أسماءهم ولكن أرجو السماح من الجميع لعدم ذكر من نسيت والمهم أن قبيلة حاشد لها الفضل الأول بعد الله عز وجل في ترسيخ دعائم الثورة والجمهورية وكان ممن يساعد الشيخ / رحمه الله أحمد زيد الرضي وأذكر أنه تعين عامل لناحية ذيبين.

فكان عوناً لي حينذاك وكانت له خبرة لمعرفته بالمنطقة وكان من المشائخ الشيخ / يحيى العرجلي والشيخ / حسين يحيى ناشر وعلي مطلق العلوي ويحيى زمام وحميد الشويع والشيخ / أحمد منصور القشيبي وحميد الغاوي وحمود العرمزة وناصر بوتج وأحمد سنان الجرافي وأصحابه وعبدالله هزاع وصالح شعفول .

وأقول أنه مهما وصف الواصفون ما أوفوا الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر حقه ولو كتب الكتاب وشعر الشعراء ، وأضيف إلى هذا أنه كان له معرفة بأسلاف وأعراف كل القبائل اليمنية وكان مرجع رحمه الله لكل القضايا المستعصية ، فالشيخ / عبدالله عاش ومازال في قلب كل يمني .

  

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp