كلمة الشيخ عبد الله في مهرجان لمناصرة الشعب العراقي 15-3-2003م

 

كلمة الشيخ  عبد الله في مهرجان لمناصرة الشعب  العراقي 15-3-2003م

 

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيد المرسلين

وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين .

الأخوة/ قادة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني .

الحاضرون الأعزاء المحتشدون في ميدان الحرية والنصر والكرامة.

يا أبناء الشعب اليمني أينما كنتم .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

اليوم تخرج الجماهير اليمنية في كل مدينة من مدن اليمن كما تخرج الجماهير العربية والإسلامية والشعوب الصديقة ليعبر الجميع عن رفضهم للحرب واللجوء إلى إستخدام القوة العسكرية ضد العراق الذي قدم كل ما يستطيع من أجل الخلاص من حبل المشنقة المربوط بإحكام حول عنقه منذ ما يزيد على عقد من الزمان ، في هذا اليوم المشهود من تاريخ الأمة العربية والإسلامية تعلن الشعوب رفضها الكامل والمطلق للهيمنة والغطرسة الأمريكية التي تتستر وراء أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية وتغض الطرف عن أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية بل وتعمل على بقائها والمساعدة في تطويرها لتضمن لإسرائيل تفوقها العسكري في المنطقة .

 

الحاضرون الأعزاء :

لقد تابعنا جميعاً تطورات الأزمة العراقية وما قدمته العراق من تسهيلات لفرق التفتيش الدولية  التابعة للأمم المتحدة وما أبدته من تعاون تام وفتحت أمامها الأبواب ولم تمنعها من دخول أي موقع  ومدى الحسرة والألم حينما تُدمَّر أسلحة العراق  بأوامر دولية وتفتش فيه كل منشأته وجامعاته حتى منازل العلماء والمساجد لم تستثنى من ذلك ومع كل هذا تصر الإدارة الأمريكية ومن ورائها بريطانيا على نزع أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى العراق ، إن الإصرار الأمريكي البريطاني المجنون على وجود الأسلحة المذكورة و إعتبار الحرب والخراب والدمار هو السبيل الوحيد لنزعها يعكس مدى الحقد الدفين على الشعب العراقي المسلم وما برز لديه من قدرات وكفاءات علمية في مجالات شتى الأمر الذي تراه أمريكا وبريطانيا خطراً كبيراً على مصالحهما وكذا على دولة إسرائيل التي أوجدتها بريطانيا وتكفلت برعايتها إلى الأبد أمريكا .

أيها الحشد الجماهيري المبارك :

إن الحملة الأمريكية البريطانية المسعورة ضد بلد عربي مسلم والتهيئة العسكرية الضخمة في المنطقة تجعلنا نتسأل عن المبررات لهذه الحشود الأمر الذي يوجب على العقلاء من الحكام دراسة الموقف من كل جوانبه والعودة إلى العقل وتناسي الخلافات الشخصية وإدراك أن المستهدف من ذلك ليس العراق وحده وأنهم إذا سمحو بضرب العراق اليوم فإنهم سيندمون غداً على هذا  التفريط وهذا التخاذل إزاء دولة شقيقة وشعب مسلم ومقدرات أمة مسلمة.

الحاضرون الأعزاء :

لقد علَّمنا التاريخ أن الأمة الإسلامية لم تستباح وتنتهك حرماتها إلا عندما ضعفت رابطتها بالخالق عزوجل وتلك سنه من سنن الله ماضية على المسلمين إلى يوم القيامة وأنهم إذا نسوا الله فإن الله سوف ينساهم ، وهذا ما يحصل اليوم فعندما قطعنا رابطتنا بالله أوكلنا إلى أنفسنا ونحن اليوم ندفع ثمن هذا الوضع ، كما دفع أجدادنا الثمن أضعافاً مضاعفة حينما دخل الصليبيون القدس في القرن الحادي عشر الميلادي وقتلوا عشرات الآلاف من المسلمين  وأراقوا الدماء واستباحوا الأعراض وسيطروا على المقدسات ولقد تكرر الأمر كذلك والأمة في حالة ضعف وإنقسام عندما احتل التتار بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي وعمدوا إلى قتل الخليفة ومالازم ذلك الغزو البربري من دمارٍ هائلٍ ومروعٍ وطمسٍ أعمى لمنارات العلم والمعرفة التي لا نزال ندفع ثمنها تخلفاً إلى اليوم ، ثم جاءت الكرة الثالثة في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي بسقوط أخر المعاقل الإسلامية في الأندلس وما تبع ذلك السقوط من جرائم إنسانية بشعة ضد المسلمين في أسبانيا لا تخفى على أحد منا .

واليوم يتكرر المشهد والأمة في حالة ضعف ووهن والحكام متخاذلون عن الواجب في لم شمل الأمة وتوحيدها أضف إلى ذلك الغثائية التي تحدث عنها المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتي هي رديف الفوضى وهذا ما تؤكده لنا  حالة العرب والمسلمين اليوم ومدى الفوضى التي تعم حياتهم في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وهو وضع مأساوي أخطر مما سبق من حالات وهن بالإضافة إلى قوة العدو وشدة جبروته ومكره ودهائه .

يا أبناء الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية :

إن التحالف الشيطاني الأكبر في هذا القرن بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العرب والمسلمين سوف لا يصده عنا وعن ديارنا إلا التحالف مع الخالق عزوجل والعودة والإنابة إليه واليقين أن الإستخلاف في الأرض هو للمؤمنين الصادقين فهل نحن اليوم نمثل هذه الفئة التي وعدها الله بالإستخلاف ، إن علينا أن نفتش في أنفسنا وفي جوانبنا لنعلم حقيقة أمرنا حتى نعرف وندرك إن كان الله معنا أم لا ، وإن مما يعيد الأمور إلى نصابها والأمة إلى بارئها هو إصلاح أحوال الأمة وذلك يحتاج إلى جهود كبيرة وعظيمة من الجميع حكام ومحكومين بحيث يكون أولها إصلاح العلاقة بين الخالق والعباد وثانيها إصلاح العلاقة بين الحكام وشعوبهم وثالثها إحداث التغيير والتطور نحو الأفضل في حياة المسلمين فهذا هو السبيل وهذا هو الطريق القويم الذي به نستطيع الوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة والرغبة الجامحة في إفتراسنا والسيطرة على ثرواتنا وسلخنا عن ديننا وعقيدتنا .

الحاضرون الأكارم :

إن مما يؤسف له أن يستغل العدو الصهيوني الحاقد الأحداث في المنطقة وإنشغال العالم بالتهديدات الأمريكية البريطانية ضد الشعب العراقي ويوجه أسلحته الفتاكه  إلى نحور العزَّل من أبناء الشعب الفلسطيني ويمارس المجرم والإرهابي شارون هوايته المفضلة في سفك المزيد من الدماء وتقتيل الأطفال والحوامل دون أن يجد المجتمع الدولي  وسيلة لوضع حد لهذا الجنون الرهيب.

إننا ونحن نحتشد اليوم لمناصرة الشعب العراقي رافضين منطق الحرب والأستقواء بالسلاح والعتاد لنؤكد أيضاً رفضنا الكامل للممارسات الإجرامية البشعة لجيش الإحتلال الصهيوني التي تتسع دائرتها يوماً بعد يوم ويسقط الفلسطينيون فيها بالعشرات والمئات لا لذنب اقترفوه إلا لرغبتهم في الخلاص من الإستعمار الأوحد على الأرض في هذا القرن ونيل حريتهم وإستقلالهم كبقية شعوب العالم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

وإننا من هذا المكان ونحن نسجل شكرنا وتقديرنا العالي لمواقف الدول الصديقة في محور العقلاء من الأزمة العراقية ممثلين بفرنسا وألمانيا وروسيا والصين لندعو هذه الدول التي وقفت مع الحق أن تقف أيضاً وكما عهدناها مع حق الشعب الفلسطيني في نيل إستقلاله وإحلال السلام فيه فذلك هو مطلب الشعوب العربية والإسلامية بصرف النظر عن مواقف بعض حكامها اللذين طمس الله على أعينهم فلم يعودوا يروا مايحدق بالأمة من أخطار سوف تأتي على الأخضر واليابس.

وإننا في هذا المقام يجب أن تقول كلمة حق وثناء على موقف الأخ الرئيس علي عبدالله صالح من القضية العراقية ومأساة الشعب الفلسطيني فلقد كان ومايزال الصوت القوى والمتقدم على غيره وتكاد تكون اليمن من بين الدول القليلة التي توحدت فيها مواقف الشعب مع مواقف القيادة السياسية الشجاعة والنبيلة وهذا ما يعطي صوتنا قوة ومنعة ويجعله قادراً على الوصول إلى كل أذن صماء .

في الختام :

أدعو الجميع إلى مواصلة الفعاليات المختلفة المنددة بإستخدام القوة ضد الشعب العراقي والداعمة لإنتفاضة الشعب الفلسطيني البطل حتى يتحقق له و لأمتنا النصر المبين والله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • whatsapp